المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عمرة وصلح الحديبية - الصحيح من أحاديث السيرة النبوية

[محمد الصوياني]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء وشكر إلى أساتذتي الكرام

- ‌المقدمة

- ‌المولد

- ‌الرضاع

- ‌التسمية

- ‌شق الصدر

- ‌عناية عبد المطلب

- ‌عناية أبى طالب

- ‌رعي الغنم

- ‌مشاركة قومه

- ‌عمل النبي صلى الله عليه وسلم في التجارة

- ‌الزواج بخديجة

- ‌الزواج بعائشة وسودة

- ‌بناء الكعبة

- ‌مفارقة معتقدات قومه

- ‌مقدمات النبوة

- ‌الغرباء

- ‌زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌نزول الوحي

- ‌فترة الوحي

- ‌حراسة السماء

- ‌أول من أسلم

- ‌السابقون

- ‌ضماد الأزدي

- ‌إياس بن معاذ

- ‌الإعلان

- ‌الاعتراف بصدق النبي وإعجاز القرآن

- ‌طلب المعجزات

- ‌انشقاق القمر

- ‌تحويل جبل الصفا إلى ذهب

- ‌التعذيب

- ‌إسلام أبى ذر

- ‌إسلام عمر

- ‌الهجرة إلى الحبشة

- ‌دعوة القبائل

- ‌لقاء الأوس والخزرج

- ‌بيعة العقبة الأولى

- ‌العقبة الثانية

- ‌المفاوضات

- ‌محاولات القتل

- ‌الحصار

- ‌وفاة خديجة وفضلها

- ‌وفاة أبي طالب

- ‌الإسراء والمعراج

- ‌العودة من الإسراء والمعراج وتكذيب قريش

- ‌لقاء الجن

- ‌الهجرة إلى المدينة

- ‌هجرة عمر بن الخطاب وعياش

- ‌هجرة أم سلمة وزوجها

- ‌هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بعد الغار

- ‌أبو معبد

- ‌أم معبد

- ‌هذه القصة

- ‌طريق الهجرة

- ‌مكانة مكة لدى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تغيير اسم يثرب

- ‌الوصول للمدينة وبناء المسجد

- ‌بناء المنبر

- ‌النزول على أبي أيوب

- ‌استقبال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سلمان الفارسي في المدينة

- ‌وصول عائشة وزواجها

- ‌الوثنيون وتحولهم إلى منافقين

- ‌أول جمعة في المدينة

- ‌أول مولود في الإسلام

- ‌الحب والموآخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌صيام عاشوراء

- ‌بدء الأذان

- ‌قريش تهدد الأنصار

- ‌الإذن بالقتال

- ‌حراسة النبي صلى الله عليه وسلم وحمل السلاح

- ‌تهديد طواغيت قريش

- ‌بدء التحرك العسكري

- ‌غزوة العشيرة:

- ‌سرية نخلة:

- ‌تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة وموقف اليهود

- ‌الصُفة وأهلها

- ‌رؤيا عاتكة

- ‌غزوة بدر

- ‌الملائكة في بدر

- ‌أسرى بدر

- ‌شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قتل أبي جهل

- ‌شهداء بدر

- ‌فضل من شارك في معركة بدر من الصحابة

- ‌قتلى المشركين

- ‌الغنائم

- ‌بقاء عثمان وأسامة في المدينة

- ‌كتابة وثيقة المدينة بعد اغتيال كعب بن الأشرف

- ‌خيانة بني النضير وقريظة

- ‌غزوة بني النضير

- ‌قريش تهدد اليهود

- ‌زواج فاطمة

- ‌غزوة أُحُد

- ‌قبل المعركة

- ‌المعركة

- ‌استشهاد والد حذيفة وثابت بن وقش

- ‌استشهاد عمرو بن أقيش

- ‌استشهاد عامر بن أمية رضي الله عنه

- ‌استشهاد سعد بن الربيع

- ‌المنافقون

- ‌شدة الخوف في أحد

- ‌قائد الرماة

- ‌استشهاد مصعب بن عمير

- ‌غسيل الملائكة

- ‌إصابة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خسف على أرض أحد

- ‌أول من عرف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فرار سعد بن عثمان وعقبه بن عثمان وعثمان

- ‌شهيد يمشي على الأرض

- ‌فارس مع المسلمين لكنه في النار

- ‌الدعاء بعد المعركة

- ‌بعد المعركة

- ‌هروب المشركين

- ‌الشهداء

- ‌الشهداء بعد سنين

- ‌فرسان أحد

- ‌مولد الحسن

- ‌مجرمون من عكل وعرينة

- ‌القضاء على خالد بن نبيح

- ‌القضاء على عامر بن الطفيل

- ‌سرية الرجيع

- ‌الغدر بالقراء رضي الله عنهم

- ‌مهمات لمرثد بن أبى مرثد

- ‌قدوم ملاعب الأسنة

- ‌الزواج بأم سلمة

- ‌غزوة ذات الرقاع الأولى

- ‌غزوة جليبيب

- ‌غزوة بدر الأخرى

- ‌الزواج من زينب بنت جحش ونزول الحجاب

- ‌غزوة بني المصطلق والزواج بجويرية

- ‌حادث الإفك بعد غزوة بني المصطلق

- ‌غزوة سيف البحر (الخبط)

- ‌إجلاء يهود بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة

- ‌غزوتى: الخندق (الأحزاب) وبني قريظة

- ‌قتل سلام بن أبي الحقيق

- ‌إسلام المغيرة بن شعبة

- ‌إسلام عمرو بن العاص وعودة مهاجري الحبشة

- ‌الزواج بأم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌عمرة وصلح الحديبية

- ‌غزوة ذى قرد

- ‌غزوة خيبر

- ‌غزوة فزارة

- ‌سرية الأربعين ومعجزة الماء

- ‌سرية لأحد الأنصار

- ‌سرية علقمة بن مجزز

- ‌سرية الحرقات

- ‌سرية الإثنى عشر شهيدا

- ‌سرية ذات الرقاع الثانية

- ‌غزوة نجد

- ‌عمرة القضاء

- ‌إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص

- ‌وفاة النجاشي

- ‌صنع الخاتم

- ‌مكاتبة الملوك

- ‌غزوة مؤتة

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌أسر ثمامة الحنفي وحصار مكة

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌غزوة أوطاس

- ‌حصار الطائف

- ‌غزوة بني جذيمة

- ‌غزوة تبوك ومراسلة الملوك

- ‌موت زينب

- ‌عام الوفود

- ‌وفد ثقيف:

- ‌وفد عبد قيس:

- ‌وفد تميم واليمن:

- ‌حرق كعبة اليمن وتعيين أمير عليها

- ‌وفد اليمامة:

- ‌وفد نجران:

- ‌قدوم عدي بن حاتم:

- ‌وفد مزينة:

- ‌حجة أبي بكر الصديق

- ‌إرسال خالد بن الوليد ثم علي إلى اليمن

- ‌قصة ابن صياد

- ‌موت عبد الله بن أبي بن سلول

- ‌موت إبراهيم

- ‌حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل الحج:

- ‌مواقيت الحج:

- ‌الاشتراط

- ‌أنواع النسك: الإفراد

- ‌القران عمرة في حجة

- ‌تجهيز جيش أسامة

- ‌مرض النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌عمرة وصلح الحديبية

وعزل سنة 19 وكان ثبتا في الحديث، وقال العجلي مصري ثقة وقال الذهلي ثبت وقال الدارقطنيُّ ثقة وقال الساجي هو عندهم من أهل الصدق وله مناكير وقرنه النسائي في الطبقات أصحاب الزهري بابن أبي ذئب وغيره، تهذيب التهذيب (6 - 150) ومن هذه الترجمة يتبين إن ابن مسافر ثقة وليس كما قال الحافظ رحمه الله أنه صدوق فقط وابن عفير صدوق عالم بالنسب (1 - 304) وهو من شيوخ البخاري ومسلمٌ والذهلي وابن خزيمة إمامان معروفان].

2 -

قال أحمد بن حنبل (6 - 427): حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر قال أبي وعلي بن إسحاق أنبأنا عبد الله أنا معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة: أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش وكان أتى النجاشي وقال علي بن إسحاق: وكان رحل إلى النجاشي فمات وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة وإنها بأرض الحبشة، زوجها إياه النجاشي ومهرها أربعة آلاف ثم جهزها من عنده وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة وجهازها كله من عند النجاشي ولم يرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء وكان مهور أزوج النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم.

[درجته: سنده صحيح، رواه: أبو داود (2 - 235)، والحاكم (2 - 198)، والبيهقيُّ (7 - 139)، وغيرهم من طرق عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة هذا السند: صحيح وهو على شرط الشيخين فمعمر بن راشد تلميذ الزهري ثقة ثبت فاضل -التقريب (2/ 266) أما تلميذه وشيخ أحمد عبد الله بن المبارك فهاك ما قاله ابن حجر ملخصًا سيرته العطرة: ثقة، ثبت، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير- التقريب (1/ 445)].

‌عمرة وصلح الحديبية

1 -

قال البخاري [2 - 974]: حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال أخبرني الزهري قال أخبري عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين". فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا

ص: 343

لقريش وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل. فألحت. فقالوا: خلأت القصواء خلأت القصواء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل"، ثم قال:"والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها". ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضا، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه وشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية ومعهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنا لم نجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ولينفذن الله أمره". فقال بديل: سأبلغهم ما تقول. قال: فانطلق حتى أتى قريشا قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا؟ فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته. يقول قال: سمعته يقول كذا وكذا. فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فقام عروة بن مسعود، فقال: أي قوم ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى قال: أو لست بالولد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتهمونني؟ قالوا: لا. قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد اقبلوها ودعوني آتيه. قالوا: ائته. فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل. فقال عروة عند ذلك: أي محمد

ص: 344

أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لأرى وجوها وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك. فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك. قال وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما تكلم أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف، وعليه المغفر فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف وقال له: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع عروة رأسه فقال من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر ألست أسعى في غدرتك. وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أما الإِسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شيء"، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينه قال فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم محمدا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه. فقالوا: ائته فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له". فبعثت له واستقبله الناس يلبون فلما رأى ذلك قال سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت فقام رجل منهم يقال له مكرز ابن حفص فقال دعوني آتيه

ص: 345

فقالوا ائته فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا مكرز وهو رجل فاجر". فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو،

قال معمر فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم "لقد سهل لكم من أمركم". قال معمر قال الزهري في حديثه فجاء سهيل بن عمرو فقال هات اكتب بيننا وبينكم كتابا فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بسم الله الرحمن الرحيم"، قال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب (باسمك اللَّهم) كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اكتب باسمك اللَّهم". ثم قال: "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله". فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب (محمد بن عبد الله) فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والله إني لرسول الله وإن كذبتموني. اكتب محمد بن عبد الله" قال الزهري وذلك لقوله: "لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "على أن تخلوا بيننا وبن البيت فنطوف به". فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل فكتب فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. قال المسلمون سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما، فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يوسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نقض الكتاب بعدد".قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأجزه لي".قال: ما أنا بمجيزه لك قال: "بلى فافعل". قال: ما أنا بفاعل، قال: مكرز بل قد أجزناه لك، وقال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله.

قال فقال عمر بن الخطاب فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟

ص: 346

قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال "بلى". قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال "إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري " قلت. أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام". قال: قلت: لا، قال:"فإنك آتيه ومطوف به". قال: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به.

قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا". قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحو بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غما ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ -حتى بلغ- بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} : فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا؟ فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني انظر إليه فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر الآخر

ص: 347

حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: "لقد رأى هذا ذعرا". فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير، فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم نجاني الله منهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد". فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم لما أرسل فمن آتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فأنزل الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ -حتى بلغ- الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ} . وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينهم وبين البيت.

2 -

قال البخاري (4 - 1525): حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام عن قتادة أن أنسا رضي الله عنه أخبره قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجته عمرة من الحديبية في ذي القعدة وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة وعمرة مع حجته.

ورواه مسلم (2 - 916).

3 -

قال الإِمام أحمد في حنبل (4 - 323):حدثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري محمَّد بن مسلم بن شهاب عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه الهدى سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة، قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة أبدا، وهذا خالد بن الوليد

ص: 348

في خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس، فإن أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإِسلام وهم وافرون، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فماذا تظن قريش؟ والله إنى لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله له حتى يظهره الله له أو تنفرد هذه السالفة" ثم أمر الناس فسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمض على طريق تخرجه على ثنية المرار والحديبية من أسفل مكة، قال فسلك بالجيش تلك الطريق فلما رأت خيل قريش فترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم نكصوا راجعين إلى قريش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا سلك ثنية المرار بركت ناقته فقال الناس خلأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خلأت وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، والله لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها" ثم قال للناس:"انزلوا" فقالوا: يا رسول الله ما بالوادي من ماء ينزل عليه الناس، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل في قليب من تلك القلب، فغرزه فيه فجاش الماء بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن، فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة فقال لهم كقوله لبشير بن سفيان، فرجعوا إلى قريش فقالوا: يا معشر قريش إنكم تعجلون على محمد وإن محمدا لم يأت لقتال إنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحقه، فاتهموهم. قال محمَّد يعني بن إسحاق قال الزهري (وكانت خزاعة في عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها ومشركها لا يخفون على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا كان بمكة) قالوا: وإن كان إنما جاء لذلك فلا والله لا يدخلها أبدا علينا عنوة، ولا تتحدث بذلك العرب. ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف أحد بني عامر بن لؤي فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"هذا رجل غادر" فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما كلم به أصحابه، ثم رجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبعثوا إليه الحلس بن علقمة الكناني وهو يومئذ سيد الأحابش، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هذا من قوم يتألهون فابعثوا

ص: 349

الهدى في وجهه" فبعثوا الهدي فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوتاره من طول الحبس عن محله، رجع ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاما لما رأى فقال: يا معشر قريش قد رأيت ما لا يحل صده الهدي في قلائده قد أكل أوتاره من طول الحبس عن محله، فقالوا: اجلس إنما أنت أعرابي لا علم لك. فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثقفي، فقال: يا معشر قريش إنى قد رأيت ما يلقى منكم من تبعثون إلى محمَّد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ، وقد عرفتم أنكم والد وإني ولد، وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئت حتى آسيتكم بنفسي قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم، فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه فقال: يا محمد جمعت أوباش الناس ثم جئت بهم لبيضتك لتفضها، إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة أبدا، وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا، قال: وأبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال: امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه؟ قال: من هذا يا محمد قال: "هذا بن أبي قحافة" قال: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، ولكن هذه بها ثم تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد قال: يقرع يده ثم، قال: امسك يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل والله لا تصل إليك، قال: ويحك ما أفظك وأغلظك، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هذا يا محمد قال: "هذا بن أخيك المغيرة بن شعبة" قال: أغدر؟ هل غسلت سوأتك إلا بالأمس. قال فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما كلم به أصحابه فأخبره أنه لم يأت يريد حربا قال: فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ وضوءً إلا ابتدروه ولا يبسق بساقًا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه، فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش إني جئت كسرى في ملكه وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما، والله ما رأيت ملكًا قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا فروا رأيكم قال:

ص: 350

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك بعث خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة وحمله على جمل له يقال له (الثعلب) فلما دخل مكة عقرت به قريش وأرادوا قتل خراش فمنعهم الأحابش حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عمر ليبعثه إلى مكة، فقال: يا رسول الله إنى أخاف قريشا على نفسي وليس بها من بني عدى أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكن أدلك على رجل هو أعز مني (عثمان بن عفان) قال: فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وأنه جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته، فخرج عثمان حتى أتى مكة ولقيه أبان بن سعيد بن العاص، فنزل عن دابته وحمله بين يديه وردف خلفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به؟ فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاحتبسته قريش عندها. فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل. قال محمَّد فحدثني الزهري أن قريشا بعثوا سهيل بن عمرو أحد بنى عامر بن لؤي فقالوا ائت محمدا فصالحه ولا يكون في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا فوالله لا تتحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا فأتاه سهيل بن عمرو فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل" فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلما وأطالا الكلام وتراجعا حتى جرى بينهما الصلح فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر أوليس برسول الله صلى الله عليه وسلم أولسنا بالمسلمين أوليسوا بالمشركن؟ قال: بلى. قال. فعلام نعطى الذلة في ديننا، فقال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه حيث كان فإني أشهد أنه رسول الله. قال عمر: وأنا أشهد. ثم أتى رسول الله فقال: يا رسول الله أولسنا بالمسلمين أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطى الذلة في ديننا، فقال: أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعنى ثم قال عمر: ما زلت أصوم وأتصدق وأصلى وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ حتى رجوت أن

ص: 351

يكون خيرا. قال: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم" فقال سهيل بن عمرو: لا أعرف هذا ولكن اكتب (باسمك اللَّهم)، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اكتب باسمك اللَّهم هذا ما صالح عليه محمَّد رسول الله سهيل بن عمرو" فقال سهيل بن عمرو: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب هذا ما اصطلح عليه محمَّد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بغير أذن وليه رده عليهم، ومن أتى قريشا ممّن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه عليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا أغلال، وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب أنه من أحب أن يدخل في عقد محمَّد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه فتواثبت خزاعة، فقالوا: نحن مع عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده. وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم، وأنك ترجع عنا عامنا هذا فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فتدخلها بأصحابك وأقمت فيهم ثلاثًا معك سلاح الراكب، لا تدخلها بغير السيوف في القرب، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب إذ جاءه أبو جندل بن سهيل بن عمرو في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا أن يهلكوا، فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ثم قال يا محمَّد قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال: صدقت. فقام إليه فأخذ بتلبيبه. قال وصرخ أبو جندل بأعلى صوته: يا معاشر المسلمين أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟ قال فزاد الناس شرا إلى ما بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا جندل اصبر واحتسب فان الله عز وجل جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبن القوم صلحا فأعطيناهم على ذلك وأعطونا عليه عهدًا وأنا لن

ص: 352

نغدر بهم. قال فوثب إليه عمر بن الخطاب مع أبي جندل فجعل يمشي إلى جنبه وهو يقول: أصبر أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب قال ويدنى قائم السيف منه. قال: يقول رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه قال فضن الرجل بأبيه ونفذت القضية، فلما فرغا من الكتاب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس انحروا واحلقوا. قال: فما قام أحد. قال ثم عاد بمثلها فما قام رجل حتى عاد بمثلها فما قام رجل، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على أم سلمة فقال: يا أم سلمة ما شأن الناس؟ قالت: يا رسول الله قد دخلهم ما قد رأيت فلا تكلمن منهم إنسانا، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم أحدًا حتى أتى هديه فنحره، ثم جلس فحلق فقام الناس ينحرون ويحلقون. قال حتى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق فنزلت سورة الفتح.

[درجته: حديث صحيح، رواه: البخاري كما في الحديث السابق. هذا السند: صحيح لولا عنعنة ابن إسحاق لكنه صرح بالسماع في مواضع أخرى].

4 -

قال البخاري (3 - 1310): حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر رضي الله عنه قال: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها ثم أهل الناس نحوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لكم؟ " قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، قال فشربنا وتوضأنا فقلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا كنا خمس عشرة مائة.

5 -

قال البخاري (4 - 1526): حدثنا الصلت بن محمَّد حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قلت لسعيد بن المسيب بلغني أن جابر بن عبد الله كان يقول: كانوا أربع عشرة مائة. فقال لي سعيد: حدثني جابر كانوا خمس عشرة مائة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية.

ص: 353

قال أبو داودة حدثنا قرة عن قتادة. تابعه بن بشار حدثنا أبو داود حدثنا شعبة.

6 -

قال البخاري (4 - 1526): حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: "أنتم خير أهل الأرض". وكنا ألفا وأربعمائة، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة.

تابعه الأعمش سمع سالما سمع جابرا ألفا وأربعمائة.

ورواه مسلم (3 - 1484).

7 -

قال البخاري (4 - 1534): حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجزة رضي الله عنه قال: أتى علي النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية والقمل يتناثر على وجهي فقال: "أيؤذيك هوام رأسك؟ "، قلت: نعم، قال:"فاحلق وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك نسيكة". قال أيوب لا أدري بأي هذا بدأ.

8 -

قال البخاري (2 - 647): حدثنا سعيد بن الربيع حدثنا علي بن المبارك عن يحيى عن عبد الله ابن أبي قتادة أن أباه حدثه قال: انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم، فأنبئنا بعدو بغيقة فتوجهنا نحوهم، فبصر أصحابي بحمار وحش فجعل بعضهم يضحك إلى بعض، فنظرت فرأيته فحملت عليه الفرس فطعنته فأثبته فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني، فأكلنا منه ثم لحقت برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وخشينا أن نقتطع، أرفع فرسي شأوا وأسير عليه شأوا فلقيت رجلًا من بني غفار في جوف الليل فقلت: أين تركت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟ فقال: تركته بتعهن وهو قائل السقيا، فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيته فقلت: يا رسول الله إن أصحابك أرسلوا يقرؤون عليك السلام ورحمة الله- وبركاته وأنهم قد خشوا أن يقتطعهم العدو دونك فانظرهم، ففعل. فقلت: يا رسول الله إنا أصدنا حمار وحش وإن عندنا منه فاضلة؟ فقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "كلوا". وهم محرمون.

ص: 354

9 -

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (2 - 173): عبد الأعلي بن عبد الأعلى عن عبيد الله بن عمر عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي قتادة الأنصاري على الصدقة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا عسفان فإذا هم بحمار وحش قال: وجاء أبو قتادة وهو حل، فنكسوا رؤوسهم كراهية أن يحدوا أبصارهم فيفطن، فرآه فركب فرسه وأخذ الرمح فسقط منه فقال: ناولونيه، فقالوا: ما نحن بمعينيك عليه بشيء. فحمل عليه فعقره فجعلوا يشوون منه. ثم قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا .. قال: وكان تقدمهم فلحقوه فسألوه فلم ير بذلك بأسا.

[درجته: سنده صحيح، عياض تابعي ثقة (2 - 96)، وعبيد الله بن عمر تابعي صغير وثقة ثبت معروف (1 - 537)، وعبد الأعلى ثقة من رجال الشيخين (1 - 465)].

10 -

قال البخاري [4 - 1524): حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني صالح ابن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، ثم أقبل علينا فقال:"أتدرون ماذا قال ربكم؟ ". قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال:"قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال مطرنا بنجم كذا وكذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي".

11 -

قال عبد الرزاق (2 - 505): عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال: كنا مع رسول صلى الله عليه وسلم بعسفان قال: فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبن القبلة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فقالوا: قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، فقالوا: تأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم، قال فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102]، قال: فحضرت الصلاة فأمرهم رسول الله محمد في صلى الله عليه وسلم فأخذوا السلاح فصففنا خلفه صفين، قال ثم ركع فركعنا جميعا، قال ثم رفع فرفعنا جميعا

ص: 355

ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالصف الذي يليه، قال والآخرون قيام يحرسونهم فلما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم، ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فركعوا جميعًا ثم رفع فرفعوا جميعًا ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم -بالصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما جلسوا جلس الاخرون فسجدوا ثم سلم عليهم ثم انصرف قال فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرة بعسفان ومرة في أرض بني سليم.

[درجته: سنده صحيح، مجاهد تابعي ثقة وإمام في التفسير وفي العلم (2 - 229)، ومنصور بن المعتمر ثقة ثبت لا يدلس (2 - 277)].

12 -

قال أحمد بن حنبل (2 - 522): حدثنا عبد الصمد ثنا سعيد بن عبيد الهنائي ثنا عبد الله بن شقيق ثنا أبو هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان فقال المشركون: إن لهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم وهي العصر فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة، وإن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يقسم أصحابه شطرين فيصلي ببعضهم، وتقوم الطائفة الأخرى وراءهم وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ثم تأتي الأخرى فيصلون معه ويأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم لتكون لهم ركعة ركعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ركعتان.

[درجته: سنده صحيح، رواه: النسائي (3 - 174)، والترمذيُّ (5 - 243)، هذا السند: صحيح ابن شقيق تابعي ثقة (1 - 301)، وتلميذه صدوق (1 - 422)، وعبد الصمد بن عبد الو ارث صدوق (1 - 507)]

13 -

قال البزار: حدثنا إسحاق بن بهلول حدثنا محمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعد الخدري أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بعسفان قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عيون المشركين الآن على ضجنان فأيكم يعرف طريق ذات الحنظل؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمسى: "هل من رجل ينزل فيسعى بين يدي الركاب" فقال رجل: أنا يا رسول الله فنزل

ص: 356

فجعلت الحجارة تنكبه والشجر يتعلق بثيابه، فقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:"اركب" ثم نزل آخر فجعلت الحجارة والشجر يتعلق بثيابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اركب"، ثم وقعنا على الطريق حتى سرنا في ثنية يقال لها الحنظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما مثل هذه الثنية إلا كمثلي الباب الذي دخل فيه بنو إسرائيل قيل لهم: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} لا يجوز أحد الليلة هذه الثنية إلا غفر له" فجعل الناس يسرعون ويجوزون، وكان آخر من جاز قتادة بن النعمان في آخر القوم، قال فجعل الناس يركب بعضهم بعضا حتى تلاحقنا قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلنا.

[درجته: سنده صحيح، رواه: البزار مجمع الزوائد (6 - 144)، هذا السند: صحيح فشيخ البزار ثقة تاريخ بغداد (6 - 366)، وشيخه صدوق من رجال الشيخين (2 - 145)، وزيد وعطاء تابعيان ثقتان أما هشام فهو حسن الحديث إذا انفرد لكنه أثبت الناس في الرواية عن زيد كما قال أبو داود التهذيب (11 - 39)].

14 -

قال مسلم (4 - 2144): حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا قرة بن خالد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يصعد الثنية ثنية المرار فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل". قال فكان أول من صعدها خيلنا خيل بني الخزرج، ثم تتام الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وكلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر" فأتيناه فقلنا له: تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: والله لأن أجد ضالتي أحب إلى من أن يستغفر لي صاحبكم. قال وكان الرجل ينشد ضالة له.

15 -

قال البخاري (3 - 1080): حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع قال قال ابن عمر رضي الله عنهما: رجعنا من العام المقبل فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله فسألت نافعا على أي شيء بايعهم على الموت؟ قال: لا، بل بايعهم على الصبر.

ص: 357

16 -

قال البخاري (4 - 1533): حدثني شجاع بن الوليد سمع النفر بن محمَّد حدثنا صخر عن نافع قال: إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر وليس كذلك، ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار يأتي به ليقاتل عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع عند الشجرة وعمر لا يدري بذلك، فبايعه عبد الله ثم ذهب إلى الفرس، فجاء به إلى عمر وعمر يستلئم للقتال فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع تحت الشجرة، قال: فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فهي التي يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر.

17 -

قال البخاري (4 - 1534): وقال هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عمر بن محمَّد العمري أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن الناس كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تفرقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس محدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوجدهم يبايعون فبايع، ثم رجع إلى عمر فخرج فبايع.

18 -

قال مسلم (3 - 1483): حدثنا محمَّد بن حاتم حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير: سمع جابرا يسأل كم كانوا يوم الحديبية؟ قال كنا أربع عشرة مائة فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة، فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري اختبأ تحت بطن بعيره.

19 -

قال مسلم (3 - 1485): حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا يزيد بن زريع عن خالد عن الحكم بن عبد الله بن الأعرج عن معقل بن يسار قال: لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس، وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة، قال: لم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر.

21 -

قال مسلم (3 - 1486): حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حاتم (يعني ابن إسماعيل) عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع قال: قلت لسلمة على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت.

ورواه البخاري (6 - 2634).

ص: 358

22 -

قال البخاري (3 - 1081): حدثنا المكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ثم عدلت إلى ظل الشجرة فلما خف الناس قال: "يا ابن الأكوع ألا تبايع؟ ". قال قلت: قد بايعت يا رسول الله. قال: "وأيضًا". فبايعته الثانية. فقلت له: يا أبا مسلم على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ؟ قال: على الموت.

23 -

قال مسلم (3 - 1433): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا هاشم بن القاسم ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو عامر العقدي كلاهما عن عكرمة ابن عمار ح وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وهذا حديثه أخبرنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا عكرمة (وهو ابن عمار) حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها، قال: فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبا الركية فإما دعا وإما بسق فيها، قال: فجاشت فسقينا واستقينا قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا للبيعة في أصل الشجرة، قال: فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط من الناس قال: "بايع يا سلمة" قال قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس قال: "وأيضًا" قال: ورآني رسول الله صلى الله عليه وسلم عزلا -يعني ليس معه سلاح- قال فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم حجفة أو درقة ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال: "ألا تبايعني؟ يا سلمة" قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وفي أوسط الناس قال: "وأيضا" قال: فبايعته الثالثة ثم قال لي: "يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟ " قال: قلت: يا رسول الله لقيني عمي عامر عزلا فأعطيته إياها. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إنك كالذي قال الأول: اللَّهم أبغني حبيبا هو أحب إلى من نفسي" ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا في بعض واصطلحنا، قال: وكنت تبيعا لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسه وأخدمه وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضجعت في أصلها، قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة، فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة

ص: 359

أخرى وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى منادي من أسفل الوادي: يا للمهاجرين قتل ابن زنيم. قال: فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي قال ثم قلت: والذي كرم وجه محمَّد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفف في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه" فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} (48/ لفتح/24) الآية كلها.

قال ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلا بيننا وبين بني لحيان جبل، وهم المشركون، فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقي هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا، ثم قدمنا المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستاقه أجمع وقتل راعيه قال فقلت: يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد أغاروا على سرحه. قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثًا: يا صباحاه ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز أقول:

أنا ابن أبن الأكوع

واليوم يوم الرضع

فألحق رجلًا منهم فأصك سهما في رحله حتى خلص نصل السهم إلى كتفه قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع

واليوم يوم الرضع. قال: فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا رجع إلى فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها، ثم رميته فعقرت به حتى إذا تضايق الجبل دخلوا في تضايقه علوت الجبل فجعلت أرديهم بالحجارة، قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول

ص: 360

الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه ثم لتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحًا يستخفون، ولا يطرحون شيئًا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى إذا أتوا متضايقا من ثنية فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري فجلسوا يتضحون (يعني يتغدون) وجلست على رأس قرن. قال الفزاري: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح والله، ما فارقنا منذ غلس يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا. قال: فليقم إليه نفر منكم أربعة. قال فصعد إلي منهم أربعة في الجبل قال: فلما أمكنوني من الكلام قال قلت: هل تعرفوني؟ قالوا: لا. ومن أنت؟ قال قلت: أنا سلمة ابن الأكوع والذي كرم وجه محمَّد صلى الله عليه وسلم لا أطلب رجلًا منكم إلا أدركته، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني. قال أحدهم: أنا أظن. قال: فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي على أثره أبو قتادة الأنصاري وعلى أثره المقداد بن الأسود الكندي، قال فأخذت بعنان الأخرم قال: فولوا مدبرين قلت: يا أخرم احذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال يا سلمة: إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبن الشهادة، قال: فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول على فرسه، ولحق أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن فطعنه فقتله، فوالذي كرم وجه محمَّد صلى الله عليه وسلم اتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم ولا غبارهم شيئًا، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له (ذا قرد) ليشربوا منه وهم عطاش قال: فنظروا إلي أعدو ورائهم فحليتهم عنه (يعني أجليتهم عنه) فما ذاقوا منه قطرة قال: ويخرجون فيشتدون في ثنية قال فأعدوا فألحق رجلًا منهم فأصكه بسهم في نغض كتفه قال قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع قال: يا ثكلته أمه أكوعه بكرة. قال قلت: نعم يا عدو نفسه أكوعك بكرة. قال: وأردوا فرسين على ثنية قال فجئت بهما أسوقهما إلى

ص: 361

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء، فتوضأت وشربت، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حلأتهم منه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم، وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها، قال قلت: يا رسول الله خلني فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه في ضوء النهار فقال: "يا سلمة أتراك كنت فاعلا؟ " قلت: نعم، والذي أكرمك فقال:"إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان" قال: فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم جزورا فلما كشفوا جلدها رأوا غبارا فقالوا: أتاكم القوم فخرجوا هاربين فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة" قال ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل فجمعهما لي جميعًا، ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، قال فبينما نحن نسير قال وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا، قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك قال: فلما سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟ قال: لا، إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني فلأسابق الرجل قال: "إن شئت" قال: قلت اذهب إليك وثنيت رجلي فطفرت فعدوت قال فربطت عليه شرفا أو شرفين أستبقي نفسي ثم عدوت في إثره فربطت عليه شرفا أو شرفي ثم إني رفعت حتى ألحقه قال فأصكه بين كتفيه، قال قلت: قد سبقت والله. قال: أنا أظن. قال فسبقته إلى المدينة، قال فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم:

تالله لولا الله ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولاصلينا

ونحن عن فضلك ما استغنينا

فثبت الأقدام إن لاقينا

وأنزلن سكينة علينا

ص: 362

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من هذا؟ " قال: أنا عامر، قال:"غفر لك ربك" قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد، قال فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له: يا نبي الله لولا ما متعتنا بعامر، قال فلما قدمنا خيبر قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

قال وبرز له عمي عامر فقال:

قد علمت خيبر أني عامر

شاكي السلاح بطل مغامر

قال فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر وذهب عامر يسفل له فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه.

قال سلمة فخرجت فإذا أنا نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون بطل عمل عامر قتل نفسه قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقلت: يا رسول الله بطل عمل عامر؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال ذلك؟ " قال: قلت: ناس من أصحابك قال: "كذب من قال ذلك بل له أجره مرتين" ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد فقال: "لأعطين الراية رجلًا يحب الله ورسوله أو يحبه الله ورسوله" قال: فأتيت عليا فجئت به أقوده وهو أرمد حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبسق في عينيه فبرأ وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

ص: 363

فقال علي:

أنا الذي سمتني أمي حيدره

كليث الغابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره

قال فضرب رأس مرحب فقتله ثم كان الفتح على يديه.

قال إبراهيم حدثنا محمَّد بن يحيى حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن عكرمة بن عمار بهذا الحديث بطوله.

24 -

قال أحمد بن حنبل (3 - 26): حدثنا يحيى عن محمَّد بن أبي يحيى قال حدثني أبي أن أبا سعيد الخدري حدثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الحديبية قال لا توقدوا نارا بليل قال فلما كان بعد ذاك قال أوقدوا واصطنعوا فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم.

[درجته: سنده قوي، رواه الحاكم (3 - 38)، وابن أبي شيبة (5 - 263)، والنسائيُّ في السنن الكبرى (5 - 268)، هذا السند: قوي محمَّد بن أبي يحيى الأسلمي صدوق وأبوه صدوقان (2 - 218) و (1 - 333)، واسم أبيه سمعان].

25 -

قال ابن إسحاق: عن أبان بن صالح عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرج عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قبل الصلح فكتب إليه مواليهم قالوا: يا محمَّد والله ما خرجوا إليك رغبة في دينك. وإنما خرجوا هربا من الرق. فقال ناس: صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم. فغضب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقال: "ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا"، وأبى أن يردهم فقال:"هم عتقاء الله".

[درجته: حديث صحيح دون قوله: هم عتقاء الله، رواه: الحاكم (2 - 136)، وأبو داود (3 - 65) الضياء في المختارة (2 - 69)، والبيهقيُّ في الكبرى (9 - 229)، هذا السند: قوي لولا عنعنة ابن إسحاق وأبان بن صالح ثقة (1 - 30)، وشيخه ثقة ثبت لا يدلس (2 - 277) وربعي ثقة عابد مخضرم (1 - 243)، وقد توبع شيخ ابن إسحاق في الحديث التالي:].

ص: 364

26 -

قال أحمد بن حنبل [1 - 155]: حدثنا أسود بن عامر أخبرنا شريك عن منصور عن ربعي عن علي رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم أناس من قريش فقالوا يا محمَّد إنا جيرانك وحلفاؤك وإن ناسا من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه، إنما فروا من ضياعنا وأموالنا فارددهم إلينا (فقال لأبي بكر رضي الله عنه:"ما تقول؟ " قال: صدقوا إنهم جيرانك قال فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لعمر رضي الله عنه: "ما تقول؟ " قال: صدقوا إنهم لجيرانك وحلفاؤك) فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم.

[درجته: حديثٌ حسنٌ عدا ما بين الأقواس، وفي سنده ضعف، رواه: أحمد (1 - 155)، ورواه في فضائل الصحابة (2 - 649)، والترمذيُّ (5 - 634)، والنسائيُّ في السنن الكبرى (5 - 115)، سنده: قال شريك: حدثنا منصور ولو أن غير منصور حدثني ما قبلته منه ولقد سألته فأبى أن يحدثني فلما جرت بيني وبينه المعرفة كان هو الذي دعاني إليه وما سألته عنه ولكن هو ابتدأني به قال حدثني ربعي بن حراش قال حدثنا علي بن أبي طالب، هذا السند: فيه ضعف من أجل شريك بن عبد الله النخعي رحمه الله (1 - 351) لكن الحديث حسن بما قبله].

27 -

قال عبد الرزاق [5 - 342]: عن عكرمة بن عمار قال أخبرنا أبو زميل سماك الحنفي أنه سمع ابن عباس يقول: كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب.

[درجته: سنده قوي، هذا السند: حسن من أجل عكرمة بن عمار فهو حسن الحديث إذا لم يخالف وهو من رجال مسلم (2 - 30)، وشيخه لا بأس به (1 - 332)].

28 -

قال البخاري [2 - 960]: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا هذا ما قاضى عليه محمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لا نقر بها فلو نعلم أنك رسول الله ما منعاك، لكن أنت محمَّد بن عبد الله قال:"أنا رسول الله وأنا محمَّد بن عبد الله". ثم قال لعلي: "امح رسول الله". قال: لا والله لا أمحوك أبدا. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب: "هذا ما قاضى عليه محمَّد بن عبد الله لا يدخل مكة سلاح إلا في القراب،

ص: 365

وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه وأن لا يمنع أحدا من أصحابه أراد أن يقيم بها". فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليا فقالوا: قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعتهم ابنة حمزة تنادي: يا عم، يا عم. فتناولها علي فأخذها بيدها وقال لفاطمة عليها السلام: دونك ابنة عمك احمليها. فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال: علي أنا أحق بها وهي ابنة عمي وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي وقال زيد: ابنة أخي فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال. "الخالة بمنزلة الأم". وقال لعلي: "أنت مني وأنا منك". وقال لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي". وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا".

29 -

قال أحمد بن حنبل (4 - 86): حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني حسين بن واقد قال حدثني ثابت البناني عن عبد الله بن مغفل المزني قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القران، وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه:"اكتب بسم الله الرحمن الرحيم" فأخذ سهيل بن عمرو بيده فقال: ما نعرف بسم الله الرحمن الرحيم اكتب في قضيتنا ما نعرف قال: اكتب باسمك اللَّهم فكتب هذا ما صالح عليه محمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة" فأمسك سهيل بن عمرو بيده وقال: لقد ظلمناك إن كنت رسوله، أكتب في قضيتنا ما نعرف فقال: "اكتب هذا ما صالح عليه محمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب وأنا رسول الله فكتب" فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الله عز وجل بأبصارهم فقدمنا إليهم فأخذناهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل جئتم في عهد أحد أو هل جعل لكم أحد أمانا؟ " فقالوا: لا، فخلى سبيلهم فأنزل الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} قال أبو عبد الرحمن: قال: حماد بن سلمة في هذا الحديث عن ثابت عن أنس وقال: حسين بن واقد عن عبد الله بن مغفل وهذا الصواب عندي إن شاء الله قال.

ص: 366

[درجته: سنده قوي، رواه: الحاكم (2/ 61) من طريق علي ابن الحسن بن شقيق أنبأنا الحسين بن واقد، هذا السند: لا بأس به، ابن شقيق ثقة وكذلك الحسين بن واقد ثقة (التقريب- 1/ 180) وشيخه تابعي ثقة عابد (التقريب-1/ 115) قال في جامع التحصيل (151): أحد الأئمة قال أبو حاتم سمع أنسا وابن عمرو وروى الحسين بن واقد عن ثابت عن عبد الله بن مغفل فلا ندري لقيه أم لا، لكن الذهبي قال في تعليقه على سماع ثابت من عبد الله رضي الله عنه:لا يبعد سماع ثابت من ابن مغفل قد اتفقا -أي الشيخان- على إخراج معاوية بن قرة، وحميد بن هلال عن ابن مغفل، وثابت أسن منهما].

30 -

قال البخاري (3 - 1162): حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا شريح بن مسلمة حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق قال حدثني أبي عن أبي إسحاق قال حدثني البراء رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يعتمر أرسل إلى أهل مكة يستأذنهم ليدخل مكة، فاشترطوا عليه أن لا يقيم بها إلا ثلاث ليال ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح، ولا يدعو منهم أحدا. قال: فأخذ يكتب الشرط بينهم علي بن أبي طالب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمَّد رسول الله. فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله لم نمنعك ولبايعناك، ولكن اكتب هذا ما قاضى عليه محمَّد بن عبد الله فقال:"أنا والله محمَّد بن عبد الله وأنا والله رسول الله"، قال: وكان لا يكتب، قال: فقال لعلي: "امح رسول الله". فقال علي: والله لا أمحاه أبدا قال: "فأرينه". قال فأراه إياه فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده. فلما دخل ومضى الأيام أتوا عليا فقالوا مر صاحبك فليرتحل فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم". ثم ارتحل.

31 -

قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح حدثني مجاهد عن بن عباس رضي الله عنهما قال: أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في هداياه جملا لأبي جهل في رأسه برة من فضة ليغيظ المشركين بذلك.

[درجته: سنده صحيح، رواه: من طريقه الحاكم (1 - 639)، وأحمدُ (1 - 261)، وابن خزيمة (4 - 287)، والبيهقيُّ في الكبرى (5 - 230)، وأبو داود (2 - 145)، كما رواه جرير بن حازم عن بن أبي نجيح عند البيهقي، هذا السند: صحيح عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي أبو يسار الثقفي

ص: 367

مولاهم ثقة رمي بالقدر وربما دلس من رجال الشيخين تقريب التهذيب (326) وتلميذ ابن عباس مجاهد بن جبر أبو الحجاج المخزومي المكي ثقة إمام في التفسير وفي العلم تقريب التهذيب (520)]

32 -

قال ابن إسحاق. ابن هشام (4 - 288): حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال: حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله المحلقين" قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال:"يرحم الله المحلقين" قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال:"والمقصرين" فقالوا يا رسول الله فلم ظاهرت الترحيم لمحلقين دون المقصرين قال: لم يشكوا.

[درجته: سنده صحيح، عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي أبو يسار الثقفي مولاهم ثقة رمي بالقدر وربما دلس من رجال الشيخين تقريب التهذيب (326) وتلميذ ابن عباس مجاهد بن جبر أبو الحجاج المخزومي المكي ثقة إمام في التفسير وفي العلم تقريب التهذيب (520)].

33 -

قال مسلم (3 - 1442): حدثني عمرو بن محمَّد الناقد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك: أن ثمانين رجلًا من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم سلمًا فاستحياهم فأنزل الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} .

34 -

قال البخاري (4 - 1915): حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال عمر: ثكلتك أمك نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر: فحركت بعيري حتى كنت أمام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال: "لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلى مما طلعت عليه الشمس". ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} .

ص: 368

35 -

قال مسلم (3 - 1411): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح وحدثنا ابن نمير (وتقاربا في اللفظ) حدثنا أبي حدثنا عبد العزيز بن سياه حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال: قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل؟ قالا: "بلى" قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: "بلى" قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: "يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا" قال: فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا قال: فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال: يا رسول الله أوفتح هو؟ قال: "نعم" فطابت نفسه ورجع.

36 -

قال أبو داود (2 - 84): حدثنا محمَّد بن عيسى ثنا مجمع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري قال: سمعت أبي يعقوب بن المجمع يذكر عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فخرجنا مع الناس نوجف (الايجاف الركض والإسراع) فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفا على راحلته عند كراع الغميم فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} فقال رجل: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: "نعم والذي نفس محمَّد بيده إنه لفتح" فقسمت خيبر على أهل الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة فيهم ثلثمائة فارس فأعطى الفارس سهمين

ص: 369

وأعطى الراجل سهما. قال أبو داود حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال ثلثمائة فارس وكانوا مائتي فارس.

[درجته: حسن بها قبله، رواه: الطبري في التفسير (26 - 71)، والحاكم (2 - 143/ 2 - 498)، والدارقطنيُّ (4 - 105)، وابن أبي شيبة (6 - 489)، وأحمدُ (3 - 420)، والطبرانيُّ (19 - 445)، وابن سعد (2 - 105)، سنده: من طرق كثيرة عن مجمع بن يعقوب الأنصاري قال سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع بن جارية، هذا السند: ضعف الإمام الألباني أسكنه الله فسيح جناته هذا الحديث في ضعيف أبي داود- 268 لكن الحديث حسن بما قبله، وهو عند التدقيق أقوى من حديث أحمد الذي سيأتي تحت عنوان (غزوة خيبر) والذي صححه رحمه الله. أو قل مثله، وذلك لعدة أسباب، منها: أن علة سند هذا الحديث هو التابعي يعقوب بن مجمع، وقد قال الذهبي في المستدرك بعد تصحيح الحاكم (2/ 131): لم يرو مسلم لمجمع شيئًا ولا لأبيه -يعني يعقوب- وهما ثقتان. وإذا تجاوزنا هذا لأن الذهبي متأخر فالرجل تابعي روى عنه أربعة: اثنان منهم ثقات وهما: ابنه مجمع وسفيان الثوري وضعيفان ووثقه ابن حبان، لكن كل ذلك لا يكفي إلا أن للحديث شاهدًا قويًا وهو ما قبله وهو به حسن عدا ما بين الأقواس الصغيرة].

37 -

قال ابن إسحاق: حدثني الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: أنزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها.

[درجته: سنده صحيح، رواه: من طريقه الحاكم (2 - 498)، والبيهقيُّ (9 - 223)، والطبرانيُّ (20 - 17)، هذا السند: صحيح وهو سند البخاري وابن إسحاق السابقين].

38 -

قال ابن حبان (9 - 120): أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني قال: حدثنا العباس بن الوليد النرسي قال: حدثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم قال: سألت أبا الطفيل فقلت: الأطراف الثلاثة التي تسند بالكعبة؟ قال أبو الطفيل: سألت ابن عباس عنها فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران في صلح قريش بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا كانت تقول: تبايعون ضعفاء، قال أصحابه: يا رسول الله لو أكلنا من ظهرنا فأكلنا من شحومها وحسونا من المرق فأصبحنا غدا حتى ندخل على القوم

ص: 370

وبنا جمام؟ قال: "لا ولكن ائتوني بفضل أزوادكم" فبسطوا أنطاعهم ثم جمعوا عليها من أطعماتهم كلها، فدعا لهم فيها بالبركة، فأكلوا حتى تضلعوا شبعا فأكفتوا في جربهم فضول ما فضل منها، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش واجتمعت قريش نحو الحجر اضطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"لا يرى القوم فيكم غميزة" واستلم الركن اليماني وتغيبت قريش فمشى هو وأصحابه حتى استلموا الركن الأسود فطاف ثلاثة أطواف، فلذلك تقول قريش وهم يقرون بهم يرملون: لكأنهم الغزلان قال ابن عباس: وكانت سنة.

[درجته: حديثٌ حسنٌ، رواه: البيهقي في الدلائل (4 - 119)، من طريقين: سنده: من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب عن ابن عباس .. والأخرى من طريق يحيى بن سليم الطائفي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل، هذا السند: قال الشيخ شعيب في تعليقه على صحيح ابن حبان: حديث صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح، والصواب أن رجاله ليسوا كلهم رجال الصحيح، وليسوا كلهم ثقات. فالحسن ليس من رجالهما، وإذا تجاوزنا العباس بن الوليد بن نصر النرسي وهو ثقة من رجالهما- تقريب التهذيب (294) وعبد الله بن عثمان بن خثيم أبو عثمان صدوق من رجال مسلم والبخاريُّ تعليقا فقط تقريب التهذيب (313) فإن يحيى بن سليم الطائفي ليس بثقة، بل هو كما لخص الحافظ في التقريب (591) أقوال العلماء فيه فقال: صدوق سيء الحفظ. وله شاهد عن البيهقي وسنده قوي لولا احتمال الانقطاع بين ابن عباس والإمام الزهري كذلك يشهد للحديث ما بعده وهو عند مسلم].

39 -

قال مسلم (3 - 1354): حدثني أحمد بن يوسف الأزدي حدثنا النضر (يعني ابن محمَّد اليمامي) حدثنا عكرمة (وهو ابن عمار) حدثنا إياس بن سلمة عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فأصابنا جهد حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا، فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا مزاودنا فبسطنا له نطعا فاجتمع زاد القوم على النطع، قال: فتطاولت لأحرزه كم هو؟ فحزرته كربضة العنز ونحن أربع عشرة مائة قال فأكلنا حتى شبعنا جميعًا، ثم حشونا جربنا فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"فهل من وضوء؟ " قال: فجاء رجل بإداوة له فيها نطفة، فأفرغها في قدح فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة أربع

ص: 371