الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على السيوف إذا مستكم وعلى قتل خياركم وعلى مفارقة العرب كافة فخذوه وأجركم على الله عز وجل، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر عند الله؟ قالوا: يا أسعد بن زرارة أمط عنا يدك فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها. فقمنا إليه رجلًا رجلًا يأخذ علينا بشرطه العباس ويعطينا على ذلك الجنة.
[درجته: سنده صحيح، رواه: البيهقي (2 - 442)، والحاكم (6 - 681)، ومن طريق: ابن خثيم عن أبي الزبير أن جابر حدثه، هذا السند: صحيح، أبو الزبير محمَّد بن مسلم بن تدرس من رجال الشيخين وهو مدلس انظر التقريب (1 - 506) لكنه سمع من جابر هنا وعبد الله بن عثمان بن خثيم ثقة. قاله النسائي وابن سعد والعجلي وزاد ابن معين: حجه انظر التهذيب (5 - 275)].
العقبة الثانية
6 -
قال ابن إسحاق مسند الإِمام أحمد بن حنبل (3 - 460): حدثني معبد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين أخو بني سلمة أن أخاه عبيد الله بن كعب وكان من أعلم الأنصار حدثه أن أباه كعب بن مالك وكان كعب ممّن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها قال: خرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا، فلما توجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة قال البراء لنا: يا هؤلاء إني قد رأيت والله رأيا وأني والله ما أدري توافقوني عليه أم لا؟ قال قلنا: له وما ذاك؟ قال: قد رأيت أن لا أدع هذه البنية مني بظهر يعني الكعبة وأن أصلي إليها، قال فقلنا: والله ما بلغنا أن نبينا يصلي إلا إلى الشام وما نريد أن نخالفه. فقال: إني أصلي إليها. قال فقلنا له: لكنا لا نفعل. فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى إلى الكعبة، حتى قدمنا مكة. قال أخي وقد كنا عبنا عليه ما صنع وأبى إلا الإقامة عليه، فلما قدمنا مكة قال: يا بن أخي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله عما صنعت في سفري هذا فإنه والله قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي فيه؟ قال: فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه لم نره قبل ذلك، فلقينا رجل من أهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تعرفانه؟ قال قلنا: لا. قال: فهل
تعرفان العباس بن عبد الطلب عمه؟ قلنا: نعم. قال: وكنا نعرف العباس كان لا يزال يقدم علينا تاجرًا قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس قال فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس، فسلمنا ثم جلسنا إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيد قوله، وهذا كعب بن مالك. قال: فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشاعر؟ قال: نعم قال فقال البراء بن معرور: يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا وهداني الله للإسلام، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر فصليت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك حتى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال: لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها. قال: فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معنا إلى الشام. قال: وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلم به منهم قال: وخرجنا إلى الحج فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من سادتنا، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبًا للنار غدًا، ثم دعوته إلى الإسلام وأخبرته بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وشهد معنا العقبة، وكان نقيبًا، قال: فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن سبعون رجلًا ومعنا امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كدب أم عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجار، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن ثابت إحدى نساء بني سلمة، وهي أم منيع، قال: فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه يومئذ عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر بن أخيه ويتوثق له، فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب أول
متكلم فقال: يا معشر الخزرج. قال وكانت العرب مما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج (أوسها وخزرجها) إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممّن هو على مثل رأينا فيه، وهو في عز من قومه ومنعة في بلده. قال فقلنا: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت. قال: فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا ودعا إلى الله عز وجل ورغب في الإسلام. قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، قال فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق، لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا. فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرًا عن كابر. قال: فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل فقال: يا رسول الله إن بيننا وبن الرجال حبالًا وإنا قاطعوها، يعني العهود فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: بل الدم الدم الهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا إلي منكم أثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم. فأخرجوا منهم أثني عشر نقيبًا منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، وأما معبد بن كعب فحدثني في حديثه عن أخيه عن أبيه كعب بن مالك قال: كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور، ثم تتابع القوم فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب (والجباجب المنازل) هل لكم في مذمم والصباة معه قد أجمعوا على حربكم؟ قال علي (يعني بن إسحاق ما يقول عدو الله: محمَّد) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أزب العقبة هذا بن أذيب أسمع أي عدو الله أما والله لأفرغن لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارفعوا إلي رحالكم قال فقال له العباس بن عبادة بن نضلة. والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلن على أهل منى غدًا بأسيافنا. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أومر بذلك. قال: فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاؤونا في منازلنا فقالوا: يا