الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركيزة الخامسة: إدراك مسئولية الدعوة
بمراجعة تاريخ الدعوات الإلهية منذ آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم نلمس ضخامة الجهد المبذول، والمعاناة التي بذلها الأنبياء لأداء الأمانة التي تحملوها في سبيل الله تعالى.
ولذلك نشير إلى ضرورة إدراك هذه الحقيقة؛ ليقوم الجميع بما يجب عليه إزاء الدعوة.
إن الدعوة إلى الله تحتاج إلى إخلاص المسلمين جميعا، وخير للدعوة أن تتكاتف الأمة كلها في هذا المجال.
لقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم بالدعوة، ويقوم معه كل من يدخل في الإسلام؛ ولذلك أخذت الدعوة الصورة الجماعية منذ الجهر بها، ولم يحدث مرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في اتجاه، وكان المسلمون في اتجاه آخر، ورأينا -كذلك- المسلمين وهم يدعون إلى الله في صورة تقرب الناس إليهم، وتعرفهم الإسلام برفق وهدوء، وتدعو إلى الله بالحسنى والخلق الجميل.
ورأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم الضعف والقلة يقومون بالدعوة ويضيفون للإسلام أتباعا مؤمنين صادقين، فلقد أدخل مصعب بن عمير الإسلام في كل بيوت المدينة، وعاش جعفر بن أبي طالب في الحبشة داعيا محبوبا بين غير المسلمين.
وليس من فقه الدعوة أن يخاطب الناس بما ينفرهم من دين الله تعالى، فلقد علمنا الله أن نقول لأهل الكتاب {وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ} ونقول لهم:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِين} .
وليس من فقه الدعوة أن يصطدم الدعاة مع المسئولين، عن طريق التشهير، ونشر النقد بصوت مسموع؛ لأن كثيرا من المسئولين يحتاجون إلى النصح الهادئ، والكلمة الصادقة يسمعونها بخلق الإسلام، وسلوك المؤمنين.
وليس من فقه الدعوة أن يتفرق الدعاة إلى شيع وفرق؛ لأن ضرر هذا أكثر من نفعه، وكيف يتصور الدعاة أنهم ينادون للتوحيد، وهم ينقسمون حتى يتخيل الناس أن لكل جماعة دعوة، وأن لكل فريق إله.
إن أصحاب الهوى والغرض أفسدوا ما بين الدعاة والحكام، فانقسم العالم الإسلامي على نفسه، وأصبح صراعه مع ذاته، وخير للإسلام أن يكون الأمر على غير هذا النمط.
إن من فقه الدعوة أن يكون العلماء والأمراء معا في طريق واحد، لغاية واحدة، وبخاصة أنهم جميعا في الأمة الإسلامية يعملون لله ورسوله.
وإني لعلى يقين من أن العلماء إذا تمكنوا من عرض الإسلام بصورته النقية الصحيحة، بعيدا عن التشنجات المذهبية، والعصبية الفكرية، فإنهم سيحققون به ومعه نهضة إسلامية تفيد العالم كله.
إن ملامح الخطاب الديني الإسلامي يقوم على الأسس التالية:
أولا: أن يكون محدد الموضوع، واضح الهدف، في إطار المشروعية الإسلامية.
ثانيا: الالتزام بشرف الوسيلة، وحسن الأسلوب، وجمال الطلب.
ثالثا: مراعاة حق المخاطب في الفهم، والمناقشة، وحرية اتخاذ ما يرى.
رابعا: ضرورة الالتزام بالمرجعية الإسلامية بمصادرها المعروفة في كل جوانب عملية الدعوة.
ولكل هذا كان إدراك مسئولية الدعوة، والوقوف على أبعاد هذه المسئولية ضرورة هامة لنجاح الدعوة إلى الله تعالى.