المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: انتشار العلم بخاتم النبوة - السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي

[أحمد أحمد غلوش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأول: الواقع العالمي قبيل مجيء الإسلام

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: "العرب

- ‌المبحث الثاني: الروم:

- ‌المبحث الثالث: الفرس

- ‌المبحث الرابع: الهنود

- ‌المبحث الخامس: ملاءمة الواقع العالمي للحركة بالإسلام

- ‌أولا: شيوع الضلال الديني

- ‌ثانيا: هوان الإنسان

- ‌ثالثا: سهولة التواصل

- ‌رابعا: تعدد الصراع

- ‌خامسا: النضج الفكري

- ‌سادسا: انتظار رسول جديد

- ‌الفصل الثاني: السيرة النبوية

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: النسب الشريف

- ‌مدخل

- ‌المسألة الأولى: أصالة النسب

- ‌المسألة الثانية: بعد آبائه عن الشرك وعبادة الأصنام

- ‌المسألة الثالثة: صلة بني هاشم بسائر بطون العرب

- ‌المبحث الثاني: إرهاصات الميلاد والرأي فيها

- ‌المبحث الثالث: ميلاد اليتيم محمد

- ‌المبحث الرابع: محمد في ديار بني سعد

- ‌المبحث الخامس: شق الصدر:

- ‌المبحث السادس: محمد في مرحلة الصبا

- ‌المبحث السابع: زواج محمد صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثامن: بناء الكعبة

- ‌المبحث التاسع: المقدمات العملية للبعثة النبوية

- ‌أولا: كثرة المبشرات

- ‌ثانيا: انتشار العلم بخاتم النبوة

- ‌ثالثا: منع الجن من الاستماع

- ‌رابعا: تكامل شخصية محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌خامسا: تحبيب الخلاء لمحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث العاشر: بدايات الوحي

- ‌المبحث الحادي عشر: صور الوحي

- ‌المبحث الثاني عشر: السيرة المحمدية من الرسالة حتى الهجرة

- ‌أولا: المرحلة السرية والسابقون إلى الإسلام

- ‌ثانيا: صلته بأعمامه

- ‌ثالثا: الجهر بالدعوة ومواجهة متاعب أهل مكة

- ‌المبحث الثالث عشر: عام الحزن

- ‌المبحث الرابع عشر: زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة

- ‌أولا: سودة بنت زمعة رضي الله عنها

- ‌ثانيا: عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها

- ‌ثالثا: أم حبيبة بنت أبي سفيان

- ‌المبحث الخامس عشر: تتابع مجيء نصر الله تعالى

- ‌النصر الأول: إسلام عداس

- ‌النصر الثاني: إسلام الجن

- ‌النصر الثالث: إجارة المطعم بن عدي

- ‌النصر الرابع: أضواء وسط ظلام القبائل

- ‌النصر الخامس: الإسراء والمعراج

- ‌النصر السادس: إسلام الأنصار:

- ‌الفصل الثالث: حركة النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله تعالى في مكة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: تحديد مفاهيم الحركة بالدعوة

- ‌أولا: منهج الدعوة

- ‌ثانيا: المضمون الفكري للحركة

- ‌ثالثا: أسلوب الدعوة

- ‌رابعا: وسائل الدعوة

- ‌المبحث الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة خلال المرحلة السرية

- ‌مدخل

- ‌أولا: اقتصار الدعوة على العقيدة:

- ‌ثانيا: قيام الدعوة على الاتصال الفردي

- ‌ثالثا: تخير المدعوين:

- ‌رابعا: تجنب ضلالات القوم:

- ‌خامسا: دعوة الأقربين الذين يعاشرهم

- ‌سادسا: إسلام الضعفاء فقط

- ‌سابعا: قصور الدعوة على أهل مكة ومن يأتيه

- ‌ثامنا: التخفي في العبادة والتوجيه

- ‌تاسعا: حمل المسلمين مسئولية الدعوة:

- ‌المبحث الثالث: الوسائل والأساليب خلال المرحلة السرية

- ‌المبحث الرابع: المسلمون خلال المرحلة السرية

- ‌المبحث الخامس: المرحلة الأولي للجهر بالدعوة جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌أولا: ظهور الجماعة المؤمنة

- ‌ثانيا: مواجهة الرسول قومه بالدعوة

- ‌المبحث السادس: مرحلة الجهر العام بالدعوة

- ‌المبحث السابع: الحركة بالدعوة خلال مرحلة الجهر العام

- ‌المسألة الأولى: تنوع وسائل الدعوة

- ‌المسألة الثانية: أساليب الدعوة من خلال البلاغة القرآنية

- ‌المبحث الثامن: توافق الأسلوب والموضوع

- ‌المبحث التاسع: مواجهة عدوان الكفار

- ‌مدخل

- ‌أولا: تقوية إيمان المعذبين

- ‌ثانيا: تحرير الأرقاء:

- ‌ثالثا: هجرة المسلمين إلى الحبشة

- ‌رابعا: انتهاء المقاطعة

- ‌المبحث العاشر: استمرار الحركة بالدعوة

- ‌المبحث الحادي عشر: المسلمون في نهاية المرحلة المكية

- ‌الفصل الرابع: ركائز الدعوة المستفادة من المرحلة المكية

- ‌تمهيد:

- ‌الركيزة الأولى: المعرفة الشاملة للمدعوين

- ‌الركيزة الثانية: دور الداعية

- ‌مدخل

- ‌أولا: تقوية صلته بالله

- ‌ثانيا: توثيق ارتباطه بالناس

- ‌الركيزة الثالثة: صفات الدعاة

- ‌مدخل

- ‌أولا: صفات التكامل الذاتي

- ‌ثانيا: صفات الترابط والمودة

- ‌ثالثا: صفات الريادة والتوجيه:

- ‌الركيزة الرابعة: الملاءمة بين الدعوة والواقع

- ‌الركيزة الخامسة: إدراك مسئولية الدعوة

- ‌الركيزة السادسة: دور المرأة المسلمة في الدعوة

- ‌الخاتمة:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌ثانيا: انتشار العلم بخاتم النبوة

‌ثانيا: انتشار العلم بخاتم النبوة

من مقدمات البعثة أن محمدا صلى الله عليه وسلم تمتع بعلامات عرفت بخاتم النبوة، وقد رآها أهل الكتاب وغيرهم قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم وأكثروا الحديث عنها.

وخاتم النبوة عبارة عن بضعة لحم مرتفعة عن الجسد، وجدت في ظهره الشريف صلى الله عليه وسلم عند أسفل عظم كتفه اليسرى، وقد تكلم العلماء عن الحكمة في وضعه مع الخاتم خلف ظهره، وفي هذا المكان المواجه للقلب.

يقول ابن دحية رحمه الله: الحكمة في وضع الخاتم بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أنه لا نبي بعدك يأتي من ورائك1.

وقال في الفتح: السر في ذلك أن القلب في تلك الجهة2.

وقال العلامة السهيلي في الروض الأنف: وحكمة وضعه -أي الخاتم- عند النغض من الكتف اليسرى عصمته من وسوسة الشيطان، ولأن ذلك الموضع منه يدخل الشيطان، فكان ذلك حفظا له من الشيطان3.

وروى ابن عبد البر بسند قوي إلى ميمون بن مهران عن عمر بن عبد العزيز أن رجلا سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم، فأري جسده ممهي "يرى داخله من خارجه" وأري الشيطان في صورة ضفدع، عند كتفه حذاء قلبه، له خرطوم كخرطوم البعوضة، وقد أدخله في منكبه الأيسر إلى قلبه، ويوسوس إليه، فإذا ذكر الله تعالى العبد خنس.

قال في الفتح: وهو مقطوع، وله شاهد مرفوع عن أنس عند أبي يعلى، وابن

1 صحيح البخاري بشرح فتح الباري - كتاب المناقب - باب خاتم النبوة ج6 ص561.

2 فتح الباري على صحيح البخاري ج6 ص562.

3 الروض الأنف ج1 ص191.

ص: 270

عدي ولفظه: "إن الشيطان وضاع خطمه على قلب ابن آدم"1.

ميعاد ختم النبي بهذا الخاتم:

اختلف العلماء في موعد ختم النبي صلى الله عليه وسلم بخاتم النبوة، وذكروا أوقاتا تتفق غالبا مع الأوقات التي ذكروها لشق صدره صلى الله عليه وسلم، وهي:

- قال بعضهم: ختم حين مولده صلى الله عليه وسلم.

- وقال آخرون: ختم يوم شق صدره عند حليمة.

- وقال غيرهم: ختم قبيل المبعث.

- وقيل: ختم ليلة الإسراء والمعراج.

ولكل دليله وحجته..

ورجح ابن حجر أن الختم كان يوم شق صدره عند حليمة، وقطع به القاضي عياض؛ لأن الذين رأوه وشاهدوه ذكروا أن رؤيتهم للخاتم كانت قبل البعثة بوقت طويل.

ولا مانع من القول بأن الله تعالى كرر الختم لرسول الله في كل هذه المرات إعمالا للأحاديث كلها، وزيادة في البركة والعون.

وسميت هذه العلامة بالخاتم جريا على عادة الناس في إثبات صدق ما يكتبون بخاتم معين، فكأن هذا الخاتم دليل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم.

والأحاديث المثبتة لخاتم النبوة كثيرة، منها:

- عن السائب بن يزيد رضي الله عنه يقول: ذهبت بي خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع، فمسح صلى الله عليه وسلم رأسي، ودعا لي بالبركة، وتوضأ، فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه، فإذا هو مثل زر الحجلة2.

1 فتح الباري ج6 ص563.

2 صحيح البخاري بشرح فتح الباري - كتاب الوضوء - باب فضل استعمال وضوء الناس ج1 ص296.

ص: 271

- وعن سماك قال: حدثني جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: رأيت خاتما في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمام.

- وفي رواية أخرى قال: رأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة حمام يشبه جسده1.

- وعن ابن زيد الأنصاري رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا زيد، ادنُ مني، فامسح ظهري"، فمسحت ظهره، فوقعت أصابعي على الخاتم.

قلت: وما الخاتم؟

قال: شعرات مجتمعات2.

- عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزا ولحما، أو قال: ثريدا، فقلت له: هل استغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم؟

قال: نعم ولك، ثم تلا هذه الآية:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} .

قال: ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه، عند نغض كتفه اليسرى جمعا عليه خيلان كأمثال الثآليل3.

- وعن أبي نضرة العوفي رضي الله عنه قال: سألت أبا سعيد الخدري عن خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: خاتم النبوة، فقال: كان في ظهره بضعة ناشزة4.

وللعلماء في وصف خاتم النبوة أقوال:

- يصفها الحاكم في كتابه بأنها شعر مجتمع.

1 صحيح البخاري بشرح النووي - كتاب الفضائل - باب شيبة النبي صلى الله عليه وسلم ج15 ص97.

2 قال الألباني في الشمائل: رواه الترمذي والحاكم وأحمد وابن حبان - بسند صحيح رقم 17.

3 الثآليل: جمع ثؤلول، وهو بثر صغير صلب مستدير يظهر على الجلد كالحمصة أو دونها، والحديث رواه مسلم - كتاب الفضائل - باب إثبات خاتم النبوة ج15 ص99.

4 ناشزة: مرتفعة، والحديث قال الألباني عنه في الشمائل: رواه الترمذي بسند حسن رقم 19.

ص: 272

- وفي كتاب البيهقي: بصقة ناشزة.

- وفي حديث عمرو بن أخطب: "كشيء يختم به".

- وفي تاريخ ابن عساكر: "مثل البندقة".

- وفي الترمذي: "كالتفاحة".

- وفي الروض: كرأس المحجم الغائص على اللحم.

- وفي تاريخ ابن أبي خيثمة: شامة خضراء محتفرة في اللحم.

- وفيه أيضا: شامة سوداء تضرب إلى الصفرة حولها شعرات متراكبات كأنها عرف الفرس.

- وفي تاريخ القضاعي: ثلاث مجتمعات.

- وعن عائشة رضي الله عنها: كتينة صغير تصرب إلى الدهمة1.

واختلاف العلماء في وصف خاتم النبوة ليس من قبيل التنافي والتضاد، إنما هو باعتبار أن كلا منهم شبه الخاتم بما سنح له وبما ظهر أمامه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستره بثوبه، فواصف الخاتم رآه بنظرة خاطفة، أو أري له فجأة، ومع وجود عوامل الهيبة والدهشة في هذا الموقف العجيب، ومن الملاحظ أن الأقوال متقاربة في وصف الخاتم من ناحية صورته وحجمه ومكانه.

ووجود الخاتم النبوي مندرج في خوارق العادات التي أحاط الله بها النبوات، ويجب التسليم بها.

1 دلائل النبوة للبيهقي ج1 ص260 هامش، فتح الباري ج6 ص593.

ص: 273