الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْم الَّذين ظلمُوا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} وَقَالَ تَعَالَى: {أيحسبون أَن مَا نمدهم بِهِ من مَال وبنين نسارع لَهُم فِي الْخيرَات بل لَا يَشْعُرُونَ} وَقَالَ: {لَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضَّة ومعارج عَلَيْهَا يظهرون، ولبيوتهم أبواباً وسرراً عَلَيْهَا يتكئون، وزخرفا وَإِن كل ذَلِك لما مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة عِنْد رَبك لِلْمُتقين} .
أما أمتنَا هَذِه فَلَا شكّ أَن علماءها ورؤساءها لَو تنبهوا فتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى، وآمنوا بِاللَّه حق الْإِيمَان، واتقوه حق التَّقْوَى، وَرفعُوا الْقُرْآن وَالسّنة فَوق كل شَيْء لرفعهم الله حَقًا كَمَا رفع سلفهم، وأعزهم كَمَا أعز سلفهم واقرءوا إِن شِئْتُم:{وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقا} واقرءوا إِن شِئْتُم: {ألر، كتاب أحكمت آيَاته ثمَّ
فصل
ت من لدن حَكِيم خَبِير، أَن لَا تعبدوا إِلَّا الله إِنَّنِي لكم مِنْهُ نَذِير وَبشير، وَأَن اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يمتعكم مَتَاعا حسنا إِلَى أجل مُسَمّى وَيُؤْت كل ذِي فضل فَضله، وَأَن توَلّوا فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم كَبِير} فَمَا أصَاب هَذِه الْأمة من البلايا والرزايا والسقوط فِي جَمِيع أحوالها إِلَّا بِمَا اجتنوه على أنفسهم، قَالَ تَعَالَى:{وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير} .
فصل
وَقَالَ جلّ ذكره: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته، وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ، وَيغْفر لكم وَالله غَفُور رَحِيم} .
أَقُول: لَو أَن علماءنا وقادتنا وَاتَّقوا الله وآمنوا بِاللَّه وَرَسُوله إِيمَانًا صَحِيحا،
لَجَاهَدُوا فِي سَبِيل الله بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم، ولحاربوا كل فحش ومنكر. ولقاتلوا بسيوف علومهم الربانية النَّبَوِيَّة كل رذيلة وقبيحة، ولقاوموا كل بِدعَة وضلالة، ولغشيتهم الرَّحْمَة وَالْفَتْح والنصر من عِنْد الله كَمَا قَالَ تَعَالَى:{إِن تنصرُوا الله ينصركم وَيثبت أقدامكم} وكما قَالَ: {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك - أَي كفيلك - الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} وَهَذَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الدعْوَة إِلَى رب الْعَالمين، وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، وَهُوَ مُقْتَضى الْإِيمَان الَّذِي ذكره الله فِي كِتَابه بقوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله ثمَّ لم يرتابوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ هم الصادقون} وَقَوله تَعَالَى: {وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله إِن كُنْتُم مُؤمنين إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم، وَإِذا تليت عَلَيْهِم آيَاته زادتهم إِيمَانًا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ، الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ، أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا لَهُم دَرَجَات عِنْد رَبهم ومغفرة ورزق كريم} ، وَهَذَا بِعَيْنِه هُوَ معنى قَوْله تَعَالَى:{وَأَطيعُوا الله وَالرَّسُول لَعَلَّكُمْ ترحمون، وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم وجنة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض أعدت لِلْمُتقين، الَّذين يُنْفقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء والكاظمين الغيظ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} .
فَلَو أَن الْعلمَاء اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ كَمَا يجب عَلَيْهِم لأتاهم الله ضعفين من الْأجر، ولجعل لَهُم نورا يَهْتَدُونَ بِهِ ويمشون بِهِ، ويعيشون بِهِ، ويفتحون بِهِ كنوز الأَرْض ويصلحون بِهِ مَعَايشهمْ وَدينهمْ ودنياهم، وينقذون بِهِ إخْوَانهمْ فِي الدُّنْيَا من أَيدي أعدائهم، وَمن ذل استعبادهم، ويسوقون بِهِ الْمُؤمنِينَ إِلَى طَاعَة الله وَإِلَى رضوانه الْأَكْبَر وَإِلَى جنَّة عالية، قطوفها دانية، يُقَال لَهُم فِيهَا (كلوا