المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فتح مكة 1 - قال البخاري (4 - 1557): حدثنا قتيبة - الصحيح من أحاديث السيرة النبوية

[محمد الصوياني]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء وشكر إلى أساتذتي الكرام

- ‌المقدمة

- ‌المولد

- ‌الرضاع

- ‌التسمية

- ‌شق الصدر

- ‌عناية عبد المطلب

- ‌عناية أبى طالب

- ‌رعي الغنم

- ‌مشاركة قومه

- ‌عمل النبي صلى الله عليه وسلم في التجارة

- ‌الزواج بخديجة

- ‌الزواج بعائشة وسودة

- ‌بناء الكعبة

- ‌مفارقة معتقدات قومه

- ‌مقدمات النبوة

- ‌الغرباء

- ‌زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌نزول الوحي

- ‌فترة الوحي

- ‌حراسة السماء

- ‌أول من أسلم

- ‌السابقون

- ‌ضماد الأزدي

- ‌إياس بن معاذ

- ‌الإعلان

- ‌الاعتراف بصدق النبي وإعجاز القرآن

- ‌طلب المعجزات

- ‌انشقاق القمر

- ‌تحويل جبل الصفا إلى ذهب

- ‌التعذيب

- ‌إسلام أبى ذر

- ‌إسلام عمر

- ‌الهجرة إلى الحبشة

- ‌دعوة القبائل

- ‌لقاء الأوس والخزرج

- ‌بيعة العقبة الأولى

- ‌العقبة الثانية

- ‌المفاوضات

- ‌محاولات القتل

- ‌الحصار

- ‌وفاة خديجة وفضلها

- ‌وفاة أبي طالب

- ‌الإسراء والمعراج

- ‌العودة من الإسراء والمعراج وتكذيب قريش

- ‌لقاء الجن

- ‌الهجرة إلى المدينة

- ‌هجرة عمر بن الخطاب وعياش

- ‌هجرة أم سلمة وزوجها

- ‌هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بعد الغار

- ‌أبو معبد

- ‌أم معبد

- ‌هذه القصة

- ‌طريق الهجرة

- ‌مكانة مكة لدى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تغيير اسم يثرب

- ‌الوصول للمدينة وبناء المسجد

- ‌بناء المنبر

- ‌النزول على أبي أيوب

- ‌استقبال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سلمان الفارسي في المدينة

- ‌وصول عائشة وزواجها

- ‌الوثنيون وتحولهم إلى منافقين

- ‌أول جمعة في المدينة

- ‌أول مولود في الإسلام

- ‌الحب والموآخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌صيام عاشوراء

- ‌بدء الأذان

- ‌قريش تهدد الأنصار

- ‌الإذن بالقتال

- ‌حراسة النبي صلى الله عليه وسلم وحمل السلاح

- ‌تهديد طواغيت قريش

- ‌بدء التحرك العسكري

- ‌غزوة العشيرة:

- ‌سرية نخلة:

- ‌تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة وموقف اليهود

- ‌الصُفة وأهلها

- ‌رؤيا عاتكة

- ‌غزوة بدر

- ‌الملائكة في بدر

- ‌أسرى بدر

- ‌شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قتل أبي جهل

- ‌شهداء بدر

- ‌فضل من شارك في معركة بدر من الصحابة

- ‌قتلى المشركين

- ‌الغنائم

- ‌بقاء عثمان وأسامة في المدينة

- ‌كتابة وثيقة المدينة بعد اغتيال كعب بن الأشرف

- ‌خيانة بني النضير وقريظة

- ‌غزوة بني النضير

- ‌قريش تهدد اليهود

- ‌زواج فاطمة

- ‌غزوة أُحُد

- ‌قبل المعركة

- ‌المعركة

- ‌استشهاد والد حذيفة وثابت بن وقش

- ‌استشهاد عمرو بن أقيش

- ‌استشهاد عامر بن أمية رضي الله عنه

- ‌استشهاد سعد بن الربيع

- ‌المنافقون

- ‌شدة الخوف في أحد

- ‌قائد الرماة

- ‌استشهاد مصعب بن عمير

- ‌غسيل الملائكة

- ‌إصابة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خسف على أرض أحد

- ‌أول من عرف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فرار سعد بن عثمان وعقبه بن عثمان وعثمان

- ‌شهيد يمشي على الأرض

- ‌فارس مع المسلمين لكنه في النار

- ‌الدعاء بعد المعركة

- ‌بعد المعركة

- ‌هروب المشركين

- ‌الشهداء

- ‌الشهداء بعد سنين

- ‌فرسان أحد

- ‌مولد الحسن

- ‌مجرمون من عكل وعرينة

- ‌القضاء على خالد بن نبيح

- ‌القضاء على عامر بن الطفيل

- ‌سرية الرجيع

- ‌الغدر بالقراء رضي الله عنهم

- ‌مهمات لمرثد بن أبى مرثد

- ‌قدوم ملاعب الأسنة

- ‌الزواج بأم سلمة

- ‌غزوة ذات الرقاع الأولى

- ‌غزوة جليبيب

- ‌غزوة بدر الأخرى

- ‌الزواج من زينب بنت جحش ونزول الحجاب

- ‌غزوة بني المصطلق والزواج بجويرية

- ‌حادث الإفك بعد غزوة بني المصطلق

- ‌غزوة سيف البحر (الخبط)

- ‌إجلاء يهود بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة

- ‌غزوتى: الخندق (الأحزاب) وبني قريظة

- ‌قتل سلام بن أبي الحقيق

- ‌إسلام المغيرة بن شعبة

- ‌إسلام عمرو بن العاص وعودة مهاجري الحبشة

- ‌الزواج بأم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌عمرة وصلح الحديبية

- ‌غزوة ذى قرد

- ‌غزوة خيبر

- ‌غزوة فزارة

- ‌سرية الأربعين ومعجزة الماء

- ‌سرية لأحد الأنصار

- ‌سرية علقمة بن مجزز

- ‌سرية الحرقات

- ‌سرية الإثنى عشر شهيدا

- ‌سرية ذات الرقاع الثانية

- ‌غزوة نجد

- ‌عمرة القضاء

- ‌إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص

- ‌وفاة النجاشي

- ‌صنع الخاتم

- ‌مكاتبة الملوك

- ‌غزوة مؤتة

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌أسر ثمامة الحنفي وحصار مكة

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌غزوة أوطاس

- ‌حصار الطائف

- ‌غزوة بني جذيمة

- ‌غزوة تبوك ومراسلة الملوك

- ‌موت زينب

- ‌عام الوفود

- ‌وفد ثقيف:

- ‌وفد عبد قيس:

- ‌وفد تميم واليمن:

- ‌حرق كعبة اليمن وتعيين أمير عليها

- ‌وفد اليمامة:

- ‌وفد نجران:

- ‌قدوم عدي بن حاتم:

- ‌وفد مزينة:

- ‌حجة أبي بكر الصديق

- ‌إرسال خالد بن الوليد ثم علي إلى اليمن

- ‌قصة ابن صياد

- ‌موت عبد الله بن أبي بن سلول

- ‌موت إبراهيم

- ‌حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل الحج:

- ‌مواقيت الحج:

- ‌الاشتراط

- ‌أنواع النسك: الإفراد

- ‌القران عمرة في حجة

- ‌تجهيز جيش أسامة

- ‌مرض النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌ ‌فتح مكة 1 - قال البخاري (4 - 1557): حدثنا قتيبة

‌فتح مكة

1 -

قال البخاري (4 - 1557): حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال أخبرني الحسن بن محمَّد أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يقول: سمعت عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال: "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها" قال: فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة قلنا لها: أخرجي الكتاب. قالت: ما معي كتاب. فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. قال: فأخرجته من عقاصها. فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا حاطب ما هذا؟ " قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت امرأ ملصقا في قريش (يقول كنت حليفا) ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادًا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإِسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما إنه قد صدقكم" فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال:"إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" فأنزل الله السورة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} إلى قوله: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} .

ورواه مسلم (4 - 1941).

2 -

قال البيهقي في الكبرى (9 - 233): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن القاضي قالا ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن بن إسحاق قال حدثني الزهريّ عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه جميعًا قالا: كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبن قريش أنه من شاء أن يدخل في

ص: 446

عقد محمَّد وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل. فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن ندخل في عقد محمَّد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم. فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرا، ثم إن بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده ليلًا بماء لهم يقال له الوتير قريب من مكة، فقالت قريش: ما يعلم بنا محمد وهذا الليل وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن عمرو بن سالم ركب إلى رسول الله عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر، وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشده إياها:

اللَّهم إني ناشد محمدا

حلف أبينا وأبيه الأتلدا

كنا والدا وكنت ولدا

ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا

فانصر رسول الله نصرا عتدا

وادعوا عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا

إن سيم خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا

إن قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا

فهم أذل وأقل عددا

قد جعلوا لي بكداء مرصدا

هم بيتونا بالوتير هجدا

فقتلونا ركعا وسجدا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت يا عمرو بن سالم" فما برح حتى مرت عنانة في السماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب" وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز وكتمهم مخرجه وسأل الله أن يعمي عليهم قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم.

[درجته: سنده قوي، مشهور مر معنا كثيرا، وما قبل ابن إسحاق سند البخاري في روايته لقصة صلح الحديبية وله شاهد مرسل يأتي بعده].

ص: 447

3 -

قال الطبراني في المعجم الصغير (2 - 167): حدثنا محمَّد بن عبد الله القرمطي من ولد عامر بن ربيعة ببغداد حدثنا يحيى بن سليمان بن نضلة الخزاعي حدثنا عمي محمَّد بن نضلة عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن جده علي بن الحسين حدثتني ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات عندها ليلتها فقام يتوضأ للصلاة فسمعته يقول في متوضئه: "لبيك لبيك" ثلاثًا "نصرت نصرت" ثلاثًا، فلما خرج قالت: يا رسول الله سمعتك تقول في متوضئك "لبيك لبيك" ثلاثًا، "نصرت نصرت" ثلاثًا كأنك تكلم إنسانا، فهل كان معك أحد؟ فقال:"هذا راجز بني كعب يستصرخني ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بني بكر" ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر عائشة أن تجهزه ولا تعلم أحدًا. قالت: فدخل عليها أبو بكر فقال: يا بنية ما هذا الجهاز؟ فقالت: والله ما أدري. فقال: والله ما هذا زمان غزو بني الأصفر فأين يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: والله لا علم لي. قالت: فأقمنا ثلاثًا ثم صلى الصبح بالناس فسمعت الراجز ينشده:

يا رب إني ناشد محمدا

حلف أبينا وأبيه الأتلدا

إنا ولدناك وكنت ولدا

ثمة أسلمنا ولم ننزع يدا

إن قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا

وزعموا أن لست تدعو أحدا

فانصر هداك الله نصرا أيدا

وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا

إن سيم خسفا وجهه تربدا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لبيك لبيك" ثلاثًا "نصرت نصرت" ثلاثًا ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان بالروحاء نظر إلى سحاب منتصب فقال إن هذا السحاب لينتصب بنصر بني كعب، فقام رجل من عدي بن عمرو أخو بني كعب بن عمرو فقال: يا رسول الله ونصر بني عدي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ترب نحرك وهل عدي إلا كعب وكعب إلا عدي" فاستشهد ذلك الرجل في ذلك السفر ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهم أعم عليهم خبرنا حتى نأخذهم بغتة" ثم خرج حتى نزل بمر وكان أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء خرجوا تلك الليلة

ص: 448

حتى أشرفوا على مر، فنظر أبو سفيان إلى النيران فقال: يا بديل هذه نار بني كعب أهلك؟ فقال: جاشتها إليك الحرب فأخذتهم مزينة تلك الليلة، وكانت عليهم الحراسة فسألوا أن يذهبوا بهم إلى العباس بن عبد المطلب، فذهبوا بهم فسأله أبو سفيان أن يستأمن لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج بهم حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يؤمن له من آمن فقال:"قد آمنت من آمنت ما خلا أبا سفيان" فقال: يا رسول الله لا تحجر علي، فقال:"من آمنت فهو آمن" فذهب بهم العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج بهم، فقال أبو سفيان: إنا نريد أن نذهب. فقال: اسفروا وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وابتدر المسلمون وضوءه ينتضحونه في وجوههم، فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل لقد أصبح ملك بن أخيك عظيما. فقال: ليس بملك ولكنها النبوة وفي ذلك يرغبون. لم يروه عن جعفر إلا محمَّد بن نضلة تفرد به يحيى بن سليمان ولا يروى عن ميمونة إلا بهذا الإسناد.

[درجته: سنده ضعيف ويشهد له ما قبله، هذا السند: فيه محمَّد بن عبد الله القرمطي ومحمَّد بن نضلة ولم أجد لهما توثيقا معتبرا، وقد ترجم الخطيب في تاريخ بغداد (5 - 433) لمحمد بن عبد الله العدوي المعروف بالقرمطي لكنه لم يوثقه. لكن الحديث السابق يشهد له].

5 -

قال الحاكم في المستدرك على الصحيحين (3 - 46): حدثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن بن إسحاق قال حدثني الزهريّ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس رضي الله عنهما قال: مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الفتح حتى نزل مر الظهران وعشرة آلاف من المسلمين، فسبعت سليم، وألفت مزينة، وفي كل القبائل عدد وإسلام، وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون والأنصار، فلم يتخلف عنه منهم أحد، وقد عميت الأخبار على قريش فلا يأتيهم خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما هو صانع، وكان أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قد لقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنية العقاب فيما بين مكة والمدينة، فالتمسا الدخول عليه فكلمته أم سلمة فقالت: يا رسول الله بن عمك وبن عمتك وصهرك؟ فقال: "لا حاجة لي فيهما: أما بن عمي فهتك عرضي، وأما بن عمتي وصهري فهو الذي

ص: 449

قال لي بمكة ما قال" فلما خرج الخبر إليهما بذلك ومع أبي سفيان بن الحارث بن له، فقال: والله ليأذنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا أو جوعا، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما فدخلا عليه فأنشده أبو سفيان قوله في إسلامه واعتذاره مما كان مضى فيه فقال:

لعمرك أني يوم أحمل راية

لتغلب خيل اللات خيل محمَّد

لك المدلج الحيران أظلم ليلة

فهذا أوان الحق أهدي واهتدي

فقل لثقيف لا أريد قتالكم

وقيل لثقيف تلك عندي فأوعدي

هداني هاد غير نفسي ودلني

إلى الله من طردت كل مطرد

أفر سريعا جاهدا عن محمَّد

وادعي ولو لم انتسب لمحمد

هم عصبة من لم يقل بهواهم

وإن كان ذا رأي يلم ويفند

أريد لأرضيهم ولست بلافظ

مع القوم ما لم اهد في كل مقعد

فما كنت في الجيش الذي نال عامرا

ولا كل عن خير لساني ولا يدي

قبائل جاءت من بلاد بعيدة

توابع جاءت من سهام وسردد

وإن الذي أخرجتم وشتمتم

سيسعى لكم سعي امرئ غير قعدد

قال: فلما أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى الله من طردت كل مطرد) ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره فقال: "أنت طردتني كل مطرد".

[درجته: سنده قوي، أبو عبد الله هو الإِمام الحاكم، وشيخه الأصم الإِمام المفيد الثقة تذكرة الحفاظ (3 - 860)، وسماع شيخه للسيرة من شيخه يونس بن بكير صحيح، قال حمزة السهمي سألت الدارقطني عنه فقال لا بأس به أثنى عليه أبو كريب وسئل عن مغازي يونس فقال مروا إلى غلام بالكناس سمع معنا مع أبيه وقال الخطيب وقد روى العطاردي عن أبيه عن يونس أوراقا فاتته من المغازي وهذا يدل على تثبته تهذيب التهذيب (1 - 45)، وابن إسحاق لم يدلس والبقية أئمة ثقات].

6 -

قال الطبراني في المعجم الكبير (8 - 9): حدثنا أبو شعيب الحراني ثنا أبو جعفر النفيلي ثنا محمَّد بن سلمة عن محمَّد بن إسحاق حدثني محمَّد بن مسلم الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة أبا رهم

ص: 450

كلثوم بن حصين الغفاري، وخرج لعشر مضين من رمضان فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد ما بين عسفان وأمج أفطر، ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين من مزينة وسليم وفي كل القبائل عدد وإسلام، وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار فلم يتخلف منهم أحد، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران وقد عميت الأخبار عن قريش فلم يأتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ولا يدرون ما هو فاعل، خرج في تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتحسسون وينتظرون هل يجدون خبرًا أو يسمعون به، وقد كان العباس بن عبد المطلب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق، وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قد لقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين مكة والمدينة فالتمسا الدخول عليه، فكلمته أم سلمة فيهما فقالت: يا رسول الله بن عمك وبن عمتك وصهرك. قال: "لا حاجة لي بهما أما بن عمي فهتك عرضي، وأم ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال" فلما أخرج إليهما بذلك ومع أبي سفيان بني له فقال: والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا. فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما ثم أذن لهما فدخلا وأسلما، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران قال العباس: واصباح قريش والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر. قال: فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء فخرجت عليها حتى جئت الأراك فقلت لعلي: ألقى بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة، قال: فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول: ما رأيت كاليوم قط نيرانا ولا عسكرا. قال يقول بديل: هذه والله نيران خزاعة حمشتها الحرب. قال يقول أبو سفيان: خزاعة والله أذل وألأم من تكون هذه نيرانها وعسكرها. قال: فعرفت صوته فقلت: يا

ص: 451

أبا حنظلة فعرف صوتي فقال: أبو الفضل؟ فقلت: نعم. قال: مالك فداك أبي وأمي؟ فقلت: ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله. قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟ قال قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب معي هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم أستأمنه لك. قال: فركب خلفي ورجع صاحباه فحركت به كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته. حتى مررت بنار عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: من هذا؟ وقام إلي فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال: أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد، ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة البطيء الرجل البطيء، فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه. قال قلت: يا رسول الله إني أجرته. ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت: لا والله لا يناجيه الليلة رجل دوني، فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلا يا عمر أما والله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك عرفت أنه رجل من رجال بني عبد مناف. قال: مهلا يا عباس فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلى من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اذهب به إلى رحلك يا عباس فإذا أصبح فائتني به" فذهبت به إلى رحلي، فبات عندي فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله" قال بأبي أنت وأمي ما أكرمك وأوصلك، والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئًا قال:"ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله" قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، هذه والله كان في نفسي منها شيء حتى الآن. قال العباس: ويحك يا أبا سفيان أسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله

ص: 452

قبل أن تضرب عنقك. قال: فشهد بشهادة الحق وأسلم. قلت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئًا قال: "نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن" فلما ذهب لينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها" قال فخرجت به حتى حبسته حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحبسه، قال: ومرت به القبائل على راياتها كلما مرت قبيلة قال من هؤلاء؟ فأقول: سليم. فيقول: مالي ولسليم. قال: ثم تمر القبيلة قال: من هؤلاء؟ فأقول: مزينة. فيقول: مالي ولمزينة حتى تعدت القبائل لا تمر قبيلة إلا قال: من هؤلاء؟ فأقول: بنو فلان. فيقول: مالي ولبني فلان. حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخضراء كتيبة فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق قال: سبحان الله من هؤلاء يا عباس؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار. قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك بن أخيك الغداة عظيما. قلت: يا أبا سفيان إنها النبوة. قال: فنعم إذن. قلت: النجاء إلى قومك، قال: فخرج حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش هذا محمَّد قد جاءكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقامت إليه امرأته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت: أقتلوا الدسم الأحمس فبئس من طليعة قوم. قال: ويحكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاء ما لا قبل لكم به، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. قالوا: ويلك وما تغني عنا دارك؟ قال ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.

[درجته: سنده صحيح. رواه: ابن إسحاق السيرة النبوية (5 - 55)، ومن طريقه أحمد (266)، والطحاويُّ في شرح معاني الآثار (3 - 319)، هذا السند: صحيح وهو السند السابق وشيخ الطبراني عبد الله بن الحسن أبو شعيب الحراني معمر صدوق قال الدارقطنيُّ ثقة مأمون لسان الميزان (3 - 271)، وشيخه عبد الله بن محمَّد بن علي بن نفيل أبو جعفر النفيلي الحراني ثقة حافظ، تقريب التهذيب (321) ومحمَّد بن سلمة بن عبد الله الباهلي مولاهم الحراني ثقة تقريب التهذيب (481)].

ص: 453

7 -

قال الإمام أحمد بن حنبل (1 - 334): حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال قال الزهريّ فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة معه عشرة آلاف من المسلمين وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمة المدينة، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة يصوم ويصومون حتى إذا بلغ الكديد وهو ما بين عسفان وقديد أفطر وأفطر المسلمون معه فلم يصم.

[درجته: سنده صحيح، رواه عبد الرزاق (5 - 372)، هذا السند: صحيح مر معنا كثيرا ورجاله أئمة ثقات رجال الشيخين].

8 -

قال مسلم (3 - 1405): حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال: وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان، فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله، فقلت: ألا أصنع طعاما فأدعوهم إلى رحلي فأمرت بطعام يصنع، ثم لقيت أبا هريرة من العشي فقلت: الدعوة عندي الليلة. فقال: سبقتني. قلت: نعم، فدعوتهم فقال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار. ثم ذكر فتح مكة فقال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر، فأخذوا بطن الوادي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة قال فنظر فرآني فقال:"أبو هريرة؟ " قلت لبيك يا رسول الله فقال: "لا يأتيني إلا أنصاري (زاد غير شيبان) " فقال: "اهتف لي بالأنصار" قال: فأطافوا به ووبشت قريش أوباشا لها وأتباعا فقالوا: نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم" ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى ثم قال: "حتى توافوني بالصفا" قال فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا إلا قتله وما أحد منهم يوجه إلينا شيئًا قال فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم ثم قال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن فقالت الأنصار بعضهم لبعض أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته قال

ص: 454

أبو هريرة: وجاء الوحي وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي الوحي فلما انقضى الوحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار" قالوا لبيك يا رسول الله قال: "قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته؟ " قالوا: قد كان ذاك قال: "كلا إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم" فأقبلوا إليه يبكون ويقولون والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم" قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم. قال: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت. قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه قال: ويزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول:"جاء الحق وزهق الباطل" فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.

9 -

قال أبو بعلى (11 - 524): حدثنا هدبة حدثنا سلام بن مسكين عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صار إلى مكة ليفتحها فقال لأبي هريرة: "يا أبا هريرة، اهتف بالأنصار" فقال: يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله. فجاؤوا كأنما

كانوا على ميعاد قال: "خذوا هذا الطريق فلا يشرف لكم أحد إلا أنمتموه" أي قتلتموه، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الله عليه، قال: فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وصلى ركعتين ثم خرج من الباب الذي يلي الصفا فصعد الصفا فخطب الناس والأنصار أسفل منه فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فقد أخذته رأفة بقومه والرغبة في قريته. فأنزل الله تعالى عليه الوحي بما قالت الأنصار فقال: "يا معشر الأنصار تقولون أما الرجل فقد أدركته الرأفة بقومه والرغبة في قريته؟ فمن أنا إذا؟ كلا والله إني عبد الله ورسوله وإن المحيا محياكم والممات مماتكم" قالوا: يا رسول الله ما قلنا ذلك إلا مخافة أن تفارقنا قال: "أنتم صادقون عند الله وعند رسوله" فوالله ما منهم أحد إلا بل نحره بدموع من عينه.

ص: 455

[درجته: حديث صحيح، رواه: الحاكم (2 - 62)، والدارقطني (3 - 59) من طرق عن هدبة بن خالد نا سلام بن مسكين عن ثابت. هذا السند: صحيح .. هدبة بن خالد بن الأسود القيسي أبو خالد البصري ثقة عابد من رجال الشيخين تقريب التهذيب (571) وسلام بن مسكين بن ربيعة الأزدي البصري أبو روح ثقة تقريب التهذيب (261) وبقية السند سند مسلم في الحديث السابق].

10 -

قال البخاري (2 - 655): حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن بن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل فقال إن بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: "اقتلوه".

ورواه مسلم (2 - 989).

11 -

قال ابن أبي شيبة (7 - 404): حدثنا أحمد بن مفضل قال حدثنا أسباط بن نصر قال زعم السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة وامرأتين وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة (عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح) فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار، فسبق سعيد عمارا وكان أشب الرجلين فقتله، وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئًا ها هنا. فقال عكرمة: والله لئن لم ينجيني في البحر إلا الإخلاص ما ينجيني في البر غيره، اللَّهم إن لك عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أني آتي محمدا حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما، قال: فجاء وأسلم وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للبيعه جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بايع عبد الله قال فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد الثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال:"ما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ " قالوا:

ص: 456

وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال: "إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة أعين".

[درجته، حسن وسنده ضعيف، رواه: النسائي (7 - 105)، والحاكم (2 - 62)، والبيهقيُّ في الكبرى (8 - 205)، والطحاويُّ في شرح معاني الآثار (3 - 330)، والدارقطنيُّ (4 - 167)، وأبو يعلى (2 - 100) كلهم من طرق عن أسباط، هذا السند: ضعيف من أجل أسباط بن نصر الهمداني فهو صدوق كثير الخطأ يغرب تقريب التهذيب (98) وشيخه إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي صدوق يهم، التقريب (108) لكن الحديث له شاهد وهو مرسل عكرمة ولم يذكر فيه عكرمة لكن يشهد لذكر عكرمة أحاديث أخرى: ابن أبي شيبة (7 - 402) وللحديث شاهد عند الطبراني (6 - 66) وغيره من طريق عمرو بن عثمان المخزومي وهو مقبول حسب التقريب (2 - 75) أي عند المتابعة أو الشواهد ثم وجدت له شاهدًا يرفعه إلى درجة الحسن عند البزار: زوائد (2344) من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس ومبارك والحسن ثقتان لكنهما مدلسان وقد عنعنا وحديثهما في هذه الحالة حسن بالشواهد].

12 -

قال البيهقي الكبرى (9 - 120): أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنبأ أبو الحسن محمَّد بن أحمد بن زكريا الأديب ثنا الحسين بن محمَّد بن زياد القباني ثنا أبو كريب ثنا زيد بن الحباب حدثني عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي حدثني جدي عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: أمن الناس إلا هؤلاء الأربعة فلا يؤمنون في حل ولا حرم (بن خطل ومقيس بن صبابة المخزومي وعبد الله بن أبي سرح وبن نقيذ) فأما بن خطل فقتله الزبير بن العوام، وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فاستأمن له عثمان رضي الله عنه فأومن وكان أخاه من الرضاعة فلم يقتل، ومقيس بن صبابة قتله بن عم له قد سماه وقتل علي رضي الله عنه بن نقيذ وقينتين كانتا لقيس، فقتلت إحداهما وأفلتت الأخرى وأسلمت. (أبو جده سعيد بن يربوع المخزومي قاله القباني) وفي حديث أنس بن مالك فيمن أمر بقتله (أم سارة مولاة لقريش) وفي رواية بن إسحاق في المغازي سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب وكانت ممّن يؤذيه بمكة.

ص: 457

[درجته: حسن وسنده ضعيف، من أجل عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي قال الحافظ في تقريب التهذيب (424): مقبول، وجده قال عنه ابن سعد توفي سنة تسع ومائة وهو بن ثمانين سنة وكان ثقة في الحديث تهذيب التهذيب (6 - 169)].

وللحديث شاهد آخر يأتي بعده.

13 -

قال مسلم (4 - 1935): حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني خالد بن يزيد حدثني سعيد بن أبي هلال عن عمارة بن غزية عن محمَّد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اهجوا قريشا فإنه أشد عليها من رشق بالنبل، فأرسل إلى بن رواحة فقال: اهجهم، فهجاهم فلم يرض فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه. فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعجل، فان أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبا حتى يلخص لك نسبي". فأتاه حسان ثم رجع فقال: يا رسول الله قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله. وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هجاهم حسان فشفى واشتفى قال حسان:

هجوت محمدا فأجبت عنه

وعند الله في ذاك الجزاء

هجوت محمدًا برًا تقيا

رسول الله شيمته الوفاء

فإن أبي ووالده وعرضي

لعرض محمد منكم وقاء

ثكلت بنيتي إن لم تروها

تثير النقع من كنفي كداء

يبارين الأعنة مصعدات

على أكتافها الأسل الظماء

تظل جيادنا متمطرات

تلطمهن بالخمر النساء

ص: 458

فإن أعرضتمو عنا اعتمرنا

وكان الفتح وانكشف الغطاء

وإلا فاصبروا لضراب

يوم يعز الله فيه من يشاء

وقال الله قد أرسلت عبدا

يقول الحق ليس به خفاء

وقال الله قد يسرت جندا

هم الأنصار عرضتها اللقاء

لنا في كل يوم من معد

سباب أو قتال أو هجاء

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

وجبريل رسول الله فينا

وروح القدس ليس له كفاء

14 -

قال الحاكم في المستدرك على الصحيحين (3 - 76): حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ عبد الله بن الصقر ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا معن بن عيسى ثنا عبيد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح رأى النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر فتبسم إلى أبي بكر رضي الله عنه وقال: يا أبا بكر كيف قال حسان بن ثابت؟ فأنشده أبو بكر رضي الله عنه:

عدمت ثنيتي إن لم تروها

تثير النقع من كتفي كداء

ينازعن الأعنة مسرعات

يلطمهن بالخمر النساء

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادخلوا من حيث قال حسان".

[درجته: سنده قوي، رواه: الطحاوي في شرح معاني الآثار (4 - 296) من طريق إبراهيم بن المنذر، هذا السند: قوي نافع وعبيد الله ثقتان معروفان، ومعن بن عيسى بن يحيى الأشجعي مولاهم أبو يحيى المدني القزاز ثقة ثبت قال أبو حاتم هو أثبت أصحاب مالك تقريب التهذيب (542) وتلميذه إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحزامي صدوق من رجال البخاري تقريب التهذيب (94) وتلميذه عبد الله بن الصقر السكري سمع إبراهيم بن المنذر الحزامي وإبراهيم بن محمَّد الشافعي ويعقوب بن حميد وغيرهم قال الخطيب في تاريخ بغداد (9 - 482) كان ثقة وقال الدارقطنيُّ هو صدوق وشيخ الحاكم قال عنه ابن أبي حاتم: كتبت عنه وهو ثقة صدوق تذكرة الحفاظ (2 - 669)].

ص: 459

15 -

قال البخاري (6 - 2742): حدثنا أحمد بن أبي سريج أخبرنا شبابة حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن عبد الله بن المغفل المزني قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح على ناقة له يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح، قال: فرجع فيها. قال: ثم قرأ معاوية يحكي قراءة بن مغفل وقال: لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجعت كما رجع بن مغفل يحكي النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت لمعاوية: كيف كان ترجيعه قال: آآ آثلاث مرات.

16 -

قال البخاري (3 - 1089): حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث قال يونس أخبرني نافع عن عبد الله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفا أسامة بن زيد، ومعه بلال ومعه عثمان بن طلحة من الحجبة حتى أناخ في المسجد، فأمره أن يأتي بمفتاح البيت، ففتح ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أسامة وبلال وعثمان، فمكث فيها نهارا طويلًا، ثم خرج فاستبق الناس وكان عبد الله بن عمر أول من دخل، فوجد بلالًا وراء الباب قائما، فسأله: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشار له إلى المكان الذي صلى فيه. قال عبد الله: فنسيت أن أسأله كم صلى من سجدة.

17 -

قال مسلم (3 - 1409): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر ووكيع عن زكريا عن الشعبي قال أخبرني عبد الله بن مطيع عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم فتح مكة: لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة.

18 -

قال الإِمام أحمد بن حنبل (4 - 213): حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن بن إسحاق قال حدثني شعبة بن الحجاج عن عبد الله بن أبي السفر عن عامر الشعبي عن عبد الله بن مطيع بن الأسود أخي بني عدي بن كعب عن أبيه مطيع وكان اسمه العاص فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم! مطيعا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل هؤلاء الرهط بمكة يقول: "لا تغزى مكة بعد هذا العام أبدا، ولا يقتل قرشي بعد هذا العام صبرا أبدا".

[درجته: سنده قوي، رواه من طرق عن الشعبي: الحميدي (1 - 260)، والحاكم (3 - 727)، والترمذيُّ (4 - 159)، والبيهقيُّ في الكبرى (9 - 214)، والطحاويُّ في شرح معاني الآثار

ص: 460

(3 - 326)، والطبرانيُّ في المعجم الكبير (3 - 256)، وابن أبي شيبة (7 - 404)، هذا السند: صحيح وهو سند مسلم في روايته للحديث السابق مع وجود زكريا في إحدى الطرق وكذلك الصحابي].

19 -

قال الإِمام أحمد (2 - 207): حدثنا يزيد أنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لما فتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال: كفوا السلاح إلا خزاعة عن بني بكر، فأذن لهم حتى صلوا العصر، ثم قال: كفوا السلاح فلقى من الغد رجل من خزاعة رجلًا من بني بكر بالمزدلفة فقتله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام خطيبا فقال. "إن أعدى الناس على الله من عدا في الحرم، ومن قتل غير قاتله، ومن قتل بذحول الجاهلية" فقال رجل يا رسول الله إن ابني فلانا عاهرت بأمه في الجاهلية فقال: "لا دعوة في الإِسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الأثلب" قيل: يا رسول الله وما الأثلب؟ قال: "الحجر. وفي الأصابع عشر عشر، وفي المواضع خمس خمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها، وأوفوا بحلف الجاهلية فإن الإِسلام لم يزده إلا شدة، ولا تحدثوا حلفا في الإِسلام".

[درجته: سنده حسن، رواه: أيضًا الإِمام أحمد (2 - 179) ثنا يحيى عن حسين المعلم وفي (2 - 212) عبد الوهاب بن عطاء قال ثنا حسين والحارث (زوائد الهيثمي) (2 - 709) وابن أبي شيبة (7 - 403) ، هذا السند: حسن الحسين بن ذكوان المعلم العوذي البصري ثقة ربما وهم تقريب التهذيب (166) وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال البخاري: رأيت أحمد وعليًا والحميديُّ وإسحاق يحتجون بحديث عمرو بن شعيب انظر الضعفاء الكبير (3 - 273)].

20 -

قال البخاري (1 - 53): حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن: خزاعة قتلوا رجالًا من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فركب راحلته فخطب فقال:"إن الله حبس عن مكة القتل أو الفيل" شك أبو عبد الله وسلط عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي ولم تحل لأحد بعدي، ألا وإنها حلت لي ساعة من نهار

ص: 461

ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يختلى شوكها ولا يعضد شجرها ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد، فمن قتل فهو بخير النظرين، إما أن يعقل وإما أن يقاد أهل القتيل، فجاء رجل من أهل اليمن فقال: اكتب لي يا رسول الله فقال: "اكتبوا لأبي فلان" فقال رجل من قريش: إلا الإذخر يا رسول الله فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إلا الإذخر، إلا الإذخر" قال أبو عبد الله: يقال (يقاد بالقاف) فقيل لأبي عبد الله أي شيء كتب له؟ قال: كتب له هذه الخطبة.

ورواه مسلم (2 - 988).

21 -

قال أحمد بن حنبل (432): حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الخزاعي قال: لما بعث عمرو بن سعيد إلى مكة بعثه يغزو بن الزبير، أتاه أبو شريح فكلمه وأخبره بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج إلى نادي قومه فجلس فيه، فقمت إليه فجلست معه فحدث قومه كما حدث عمرو بن سعيد ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعما قال له عمرو بن سعيد. قال قلت: هذا أنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة، فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فقال:"يا أيها الناس إن الله عز وجل حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام من حرام الله تعالى إلى يوم القيامة، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما ولا يعضد بها شجرا، لم تحلل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد يكون بعدي ولم تحلل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها، ألا ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب فمن قال لكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاتل بها، فقولوا إن الله عز وجل قد أحلها لرسوله ولم يحللها لكم يا معشر خزاعة، وارفعوا أيديكم عن القتل فقد كثر أن يقع، لئن قتلتم قتيلا لأدينه، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين، إن شاؤوا فدم قاتله، وإن شاؤوا فعقله" ثم ودى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قتلته خزاعة فقال عمرو بن سعيد لأبي شريح انصرف أيها الشيخ فنحن أعلم بحرمتها منك إنها لا تمنع سافك دم ولا خالع

ص: 462

طاعة ولا مانع خزية قال فقلت قد كنت شاهدا وكنت غائبا وقد بلغت وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد بلغتك فأنت وشأنك قال عبد الله وجدت في كتاب أبي بخط يده.

[درجته:

رواه: ابن إسحاق السيرة النبوية (5 - 77)، ومن طريقه أيضًا الطحاوي شرح معاني الآثار 2 (-260). هذا السند: صحيح سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري أبو سعد المدني ثقة تقريب التهذيب (236) وشيخه صحابي].

22 -

قال ابن حبان (13 - 340): أخبرنا الحسين بن محمَّد بن مصعب بمرو وبقرية سنج حدثنا محمَّد بن عمرو بن الهياج حدثنا يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي حدثني عبيدة بن الأسود حدثنا القاسم بن الوليد عن سنان بن الحارث بن مصرف عن طلحة بن مصرف عن مجاهد عن ابن عمر قال: كانت خزاعة حلفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت بنو بكر رهط من بني كنانة حلفاء لأبي سفيان قال وكانت بينهم موادعة أيام الحديبية فأغارت بنو بكر على خزاعة في تلك المدة فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمدونه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ممدا لهم في شهر رمضان فصام حتى بلغ قديدا ثم أفطر وقال: "ليصم الناس في السفر ويفطروا فمن صام اجزأ عنه صومه ومن أفطر وجب عليه القضاء" ففتح الله مكة فلما دخلها اسند ظهره إلى الكعبة فقال: "كفوا السلاح إلا خزاعة عن بكر" حتى جاءه رجل فقال يا رسول الله إنّه قتل رجل بالمزدلفة فقال: "إن هذا الحرم حرام عن أمر الله لم يحل لمن كان قبلي ولا يحل لمن بعدي وإنه لم يحل لي إلا ساعة واحدة وإنه لا يحل لمسلم أن يشهر فيه سلاحا وأنه لا يختلي خلاه ولا يعضد شجرة ولا ينفر صيده" فقال رجل يا رسول الله إلا الأذخر فإنه لبيوتنا وقبورنا فقال صلى الله عليه وسلم: "إلا الأذخر وإن أعتى الناس على الله ثلاثة من قتل في حرم الله أو قتل غير قاتله أو قتل لذحل الجاهلية" فقام رجل فقال يا نبي الله إني وقعت على جاريه بني فلان وإنها ولدت لي فأمر بولدي فليرد إلي فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس بولدك لا يجوز هذا في الإِسلام والمدعى عليه أولى باليمين إلا أن تقوم بينه الولد لصاحب الفراش وبفي

ص: 463

العاهر الاثلب" فقال رجل يا نبي الله وما الاثلب قال: "الحجر فمن عهر بامرأة لا يملكها أو بامرأة قوم أخرين فولدت فليس بولده لا يرث ولا يورث والمؤمنون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم يجير عليهم أولهم وبرد عليهم أقصاهم ولا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده ولا يتوارث أهل ملتين، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا تسافر ثلاثًا مع غير ذي محرم، ولا تصلوا بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا تصلوا بعد العصر حتى تغرب الشمس".

[درجته: حديثٌ حسنٌ بما قبله وفي سنده ضعف، هذا السند: فيه ضعف من أجل سنان بن الحارث بن مصرف سكت عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4 - 254)، وطلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي ثقة قارئ فاضل تقريب التهذيب (283)، والقاسم بن الوليد قال ابن معين ثقة وقال العجلي ثقة وهو في عداد الشيوخ وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ وقال ابن سعد كان ثقة تهذيب التهذيب (8 - 305)، وعبيدة بن الأسود بن سعيد الهمداني الكوفي صدوق ربما دلس التقريب (379) وهو لم يدلس في الرواية عن شيخه، ويحيى بن عبد الرحمن بن مالك بن الحارث الأرحبي الكوفي صدوق ربما أخطأ التقريب (593) لكن الحديث حسن بما قبله].

23 -

قال الإمام أحمد بن حنبل (4 - 31): حدثنا وهب بن جرير قال حدثني أبي قال سمعت يونس يحدث عن الزهريّ عن مسلم بن يزيد أحد بني سعد بن بكر انه سمع أبا شريح الخزاعي ثم الكعبي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في قتال بني بكر حتى أصبنا منهم ثأرنا وهو بمكة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برفع السيف فلقى رهط منا الغد رجلًا من هذيل في الحرم يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم كي يسلم، وكان قد وترهم في الجاهلية وكانوا يطلبونه فقتلوه، وبادروا أن يخلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضبا شديدا والله ما رأيته غضب غضبًا أشد منه، فسعينا إلى أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم نستشفعهم وخشينا أن نكون قد هلكنا، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قام فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال: "أما بعد فإن الله عز وجل هو حرم مكة ولم يحرمها الناس، وإنما أحلها لي ساعة من النهار أمس، وهي اليوم حرام كما حرمها الله عز وجل-

ص: 464

أول مرة، وأن أعتى الناس على الله عز وجل ثلاثة: رجل قتل فيها، ورجل قتل غير قاتله، ورجل طلب بذحل في الجاهلية، وإني والله لأدين هذا الرجل الذي قتلتم فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم".

[درجته: سنده ضعيف، رواه: البيهقي في الكبرى (9 - 122)، والطبرانيُّ في المعجم الكبير (22 - 191)، هذا السند: فيه ضعف من أجل مسلم بن يزيد السعدي قال الحافظ في تهذيب التهذيب (10 - 126): حجازي روى عن أبي شريح الخزاعي وعنه الزهري قلت ذكره بن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا وذكره بن حبان في الثقات. قال الحافظ في تلخيص الحبير (4 - 22): حديث إن أعتى الناس عند الله ثلاثة رجل قتل في الحرم ورجل قتل غير قاتله ورجل قتل بذحل الجاهلية أحمد وابن حبان من حديث عبد الله بن عمرو ورواه الدارقطني والطبرانيُّ والحاكم من حديث أبي شريح ورواه الحاكم والبيهقيُّ من حديث عائشة بمعناه وروى البخاري في صحيحه عن بن عباس موفوعًا أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومبتغ في الإِسلام سنة الجاهلية ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه. لكن الحديث حسن بما قبله].

24 -

قال البخاري (4 - 1961): حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاث مائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول (جاء الحق وزهق الباطل) جاء الحق (وما يبدئ الباطل وما يعيد).

ورواه مسلم (3 - 1408).

25 -

قال البخاري (4 - 1598): حدثني محمَّد حدثنا سريج بن النعمان حدثنا فليح عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو مردف أسامة على القصواء، ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتى أناخ عند البيت ثم قال لعثمان: ائتنا بالمفتاح فجاءه بالمفتاح. ففتح له الباب فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأسامة وبلال وعثمان، ثم أغلقوا عليهم الباب، نهارًا طويلًا، ثم خرج وابتدر الناس الدخول فسبقتهم فوجدت بلالًا قائما من وراء الباب، فقلت له: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: صلى بين

ص: 465

ذينك العمودين المقدمين، وكان البيت على ستة أعمدة سطرين، صلى بين العمودين من السطر المقدم، وجعل باب البيت خلف ظهره واستقبل بوجهه الذي يستقبلك حين تلج البيت بينه وبن الجدار، وقال: ونسيت أن أسأله كم صلى وعند المكان الذي صلى فيه مرمرة حمراء.

26 -

قال مسلم (2 - 966): حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح على ناقة لأسامة بن زيد حتى أناخ بفناء الكعبة، ثم دعا عثمان بن طلحة فقال: ائتني بالمفتاح. فذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه، فقال: والله لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي. قال: فأعطته إياه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه إليه ففتح الباب.

27 -

قال البخاري (4 - 1561): حدثني إسحاق حدثنا عبد الصمد قال حدثني أبي حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت، فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما من الأزلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قط، ثم دخل البيت فكبر في نواحي البيت وخرج ولم يصل فيه".

تابعه معمر عن أيوب وقال وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

28 -

قال البخاري (3 - 1223): حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني بن وهب قال أخبرني عمرو أن بكيرا حدثه عن كريب مولى بن عباس عن بن عباس رضي الله عنهما قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم فقال: "أما لهم فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، هذا إبراهيم مصور فما له يستقسم".

29 -

قال مسلم (2 - 966): حدثنا أبو الربيع الزهراني وقتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري كلهم عن حماد بن زيد قال أبو كامل حدثنا حماد حدثنا أيوب عن نافع عن بن عمر قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فنزل بفناء الكعبة، وأرسل إلى عثمان بن طلحة فجاء بالمفتح ففتح الباب، قال ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن

ص: 466

طلحة وأمر بالباب، فأغلق فلبثوا فيه مليا ثم فتح الباب، فقال عبد الله: فبادرت الناس فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا وبلال على إثره فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قلت: أين؟ قال: بين العمودين تلقاء وجهه، قال ونسيت أن أسأله كم صلى.

30 -

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (3 - 325): حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا القاسم بن سلام بن مسكين قال حدثني أبي قال ثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار إلى مكة ليستفتحها فسرح أبا عبيدة بن الجراح والزبير بن العوام وخالد بن الوليد رضي الله عنهم، فلما بعثهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه:"اهتف بالأنصار" فنادى: يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءوا كأنما كانوا على ميعاد، ثم قال: "اسلكوا هذا الطريق ولا يشرفن أحد إلا

أي قتلتموه" وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح الله عليهم من قتل يومئذ الأربعة قال: ثم دخل صناديد قريش من المشركين الكعبة وهم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم، ثم طاف وصلى ركعتين ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب فقال: "ما تقولون وما تظنون" فقالوا نقول أخ وابن عم حليم رحيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول كما قال يوسف: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} قال فخوجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإِسلام، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يلي الصفا فخطب والأنصار أسفل منه، فقالت الأنصار بعضهم لبعض؛ أما إن الرجل أخذته الرأفة بقومه وأدركته الرغبة في قرابته، قال: فأنزل الله عز وجل عليه الوحي فقال: "يا معشر الأنصار أقلتم أخذته الرأفة بقومه وأدركته الرغبة في قرابته؟ فما نبي أنا إذا، كلا والله إني رسول الله حقا إن المحيا لمحياكم وإن الممات لمماتكم" قالوا: والله يا رسول الله ما قلنا إلا مخافة أن تفارقنا إلا ضنا بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم صادقون عند الله ورسوله" قال، فوالله ما بقي منهم رجل إلا نكس نحره بدموع عينيه. أفلا يرى أن قريشا بعد دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قد كانوا يظنون أن السيف لا يرفع عنهم، أفتراهم كانوا يخافون ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمنهم

ص: 467

قبل ذلك، هذا والله غير مخوف منه صلى الله عليه وسلم ولكنهم علموا أن إليه قتلهم إن شاء، وأن إليه المن عليهم إن شاء، وأن الله عز وجل قد أظهره عليهم وصيرهم في يده يحكم فيهم بما أراد الله تعالى من قبل، ومن بعد ذلك عليهم وعفا عنهم، ثم قال لهم يومئذ:"لا تغزى مكة بعد هذا اليوم أبدا".

[درجته: سنده صحيح، رواه البيهقي في الكبرى (9 - 118) أخبرنا أبو علي الروذباري أنبأ أبو بكر ابن داسه ثنا أبو داود ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا سلام بن مسكين والنسائيُّ في السنن الكبرى (6 - 382) أنا أحمد ابن سليمان نا زيد بن الحباب نا سليمان بن المغيرة قال وحدثني سلام بن مسكين، هذا السند: صحيح مر معنا من طريق سلام بن مسكين، ثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة وسلام بن مسكين بن ربيعة الأزدي البصري أبو روح ثقة تقريب التهذيب (261) وكذلك شيخه ثابت بن أسلم البناني أبو محمَّد البصري ثقة عابد، التقريب (132) وعبد الله بن رباح الأنصاري أبو خالد المدني سكن البصرة ثقة، تقريب التهذيب (302)].

31 -

قال الإِمام أحمد (6 - 349): حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبى بكر قالت: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده: أي بنية أظهري بي على أبي قبيس (قالت وقد كف بصره) قالت: فأشرفت به عليه فقال: يا بنية ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادا مجتمعًا. قال: تلك الخيل. قالت: وأرى رجلًا يسعى بين ذلك السواد مقبلا ومدبرًا. قال: يا بنية ذلك الوازع يعني الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها، ثم قالت: قد والله انتشر السواد. فقال: قد والله إذا دفعت الخيل فاسرعي بي إلى بيتي، فانحطت به وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته، وفي عنق الجارية طرق لها من ورق، فتلقاها رجل فاقتلعه من عنقها، قالت: فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتاه أبو بكر بأبيه يعوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"هذا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه" قال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه. قال: فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له: "أسلم" فأسلم ودخل به أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه كأنه ثغامة،

ص: 468

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غيروا هذا من شعره" ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال أنشد بالله وبالإِسلام طوق أختي. فلم يجبه أحد فقال: يا أخية احتسبي طوقك.

[درجته: سنده صحيح، رواه الطبراني في المعجم الكبير (24 - 88)، وابن حبان (16 - 187)، والحاكم من طريقه الصحيح المشهور أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق (3 - 48)، ومسند إسحاق بن راهويه (5 - 131) أخبرنا وهب بن جرير بن حازم حدثني أبي قال سمعت محمَّد بن إسحاق، هذا السند: صحيح يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه سند صحح فيحيى ووالده ثقتان، التقريب (592 و 290) وابن إسحاق لم يدلس].

32 -

قال النسائي (7 - 107): أخبرنا زكريا بن يحيى قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا علي بن الحسن بن واقد قال أخبرني أبي عن يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس قال: في سورة النحل {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فنسخ واستثنى من ذلك فقال: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} وهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي كان على مصر، كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به أن يقتل يوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفان فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[درجته: جيد، رواه: أبو داود (4 - 128)، والبيهقيُّ في الكبرى (8 - 196)، من طريق علي بن الحسين، هذا السند: جيد علي بن الحسن بن واقد المروزي صدوق يهم وهو من رجال مسلم تقريب التهذيب (400) ووالده ثقة له أوهام ومن رجال مسلم أيضًا، التقريب (169) ويزيد النحوي وهو يزيد بن أبي سعيد أبو الحسن مولى قريش روى عن عكرمة وغيره وروى عنه الحسن بن واقد وغيره، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبى يقول ما رأيت مثل يزيد النحوي ما أدري ما أيوب السختياني نا عبد الرحمن أنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال سمعت يحيى بن معين يقول يزيد النحوي ثقة نا عبد الرحمن قال سألت أبى عن يزيد النحوي فقال صالح الحديث نا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن يزيد النحوي فقال خراساني مروزي ثقة، الجرح والتعديل (9 - 270) وعكرمة إمام ثقة معروف].

ص: 469

33 -

قال البخاري (4 - 1560): حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثنا سعدان بن يحيى حدثنا محمَّد بن أبي حفصة عن الزهريّ عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أنه قال زمن الفتح: يا رسول الله أين تنزل غدا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وهل ترك لنا عقيل من منزل" ثم قال: "لا يرث المؤمن الكافر ولا يرث الكافر المؤمن" قيل للزهري ومن ورث أبا طالب؟ قال: ورثه عقيل وطالب. قال معمر عن الزهريّ: أين تنزل غدا في حجته. ولم يقل يونس حجته ولا زمن الفتح.

34 -

قال الإِمام أحمد بن حنبل (3 - 410): حدثنا هشام أنا خالد عن القاسم بن ربيعة بن جوشن عن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم فتح مكة فقال: "لا إله إلا الله وحده نصر عبده وهزم الأحزاب وحده".

قال هشيم مرة أخرى (الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده إلا أن كل مأثرة كانت في الجاهلية تعد وتدعى، وكل دم أو دعوى موضوعة تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وأن قتيل خطأ العمد) قال هشيم مرة (بالسوط والعصا والحجر دية مغلظة مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها) وقال مرة (أربعون من ثنية إلى بازل عامها كلهن خلفه).

[درجته: سنده صحيح، رواه: أيضًا الإِمام أحمد (5 - 411)، والطحاويُّ في شرح معاني الآثار (3 - 185)، والدارقطنيُّ (3 - 103) من طرق عن خالد الحذاء، هذا السند: صحيح، الحذاء هو خالد بن مهران البصري أبو المنازل الحذاء الحافظ الكاشف (1 - 369) قال ابن سعد: لم يكن خالد بحذاء ولكن كان يجلس إليهم قال وقال فهد بن حبان إنما كان يقول أحذ على هذا النحو فلقب الحذاء وكان خالد ثقة مهيبا كثير الحديث تهذيب التهذيب (3 - 104) وشيخه تابعي ثقة عارف بالنسب، تقريب التهذيب (449) وعقبة بن أوس السدوسي البصري، قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث وتهذيب التهذيب (7 - 211)].

35 -

قال البخاري (6 - 2448): حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن بن شهاب حدثني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت: إن هند بنت عتبة بن ربيعة قالت: يا رسول الله ما كان مما على ظهر الأرض أهل أخباء أو خباء أحب إلى أن يذلوا من أهل

ص: 470

أخبائك أو خبائك (شك يحيى) ثم ما أصبح اليوم أهل أخباء أو خباء أحب إلى من أن يعزوا من أهل أخبائك أو خبائك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأيضا والذي نفس محمَّد بيده" قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك، فهل علي حرج أن أطعم من الذي له قال:"لا، إلا بالمعروف"

ورواه مسلم (3 - 1339): حدثنا زهير بن حرب حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا بن أخي الزهريّ عن عمه أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة.

36 -

قال البخاري (4 - 1564): حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن عمرو بن سلمة قال قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيته فسألته فقال: كنا بماء ممر الناس وكان يمر بنا الركبان فنسألهم ما للناس، ما للناس، ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله أوحى إليه أو أوحى الله بكذا. فكنت أحفظ ذلك الكلام وكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق. فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقًا. فقال صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا بن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني. فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا أست قارئكم. فاشتروا فقطعوا لي قميصا فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص.

37 -

قال مسلم (3 - 1487): حدثنا محمَّد بن الصباح أبو جعفر حدثنا إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي حدثني مجاشع بن مسعود السلمي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبايعه على الهجرة فقال: "إن الهجرة قد مضت لأهلها ولكن على الإِسلام والجهاد والخير".

ص: 471