الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوْضُوع من وضع الزَّنَادِقَة، والقصة القرآنية فِيهَا الْكِفَايَة. والتزامهم السجع والتثليث والتربيع والتخميس فِي دواوينهم وخطبهم وبدعة مذمومة، والسجع قد ورد النَّهْي عَنهُ فِي الصَّحِيح. وإعراضهم عَن التَّذْكِير بِسُورَة فِي خطبهم كَمَا كَانَ يواظب عَلَيْهِ ( [صلى الله عليه وسلم] ) غَفلَة عَظِيمَة وَذُهُول عَظِيم، عَن النافع العميم، الَّذِي عمل بِهِ النَّبِي الْكَرِيم، إِلَى مَا ورثوه عَن أَشْيَاخهم فَإنَّا لله قد ضلت الْعُقُول.
فصل فِي بَيَان أَن دواوين الْخطب هِيَ السَّبَب الْأَكْبَر فِي انحطاطنا الديني والخلقي والمادي
أتعلم أَيهَا الْمُسلم مَاذَا فِي دواوين الْخطب المطبوعة؟ الَّتِي تقْرَأ فِي جَمِيع الْبِلَاد الإسلامية على المنابر فِي أَيَّام الْجُمُعَات والأعياد، وَهِي مطبوعة ومؤلفة من عشرات السنين، وَقد أضرت بالنشء الْجَدِيد، وبعقول الخطباء الْعَامَّة، بل وَجَمِيع النَّاس ضَرَرا بليغاً، لَا يكَاد يدْرك تلافيه وتصحيحه فِي عدَّة قُرُون، وَلَيْسَ فِيهَا سوى نصح جَاهِل وبالدين لمن هُوَ أَشد مِنْهُ جهلا. فمقلد غبي جَاهِل بِالْقُرْآنِ وَتَفْسِيره، ومواطن أوامره ونواهيه، وزواجره، وترغيبه وترهيبه، وَحَلَاله وَحَرَامه لَا شكّ أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يبلغ أمته وَقَومه الدّين الصَّحِيح الَّذِي يتَمَكَّن معتنقه من آداء واجبه الديني والخلقي والمادي بَين الْجَمَاعَات والأفراد الَّذين يجاورهم ويشاركهم فِي كثير من الْأَعْمَال فِي حَيَاته.
وَكَذَلِكَ الْأَمر فِي واعظ يجهل هدى الرَّسُول ( [صلى الله عليه وسلم] ) وسنته وَلَا يفرق بَين الصَّحِيح والمكذوب، كَمَا يجهل تَارِيخ كبرائنا. وسيرة عظمائنا، وحروبهم وجهادهم ونضالهم لدينهم ودنياهم.
فَهَؤُلَاءِ: حَتَّى إِذا غلطوا وقرأوا على النَّاس قُرْآنًا فَإِنَّمَا يفسرونه على الطَّرِيقَة
العوجاء العرجاء الْعَقِيم، وَالَّتِي لَا تبث فيهم حمية الْحق وَالْغَضَب لأَجله؛ وَلَا تدعوهم إِلَى التزود من الكمالات والارتقاء. وَلَا تهديهم إِلَى سَوَاء السَّبِيل النافع الرافع بل هِيَ دَعْوَة قَوِيَّة إِلَى الانحراف عَن حَقِيقَة الدّين وَالدُّنْيَا وَالْجد وَالِاجْتِهَاد فِي الْعَمَل بالبدع والخرافات، والأضاليل والأباطيل الفاشية والنزهات والكسل والخمول، الَّذِي تعوذ مِنْهُ الرَّسُول ( [صلى الله عليه وسلم] ) .
وَإِلَيْك قطعتين فِي المولد وَفِي وَفَاة الرَّسُول ( [صلى الله عليه وسلم] ) لشيخ الخطباء الْعَالم النحرير، والمجتهد الْكَبِير كَمَا يُقَال عَنهُ: ابْن نباتة. قَالَ: وليته قطع لِسَانه قبل أَن يَقُول مَا قَالَ:
أَيهَا النَّاس: سبق فِي علم الله كَمَا ورد فِي الْخَبَر: مَا كَانَ وَمَا يكون، وَمَا غَابَ وَمَا حضر، فسبحان من اطلع على خلقه فَعلم طَاعَة الطائع وَكفر من كفر قبض قَبْضَة من خلقه، وَقَالَ: هَذِه إِلَى الْجنَّة وَلَا أُبَالِي، وَهَذِه إِلَى سقر، وَقبض قَبْضَة من نوره وَقَالَ كوني مُحَمَّدًا سيد الْبشر وَقسم نوره أَرْبَعَة أَقسَام كَمَا قد جَاءَ فِي الْخَبَر: فخلق من الْجُزْء الأول اللَّوْح والقلم، فَكتب الْقَلَم مَا بِهِ الله قد أَمر. وَخلق من الثَّانِي الْعَرْش والكرسي، وَكَانَ اسْم الرَّسُول على الْعَرْش مسطر، مَكْتُوب عَلَيْهِ لَا إِلَه إِلَّا الله لَا أَغفر لقائها حَتَّى مَعهَا يَا مُحَمَّد تذكر. وَخلق من الثَّالِث الشَّمْس وَالْقَمَر، وَنور الْفجْر إِذا ظهر وَخلق من الرَّابِع الْجنَّة وَالنَّار وَمَا فِيهَا من حور وقصور وثمر. فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يخلق آدم أَبَا الْبشر، أفرغ على طينته من نور النَّبِي المفتخر، وَقَالَ لَهَا كوني آدم فَكَانَت كَمَا جَاءَ فِي السّير - الحَدِيث - من كَرَامَتِي على رَبِّي أَنِّي ولدت مختوناً وَلم ير أحد سوأتي.
وَهَذَا كُله بَاطِل وافتراء على الله، يجب أَن تنزه عَنهُ أسماع الْعَوام والجهلة، وَيجب أَن لَا يقْرَأ عَلَيْهِم إِلَّا الصَّحِيح النقي الصافي الَّذِي يرقى أذهانهم، ويحثهم بل ويلهبهم حماساً وحمية فيعملوا جادين دائبين لسعادة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، جاعلين نصب أَعينهم فَرضِيَّة التفوق والسيادة والعلو على الْعَالم أجمع كَمَا كُنَّا وَكَانَ آبَاؤُنَا وأسلافنا.