المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌غزوة تبوك ومراسلة الملوك - الصحيح من أحاديث السيرة النبوية

[محمد الصوياني]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء وشكر إلى أساتذتي الكرام

- ‌المقدمة

- ‌المولد

- ‌الرضاع

- ‌التسمية

- ‌شق الصدر

- ‌عناية عبد المطلب

- ‌عناية أبى طالب

- ‌رعي الغنم

- ‌مشاركة قومه

- ‌عمل النبي صلى الله عليه وسلم في التجارة

- ‌الزواج بخديجة

- ‌الزواج بعائشة وسودة

- ‌بناء الكعبة

- ‌مفارقة معتقدات قومه

- ‌مقدمات النبوة

- ‌الغرباء

- ‌زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌نزول الوحي

- ‌فترة الوحي

- ‌حراسة السماء

- ‌أول من أسلم

- ‌السابقون

- ‌ضماد الأزدي

- ‌إياس بن معاذ

- ‌الإعلان

- ‌الاعتراف بصدق النبي وإعجاز القرآن

- ‌طلب المعجزات

- ‌انشقاق القمر

- ‌تحويل جبل الصفا إلى ذهب

- ‌التعذيب

- ‌إسلام أبى ذر

- ‌إسلام عمر

- ‌الهجرة إلى الحبشة

- ‌دعوة القبائل

- ‌لقاء الأوس والخزرج

- ‌بيعة العقبة الأولى

- ‌العقبة الثانية

- ‌المفاوضات

- ‌محاولات القتل

- ‌الحصار

- ‌وفاة خديجة وفضلها

- ‌وفاة أبي طالب

- ‌الإسراء والمعراج

- ‌العودة من الإسراء والمعراج وتكذيب قريش

- ‌لقاء الجن

- ‌الهجرة إلى المدينة

- ‌هجرة عمر بن الخطاب وعياش

- ‌هجرة أم سلمة وزوجها

- ‌هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بعد الغار

- ‌أبو معبد

- ‌أم معبد

- ‌هذه القصة

- ‌طريق الهجرة

- ‌مكانة مكة لدى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تغيير اسم يثرب

- ‌الوصول للمدينة وبناء المسجد

- ‌بناء المنبر

- ‌النزول على أبي أيوب

- ‌استقبال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سلمان الفارسي في المدينة

- ‌وصول عائشة وزواجها

- ‌الوثنيون وتحولهم إلى منافقين

- ‌أول جمعة في المدينة

- ‌أول مولود في الإسلام

- ‌الحب والموآخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌صيام عاشوراء

- ‌بدء الأذان

- ‌قريش تهدد الأنصار

- ‌الإذن بالقتال

- ‌حراسة النبي صلى الله عليه وسلم وحمل السلاح

- ‌تهديد طواغيت قريش

- ‌بدء التحرك العسكري

- ‌غزوة العشيرة:

- ‌سرية نخلة:

- ‌تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة وموقف اليهود

- ‌الصُفة وأهلها

- ‌رؤيا عاتكة

- ‌غزوة بدر

- ‌الملائكة في بدر

- ‌أسرى بدر

- ‌شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قتل أبي جهل

- ‌شهداء بدر

- ‌فضل من شارك في معركة بدر من الصحابة

- ‌قتلى المشركين

- ‌الغنائم

- ‌بقاء عثمان وأسامة في المدينة

- ‌كتابة وثيقة المدينة بعد اغتيال كعب بن الأشرف

- ‌خيانة بني النضير وقريظة

- ‌غزوة بني النضير

- ‌قريش تهدد اليهود

- ‌زواج فاطمة

- ‌غزوة أُحُد

- ‌قبل المعركة

- ‌المعركة

- ‌استشهاد والد حذيفة وثابت بن وقش

- ‌استشهاد عمرو بن أقيش

- ‌استشهاد عامر بن أمية رضي الله عنه

- ‌استشهاد سعد بن الربيع

- ‌المنافقون

- ‌شدة الخوف في أحد

- ‌قائد الرماة

- ‌استشهاد مصعب بن عمير

- ‌غسيل الملائكة

- ‌إصابة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خسف على أرض أحد

- ‌أول من عرف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فرار سعد بن عثمان وعقبه بن عثمان وعثمان

- ‌شهيد يمشي على الأرض

- ‌فارس مع المسلمين لكنه في النار

- ‌الدعاء بعد المعركة

- ‌بعد المعركة

- ‌هروب المشركين

- ‌الشهداء

- ‌الشهداء بعد سنين

- ‌فرسان أحد

- ‌مولد الحسن

- ‌مجرمون من عكل وعرينة

- ‌القضاء على خالد بن نبيح

- ‌القضاء على عامر بن الطفيل

- ‌سرية الرجيع

- ‌الغدر بالقراء رضي الله عنهم

- ‌مهمات لمرثد بن أبى مرثد

- ‌قدوم ملاعب الأسنة

- ‌الزواج بأم سلمة

- ‌غزوة ذات الرقاع الأولى

- ‌غزوة جليبيب

- ‌غزوة بدر الأخرى

- ‌الزواج من زينب بنت جحش ونزول الحجاب

- ‌غزوة بني المصطلق والزواج بجويرية

- ‌حادث الإفك بعد غزوة بني المصطلق

- ‌غزوة سيف البحر (الخبط)

- ‌إجلاء يهود بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة

- ‌غزوتى: الخندق (الأحزاب) وبني قريظة

- ‌قتل سلام بن أبي الحقيق

- ‌إسلام المغيرة بن شعبة

- ‌إسلام عمرو بن العاص وعودة مهاجري الحبشة

- ‌الزواج بأم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌عمرة وصلح الحديبية

- ‌غزوة ذى قرد

- ‌غزوة خيبر

- ‌غزوة فزارة

- ‌سرية الأربعين ومعجزة الماء

- ‌سرية لأحد الأنصار

- ‌سرية علقمة بن مجزز

- ‌سرية الحرقات

- ‌سرية الإثنى عشر شهيدا

- ‌سرية ذات الرقاع الثانية

- ‌غزوة نجد

- ‌عمرة القضاء

- ‌إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص

- ‌وفاة النجاشي

- ‌صنع الخاتم

- ‌مكاتبة الملوك

- ‌غزوة مؤتة

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌أسر ثمامة الحنفي وحصار مكة

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌غزوة أوطاس

- ‌حصار الطائف

- ‌غزوة بني جذيمة

- ‌غزوة تبوك ومراسلة الملوك

- ‌موت زينب

- ‌عام الوفود

- ‌وفد ثقيف:

- ‌وفد عبد قيس:

- ‌وفد تميم واليمن:

- ‌حرق كعبة اليمن وتعيين أمير عليها

- ‌وفد اليمامة:

- ‌وفد نجران:

- ‌قدوم عدي بن حاتم:

- ‌وفد مزينة:

- ‌حجة أبي بكر الصديق

- ‌إرسال خالد بن الوليد ثم علي إلى اليمن

- ‌قصة ابن صياد

- ‌موت عبد الله بن أبي بن سلول

- ‌موت إبراهيم

- ‌حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل الحج:

- ‌مواقيت الحج:

- ‌الاشتراط

- ‌أنواع النسك: الإفراد

- ‌القران عمرة في حجة

- ‌تجهيز جيش أسامة

- ‌مرض النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌غزوة تبوك ومراسلة الملوك

بعث سرية قال: "إذا رأيتم مسجدًا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلن أحدا" قال: فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فأمرنا بذلك، فخرجنا قبل تهامة فأدركنا رجلًا يسوق بظعاين فقلنا له: أسلم. فقال: وما الإِسلام؟ فأخبرنا به فإذا هو لا يعرفه. فقال: أفرأيتم إن أنا لم أفعل فما أنتم صانعون؟ قال: قلنا: نقتلك. قال فهل أنتم منظري حتى أدرك الظعاين؟ قلنا: نعم، ونحن مدركوك. قال: فأدرك الظعاين، فقال: اسلمي حبيش قبل نفاد العيش. فقالت الأخرى: أسلم عشرًا وسبعًا وترًا وتسعًا تترا، ثم قال شعر:

أتذكر إذ طالبتكم فوجدتكم

بحلبة أو أدركتكم بالخوانق

ألم يك حقا أن ينول عاشق

تكلف إدلاج السرى والودائق

فلا ذنب لي إذ قلت إذ أهلنا معا

أثيبي بوصل قبل إحدى الصفائق

أثيبي بوصل قبل أن يشحط النوى

وينأى الأمير بالحبيب المفارق

قال: ثم رجع إلينا فقال: شأنكم فقدمناه وضربنا عنقه، وانحدرت الأخرى من هودجها امرأة أدماء بحص فجثت عليه حتى ماتت.

[درجته: حسن وسنده ضعيف، رواه: من طريق عبد الملك الطبراني في المعجم الكبير (17 - 177)، والنسائيُّ في السنن الكبرى (5 - 260)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (2 - 149): من طريق سفيان بن عيينة حدثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق، هذا السند: فيه ضعف من أجل التابعي قال الحافظ في التقريب (696): ابن عصام المزني عن أبيه لا يعرف حاله قيل اسمه عبد الرحمن وقيل عبد الله، لكن الحديث حسن بما قبله].

‌غزوة تبوك ومراسلة الملوك

1 -

قال البخاري (3 - 1021): قال عبدان أخبرني أبي عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن أن: عثمان رضي الله عنه حيث حوصر أشرف عليهم وقال: أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من حفر رومة فله الجنة؟ " فحفرتها ألستم تعلمون أنه قال: "من جهز جيش العسرة فله الجنّة" فجهزته؟ قال: فصدقوه بما قال.

ص: 496

2 -

قال الترمذيُّ (5 - 625): حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا عبيد الله بن عمر عن زيد هو بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: لما حصر عثمان أشرف عليهم فوق داره ثم قال أذكركم بالله هل تعلمون أن حراء حين أنتفض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أثبت حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد؟ " قالوا: نعم. قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جيش العسرة: "من ينفق نفقة متقبلة والناس مجهدون معسرون" فجهزت ذلك الجيش؟ قالوا: نعم. ثم قال: أذكركم بالله هل تعلمون أن بئر رومة لم يكن يشرب منها أحد إلا بثمن، فابتعتها فجعلتها للغني والفقير وبن السبيل؟ قالوا: اللَّهم نعم، وأشياء عددها هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب.

[درجته: سنده صحيح، رواه: من طرق عن أبي إسحاق البخاري كما مر والنسائيُّ (6 - 236)، وابن حبان (15 - 348)، والبيهقيُّ في الكبرى (6 - 167)، والدارقطنيُّ (4 - 198)، والطبرانيُّ في المعجم الأوسط (2 - 39)، وأحمدُ في فضائل الصحابة (1 - 495)، هذا السند: صحيح، السلمي تابعي كبير وثقة ثبت من رجال الشيخين: التقريب (108) وتلميذه تابعي ثقة مشهور].

3 -

قال البخاري (4 - 1603): حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن قصة تبوك، قال كعب: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحدا تخلف عنها، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإِسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها. كان من خبري أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة، والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا

ص: 497

وعدوا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ (يريد الديوان) قال كعب: فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي الله، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئا، فأقول في نفسي: أنا قادر عليه. فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئًا، فقلت: أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئًا، ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو وهممت أن أرتحل فأدركهم، وليتني فعلت فلم يقدر لي ذلك، فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلًا مغموصًا عليه النفاق، أو رجلًا ممّن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك:"ما فعل كعب؟ " فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفيه. فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال كعب بن مالك: فلما بلغني أنه توجه قافلا حضرني همي وطفقت أتذكر الكذب، وأقول: بماذا أخرج من سخطه غدا واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل، وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب، فأجمعت صدقه وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادمًا، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلًا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله. فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال:"تعال" فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي:"ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ " فقلت:

ص: 498

بلى إني والله يا رسول الله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلًا ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عفو الله، لا والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك" فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي: والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المتخلفون، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي، ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا: نعم رجلان قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك. فقلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي، فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا فيهما أسوة، فمضيت حين ذكروهما لي، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه فأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام فقلت: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت، فعدت له فنشدته فسكت، فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار، قال: فبينا أنا أمشي بسوق المدينة

ص: 499

إذا نبطي من أنباط أهل الشام ممّن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع إلي كتابا من ملك غسان، فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك. فقلت لما قرأتها: وهذا أيضًا من البلاء، فتيممت بها التنور فسجرته بها، حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا، بل اعتزلها ولا تقربها. وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر. قال كعب: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه. قال:"لا ولكن لا يقربك" قالت: إنه والله ما به حركة إلى شيء، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك كما أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه؟ فقلت: والله لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريني ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب. فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا، فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر. قال: فخررت ساجدًا وعرفت أن قد جاء فرج، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر. فذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض إلي رجل فرسا وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه، والله ما أملك غيرهما يومئذ. واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتلقاني الناس فوجا فوجا

ص: 500

يهنونني بالتوبة، يقولون: لتهنك توبة الله عليك. قال كعب: حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلى طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهناني، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور:"أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك" قال قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال: "لا، بل من عند الله" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك بعض مالك خير لك". قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر. فقلت: يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما لقيت، فوالله ما أعلم أحدًا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} إلى قوله:{وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا فإن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد فقال تبارك وتعالى:{سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ} إلى قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} قال كعب: وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه فبذلك قال الله:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو إنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه. ورواه مسلم [4 - 2120].

ص: 501

4 -

قال البخاري (4 - 1602): حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف عليا فقال: "أتخلفني في الصبيان والنساء؟ " قال: "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي". ورواه صحيح مسلم (4 - 1870).

5 -

قال ابن إسحاق السيرة النبوية (5 - 199) وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى أهله وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلفه إلا استثقالا له وتخففا منه. فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه سلاحه ثم خرج حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف فقال: يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلفتني أنك استثقلتني وتخففت مني؟ فقال: "كذبوا، ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره.

وحدثني محمَّد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي هذه المقالة.

[درجته: سنده صحيح، رواه: من طريق ابن إسحاق الدورقي في مسند سعد (1 - 139)، هذا السند: صحيح محمَّد بن طلحة بن يزيد بن ركانة المطلبي المكي ثقة تقريب التهذيب (485) وشيخه إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني ثقة من رجال الشيخين تقريب التهذيب (89)].

6 -

قال النسائي في السنن الكبرى (5 - 44): أخبرنا بشر بن هلال قال أنا جعفر يعني بن سليمان قال أنا حرب بن شداد عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص قال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك خلف عليا بالمدينة فقالوا فيه: مله وكره صحبته. فتبع علي النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحقه بالطريق فقال: يا رسول الله خلفتني بالمدينة مع الذراري

ص: 502

والنساء حتى قالوا: مله وكره صحبته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا علي إنما خلفتك على أهلي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي".

[درجته: سنده صحيح، بشر بن هلال الصواف أبو محمَّد النميري ثقة تقريب التهذيب (124) وشيخه صدوق زاهد لكنه كان يتشيع التقريب (140) قال في تهذيب التهذيب (ج 2/ ص 82) أن إسحاق بن أبي كامل قال حدثنا جرير بن يزيد بن هارون بين يدي أبيه قال: بعثني أبي إلى جعفر فقلت: بلغنا أنك تسب أبا بكر وعمر وقال أما السب فلا ولكن البغض ما شئت فإذا هو رافضي مثل الحمار. وشيخه حرب بن شداد اليشكري أبو الخطاب البصري ثقة من رجال الشيخين تقريب التهذيب (155)].

7 -

قال البخاري (4 - 1602): حدثني محمَّد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله الحملان لهم إذ هم معه في جيش العسرة وهي غزوة تبوك فقلت: يا نبي الله إن أصحابي أرسلوني إليك لتحملهم؟ فقال: "والله لا أحملكم على شيء" ووافقته وهو غضبان ولا أشعر، ورجعت حزينا من منع النبي صلى الله عليه وسلم ومن مخافة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه علي، فرجعت إلى أصحابي فأخبرتهم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ألبث إلا سويعة إذ سمعت بلالًا ينادي: أي عبد الله بن قيس. فأجبته فقال: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك. فلما أتيته قال: "خذ هذين القرينين وهذين القرينين" لستة أبعرة ابتاعهن حينئذ من سعد "فانطلق بهن إلى أصحابك فقل إن الله أو قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملكم على هؤلاء فاركبوهن" فانطلقت إليهم بهن فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم يحملكم على هؤلاء ولكني والله لا أدعكم حتى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تظنوا أني حدثتكم شيئًا لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لي: والله إنك عندنا لمصدق ولنفعلن ما أحببت، فانطلق أبو موسى بنفر منهم حتى أتوا الذين سمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه إياهم ثم إعطاءهم بعد، فحدثوهم بمثل ما حدثهم به أبو موسى.

ورواه مسلم (3 - 1269).

ص: 503

8 -

قال البخاري (3 - 1078): حدثني عبد الله بن محمَّد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الخميس في غزوة تبوك وكان يحب أن يخرج يوم الخميس.

9 -

قال الطبراني في المعجم الكبير (6 - 31): حدثنا محمَّد بن عبد الله الحضرمي ثنا أحمد بن سنان ثنا يعقوب بن محمَّد الزهري ثنا إبراهيم بن عبد الله بن سعد بن خيثمة ثنا أبي عن أبيه قال: تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك حتى مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت حائطا فرأيت عريشًا قد رش بالماء ورأيت زوجتي فقلت ما هذا بالإنصاف، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السموم والحميم وأنا في الظل والنعيم؟ فقمت إلى ناضح فاحتقبته وإلى تميرات فتزودتها، فنادت زوجتي: إلى أين يا أبا خيثمة؟ فخرجت أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنت ببعض الطريق لحقني عمير بن وهب الجمحي، فقلت: إنك رجل جريء وإني أعرف حيث النبي صلى الله عليه وسلم وإني رجل مذنب فتخلف عني حتى أخلو برسول الله صلى الله عليه وسلم فتخلف عني عمير فلما اطلعت على العسكر فرأى الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كن أبا خيثمة" فجئت فقلت: كدت أهلك يا رسول الله فحدثته حديثي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا لي.

[درجته: سنده ضعف وله شاهد، رواه: البيهقي في دلائل النبوة (5 - 222) عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، هذا السند: ضعيف من أجل يعقوب بن محمَّد الزهري المدني وهو صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء تقريب التهذيب (608) وشيخه تابعي ذكره ابن حبان في الثقات (8 - 58) فقال: إبراهيم بن عبد الله بن سعد بن حتمة بن أبي خيثمة الأنصاري يروى عن أبيه عن جده روى عنه يعقوب بن محمَّد الزهرى، ووالده قال عنه في الجرح والتعديل (5 - 63): عبد الله بن سعد بن خيثمة الأنصاري الأوسي من بني عمرو بن عوف شهد بدرا والعقبة، وقد رواه عن عروة مرسلا].

10 -

قال ابن خزيمة (1 - 52): أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عتبة بن أبي عتبة عن نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس: أنه قيل لعمر بن الخطاب: حدثنا من شأن ساعة العسرة؟ فقال

ص: 504

عمر: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى أن الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده. فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله إن الله قد عودك في الدعاء خيرًا فادع لنا. فقال: "أتحب ذلك؟ " قال: نعم. فرفع يده فلم يرجعهما حتى قالت السماء فاظلمت ثم سكبت، فملأوا ما معهم ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جازت العسكر.

[درجته: سنده صحيح، رواه: ابن حبان (4 - 223)، الحاكم (1 - 263)، والبيهقيُّ في الكبرى (9 - 357) من طريق ابن وهب هذا السند: صحيح عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري ثقة فقيه حافظ تقريب التهذيب (419) وشيخه قال عنه الحافظ في التقريب (242):

سعيد بن أبي هلال الليثي صدوق لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفا، وعتبة هو عتبة بن مسلم المدني التيمي مولاهم وهو ثقة من رجال الشيخين البخاري ومسلم التقريب (381) ونافع بن جبير بن مطعم النوفلي تابعي ثقة فاضل تقريب التهذيب (558).

ولا يضره ما ذكره الإِمام الدارقطني رحمه الله في العلل (2 - 83) بقوله: وسئل عن حديث بن عباس عن عمر خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في حر شديد فنزلنا أصابنا فيه عطش الحدث بطوله فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكبت السماء فقال يرويه عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عتبة بن أبي عتبة عن نافع بن جبير بن مطعم عن بن عباس حدث به بن وهب عنه واختلف عنه فرواه أحمد بن صالح ويونس بن عبد الأعلى عن بن وهب بهذا الإسناد وخالفهم يعقوب بن محمَّد الزهري فرواه عن بن وهب ولم يذكر في الإسناد عتبة جعله بن أبي هلال عن نافع بن جبير والقول فيه قول من ذكر عتبة بن أبي عتبة وهو عتبة بن مسلم.

إذا فالصواب هو رواية أحمد بن صالح ويونس بن عبد الأعلى عن بن وهب بذكر عتبة، نظرا لعدم التعويل على رواية يعقوب بن محمَّد الزهري المدني فهو كما قال الحافظ في تقريب التهذيب (608) صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء، فكيف إذا خالف الثقات أمثال يونس].

ص: 505

11 -

قال ابن إسحاق. السيرة النبوية (5 - 203): فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبد الأشهل قال: قلت لمحمود هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم؟ قال: نعم والله، إن كان الرجل ليعرفه من أخيه ومن أبيه ومن عمه وفي عشيرته، ثم يلبس بعضهم بعضا على ذلك، ثم قال محمود: لقد أخبرني رجال من قومي عن رجل من المنافقين معروف نفاقه كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا، فأرسل الله السحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس. قالوا: أقبلنا عليه نقول: ويحك هل بعد هذا شيء؟ قال: سحابة مارة ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته، فخرج أصحابه في طلبها وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه يقال له عمارة بن حزم، وكان عقبيا بدريا وهو عم بني عمرو بن حزم وكان في رحله زيد بن اللصيت القينقاعي وكان منافقا قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبد الأشهل قالوا: فقال زيد بن اللصيت وهو في رحل عمارة وعمارة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس محمَّد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمارة عنده: "إن رجلًا قال هذا محمَّد يخبركم أنه نبي ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته، وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني الله عليها، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا وقد حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوني بها"، فذهبوا فجاءوا بها فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال: والله لعجب من شيء حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا عن مقالة قائل أخبره الله عنه بكذا وكذا الذي قال زيد بن اللصيت. فقال رجل ممّن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي، فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ويقول: إلي عباد الله إن في رحلي لداهية وما أشعر، أخرج أي عدو الله من رحلي فلا تصحبني.

[درجته: سنده صحيح، رواه ابن حزم في المحلى (11 - 222)، والطبريُّ التاريخ (2 - 184)، هذا السند: سنده صحيح فعاصم تابعي مر معنا كثيرًا وهو ثقة عالم بالمغازي وشيخه صحابي].

ص: 506

12 -

قال الترمذيُّ (2 - 438): حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل هو عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس آخر الظهر إلى أن يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعًا وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس عجل العصر إلى الظهر وصلى الظهر والعصر جميعًا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب. قال وفي الباب عن علي وبن عمر وأنس وعبد الله بن عمرو وعائشة وبن عباس وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله قال أبو عيسى والصحيح عن أسامة وروي علي بن المديني عن أحمد بن حنبل عن قتيبة هذا الحديث.

[درجته: سنده صحيح، رواه: أحمد (5 - 241)، وابن حبان (4 - 313)، والبيهقيُّ في الكبرى (3 - 163)، هذا السند: صحيح، ويزيد تابعي ثقة فقيه ولم ينفرد بل تابعه أبو الزبير وقد عنعن لكن لا يضره ذلك فهو من طريق الليث كذلك صرح أبو الزبير بالسماع عند الدارمي (1 - 426) وأبو الطفيل صحابي].

13 -

قال البخاري (3 - 1236): حدثنا محمَّد بن مسكين أبو الحسن حدثنا يحيى بن حسان بن حيان أبو زكرياء حدثنا سليمان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها. فقالوا: قد عجنا منها واستقينا؟ فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء ويروي عن سبرة بن معبد وأبي الشموس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإلقاء الطعام وقال أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم من اعتجن بمائه.

14 -

قال أحمد (2 - 117): حدثنا عبد الصمد حدثنا صخر يعني بن جويرية عن نافع عن بن عمر قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس عام تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستسقى الناس من الآبار التي كان يشرب منها ثمود، فعجنوا منها ونصبوا القدور باللحم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهراقوا القدور وعلفوا العجين الإبل، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن

ص: 507

يدخلوا على القوم الذين عذبوا قال إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم.

[درجته: سنده صحيح، صخر بن جويرية أبو نافع قال أحمد: ثقة ثقة، وهو من رجال الشيخين- القريب (274)، وبقية الرواة أئمة ثقات].

15 -

قال البخاري (4 - 1609): حدثنا عبد الله بن محمَّد الجعفي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر رضي الله عنهما قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين" ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.

ورواه مسلم (4 - 2286).

16 -

قال الإمام أحمد (3 - 296): حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير عن جابر قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: "لا تسألوا الآيات وقد سألها قوم صالح فكانت ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، فكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله -عَزَّ

وَجَلَّ- من تحت أديم السماء منهم إلا رجلًا واحدا كان في حرم الله عز وجل" قيل من هو يا رسول الله؟ قال: "هو أبو رغال" فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه.

[درجته: سنده صحيح، رواه: الحاكم في المستدرك على الصحيحين (2 - 351) من طريق معمر، هذا السند: صحيح عبد الرزاق الصنعاني إمام معروف وشيخه معمر بن راشد الأزدي أبو عروة البصري نزيل اليمن ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئا التقريب (541)، وابن عثمان بن خثيم المكي أبو عثمان تابعي صغير صدوق تقريب التهذيب (313)، وأبو الزبير محمَّد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق إلا أنه يدلس تقريب التهذيب (506) لكنه صرح بالسماع من شيخه فانتفت شبهة التدليس وذلك عند الفاكهي في أخبار مكة (2 - 251): حدثنا محمَّد بن أبي عمر وإبراهيم بن أبي يوسف قالا أنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم، وفي هذا السند متابعة لمعمر رحمه الله].

ص: 508

17 -

قال مسلم (4 - 1784): حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي حدثنا أبو علي الحنفي حدثنا مالك وهو بن أنس عن أبي الزبير المكي أن أبا الطفيل عامر بن واثلة أخبره أن معاذ بن جبل أخبره قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك فكان يجمع الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعًا، حتى إذا كان يومًا أخر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعًا، ثم قال:"إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار، فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتي" فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء، قال: فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل مسستما من مائها شيئًا؟ " قالا: نعم فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول قال: ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلًا قليلًا حتى اجتمع في شيء، قال: وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه ثم أعاده فيها فجرت العين بماء منهمر، أو قال غزير (شك أبو علي أيهما قال) حتى استقى الناس. ثم قال:"يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا".

18 -

قال مسلم (1 - 56): حدثنا سهل بن عثمان وأبو كريب محمَّد بن العلاء جميعًا عن أبي معاوية قال أبو كريب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد شك الأعمش قال: لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة قالوا يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افعلوا". قال: فجاء عمر، فقال: يا رسول الله إن فعلت قل الظهر، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، ثم ادع الله لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم". قال فدا بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم، قال: فجعل الرجل يجيء بكف ذرة. قال: ويجيء الآخر بكف تمر، قال: ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير. قال: فدعا رسول الله عليه بالبركة ثم قال: "خذوا في أوعيتكم" قال: فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوه، قال: فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشهد أن لا

ص: 509

إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة".

19 -

قال ابن حبان (10 - 357): أخبرنا محمَّد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا أبو يحيى محمَّد بن عبد الرحيم صاعقة قال حدثنا علي بن بحر قال حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال حدثنا حميد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ينطلق بصحيفتي هذه إلى قيصر وله الجنة؟ " فقال رجل من القوم وإن لم أقتل؟ قال: وإن لم تقتل فانطلق الرجل به فوافق قيصر وهو يأتي بيت المقدس قد جعل له بساط لا يمشي عليه غيره، فرمى بالكتاب على البساط وتنحى، فلما انتهى قيصر إلى الكتاب أخذه ثم دعا رأس الجاثليق فأقرأه، فقال: ما علمي في هذا الكتاب إلا كعلمك؟ فنادى قيصر: من صاحب الكتاب فهو آمن؟ فجاء الرجل فقال: إذا أنا قدمت فأتني، فلما قدم أتاه فأمر قيصر بأبواب قصره فغلقت، ثم أمر مناديا ينادي: ألا إن قيصر قد اتبع محمدًا صلى الله عليه وسلم وترك النصرانية. فأقبل جنده وقد تسلحوا حتى أطافوا بقصره. فقال لرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد ترى إني خائف على مملكتي. ثم أمر مناديا فنادى: ألا إن قيصر قد رضي عنكم، وإنما خبركم لينظر كيف صبركم على دينكم فارجعوا، فانصرفوا وكتب قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني مسلم. وبعث إليه بدنانير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قرأ الكتاب: "كذب عدو الله ليس بمسلم وهو على النصرانية" وقسم الدنانير.

[درجته: سنده صحيح، شيخ ابن حبان ثقة قال في تذكرة الحفاظ (2 - 731): السراج الحافظ الإمام الثقة شيخ خراسان أبو العباس محمَّد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران الثقفى مولاهم النيسابوري صاحب المسند والتاريخ، وشيخه محمَّد بن عبد الرحيم بن أبي زهير البغدادي البزاز أبو يحيى المعروف بصاعقة ثقة حافظ من رجال البخاري التقريب (493) وعلي بن بحر بن بري البغدادي فارسي الأصل ثقة فاضل تقريب التهذيب (398) ومروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء الفزاري أبو عبد الله الكوفي نزيل مكة ودمشق ثقة حافظ من رجال الشيخين التقريب (526) وشيخه حميد بن أبي حميد الطويل أبو عبيدة تابعي سمع أنسًا وهو ثقة التقريب (181) وللحديث شواهد تأتي بعده].

ص: 510

ْ2 - قال الحارث (زوائد الهيثمي)(2 - 663): حدثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن حميد الطويل عن بكر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يذهب بهذا الكتاب إلى قيصر وله الجنة؟ " فقال رجل: وإن لم أقتل؟ قال: "وإن لم تقتل" فانطلق الرجل فأتاه بالكتاب فقرأه فقال اذهب إلى نبيكم فأخبره أني معه ولكن لا أريد أن أدع ملكي، وبعث معه بدنانير هدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذب" وقسم الدنانير.

[درجته: سنده مرسل وهو حسن بما قبله، هذا السند: ضعيف لأنه مرسل، قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2 - 388): بكر بن عبد الله المزني وهو بن عمرو بن هلال وهو أخو علقمة بن عبد الله روى عن بن عمر وأنس روى عنه قتادة وحميد والتيمى وحبيب بن الشهيد سمعت أبى يقول ذلك حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال بكر بن عبد الله المزني ثقة حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن بكر بن عبد الله المزني فقال بصري ثقة مأمون].

21 -

قال الطبراني في المعجم الكبير (12 - 442): حدثنا أبو شعيب الحراني ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي ثنا أيوب بن نهيك قال سمعت عطاء بن أبي رباح يقول سمعت بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يذهب بكتابي هذا إلى طاغية الروم؟ " فعرض ذلك عليهم ثلاث مرات، فقال عند ذلك:"من يذهب وله الجنة؟ " فقال رجل من الأنصار يدعى (عبيد الله بن عبد الخالق): أنا أذهب به ولي الجنة إن هلكت دون ذلك؟ قال: "نعم لك الجنة إن بلغت، وإن قتلت وإن هلكت فقد أوجب الله لك الجنة" فانطلق بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الطاغي فقال: أنا رسول رسول رب العالمين، فأذن له فدخل فعرف طاغية الروم أنه قد جاء بالحق من عند نبي مرسل، ثم عرض عليه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فجمع الروم عنده ثم عرضه عليهم فكرهوا ما جاء به، وآمن به رجل منهم فقتل عند إيمانه، ثم إن الرجل رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم -فأخبره بالذي كان منه وما كان من قتل الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك:"يبعثه الله أمة وحده" لذلك الرجل المقتول.

ص: 511

[درجته: حسن وسنده ضعيف، وفيه ألفاظ ضعيفة، من أجل أيوب بن نهيك، قال الحافظ في لسان الميزان (1 - 490) قال الأزدي متروك وذكره بن حبان في ثقاته وقال يخطئ انتهى وقال بن حبان في ثقاته يروي عن عطاء والشعبي روى عنه مبشر بن إسماعيل وكان مولى سعد بن أبي وقاص من أهل حلب يعتبر بحديثه من غير رواية أبي قتادة الحراني عنه وقال بن أبي حاتم من أهل حلب سمعت أبا زرعة يقول هو منكر الحديث ولم يقرأ علينا حديثه، وتلميذه يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي وهو ضعيف تقريب التهذيب (593) ولكن الحديث حسن بما قبله].

22 -

قال البخاري (3 - 1153): حدثنا سهل بن بكار حدثنا وهيب عن عمرو بن يحيى عن عباس الساعدي عن أبي حميد الساعدي قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبوك وأهدى ملك آيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه بردا وكتب له ببحرهم.

23 -

قال مسلم (4 - 1785): حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبي حميد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخرصوها" فخرصناها وخرصها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق وقال: "أحصيها حتى نرجع إليك إن شاء الله" وانطلقنا حتى قدمنا تبوك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ستهب عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقم فيها أحد منكم فمن كان له بعير فليشد عقاله" فهبت ريح شديدة فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيء، وجاء رسول بن العلماء صاحب آيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب وأهدى له بغلة بيضاء، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له بردا ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة عن حديقتها كم بلغ ثمرها؟ فقالت: عشرة أوسق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني مسرع فمن شاء منكم فليسرع معي ومن شاء فليمكث" فخرجنا حتى أشرفنا على المدينة فقال: "هذه طابة وهذا أحد وهو جبل يحبنا ونحبه" ثم قال: "إن خير دور الأنصار دار بني النجار ثم دار بني عبد الأشهل ثم دار بني عبد الحارث بن الخزرج ثم دار بني ساعدة وفي كل دور الأنصار خير" فلحقنا سعد بن عبادة فقال أبو أسيد: ألم تر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير

ص: 512

دور الأنصار فجعلنا آخرا؟ فأدرك سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله خيرت دور الأنصار فجعلتنا أخرا فقال: "أوليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار"

24 -

قال النسائي (8 - 199): أخبرنا الحسن بن قزعة عن خالد وهو بن الحرث قال حدثنا محمَّد بن عمرو عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: دخلت على أنس بن مالك حين قدم المدينة فسلمت عليه فقال: ممّن أنت؟ قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ. قال: إن سعدا كان أعظم الناس وأطوله، ثم بكى فأكثر البكاء ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى أكيدر صاحب دومة بعثا فأرسل إليه بجبة ديباج منسوجة فيها الذهب فلبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام على المنبر وقعد فلم يتكلم، ونزل فجعل الناس يلمسونها بأيديهم فقال:"أتعجبون من هذه؟ لمناديل سعد في الجنة أحسن مما ترون".

[درجته: سنده قوي، رواه: الإِمام أحمد (3 - 121)، والبيهقيُّ في الكبرى (3 - 273)، وابن أبي شيبة (6 - 394) من طريق محمَّد بن عمرو، هذا السند: قوي محمَّد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني صدوق له أوهام التقريب (499) وهو من رجال الشيخين، وشيخه واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري تابعي ثقة من رجال مسلم تقريب التهذيب (579)].

25 -

قال أبو داود (3 - 166): حدثنا العباس بن عبد العظيم ثنا سهل بن محمَّد ثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمَّد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن أنس بن مالك وعن عثمان بن أبي سليمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخذ، فأتوه به فحقن له دمه وصالحه على الجزية.

[درجته: سنده صحيح وإن كان ظاهره الضعف، رواه: ابن إسحاق السيرة النبوية (5 - 208)، ومن طريقه والبيهقيُّ (9 - 186)، هذا السند: صحيح عاصم تابعي ثقة وعالم بالمغازي (1 - 385)].

26 -

قال أحمد (2 - 222): حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا بكر بن مضر عن بن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -عام غزوة تبوك قام من الليل يصلي فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه، حتى إذا صلى وانصرف إليهم فقال

ص: 513

لهم: "لقد أعطيت الليلة خمسًا ما أعطيهن أحد قبلي، أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة، وكان من قبلي إنما يرسل إلى قومه، ونصرت على العدو بالرعب ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لملئ منه رعبا، وأحلت لي الغنائم آكلها وكان من قبلي يعظمون أكلها كانوا يحرقونها، وجعلت لي الأرض مساجد وطهورا أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان من قبلي يعظمون ذلك، إنما كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم، والخامسة هي ما هي، قيل لي: سل، فإن كل نبي قد سأل. فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله".

[درجته: سنده قوي، رواه: من طريق ابن الهاد: البيهقي (1 - 222)، هذا السند: قوي ابن الهاد هو: يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي أبو عبد الله المدني وهو تابعي ثقة مكثر انظر تقريب التهذيب (1 - 602) وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده سندٌ حسنٌ مشهور].

27 -

قال البخاري (3 - 1159): حدثنا الحميدي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر قال سمعت بسر بن عبيد الله أنه سمع أبا إدريس قال سمعت عوف بن مالك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من آدم فقال: "اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتى، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطي الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية أثنا عشر ألفا".

28 -

قال مسلم (1 - 317): حدثني محمَّد بن رافع وحسن بن علي الحلواني جميعًا عن عبد الرزاق قال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج حدثني بن شهاب عن حديث عباد بن زياد أن عروة بن المغيرة ابن شعبة أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك، قال المغيرة: فتبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الغائط فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أخذت أهريق على يديه من الإداوة وغسل يديه ثلاث مرات، ثم غسل وجهه، ثم ذهب يخرج جبته عن ذراعيه فضاق كما

ص: 514

جبته فأدخل يديه في الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة، وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم توضأ على خفيه، ثم أقبل. قال المغيرة: فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى لهم، فأدرك رسول الله عله صلى الله عليه وسلم إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الآخرة، فلما سلم عبد الرحمن بن عوف قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين فأكثروا التسبيح، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم ثم قال:"أحسنتم" أو قال: "قد أصبتم" يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها.

29 -

قال البخاري (4 - 1609): حدثنا يحيى بن بكير عن الليث عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن سعد بن إبراهيم عن نافع بن جبير عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة قال: ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لبعض حاجته فقمت أسكب عليه الماء (لا أعلمه إلا قال في غزوة تبوك) فغسل وجهه وذهب يغسل ذراعيه فضاق عليه كما الجبة، فأخرجهما من تحت جبته فغسلهما ثم مسح على خفيه.

30 -

قال البخاري (4 - 1610): حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان قال حدثني عمرو بن يحيى عن عباس بن سهل بن سعد عن أبي حميد قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك حتى إذا أشرفنا على المدينة قال: "هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه".

31 -

قال البخاري (4 - 1610): حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال سمعت الزهري عن السائب بن يزيد يقول: أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقال سفيان مرة) مع الصبيان حدثنا عبد الله بن محمَّد حدثنا سفيان عن الزهري عن السائب أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثنية الوداع مقدمه من غزوة تبوك.

32 -

قال مسلم (1 - 359): حدثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير حدثنا عبد الله بن يزيد أخبرنا حيوة عن أبي الأسود محمَّد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال: "كمؤخرة الرحل".

ص: 515

33 -

قال مسلم (1 - 490): حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد يعني بن الحارث حدثنا قرة حدثنا أبو الزبير حدثنا سعيد بن جبير حدثنا بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال سعيد: فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.

34 -

قال مسلم (4 - 1967): حدثنا بن نمير حدثنا أبو خالد عن داود واللفظ له ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سليمان بن حيان عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك سألوه عن الساعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم".

35 -

قال الإِمام أحمد (6 - 27): حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم قال أنا داود بن عمرو عن بر بن عبيد الله الحضرمي عن أبي إدريس الخولاني عن عوف بن مالك الأشجعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام للمسافر ولياليهن وللمقيم يوم وليلة.

[درجته: سنده حسن، رواه: من طريق هشيم: البيهقي (1 - 275)، والدارقطنيُّ (1 - 197)، والطبرانيُّ في المعجم الكبير (18 - 40)، وابن أبي شيبة (1 - 161) وهذا السند: صحيح هشيم مدلس ثقة لكنه صرح بالسماع من شيخه فانتفت شبهة التدليس، وشيخه داود بن عمرو الأودي الدمشقي عامل واسط صدوق يخطئ تقريب التهذيب (1 - 199)، وبسر بن عبيد الله الحضرمي الشامي ثقة حافظ تقريب التهذيب (1 - 122)، قال في نصب الراية (1 - 168) قال أحمد: هذا من أجود حديث في المسح على الخفين لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها].

36 -

قال البخاري (2 - 790): حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا إسماعيل بن علية أخبرنا بن جريج قال أخبرني عطاء عن صفوان بن يعلى عن يعلي بن أمية رضي الله عنه قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة، فكان من أوثق أعمالي في نفسي، فكان لي أجير فقاتل إنسانا فعض أحدهما إصبع صاحبه، فانتزع إصبعه فأندر ثنيته فسقطت، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأهدر ثنيته، وقال: أفيدع إصبعه في فيك تقضمها؟ (قال أحسبه قال) كما يقضم

ص: 516

الفحل، قال بن جريج: وحدثني عبد الله بن أبي مليكة عن جده بمثل هذه الصفة أن رجلًا عض يد رجل فأندر ثنيته فأهدرها أبو بكر رضي الله عنه.

37 -

قال الإِمام أحمد (3 - 295): حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة.

[درجته: سنده صحيح ولكن، رواه: من طريق معمر: عبد بن حميد (1 - 345)، وابن حبان (6 - 456)، وأبو داود (2 - 11)، والبيهقيُّ في الكبرى (3 - 152)، هذا السند: صحيح رجاله أئمة ثقات ولكن يحيى اضطرب فيه، فمرة رواه مسندا كما هو أمامنا ومرة مرسلًا كما جاء عند ابن أبي شيبة (2 - 208) حدثنا وكيع ثنا بن مبارك عن يحيى بن أبي كثير عن محمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك ومرة رواه عن أنس عند الطبراني في المعجم الأوسط (4 - 185) عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أنس بن مالك].

38 -

قال الطبراني في مسند الشاميين (2 - 33): حدثنا أبو زرعة الدمشقي ثنا يزيد بن عبد ربه الجرجسي ثنا بقية عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي مريم عن أبي هريرة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تبوك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "إن الله عز وجل أذن لكم بهذا السير وقد أذن لكم بالرجوع، والذي نفس محمَّد بيده لولا أنه ليس عندي سعة فأعطيكم ولا تطيب أنفسكم أن تقعدوا خلفي ما قعدت خلف سرية ولا بعث من المسلمين، فلوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا بعدها مرارًا، جرح الرجل جرح في سبيل الله، والله أعلم بمن يجرح في سبيله يأتي يوم القيامة كلون الدم وريح المسك".

[درجته: سنده صحيح، رواه: رواه ابن أبي عاصم في السنة (1 - 177) حدثنا ابن مصفى حدثنا بقية بن الوليد ثنا الأوزاعي، هذا السند: صحيح بقية لم يدلس والأوزاعي هو الفقيه المعروف والثقة الجليل عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو التقريب (347) ويحيى بن أبي عمرو السيباني أبو زرعة الحمصي ثقة، تقريب التهذيب 595 قال في تهذيب الكمال (31 - 481) أنه روى عن أبي مريم

ص: 517

الأنصاري خادم مسجد دمشق وأبو مريم الأنصاري أو الحضرمي خادم المسجد بدمشق تابعي كبير ثقة انظر تقريب التهذيب (672)].

39 -

قال الإمام أحمد بن حنبل (5 - 237): حدثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم قال سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، فلما رأيته خليا قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال:"بخ، لقد سألت عن عظيم وهو يسير على من يسره الله عليه: تقيم الصلا المكتوية، وتؤدى الزكاة المفروضة، وتلقى الله عز وجل لا تشرك به شيئًا، أولا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ أما رأس الأمر فالإِسلام فمن أسلم سلم، وأما عموده فالصلاة، وأما ذروة سنامه فالجهاد في سبيل الله، أولا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة، والصدقة وقيام العبد في جوف الليل يكفر الخطايا" وتلا هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]"أولا أدلك على أملك ذلك لك كله" قال فأقبل نفر قال فخشيت أن يشغلوا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال شعبة أو كلمة نحوها) قال: فقلت: يا رسول الله قولك أولا أدلك على أملك ذلك لك كله؟ قال: فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى لسانه. قال: قلت: يا رسول الله وأنا لنؤاخذ بما نتكلم به؟ قال: "ثكلتك أمك معاذ وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"(قال شعبة قال لي الحكم وحدثني به ميمون بن أبي شبيب وقال الحكم سمعته منه منذ أربعين سنة).

[درجته: حسن وسنده ضعيف، رواه: ابن أبي شيبة (6 - 158)، والطيالسيُّ (1 - 76)، وهذا السند: فيه ضعف من أجل عروة فهو لم يوثق توثيقا يعتد به، ثم إنه لم يسمع من معاذ قال في تهذيب الكمال (20 - 39): ورواه روح بن عبادة وعمرو بن مرزوق عن شعبة عن الحكم عن عروة بن النزال أو النزال بن عروة زاد روح عن شعبة قال فقلت له سمعه من معاذ؟ قال: لم يسمعه منه وقد أدركه، والحديث قوي بما بعده].

ص: 518

ْ40 - قال عبد الرزاق (11 - 194): أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت قريبا منه ونحن نسير فقلت: يا رسول الله ألا تخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار؟ قال: "لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت" ثم قال: "أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل من جوف الليل" ثم قرأ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} -حتى- {نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ثم قال: "ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروه سنامه؟ " فقلت: بلى يا رسول الله قال: "رأس الأمر الإِسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد" ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ " قال: قلت: بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه قال: "اكفف عليك هذا" فقلت: يا رسول الله أوإنا لمأخوذون بما نتكلم؟ قال: "ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم".

[درجته: سنده قوي، هذا السند: قوي أبو وائل هو شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي ثقة مخضرم تقريب التهذيب (268) وتلميذه هو عاصم بن بهدلة أبو بكر المقرئ صدوق له أوهام التقريب (285) ومعمر بن راشد أبو عروة البصري نزيل اليمن ثقة ثبت فاضل التقريب التهذيب (1 - 541) وحديثه عن عاصم حسن إلا إذا خالف، وله شاهد عند الحاكم (2 - 447) عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت والحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ وحبيب بن أبي ثابت ثقة فقيه جليل لكنه كان كثير الإرسال والتدليس تقريب التهذيب (1 - 150)، لكنه لم ينفرد تابعه الحكم بن عتيبة أبو محمَّد الكندي الكوفي وهو ثقة ثبت فقيه تقريب التهذيب (175)].

41 -

قال الطبري في التفسير (10 - 172): حدثنا علي بن داود قال ثنا عبد الله بن صالح ثنا الليث قال ثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم أن رجلًا من المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك: ما لقرائنا هؤلاء أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة وأجبننا عند اللقاء. فقال له عوف: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -

ص: 519

ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه. فقال زيد قال عبد الله بن عمر: فنظرت إليه متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة يقول: إنما كنا نخوض ونلعب. فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} ما يزيده.

[درجته: حسن وسنده مرسل، هذا السند: حسن من أجل هشام بن سعد المدني صدوق له أوهام من رجال مسلم تقريب التهذيب (572) وقد وصل الحديث كما في الحديث التالي، وشيخه زيد بن أسلم العدوي مولى عمر أبو عبد الله وأبو أسامة المدني تابعي وثقة عالم تقريب (222)، وقد وصله ابن المبارك كما ذكر ابن كثير، وله شاهد يأتي بعده].

42 -

قال الطبري في التفسير (10 - 172):

هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء. فقال رجل في المجلس: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن. قال عبد الله بن عمر: فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} .

[درجته: سنده حسن، هذا السند: حسن من أجل هشام بن سعد المدني صدوق له أوهام من رجال مسلم تقريب التهذيب (572) وقد وصله ابن المبارك كما ذكر ابن كثير، وله شاهد يقويه هو ما بعده].

43 -

قال الطبراني في المعجم الكبير (19 - 85): حدثنا محمَّد بن عبد الله الحضرمي ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا عمرو بن محمَّد العنقزي ثنا خلاد الصفار عن عبد الله بن عيسى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد وأمر بالغزو إلى تبوك، وأنا يومئذ مؤمن بالله ورسوله غير أن نفسي تتوق إلى الظل والرطب، وأنا يومئذ شاب قوي ونفسي تقول لي وعندي بعيران سوف تعتذر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفسي تقول لي: تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنا كذلك وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم غاديا

ص: 520

وخرجت إلى السوق أريد أن أتجهز وكأنما أمسك بيدي، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من المدينة قدر فرسخين وقف، فإذا هو براكب يلحق به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كن أبا خيثمة" فإذا هو بأبي خيثمة قال وفي المدينة سبعة وثمانون من المنافقين وأنا وهلال بن أمية ومرارة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا خيثمة: "ما فعل كعب بن مالك؟ " قال: تركته يمشي في أزقة المدينة. فقال معاذ: هو والله ما علمته يحب الله ورسوله. قال ونزل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في جانبنا فقال بعضهم: والله إنهم أرغبنا بطونا وأخشانا عند اللقاء وأضعفنا قلوبا. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر فقال: "اذهب إلى هؤلاء الرهط فقل لهم ما نقستم فلئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب فقال لهم احترقتم أحرقكم الله" ونزلت: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} قال: وجاء رجل لم يكن منهم ولكنه كان يسمع فتعلق برجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله والله ما ماليتهم، ولكني قد سمعت مقالتهم، فسار النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يتعلق بالرجل ويعتذر إليه ويسير معه حتى سال من عقبيه الدم، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوته فأتاه هلال بن أمية ومرارة بن ربيعة فأجلسنا في ناحية فقيل لكعب بن مالك: إنه والله ما رضي عن صاحبيك، فانظر بم تعتذر. قلت: أستعين على ما صنعت بالكذب وما أجد شيئا خيرا من الصدق، فأتيته فقلت: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته قال: "وعليك ما خلفك يا كعب" قلت: والله ما تخلفت من ضعف ولا حاجة ولكن البلاء قال: "أجلس مع صاحبيك" ثم قال لأصحابه: "لا تجالسوا هؤلاء النفر ولا تكلموهم ولا تبايعوهم" فأرسل إلى نسائهم لا يقربونكم، فأرسلت امرأة هلال بن أمية إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن هلال شيخ كبير فتأذن لها أن تعطيه الشيء من غير أن تكلمه، فأذن لها، فأرسلت امرأة كعب: أن امرأة هلال بن أمية قد أستأذنت أن تناوله الشيء فتستأذنه فيك فقلت: بأي شيء تعتذرين؟ تقولين إني شيخ كبير، فوالله إني لشاب. أتقولين إني سقيم فوالله إني لصحيح، فأرسل إليها: ألا تفعلي. وكانت أم سلمة

ص: 521

نعم الشفيع إذا كانت ليلتها قالت: يا رسول الله هلال بن أمية تكلمه فينا حتى إذا كانت ذات ليلة قال: "أشعرت أن الله قد تاب على الثلاثة؟ " قالت: ألا أرسل إلى أهليهم فأبشرهم؟ قال: "إذا لا يذرنا الناس ننام هذه الليلة ولكن أصبحي" فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الغداة ثم أقبل على أصحابه فقال: "أشعرتم أن الله قد تاب على الثلاثة؟ " فاستبق إلى كعب بن مالك رجلان رجل ركب فرسًا فأخذ بطن الوادي، ورجل مشى على رجليه حتى صعد الجبل، قال: يا كعب بن مالك أشعرت أن الله قد تاب عليك؟ فخررت ساجدا حتى إذا دنا مني رميت إليه برداي، ثم أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت منك أو من الله فقال:"من الله عز وجل".

[درجته: سنده قوي، هذا السند: قوي شيخه الحافظ الكبير أبو جعفر محمَّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي المعروف بـ: (مطين) تذكرة الحفاظ (2 - 662) وابن عمر صدوق من رجال مسلم تقريب التهذيب (315) وشيخه عمرو بن محمَّد العنقزي أبو سعيد الكوفي ثقة تقريب التهذيب (426) وخلاد بن أسلم الصفار أبو بكر البغدادي أصله من مرو ثقة تقريب التهذيب (196) وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري أبو محمَّد الكوفي ثقة تقريب التهذيب (1 - 317) وشيخه عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري أبو الخطاب المدني ثقة من كبار التابعين تقريب التهذيب (349)].

44 -

قال البخاري (4 - 1861): حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا في غزاة قال سفيان مرة في جيش فكسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار. وقال المهاجري: يا للمهاجرين: فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما بال دعوى جاهلية؟ " قالوا: يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار. فقال: دعوها فإنها منتنة، فسمع بذلك عبد الله بن أبي. فقال: فعلوها؟ أما والله (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه" وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة ثم إن المهاجرين كثروا بعد.

ص: 522

ورواه مسلم (4 - 1998).

45 -

قال البخاري (4 - 1859): حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم قال: كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي أو لعمر، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فحدثته، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا. فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط فجلست في البيت. فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فبعث إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ فقال: "إن الله قد صدقك يا زيد".

46 -

قال البيهقي في الدلالل (5 - 256): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو جعفر محمَّد بن عبد الله البغدادي ثنا أبو علاثة محمَّد بن عمرو بن خالد ثنا بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة:

ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلًا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من أصحابه، فتآمروا عليه أن يطرحوه في عقبة في الطريق، فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلما غشيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر خبرهم، فقال:"من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم". وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي إلا الناس الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم، لما سمعوا بذلك واستعدوا وتلثموا وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه مشيًا وأمر عمار أن يأخذ بزمام الناقة وأمر حذيفة أن يسوقها، فبينا هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر حذيفة أن يردهم وأبصر حذيفة غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم فضربها ضربًا بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثمون .. فرعبهم الله عز وجل حين أبصروا حذيفة وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس. وأقبل حذيفة

ص: 523

حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أدركه، قال:"اضرب الراحلة يا حذيفة وامش أنت يا عمار" فأسرعوا حتى استوى بأعلاها فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة: "هل عرفت يا حذيفة من هؤلاء الرهط أو الركب أو أحدًا منهم؟ " قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان وقال: كانت ظلمة الليل وغشيتهم وهم متلثمون فقال صلى الله عليه وسلم: "هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ " قالوا: لا والله يا رسول الله قال: "فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها". قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟ قال: "أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدًا قد وضع يده على أصحابه" فسماهم لهم وقال: "اكتماهم".

[درجته: حسن وسند ضعيف، رواه: رواه البيهقي أيضًا في كتاب دلائل النبوة من طريق محمَّد بن إسحاق عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة بن اليمان، هذا السند: ضعيف لإرساله لكن سند ابن إسحاق سند قوي لولا عنعنة ابن إسحاق، لكنه لم ينفرد فقد تابعه عند البزار (7 - 350) أبو بكر بن عياش عن الأعمش وله شاهد عند أحمد (5 - 453) من طريق يزيد أنا الوليد يعني بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل وهو ما بعده].

47 -

قال الإمام أحمد يعني بن حنبل (5 - 453): حدثنا يزيد أنا الوليد يعني بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل قال: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديًا فنادى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ العقبة فلا يأخذها أحد، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده حذيفة ويسوق به عمار إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل غشوا عمارا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة: قد قد حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل ورجع عمار فقال: يا عمار هل عرفت القوم؟ فقال: قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون. قال: هل تدري ما أرادوا؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: أرادوا أن ينفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه، قال: فسأل عمار رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نشدتك بالله كم تعلم

ص: 524

كان أصحاب العقبة؟ فقال: أربعة عشر. فقال: إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر. فعدد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة قالوا: والله ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمنا ما أراد القوم، فقال عمار: أشهد أن الاثنى عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. قال الوليد وذكر أبو الطفيل في تلك الغزوة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس (وذكر له أن في الماء قلة) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى: أن لا يرد الماء أحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فورده رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رهطا قد وردوه قبله فلعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ.

48 -

قال مسلم (4 - 2143): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أسود بن عامر حدثنا شعبة بن الحجاج عن قتادة عن أبي نضرة عن قيس قال: قلت لعمار أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال. قال النبي صلى الله عليه وسلم: في أصحابي اثنا عشر منافقا فيهم ثمانية {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة وأربعة لم أحفظ ما قال شعبة فيهم.

49 -

قال البخاري (4 - 1610): حدثنا أحمد بن محمَّد أخبرنا عبد الله أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال: إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم. قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر ..

50 -

قال البخاري (4 - 1610): حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال سمعت الزهري عن السائب بن يزيد يقول: أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال سفيان مرة: مع الصبيان. حدثنا عبد الله بن محمَّد حدثنا سفيان عن الزهري عن السائب: أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثنية الوداع مقدمه من غزوة تبوك.

ص: 525

51 -

قال البيهقي في الكبرى (10 - 77): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب ثنا العباس بن محمَّد الدوري ثنا علي بن الحسن بن شقيق أنبأ الحسن بن واقد ثنا عبد الله بن بريدة عن أبية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم من بعض مغازيه فأتته جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالمًا أن أضرب بين يديك بالدف؟ فقال: "إن كنت نذرت فاضريي؟ " قال: فجعلت تضرب فدخل أبو بكر رضي الله عنه وهي تضرب، ثم دخل عمر رضي الله عنه فألقت الدف تحتها وقعدت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الشيطان يخاف منك يا عمر".

[درجته: سنده صحيح، رواه: من طريق ابن واقد ابن حبان (10 - 231)، والترمذيُّ (5 - 620)، وأحمدُ بن حنبل (5 - 353)، هذا السند: صحيح الحسين بن واقد المروزي أبو عبد الله القاضي ثقة له أوهام تقريب التهذيب (169) وشيخه ثقة من رجال الشيخين البخاري ومسلمٌ تقريب التهذيب (297)].

52 -

قال أبو داود (4 - 283): حدثنا محمَّد بن عوف ثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني عمارة بن غزية أن محمَّد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " قالت بناتي ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال: "ما هذا الذي أرى وسطهن؟ " قالت فرس قال: "وما هذا الذي عليه؟ " قالت جناحان قال: "فرس له جناحان؟ " قالت أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.

[درجته: سنده حسن، رواه: من طريق ابن أيوب النسائي في السنن الكبرى (5 - 306)، والبيهقيُّ في الكبرى (10 - 219)، هذا السند: حسن يحيى بن أيوب الغافقي أبو العباس المصري صدوق ربما أخطأ تقريب التهذيب (588) وهو من رجال الشيخين، وشيخه عمارة بن غزية الأنصاري المازني المدني لا بأس به التقريب (409) ومحمَّد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي أبو عبد الله المدني ثقة تقريب التهذيب (465) والتابعي أبو سلمة بن عبد الرحمن أحد الأئمة عن أبيه وعائشة وأبي هريرة الكاشف (2 - 431)].

ص: 526

53 -

قال في معجم الصحابة (2 - 351): حدثنا محمَّد بن بشر أخو خطاب نا جعفر بن حميد نا عبيد الله ابن إياد عن أبيه عن قيس بن النعمان السكوني قال: خرجت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع بها أكيدر دومة الجندل فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بلغني أن خيلك انطلقت وإني خفت على أرضي ومالي فاكتبوا لي كتابا لا يعرضون في شيء هو لي، فإني أقر بالذي هو علي من الحق. فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن أكيدر أخرج قباء من ديباج منسوج بالذهب مما كان كسرى يكسوهم فقال: يا رسول الله أقبل مني هذا فإني أهديته لك. فقال: "ارجع بقبائك فإنه ليس أحد يلبس هذا في الدنيا إلا حرمه في الآخرة" فرجع به إلى رحله حتى أتى منزله ثم إنه وجد في نفسه أن يرد عليه هديته فرجع فقال يا رسول الله إنا أهل بيت يشق علينا أن ترد هديتنا فأقبل مني هديتي فقال: "ادفعه إلى عمر" فذكر القصة.

[درجته: سنده صحيح، رواه: كما قال الحافظ في الإصابة في تمييز الصحابة (1 - 242)، أبو يعلى وابن شاهين من طريق عبيد الله بن إياد لقيط سمعت أبي إيادا، هذا السند: صحيح قال الخطيب في تاريخ بغداد (2 - 90) قال الدارقطنيُّ محمَّد بن بشر بن مطر ثقة وشيخه ثقة من رجال مسلم: التقريب (1 - 130) وعبيد الله بن إياد صدوق من رجال مسلم ووالده ثقة انظر التقريب (1 - 86/ 531) لكن هناك وهم في المتن بلفظ: فإني أهديته لك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع بقبائك فإنه ليس أحد يلبس هذا في الدنيا إلا حرمه في الآخرة" فالصحيح أنه قبلها كما سيأتي في الصحيح وغيره].

54 -

قال النسائي (8 - 200): حدثنا يوسف بن سعيد قال حدثنا حجاج عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا يقول: لبس النبي صلى الله عليه وسلم قباء من ديباج أهدي له ثم أوشك أن نزعه، فأرسل به إلى عمر فقيل له: قد أوشك ما نزعته يا رسول الله قال: "نهاني عنه جبريل عليه السلام" فجاء عمر يبكي فقال: يا رسول الله كرهت أمرًا وأعطيتنيه قال: "إني لم أعطكه لتلبسه إنما أعطيتكه لتبيعه" فباعه عمر بألفي درهم.

[درجته: سنده صحيح، رواه: أيضا في السنن الكبرى (5 - 472)، وأحمدُ (3 - 383)، هذا السند: أبو الزبير لم يدلس بل صرح بالسماع من شيخه فانتفت شبهة التدليس واسمه محمَّد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير المكي صدوق من رجال الشيخين إلا أنه يدلس انظر التقريب (506) وتلميذه

ص: 527