الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ أَخذ مرتبه الشهري تَاما أَيَّام جرحه أَو مَرضه، وَلَو مَاتَ لكوفئ بألوف من الجنيهات، أما الْعَرَبِيّ الْمصْرِيّ أَو غَيره فَلَو قطع عِنْدهم قطعا مَا كوفئ إِلَّا بِقَلِيل من الملاليم، وَلَو مرض أَو جرح رجلَانِ: إفرنجي وعربي فَذهب بهما إِلَى المستشفى لوضع الإفرنجي فِي أَعلَى دور وَأحسن سَرِير والعربي فِي أَسْفَل مَوضِع وأقذر مَكَان.
إِن أَكثر نسَاء هَؤُلَاءِ المرازئ غسالات عِنْد أسيادهم الإفرنج، وَإِن أَبْنَاءَهُم لخادمون لأبنائهم، وَإِنَّهُم لَيرَوْنَ ذَلِك رَاحَة بل وَعزا، فَيَقُولُونَ: الْحَمد لله الْوَلَد ياكل مكرونة ومبسوط وَالْمَرْأَة هُنَاكَ تاكل طول النَّهَار.
فَمن لإنقاذ هَؤُلَاءِ الأشقياء الَّذين اجْتمع عَلَيْهِم فقر الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة؟ من يبلغهم أَن أمتهم الإسلامية وأجدادهم وأسلافهم كَانُوا أعز النَّاس وأشرف النَّاس، بل مَا أسس أساس الْحُرِّيَّة وَالْعدْل بَين النَّاس إِلَّا آباؤهم الْأَولونَ؟ من يبلغهم أَن كتاب الله الْقُرْآن يَأْبَى ذَلِك؟ من يبلغهم أَن شرعة الرَّسُول تأبى لَهُم ذَلِك؟ من يبلغهم أَن سيرة أبي بكر وَعمر وَالْخُلَفَاء تحارب مَا هُوَ دون ذَلِك بمراحل؟
إِنَّه لَا يبلغهم ذَلِك إِلَّا أَنْتُم أَيهَا الْعلمَاء، وَلَا يَتْلُو عَلَيْهِم هَذَا الْكتاب الْمُبين الَّذِي يرفع قارئه إِلَى أعلا عليين إِلَّا أَنْتُم يَا عُلَمَاء، إِنَّه لَا ينقذهم من ذلهم هَذَا واستعبادهم إِلَّا تلقينكم إيَّاهُم الْأَنْوَار الربانية، والأسرار القرآنية، فَإِن الْقُرْآن {يهدي بِهِ الله من اتبع رضوانه سبل السَّلَام ويخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور بِإِذْنِهِ ويهديهم إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} .
فصل
أَيهَا الْعلمَاء إِن الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه {وَللَّه الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمنِينَ} فقد أصبح الْمُؤْمِنُونَ الْآن بِلَا عزة بِسَبَب أَنكُمْ لم تبينوا لَهُم أَسبَاب الْعِزَّة الَّتِي
أعز الله بهَا الْمُؤمنِينَ السالفين فيسلكون سَبِيلهَا، فَأنْتم السَّبَب فِي وقوعهم فِي هَذَا الذل الْكَبِير، بل انقلبت عَلَيْهِم آيَة {ضربت عَلَيْهِم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله} فَكَأَنَّهَا مَا أنزلت فِي الْمُسلمين.
يَا عُلَمَاء الْإِسْلَام: يَقُول الله فِي كِتَابه {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم} ، وَيَقُول سُبْحَانَهُ:{فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين} ، فصفة الْمُؤمنِينَ عِنْد الله أَن يكون أحدهم شَدِيدا عنيفاً على الْكفَّار، رحِيما برا بالأخيار، غضوباً عبوساً فِي وَجه الْكفَّار، ضحوكا بشوشا فِي وَجه أَخِيه الْمُؤمن، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار وليجدوا فِيكُم غلظة} .
هَذَا وَإِن الألوف وألوف الألوف مِمَّن يتسمون بِالْمُسْلِمين وَالْمُؤمنِينَ ليقفون أَمَام الْيَهُودِيّ الحقير لَيْسَ الْكَبِير أَو النَّصْرَانِي الدنيء أذلّ من الشَّاة إِن خاطبه خاطبه وَهُوَ خاشع ذليل بَين يَدَيْهِ لَا يرفع إِلَيْهِ رَأسه وَلَا طرفه كَأَنَّهُ وَاقِف بَين يَدي رب الْعَالمين وَأحكم الْحَاكِمين.
هَذَا مَعَ أَن الله قد وصف هَؤُلَاءِ الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ بِأَنَّهُم أجبن الْجُبَنَاء وأضعف الضُّعَفَاء؛ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذا رَأَيْتهمْ تعجبك أجسامهم وَإِن يَقُولُوا تسمع لقَولهم} أَي وَكَانُوا أشكالاً حَسَنَة، وَذَوي فصاحة وألسنة. وَإِذا سمعهم السَّامع يصغي إِلَى قَوْلهم لبلاغتهم، وهم مَعَ ذَلِك فِي غَايَة الضعْف والخور والهلع والجبن والجزع {كَأَنَّهُمْ خشب مُسندَة} أشباح بِلَا أَرْوَاح، وأجسام بِلَا أَحْلَام لَيست بأشجار تثمر وَلَكنهُمْ خشب مُسندَة إِلَى حَائِط {يحسبون كل صَيْحَة عَلَيْهِم} أَي كلما وَقع أَمر أَو كائنة أَو خوف يتعقدون لجبنهم أَنه نَازل بهم كَمَا قَالَ تَعَالَى: (أشحة عَلَيْكُم، فَإِذا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ ينظرُونَ إِلَيْك تَدور أَعينهم كَالَّذي يغشى عَلَيْهِ من الْمَوْت؛ فَإِذا ذهب الْخَوْف سلقوكم بألسنة