المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سلمان الفارسي في المدينة - الصحيح من أحاديث السيرة النبوية

[محمد الصوياني]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء وشكر إلى أساتذتي الكرام

- ‌المقدمة

- ‌المولد

- ‌الرضاع

- ‌التسمية

- ‌شق الصدر

- ‌عناية عبد المطلب

- ‌عناية أبى طالب

- ‌رعي الغنم

- ‌مشاركة قومه

- ‌عمل النبي صلى الله عليه وسلم في التجارة

- ‌الزواج بخديجة

- ‌الزواج بعائشة وسودة

- ‌بناء الكعبة

- ‌مفارقة معتقدات قومه

- ‌مقدمات النبوة

- ‌الغرباء

- ‌زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌نزول الوحي

- ‌فترة الوحي

- ‌حراسة السماء

- ‌أول من أسلم

- ‌السابقون

- ‌ضماد الأزدي

- ‌إياس بن معاذ

- ‌الإعلان

- ‌الاعتراف بصدق النبي وإعجاز القرآن

- ‌طلب المعجزات

- ‌انشقاق القمر

- ‌تحويل جبل الصفا إلى ذهب

- ‌التعذيب

- ‌إسلام أبى ذر

- ‌إسلام عمر

- ‌الهجرة إلى الحبشة

- ‌دعوة القبائل

- ‌لقاء الأوس والخزرج

- ‌بيعة العقبة الأولى

- ‌العقبة الثانية

- ‌المفاوضات

- ‌محاولات القتل

- ‌الحصار

- ‌وفاة خديجة وفضلها

- ‌وفاة أبي طالب

- ‌الإسراء والمعراج

- ‌العودة من الإسراء والمعراج وتكذيب قريش

- ‌لقاء الجن

- ‌الهجرة إلى المدينة

- ‌هجرة عمر بن الخطاب وعياش

- ‌هجرة أم سلمة وزوجها

- ‌هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بعد الغار

- ‌أبو معبد

- ‌أم معبد

- ‌هذه القصة

- ‌طريق الهجرة

- ‌مكانة مكة لدى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تغيير اسم يثرب

- ‌الوصول للمدينة وبناء المسجد

- ‌بناء المنبر

- ‌النزول على أبي أيوب

- ‌استقبال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سلمان الفارسي في المدينة

- ‌وصول عائشة وزواجها

- ‌الوثنيون وتحولهم إلى منافقين

- ‌أول جمعة في المدينة

- ‌أول مولود في الإسلام

- ‌الحب والموآخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌صيام عاشوراء

- ‌بدء الأذان

- ‌قريش تهدد الأنصار

- ‌الإذن بالقتال

- ‌حراسة النبي صلى الله عليه وسلم وحمل السلاح

- ‌تهديد طواغيت قريش

- ‌بدء التحرك العسكري

- ‌غزوة العشيرة:

- ‌سرية نخلة:

- ‌تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة وموقف اليهود

- ‌الصُفة وأهلها

- ‌رؤيا عاتكة

- ‌غزوة بدر

- ‌الملائكة في بدر

- ‌أسرى بدر

- ‌شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قتل أبي جهل

- ‌شهداء بدر

- ‌فضل من شارك في معركة بدر من الصحابة

- ‌قتلى المشركين

- ‌الغنائم

- ‌بقاء عثمان وأسامة في المدينة

- ‌كتابة وثيقة المدينة بعد اغتيال كعب بن الأشرف

- ‌خيانة بني النضير وقريظة

- ‌غزوة بني النضير

- ‌قريش تهدد اليهود

- ‌زواج فاطمة

- ‌غزوة أُحُد

- ‌قبل المعركة

- ‌المعركة

- ‌استشهاد والد حذيفة وثابت بن وقش

- ‌استشهاد عمرو بن أقيش

- ‌استشهاد عامر بن أمية رضي الله عنه

- ‌استشهاد سعد بن الربيع

- ‌المنافقون

- ‌شدة الخوف في أحد

- ‌قائد الرماة

- ‌استشهاد مصعب بن عمير

- ‌غسيل الملائكة

- ‌إصابة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خسف على أرض أحد

- ‌أول من عرف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فرار سعد بن عثمان وعقبه بن عثمان وعثمان

- ‌شهيد يمشي على الأرض

- ‌فارس مع المسلمين لكنه في النار

- ‌الدعاء بعد المعركة

- ‌بعد المعركة

- ‌هروب المشركين

- ‌الشهداء

- ‌الشهداء بعد سنين

- ‌فرسان أحد

- ‌مولد الحسن

- ‌مجرمون من عكل وعرينة

- ‌القضاء على خالد بن نبيح

- ‌القضاء على عامر بن الطفيل

- ‌سرية الرجيع

- ‌الغدر بالقراء رضي الله عنهم

- ‌مهمات لمرثد بن أبى مرثد

- ‌قدوم ملاعب الأسنة

- ‌الزواج بأم سلمة

- ‌غزوة ذات الرقاع الأولى

- ‌غزوة جليبيب

- ‌غزوة بدر الأخرى

- ‌الزواج من زينب بنت جحش ونزول الحجاب

- ‌غزوة بني المصطلق والزواج بجويرية

- ‌حادث الإفك بعد غزوة بني المصطلق

- ‌غزوة سيف البحر (الخبط)

- ‌إجلاء يهود بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة

- ‌غزوتى: الخندق (الأحزاب) وبني قريظة

- ‌قتل سلام بن أبي الحقيق

- ‌إسلام المغيرة بن شعبة

- ‌إسلام عمرو بن العاص وعودة مهاجري الحبشة

- ‌الزواج بأم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌عمرة وصلح الحديبية

- ‌غزوة ذى قرد

- ‌غزوة خيبر

- ‌غزوة فزارة

- ‌سرية الأربعين ومعجزة الماء

- ‌سرية لأحد الأنصار

- ‌سرية علقمة بن مجزز

- ‌سرية الحرقات

- ‌سرية الإثنى عشر شهيدا

- ‌سرية ذات الرقاع الثانية

- ‌غزوة نجد

- ‌عمرة القضاء

- ‌إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص

- ‌وفاة النجاشي

- ‌صنع الخاتم

- ‌مكاتبة الملوك

- ‌غزوة مؤتة

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌أسر ثمامة الحنفي وحصار مكة

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌غزوة أوطاس

- ‌حصار الطائف

- ‌غزوة بني جذيمة

- ‌غزوة تبوك ومراسلة الملوك

- ‌موت زينب

- ‌عام الوفود

- ‌وفد ثقيف:

- ‌وفد عبد قيس:

- ‌وفد تميم واليمن:

- ‌حرق كعبة اليمن وتعيين أمير عليها

- ‌وفد اليمامة:

- ‌وفد نجران:

- ‌قدوم عدي بن حاتم:

- ‌وفد مزينة:

- ‌حجة أبي بكر الصديق

- ‌إرسال خالد بن الوليد ثم علي إلى اليمن

- ‌قصة ابن صياد

- ‌موت عبد الله بن أبي بن سلول

- ‌موت إبراهيم

- ‌حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل الحج:

- ‌مواقيت الحج:

- ‌الاشتراط

- ‌أنواع النسك: الإفراد

- ‌القران عمرة في حجة

- ‌تجهيز جيش أسامة

- ‌مرض النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌سلمان الفارسي في المدينة

عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقالوا: شرنا وابن شرنا وانتقصوه. قال: فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله.

4 -

قال ابن إسحاق: السيرة النبوية (3 - 52): حدثني عبد الله ابن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم قال حدثت عن صفية بنت حيي بن أخطب أنها قالت: كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه. قالت: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين، قالت: فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس، قالت: فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى، قالت: فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغم. قالت: وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: أهو هو؟ قال: نعم والله. قال: أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم. قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت.

[درجته: سنده قوي، رواه: من طريقه البيهقي (2/ 533) وأبو نعيم، جهالة شيخ شيخ ابن إسحاق عبد الله بن أبي بكر، وقد ورد اسم هذا الشيخ عند أبي نعيم وهو جد عبد الله بن أبي بكر

واسمه محمَّد بن عمرو بن حزم قال الحافظ في (التقريب 2/ 195) له رؤية وليس له سماع إلا من الصحابة وحفيده تابعي صغير وثقة من رجال الشيخين (1/ 405التقريب) وله شاهد عن الزهري عند البيهقي (2/ 532)].

‌سلمان الفارسي في المدينة

1 -

قال البزار (6 - 462): أخبرنا عمرو بن علي قال أخبرنا عبد الله بن هارون بن أبي عيسى عن أبيه عن ابن إسحاق أنه سمع عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن عبد الله بن عباس قال حدثني حديثه من فيه قال: كنت رجلًا فارسيًا من أهل أصفهان من قرية منها يقال لها (جي) وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه لم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار

ص: 170

أوقدها لا أتركها تخبو ساعة، وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل يومًا فقال لي: يا بني إني قد شغلت هذا اليوم عن ضيعتي اذهب إليها فطالعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، ثم قال لي: لا تحبس علي فإنك إن احتبست علي كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء، فخرجت أريد ضيعته أسير إليها، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم رجاء هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فما برحت من عندهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي، ثم قلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: رجل بالشام. ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وقد شغلته عن عمله فقال: أي بني أين كنت، ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال قلت: إني مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فدخلت إليهم فما زلت عندهم وهم يصلون حتى غربت الشمس. فقال: أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، ثم حبسني في بيته وبعثت إلى النصارى فقلت: إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم، فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: من أفضل هذا الدين علمًا؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة. فجئته فقلت له: إني قد رغبت في هذا الدين فأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك. قال: فادخل. فدخلت معه وكان رجل سوء يأمر بالصدقة ويرغبهم فإذا جمعوا إليه شيئًا منها اكتنزه لنفسه فلم يعط إنسانًا منها شيئًا، حتى جمع قلالًا من ذهب وورق وأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها أكتنزها لنفسه فلم يعط إنسانًا أو لم يعط المساكين منها شيئًا. قالوا وما علمك بذاك؟

ص: 171

قلت لهم: فأنا أدلكم على كنزه. قالوا: فدلنا عليه. فدللتهم عليه فاستخرجوا ذهبًا وورقًا، فلما رأوها قالوا: والله لا تدفنوه أبدًا فصلبوه ثم رجموه بالحجارة، وكان ثم رجل آخر فجعلوه مكانه. قال يقول سلمان: فما رأيت رجلًا لا يصلي الخمس أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلًا ونهًار منه، فأحببته حبًا لم أحبه شيئًا قط، فما زلت معه زمانًا ثم حضرته الوفاة فقلت له: يا فلان إني قد كنت معك فأحببتك حبًا لم أحبه شيئًا قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بني والله ما أعلم أحدًا على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا كثيرًا مما كانوا عليه إلا رجل بالموصل وهو فلان، وهو على ما كنت عليه فالحق به. فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له: يا فلان إن فلانًا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره. فقال: فأقم عندي. فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم ألبث أن مات، فلما حضرته الوفاة قلت له: يا فلان إن فلانًا أوصاني إليك وأمرني فألحق بك وقد حضر من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بني والله ما أعلم رجلًا على مثل ما كنا عليه إلا رجل بنصيبين وهو فلان فالحق به، فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بما أمرني به صاحبه، فقال: أقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر قلت له: يا فلان إن فلانًا أوصى بي إلى فلان. وأوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: يا بني ما أعلم بقي أحد على ما آمرك أن تأتيه إلا رجلًا بعمورية من أرض الروم على مثل ما نحن عليه فإنه على أمرنا. فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري فقال: أقم عندي، فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم، واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة، ثم نزل به أمر الله فلما حضر قلت له: يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان، ثم أوصى فلان إلى فلان، ثم أوصاني فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: والله ما أعلم أصلح لك على ما كنا عليه أحد من الناس

ص: 172

آمرك أن تأتيه، ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجرًا إلى أرض بين حرتين، به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار لهم فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم. فأعطيتهم وحملوني معهم حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي كنت عنده، فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من بني قريظة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة فوالله ما هو إلا رأيتها عرفتها بصفة صاحبي لي، فأقمت بها فبعث الله رسوله وأقام بمكة ما أقام ما أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال: قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتمعون عند رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي. فلما سمعتها أخذني يعني الفرح حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ فغضب سيدي ولكمني لكمه شديدة، ثم قال لي. مالك ولهذا أقبل على عملك، قلت: لا شيء، إنما أردت أن أستفتيه عما قال، وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذووا حاجة، وهذا شيء كان عندي صدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال وقربته إليه فقال رسول الله لأصحابه: كلوا، وأمسك هو فلم يأكل منه. فقلت في نفسي، هذه واحدة. ثم انصرفت عنه فجمعت شيئًا، فتحول رسول الله إلى المدينة ثم جئت به فقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هديه أكرمتك بها، فأكل رسول الله منها وأمر أصحابه فأكلوا، وقال قلت في نفسي: هاتان ثنتان. ثم جئت رسول رسول الله وهو ببقيع الغرقد قد

ص: 173

اتبع جنازة رجل من أصحابه وهو جالس فسلمت عليه، ثم استدبرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله استدبرته عرف أني استثبت في شيء وصف لي، فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عليه أقبله وأبكي، فقال رسول الله: تحول. فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس. فأعجب رسول الله أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله بدر وأحد، ثم قال رسول الله: كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له، وبأربعين أوقية فقال رسول الله لأصحابه: أعينوا أخاكم. فأعانوني في النخل الرجل بثلاثين، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر، والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاث مائة، فقال لي رسول الله: اذهب يا سلمان فإذا فرغت فأذني أكون معك أنا أضعها بيدي، ففقرت لها وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت جئته فأخبرته، فخرج رسول الله معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله بيده، حتى فرغنا فوالذي نفس سلمان بيده ما مات منها نخلة واحدة، فأديت النخل وبقي على المال فأتى رسول الله بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي، قال: ما المكاتب؟ فدعيت له فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان. فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي؟ قال: خذها فإن الله سيؤدي بها عنك فوزنت له منها، فوالذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم، وعتق سلمان وشهدت مع رسول الله الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد.

[درجته: سنده صحيح، رواه ابن إسحاق ومن طريقه البزار وأحمدُ (5 - 441): حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق وابن سعد في الطبقات الكبرى (4 - 75) حدثنا عبد الله بن إدريس قال حدثنا محمَّد بن إسحاق .. ، هذا السند: صحيح قال في تقريب التهذيب (286): عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الأنصاري أبو عمر المدني ثقة عالم بالمغازي ومحمود بن لبيد صحابي رضي الله عنه].

2 -

قال البخاري (3 - 1435): حدثني الحسن بن عمر بن شقيق حدثنا معتمر قال أبي. وحدثنا أبو عثمان عن سلمان الفارسي: أنه تداوله بضعة عشر من رب إلى رب.

ص: 174