الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهم الْقَائِلُونَ إِن الْعلم حجاب بَين العَبْد وربه، وبلمحة، تقع الصلحة، وبنظرة من المرشد الْكَامِل يصير الشقي وليا، وبنفخة فِي وَجه المريد أَو تفلة فِي فَمه تُطِيعهُ الأفعى، وتحترمه الْعَقْرَب، وهم المقرون بِأَن الْولَايَة لَا ينافيها ارْتِكَاب الْكَبَائِر كلهَا إِلَّا الْكَذِب - وهم أكذب النَّاس - وَأَن الِاعْتِقَاد أولى من الانتقاد، وَأَن الِاعْتِرَاض يُوجب الحرمان، أَي أَن تَحْسِين الظَّن بالفساق والفجار أولى من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر.
نصيحتي واقتراحي
فإليكم مَشَايِخ السجاجيد جَمِيعًا وَأَنْتُم سادة وقادة هَؤُلَاءِ الْقَوْم ورعاتهم " وكلكم رَاع، وكلكم مسئول عَن رَعيته " قد كتبت هَذَا الْكتاب الْمُبين، وَنَصَحْت لكم وَأَنا لكم نَاصح أَمِين، كي تنصحوا هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِين الَّذين يعمرون فِي الْإِسْلَام الْخمسين وَالسِّتِّينَ وَالسبْعين وَالتسْعين ويموتون وَلم يَذُوقُوا لِلْإِسْلَامِ وَالْإِيمَان حلاوة وَلَا طعما، لتماديهم فِي جهالتهم، وَلعدم الوعاظ المؤثرين والمرشدين المخلصين؛ فأقترح عَلَيْكُم يَا رُؤَسَاء الْقَوْم أَن تقرأوا لَهُم كتب الْعلم، وتحثوهم فِيهَا على قِرَاءَة الْكتاب الْعَزِيز بالتفسير والتنزيل والترتيل والتدبر والتفهم والتعقل؛ وقرروا عَلَيْهِم حفظ مِائَتي حَدِيث نبوي تكون جَامِعَة للعقائد، وَأَحْكَام الْحَلَال، وَالْحرَام، والعبادات، والمعاملات والأذكار، والأخلاق، والآداب وَالتَّرْغِيب والترهيب.
وَأَن تختاروا لأنفسكم وللقارئين مِنْهُم من أصح الْكتب وأسهلها، وأخلاها من الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة، والمنكرة وَمن الْإسْرَائِيلِيات والخرافات. فَمن تفاسير الْقُرْآن تَفْسِير الْحَافِظ ابْن كثير وَتَفْسِير الْمنَار، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْجَامِع لكل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْمُسلمُونَ فِي هَذَا الزَّمَان.
وَمن كتب الحَدِيث الجامعة (صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم) ، والمختصرة (بُلُوغ المرام) لِلْحَافِظِ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي (وَالْأَرْبَعِينَ النووية) . وَمن كتب الْأَذْكَار والأدعية المأثورة كتاب (تحفة الذَّاكِرِينَ) للشوكاني وَمن المختصرة مِنْهَا كتاب (الْكَلم الطّيب) لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية، وَمن كتب عقائد الْإِسْلَام وسياسته وفقهه وَإِثْبَات نبوة مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وَحِكْمَة كَونه خَاتم النَّبِيين وإعجاز الْقُرْآن وَجمعه لكل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْبشر من إصْلَاح الْأُمَم والدول من الْعُلُوم وَالْحكم
…
كتاب (الْوَحْي المحمدي) وَمن كتب التَّرْهِيب عَن الْمُحرمَات كتاب (الزواجر، عَن اقتراف الْكَبَائِر) للعلامة ابْن حجر الْمَكِّيّ الْفَقِيه وأنفع مِنْهُ كتاب (التَّرْغِيب والترهيب) لِلْحَافِظِ الْمُنْذِرِيّ. وَمن كتب السِّيرَة النَّبَوِيَّة والتفقه فِيهَا مَعَ أصح الْهدى المحمدي كتاب (زَاد الْمعَاد، فِي هدي خير الْعباد) وَمن المختصرات فِيهَا كتاب (نور الْيَقِين) للشَّيْخ مُحَمَّد الخضري (وخلاصة السِّيرَة المحمدية) للسَّيِّد الإِمَام مُحَمَّد رشيد رضَا، وَمن كتب الْآدَاب والأخلاق والعادات الشاملة للْعلم والتعلم وَالسّفر والحضر والزوجية والطبية وَغَيرهَا كتاب (الْآدَاب الشَّرْعِيَّة والمنح المرعية) للعلامة الْفَقِيه الْمُحدث ابْن مُفْلِح.
وحتموا عَلَيْهِم أَن تكون دعوتهم كلهَا لله ولكتابه وَلِرَسُولِهِ ولإظهار الدّين الإسلامي فِي أبهته وجماله وجلاله السلَفِي الْقَدِيم، لَا أَن يكون غَايَة قصدهم نشر الطَّرِيقَة الرفاعية أَو الأحمدية، أَو الإبراهيمية أَو البيومية أَو غَيرهَا، وَبِذَلِك ينتشر الْعلم الصَّحِيح وَالدّين الْقيم وتحيا السّنَن، وَتَمُوت الخرافات والبدع، وَيكثر المصلحون، ويقل المفسدون، وينشأ الشبَّان على تقوى الله لَا على مَعْصِيَته وَبِهَذَا نَكُون متعاونين على الْبر وَالتَّقوى وعاملين بقوله تَعَالَى:{ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَأُولَئِكَ هم المفلحون} وَبِهَذَا نحيا حَيَاة طيبَة كَمَا قَالَ تَعَالَى (من عمل عملا صَالحا
من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فلنحيينه حَيَاة طيبَة، ولنجزينهم أجرهم بِأَحْسَن مَا كَانُوا يعْملُونَ} ونزداد هِدَايَة كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَيزِيد الله الَّذين اهتدوا هدى} وَبِهَذَا نرقى ونفوق الْأُمَم ونسودهم، كَمَا سادهم واستعبدهم بِالْعَدْلِ وَالْعلم وَالْحكمَة فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا آبَاؤُنَا الْأَولونَ.
فانهوا أَيهَا الشُّيُوخ أتباعكم عَن التَّعَبُّد بالأحزاب، والأوراد، والأذكار، والتوسلات، والاستغاثات المبتدعة، وعرفوهم أَن فضل حرف وَاحِد من الْقُرْآن الْعَظِيم وَالسّنة المطهرة خير وَأعظم وَأفضل عِنْد الله من جَمِيع مَا هم عَلَيْهِ، وَلَا سِيمَا مَعَ التدبر والتفهم. فليستعيضوا عَن هَذَا بِقِرَاءَة الْقُرْآن وتحزيبه وتجزيئه على الْأَيَّام والليالي، وبقراءة كَلَام الرَّسُول [صلى الله عليه وسلم] ، وَحفظه وفهمه وتلقينه للإخوان، واستعيضوا لَهُم الإجازات بالشهادات العلمية، فَإِذا مَا ورد عَلَيْكُم رجل قد قَرَأَ وَفهم وعقل عَن الله وَرَسُوله، واختبرتم تدينه وحبه لله ولدينه وَلِرَسُولِهِ ولسنته. وبغضه للمنكرات والمحرمات والمبتدعات والمخالفات. . فرأيتموه فطناً ذكياً فصيحا فِيهِ أَهْلِيَّة للخير والإصلاح والإرشاد فَحِينَئِذٍ لَا مَانع من أَن تخْرجُوا لَهُ شَهَادَة وتجيزوه فِيهَا أَن يعلم الْمُسلمين بِمَا فتح الله بِهِ عَلَيْهِ، وتحذروه من التدخل فِيمَا لَا يعنيه، وَمن الْفَتْوَى بِغَيْر علم، وَمن الْخُرُوج عَن نُصُوص الْكتاب وَالسّنة.
أما أَنْتُم يَا مَشَايِخ السجادة؛ فَالله مولاكم هُوَ يرزقكم وَهُوَ خير الرازقين وَهُوَ الْقَائِل: {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} {} (وَمن يتق الله يَجْعَل من أمره يسرا} {وَلَو أَن أهل الأَرْض آمنُوا وَاتَّقوا لفتحنا عَلَيْهِم بَرَكَات من السَّمَاء وَالْأَرْض} {الْآيَة} (وَلَو أَنهم أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَمَا أنزل إِلَيْهِم من رَبهم لأكلوا من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم} هَذِه هِيَ نصيحتي، وَهَذَا هُوَ اقتراحي، فَإِن قبلتموه وعملتم بِهِ فقد أديتم مَا وَجب عَلَيْكُم من قبُول نصح الناصحين، وأذكركم قَول الله تَعَالَى: (سَيذكرُ من يخْشَى
ويتجنبها الأشقى الَّذِي يصلى النَّار الْكُبْرَى، ثمَّ لَا يَمُوت فِيهَا وَلَا يحيى، قد أَفْلح من تزكّى} وَلَا أظنكم لنصحي مُسْتَمِعِينَ، وَلَا لإرشاداتي متبعين، إِذْ:
(المستجير بِعَمْرو عِنْد كربته
…
كالمستجير من الرمضاء بالنَّار)
وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله.
فارغة.