الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{كتاب الفضائل}
باب فضل العلم
قال تعالى: " فاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "[النحل/ 43]
و قال تعالى: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم "[آل عمران / 18]
و قال تعالى: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك "[محمد/19]
(حديث جابر في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فإنما شفاء العي السؤال.
العلم نور يبصر به المرء حقائق الأمور، وليس البصر بصر العين، ولكن بصر القلوب:
قال تعالى: " أ فمن يعلم أنَّما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى "[الرعد/19].
وقال تعالى: ويرى الذين أوتوا العلم الذي أُنزل إليك من ربك هو الحق " [سبأ /6]
(حديث حذيفة الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودا عُودا، فَأَيّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْل الصّفَا، فَلَا تَضُرّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادا كَالْكُوزِ مُجَخّيا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرا، إِلاّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ.
العلم يورث الخشية:
قال الله تعالى: " إنَّما يخشى الله من عباده العلماء "[فاطر/28]
وقال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا "[الإسراء /107 - 109]
العلماء هم ورثة الأنبياء:
وهم أهل الذكر، الذين أمر الناس بسؤالهم عن عدم العلم قال الله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " [النحل/43]
(حديث أبي الدرداء في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من إلى الجنة و إن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم و إن العالم ليستغفر له من في السموات و من في الأرض حتى الحيتان في البحر و إن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب و إن العلماء ورثة الأنبياء و إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارا و لا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
منزلة طالب العلم:
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو في منزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره "
(حديث أبي هريرة في صحيح ابن ماجة) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلما.
(حديث أبي أمامة في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم.
ولم يجعل الله الغبطة إلا في أمرين: بذل المال، وبذل العلم:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجلٌ علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جارٌ له فقال: ليتني أوتيتُ مثل ما أُوتيَ فلانٌ فعملتُ مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيتُ مثل ما أُوتيَ فلانٌ فعملتُ مثل ما يعمل)
{تنبيه} : المقصود بالحسد هنا [الغبطة] لأن الحسد لا يحل في اثنتين ولا ثلاث.
لا ينقطع عمل العالم بموته، بخلاف غيره ممن يعيش ويموت:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له "
بالعلم يعظم أجر المؤمن، ويصحح نيته، فيحسن عمله:
(حديث أبي كبشة الأنماري في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْماً فَهُوَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَحسنِ الْمَنَازِلِ عند الله وَرجلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْماً وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ وهما في الأجرِ سَوَاءٌ، وَرجلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْماً فَهُوَ يَخْبِطُ في مَالِهِ لَا يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فهو بِأَسوءِ الْمَنَازِلِ عند الله وَرجلٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالاً وَلَا عِلْماً فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ وهما في الوزر سَوَاءٌ
والشاهد هنا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل العلم الحقيقي هو العلم الذي يبصر المرء بحقائق الأمور، فصاحب المال إذا لم يتحلَ بالعلم فإنَّه سيسيء التصرف فيه، فتجده ينفقه على شهوات نفسه، ولا يعرف شكر هذه النعمة، ولذلك استحق أن يكون بِأَسوءِ المنازل، والعياذ بالله.
وجعل العالم يعرف قدر المال الحقيقي، فيم ينفق؟ فبعلمه نوى نية صالحة فصار بأحسن المنازل، وإن لم ينفق.
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين:
(حديث معاوية في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين و إنما أنا قاسم و الله يعطي و لن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز و جل.
من سار في درب العلم سهل عليه طريق الجنة:
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة.
(حديث أبي الدرداء في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من إلى الجنة و إن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم و إن العالم ليستغفر له من في السموات و من في الأرض حتى الحيتان في البحر و إن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب و إن العلماء ورثة الأنبياء و إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارا و لا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
طلبة العلم هم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(حديث أبي سعيد في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيأتيكم أقوام يطلبون العلم فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحبا بوصية رسول الله و أقنوهم.
قلت للحكم: ما أقنوهم؟ قال: علموهم.
أهل العلم هم أنضر الناس وجوهًا:
(حديث زيد بن ثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
…
نضر الله امرءاً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه و رب حامل فقه ليس بفقيه.
معنى نضَّر الله: الدعاء له بالنضارة وهي النعمة والبهجة
العلم يترتب عليه الأجر الوفير لدلالة الناس على الخير:
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا و من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا.
أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على من أقبل على العلم تعلماً وتعليماً:
(حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل ما بعثني الله به من الهدى و العلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ و العشب الكثير و كانت منها أخاذات أمسكت الماء فنفع الله بها الناس شربوا منها و سقوا وزرعوا و أصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء و لا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله و نفعه ما بعثني الله به فعلم و علم و مثل من لم يرفع بذلك رأسا و لم يقبل هدى الله الذي أرسلت به.
طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم:
(حديث أنس في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم.
التناوب على سماع العلم:
(حديث بن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) عن عمر قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينزل يومًا، وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك.
حرص النساء على تعلم الضروري من دينها:
(حديث عائشة في الصحيحين) أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل. قال خذي ِفرصةٍ من مسكٍ فتطهري بها. قالت كيف أتطهر بها؟ قال تطهري بها. قالت كيف؟ قال سبحان الله تطهري بها. فاجتبذتها إليَّ فقلت تتبعي بها أثر الدم.
[*] آداب طالب العلم في نفسه:
من آداب طالب العلم إخلاص النية لله سبحانه وتعالى:
قال تعالى: (وَمَآ أُمِرُوَاْ إِلاّ لِيَعْبُدُواْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصّلَاةَ وَيُؤْتُواْ الزّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيّمَةِ)[البينة / 5]
وتدبر في (حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
(حديثُ أبي هريرةَ صحيح مسلم): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاءِ عن الشرك، من عمل عملاً أشركَ فيه معي غيري تركته وشركه
(حديثُ جندب ابن عبد الله في الصحيحين): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سمَّعَ سمَّعَ الله به ومن يُرائي يُرائي الله به.
(حديثُ أبي أُمامة صحيح النسائي): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى لا يقبلُ من العملِ إلا ما كان خالصاً وابتُغيَ به وَجهُهُ
) حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة.
(حديث جابر في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا تماروا به السفهاء و لا لتخيروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار.
من آداب طالب العلم عدم الاسترسال في التنعم والرفاهية:
(حديث أبي أمامة في صحيح بن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البذاذة من الإيمان. (حديث معاذ في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياك و التنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين.
من آداب طالب العلم أن يحرص على حِلَقِ العلم ولو بالتناوب مع زميلٍ له عند ضيقِ الوقت:
(حديث عمر في صحيح البخاري) قال: وكان رجلاً من الأنصار إذا غاب عن رسول الله وشهدته أتيته بما يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من آداب طالب العلم التحلي بالتواضع:
(حديث عِياضِ بن حمار في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد و لا يبغي أحد على أحد
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال و ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا و ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
(حديث أنس في الصحيحين) أنه مرَّ على صبيان فسلَّم عليهم وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
(حديث الأسود بن يزيد في صحيح البخاري) قال سُئلت عائشةُ رضي الله تعالى عنها ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم، قال أصحابه وأنت؟ فقال نعم كنت أرعاها على قراريط َ لأهل مكة.
(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو دُعِيتُ إلى ذراعٍ أو كُرَاعٍ لأجبت و لو أُهْدِيَ إليَّ ذراعٍ أو كُرَاعٍ لقبلت
…
.
(حديث أنس في صحيح البخاري) قال: كانت ناقةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء وكانت لا تُسبق، فجاء أعرابي على قَعُودٍ له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين فقالوا: سُبقت العضباء لِلَّهِ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن حقا على الله تعالى أن لا يرفع شيئا من أمر الدنيا إلا وضعه.
{تنبيه} : وكلما زاد تواضع طالب العلم زاد مقدار الحكمة عنده وتعلم العلم ومتى تكبر قلَّت حكمته ومنع العلم
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته و إذا تكبر قيل للملك: دع حكمته.
من آداب طالب العلم أن يكون علمه مرتكزاً على الكتاب والسنة الصحيحة:
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
…
تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
(حديث المقدام بن معد يكرب في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إني أُوتيت الكتاب ومثله معه.
(حديث المقدام ابن معد يكرب في صحيحي أبي داوود وزالترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوشِكُ الرجلُ متكئاً على أريكته يُحدثُ بحديثٍ من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرامٍ حرَّمناه، ألا وإن ما حرَّم رسول الله مثل ما حرَّم الله.
من آداب طالب العلم أن يتبع سنة الخلفاء الراشدين المهدين:
(حديث العرباض بن سارية في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة.
من آداب طالب العلم أن يتعهد الناس بالموعظة خلال الأيام:
(حديث أبن مسعودٍ في الصحيحين) قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظةِ خلال الأيام كراهة السآمة علينا.
من آداب طالب العلم أن يعظَ الناس بما يستطيع ولو آية:
(حديث عبد الله ابن عمرو في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عني و لو آية و حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج و من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
من آداب طالب العلم أن يتعلم قسطاً من البلاغة لاستمالة القلوب:
(حديث أبي موسى في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُعطيت الكلام وجوامعه وخواتمه.
{تنبيه} : وليحذر طالب العلم من الإفراط في البلاغة والتقعر في الكلام فإن ذلك مذموم
(حديث عبد الله ابن عمرو في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يُبْغِضُ البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخللَ الباقرةِ بلسانها.
معنى يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها: أن يتشدق بلسانه ويتقعر في الكلام ويتكلف الفصاحة فيلف الكلام لفاً كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفاً.
من آداب طالب العلم أن يتجنب الجدل العقيم الذي لا طائل من ورائه:
(حديث أبي أمامة في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا قوله تعالى (بل هم قومٌ خَصِمون)
(حديث أبي أمامة في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا و بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا و بيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.
(حديث عائشة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أبغض الرجال عند الله الألدُ الخَصِم.
من آداب طالب العلم أن يكتب ما يتعلمه ليرجع إلى الكتابة كلما أُشكل عليه شيء:
(حديث عبد الله ابن عمرو في صحيح أبي داود) قال كنت أكتب كلَ شيء أسمعُهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريشٌ وقالت: أتكتبُ كلَ شيء ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشرٌ يتكلم في الغضب والرضا فأمسكتُ عن الكتاب وذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال ك اكتب فوالدي نفسي بيده ما يخرجُ منه إلا حق.
من آداب طالب العلم أن لا يتجرأ على الفتيا:
(حديث أبي هريرة صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أُُفْتِيَ بغير علم كان إثمه على من أفتاه و من أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه.
من آداب طالب العلم أن لا يمنعه هيبة الناس أن يقول بحقٍ إذا علمه:
(حديث أبي سعيد في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يمنعنَّ رجلاً هيبةُ الناس أن يقول بحقٍ إذا علمه أو شهده أو سمعه.
من آداب طالب العلم أن يحذر قرين السوء:
(حديث أبي سعيد الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي.
حديث أبي هريرة الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
من آداب طالب العلم تعاهد المحفوظات من وقت إلى آخر:
(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها، أمسكها، وإن أطلقها، ذهبت.
[*] آداب العالم:
من آداب العالم أن لا يكتم العلم:
(حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار.
من آداب العالم أن يرحب بطلبة العلم لوصية النبي صلى الله عليه وسلم بهم:
(حديث أبي سعيد في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيأتيكم أقوام يطلبون العلم فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحبا بوصية رسول الله و أقنوهم.
*معنى أقنوهم: أي علموهم
من آداب العالم أن يصبر عليهم في تعليم العلم وأن يغرس في قلوبهم شجرة الصبر:
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يُوَقَّه.
من آداب العالم أن يكرر كلامه ويبينه أثناء التعليم حتى يفهم الجميع فإن العقول تتفاوت:
(حديث أنس في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه و إذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا.
من آداب العالم أن يجعل كلامه فصلاً بين المعنى يفهمه كل من يسمعه:
(حديث عائشة في صحيحي أبي داوود والترمذي) قالت كان كلام النبي صلى الله عليه وسلم فصلا يفهمه كل من سمعه.
من آداب العالم أن يكون في كلامه ترتيل وتمهل ليتمكن السامع من سماعه:
(حديث جابر في صحيح أبي داود) قال كان في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيل أو ترسيل.
من آداب العالم أن لا يكثر الكلام في الموضوع الواحد لأن كثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً:
(حديث أبي سعيد في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما قل و كفى خير مما كثر و ألهى.
(حديث عائشة في صحيح مسلم) قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحدِّث بحديثٍ لو عاده العادُّ لأحصاه.
من آداب العالم أن يضرب لهم الأمثال أثناء شرحه لهم ليقرِّب المعنى لهم:
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يومٍ خمساً، ما تقولُ ذلك يبقي من درنه؟ قالوا: لا يبقي من درنه شيئاً، قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله به الخطايا.
من آداب العالم أن لا يتسرع في الفتوى ولا يكن همُّه خلاص السائل وليكن همُّه خلاص نفسه فإن السلامة لا يعدلها شيء:
(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه و من أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه.
من آداب العالم أن يطبق العلم حتى ينجو من مقت الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ){الصف/3،2}
(حديث أسامة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يُؤتى بالعالم يوم القيامة فيُلقى في النار فتندلقُ أقتا به فيدور حولها كما يدور الحمار حول الرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ويحك، مالك كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه.
(حديث جندب ابن عبد الله في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل العالم الذي يعلم الناس الخير و ينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس و يحرق نفسه.
(حديث أنس في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون و يقرءون كتاب الله و لا يعملون به.
من آداب العالم أن يجعل يوماً لموعظة النساء تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم:
(حديث أبي سعيد في الصحيحين) قال قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك فوعدهنَّ يوماً لقيهنَّ فيه فوعظهنَّ وأمرهنَّ فكان فيما قال لهن: ما منكنَّ امرأةٌ تقدم ثلاثةً من ولدها إلا كان لها حجابٌ من النار فقالت امرأةٌ واثنين قال واثنين.
{تنبيه} : ينبغي للعالم أن يعظ النساء إذا لم يوجد من النساء من تكفيه مؤنة ذلك فإن وجد من النساء من تكفيه مؤنة ذلك فهو أفضل لأنه بذلك يكون قد حصل المقصود وهو الوعظ للنساء ويكون قد جنب نفسه الفتنة بالنساء التي هي أضر فتنةٍ على الرجال
(حديث أسامة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
من آداب العالم أن لا يدخل على الأمراء حتى يسلم منهم ويسلموا منه:
(حديث ابن عباس في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سكن البادية جفا و من اتبع الصيد غفل و من أتى السلطان افتتن.
(حديث رجلٍ من سليم في صحيح لجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم و أبواب السلطان فإنه قد أصبح صعبا هبوطا.
[*] فضل بعض العلوم التي يجب على طالب العلم أن يتحلى بها:
فضل علم التوحيد:
قال تعالى (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك){محمد/19}
(حديث ابن عباس في الصحيحين) قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ ابن جبل حين بعثه إلى اليمن إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم و ليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك و كرائم أموالهم و اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها و بين الله حجاب.
فضلُ علم القرآن:
(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب و طعمها طيب و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها و طعمها حلو و مثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر و مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح و طعمها مر.
(حديث عقبة ابن عامر في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين زهراوين في غير إثم و لا قطع رحم فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين و ثلاث خير له من ثلاث و أربع خير له من أربع و من أعدادهن من الإبل.
(حديث ابن مسعودٍ في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة و الحسنة بعشر أمثالها لا أقول: {ألم} حرف و لكن: ألف حرف و لام حرف و ميم حرف.
(حديث ابن عباس في صحيحي الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن و {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن و {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن.
(حديث عائشة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذي يقرأ القرآن وهو حافظٌ له مع السفرةِ الكرامِ البررة والذي يقرأ القرآن ويتعاهده وهو عليه شديد فله أجران.
(حديث جابر في صحيح أبي داود) قال: خرج علينا رسول الله ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والأعجمي فقال: اقرؤا فكلٌ حسن وسيجئُ أقوامٌ يقيمونه كما يُقام القدحُ يتعجلونه ولا يتأجلونه.
(حديث عمر في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضعُ به آخرين.
(حديث عبد الله بن عمرو في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال لصاحب القرآن: اقرأ و ارق و رتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها.
(حديث عبد اله بن عمرو في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام و الشهوات بالنهار فشفعني فيه يقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيُشَفَّعان.
* معنى فيشفَّعان: أي فتقبل شفاعتهما
(حديث عثمان في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل و آناء النهار فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما
أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل و رجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل.
(حديث عائشة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذي يقرأ القرآن وهو حافظٌ له مع السفرةِ الكرامِ البررة والذي يقرأ القرآن ويتعاهده وهو عليه شديد فله أجران.
(حديث أنس في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أهل القرآن أهل الله وخاصته.
(حديث أبي مسعودٍ الأنصاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا و لا يؤمنَّ الرجلُ الرجلَ في أهله و لا في سلطانه و لا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه.
(حديث ابن عباس في صحيح البخاري موقوفاً) قال: كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله تعالى عنه كهولاً كانوا أم شباناً.
(حديث أبي موسى في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه و إكرام ذي السلطان المقسط.
(حديث جابر في صحيح البخاري) قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحدٍ في الثوب الواحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن فإذا أُشير إلى أحدهما قدَّمه في اللحد وقال أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسَّلوا ولم يُصلى عليهم.
[*] آداب قراءة القرآن:
من آداب قراءة القرآن ينظف فاه بالسواك فإنه مطهرةٌ للفم مرضاةٌ للرب:
(حديث عائشة في صحيح النسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: السواك مطهرةٌ للفم مرضاةٌ للرب.
يستحب للقارئ أن يقرأ وهو جالس مستحضراً عظمةَ من يناجيه خاشعاً متذللاً بين يدي الله تعالى، ولو قرأ قائماً أو مضطجعاً في فراشه أو غير ذلك من الأحوال جاز:
قال تعالى: (إنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وقعودا وعلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ والأرض ربنا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران/191،190}
(حديث عائشة في صحيح مسلم) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحواله.
ويجب على القارئ إذا أراد الشروع في القراءة أن يستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم
لقوله تعالى (فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ){النحل/98}
ينبغي له أن يحافظ على قراءة البسملة في أولِ كل سورة سوى سورة براءة:
إذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر وطرد الشواغل عن ذهنه:
قال تعالى أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لوجدوا فيه اخْتِلَافًا كَثِيراً {النساء/82}
وقال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا){محمد /24}
وقال تعالى (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لّيَدّبّرُوَاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكّرَ أُوْلُو الألْبَابِ){ص/29}
{تنبيه} : كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم اهتماماً بالغاً بتدبر القرآن وكان أحياناً لا يزال يردد آيةً حتى يصبح
(حديث أبي ذر في صحيحي النسائي وابن ماجة) قال قام النبي صلى الله عليه وسلم بآيةٍ يرددها حتى أصبح، والآية قال تعالى:(إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[المائدة / 118]
البكاء عند قراءة القرآن فإن ذلك سمة عباد الله الصالحين:
قال تعالى (وَيَخِرّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً){الإسراء /109}
وقال تعالى (إِذَا تُتْلَىَ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرّحْمََنِ خَرّواْ سُجّداً وَبُكِيّاً){مريم/58}
استحباب ترتيل القرآن:
امتثالاً لقوله تعالى (ورتل القرآن ترتيلا){المزمل /4}
(حديث عبد الله بن المغفل في الصحيحين) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورةَ الفتح فرجَّع في قراءته)
(حديث أم سلمة في صحيح الترمذي) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته آية آية: {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف: {الرحمن الرحيم} ثم يقف.
يكره الإفراط في السرعة في قراءة القرآن لأنها لا تسمح بالتدبر:
(حديث ابن مسعود في الصحيحين) أن رجلاً قال له لقد قرأت المفصل في ركعة فقال هذا كهزِ الشعر إن قوماً يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع.
*المقصود بقوله (كهذ الشعر): كانت عادتهم في إنشاد الشعر السرعة المفرطة
يستحب له أن لا يمرُّ بآية رحمة إلا سأل ولا بآية فيها عذاب إلا استجار:
(حديث حذيفة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة وآل عمران والنساء في ركعة، لا يمر بآيةِ رحمةٍ إلا سأل ولا بآيةِ عذاب إلا استجار.
استحباب قراءة القرآن مجتمعين:
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده.
كراهية الاختلاف في كتاب الله تعالى:
(حديث جندب ابن عبد الله في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فيه فقوموا
(حديث ابن مسعود في صحيح البخاري) قال سمعت رجلاً قرأ آيةً سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كلاكما محسن، لا تختلفوا فإنه من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا.
استحباب الجهر بالقراءة إذا لم يخف على نفسه الرياء والعجب:
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به
استحباب الإسرار بالقراءة إذا خاف على نفسه الرياء والعجب:
(حديث عقبة بن عامر في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة و المسر بالقرآن كالمسر بالصدقة.
استحباب تحسين الصوت بالقرآن:
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به.
(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من لم يتغن بالقرآن.
(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لقد أُتيت مزماراً من مزامير آل داود. (حديث البراء في صحيحي أبي داوود والنسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال زينوا القرآن.
(حديث البراء في الصحيحين) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء (والتين والزيتون) فما سمعت أحداً أحسن صوتً منه.
{تنبيه} : بينت السنة الصحيحة أن أحسن الناس صوتاً بالقرآن هو الذي إذا سمعته يقرأ حسبته يخشى الله (حديث جابر في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله.
يستحب طلب القراءة الطيبة من إنسان حسن الصوت:
(حديث ابن مسعود في لصحيحين) قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي القرآن فقلت يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أُنزل، قال: إني أحب أن أسمعه من غيري.
تحريم الجدال في القرآن بغير حق:
(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المراء في القرآن كفر.
استحباب دعاء ختم القرآن:
(حديث عمران بن حصين في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرءون القرآن يسألون به الناس.
[*] آدابُ حملة القرآن:
ويجب على حامل القرآن أن يحافظ على تلاوته ويتعاهده باستمرار حتى لا ينساه:
(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعاهدوا القرآن فالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من قلوب الرجال من الإبل من عقلها.
معنى تفصياً: أي تفلتاً
(حديث ابن مسعود في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بئسما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت و كيت بل هو نُسِيَ، واستذكروا القرآن فأنه أشدُّ تفصِّياً من صدور الرجال من النَّعم في عُقُلها.
معنى بل نُسِيَ: أي عوقب بالنسيان لتفريطه فاستذكار القرآن
ويجب عليه أن يجاهد نفسه في مراجعة القرآن حتى يشربه كشرب اللبن:
(حديث عقبة ابن عامر في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيخرج أقوام من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن.
جواز ختم القرآن في يومٍ وليلة لصدور ذلك عن عثمان رضي الله عنه:
(حديث العرباض بن سارية في صحيح أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة.
نفي الفقه لا نفي الثواب من قرأ القرآن في أقل من ثلاث:
(حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث.
ينبغي لحامل القرآن أن يعتني بقراءة القرآن بالليل أكثر من النهار، وذلك لكونها أجمع للقلب وأثبت للحفظ لقوله تعالى:(إِنّ نَاشِئَةَ اللّيْلِ هِيَ أَشَدّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً)[المزمل / 6]
يجب على حامل القرآن أن لا يسافر بالمصحف إلى أرض العدو حتى لا يناله بسوء أو امتهان _ قسم الله ظهر من أعان على امتهان القرآن بشطر كلمة.
(حديث ابن عمر في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو.
[*] فضائل بعض السور:
فضل سورة الفاتحة:
(حديث أبي سعيد المعلي في صحيح البخاري) قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت يا رسول الله إنك قلت لأعلمنَّك أعظمُ سورةٍ في القرآن، قال: الحمد لله رب العلمين هي السبعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.
فضل سورة البقرة:
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجعلوا بيوتكم مقابر وإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله شيطا ن.
فضل آية الكرسي:
(حديث أبي بن كعب في صحيح مسلم) قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا المنذر أتدري أيُ آيةٍ من كتاب الله معك أعظم؟ قال قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم. قال فضرب في صدري وقال ليهنك العلم يا أبا المنذر.
(حديث أبي أمامة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت.
فضل خواتيم سورة البقرة:
(حديث أبي مسعودٍ الأنصاري في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ كفتاه.
(حديث حذيفة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُعطيتُ الآيات من آخر سورة البقرة من كنزٍ تحت العرش لم يعطها نبيٌ قبلي.
فضلُ سورتي البقرة وآل عمران:
(حديث أبي أمامة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين: البقرة و آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة و لا تستطيعها البطلة.
فضلُ سورة هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون:
(حديث ابن عباس في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شيبتني هود و الواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت
…
.
فضلُ سورة الكهف:
(حديث أبي الدر داء في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال.
(حديث أبي سعيد في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين.
(حديث أبي سعيد في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه و بين البيت العتيق.
فضلُ سورتي السجدة والملك:
(حديث جابر في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك.
(حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ? إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غُفر له: تبارك الذي بيده الملك.
(حديث ابن مسعود في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر.
فضلُ سورة الزلزلة:
(حديث ابن عباس في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن و {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن و {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن.
فضلُ سورة الكافرون:
(حديث ابن عباس في صحيح الترمذي){إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن و {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن و {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن.
(حديث فروة بن نوفل في صحيح الترمذي) أن أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني شيئاً أقوله إذا أويتُ إلى فراشي فقال: اقرأ {قل يا أيها الكافرون} عند منامك فإنها براءة من الشرك.
فضلُ المُعَوِّذات:
(حديث عبد الله بن خبيب في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قل هو الله أحد} و المعوذتين حين تمسي و حين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء.
فضلُ سورة الإخلاص:
(حديث أبي سعيدٍ الخدري في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن.
(حديث معاذ بن أنس الجهني في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ {قل هو الله أحد} عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة.
[*] فضلُ علم السنة:
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض.
(حديث المقدام بن معد يكرب في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوشك الجل متكئأً على أريكته يُحدَّث بحديثٍ من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلالٍ استحللناه وما وجدنا فيه من حرامٍ حرَّمناه، ألا وإن ماحرَّم رسول الله مثل ما حرَّم الله.
(حديث المقدام بن معد يكرب في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا وإني أُوتيت القرآن ومثله معه.
(حديث زيدٍ بن ثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نضَّر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه و رب حامل فقه ليس بفقيه.
(حديث عائشة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
(حديث عائشة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
فضلُ علم الفقه:
(حديث معاوية في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين و إنما أنا قاسم و الله يعطي و لن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز و جل.
فضلُ علم الهدي والآداب:
(حديث ابن عباس في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: السمتُ الصالح والهدي الصالح و الاقتصاد جزء من خمسةٍ و عشرين جزءا من النبوة.
معنى السمت الصالح: حسن الهيئةِ في الدين
معنى الهدي الصالح: الأدب
[*] وهاك بعض الآداب التي يجب على طالب العلم أن يتحلى بها:
أهمية ضبط اللسان:
(حديث عقبة بن عامر في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك.
(حديث أبي سعيدٍ في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا و إن اعوججت اعوججنا.
(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات و إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم.
(حديث سهل بن سعد في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه أضمن له الجنة.
(حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق ، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ قال الفم والفرج.
(حديث معاذ في صحيحي الترمذي وابن ماجة) قال قلت يا رسول الله أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنة ويباعدني من النار؟ قال لقد سألتني عن عظيم و إنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله لا تشرك به شيئا و تقيم الصلاة المكتوبة و تؤتي الزكاة المفروضة و تصوم رمضان و تحج البيت ; ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة و الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار و صلاة الرجل في جوف الليل ; ألا أخبرك برأس الأمر وعموده و ذروة سنامه؟ رأس الأمر الإسلام و عموده الصلاة و ذروة سنامه الجهاد ; ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ كف عليك هذا - و أشار إلى لسانه - قال: يا نبي الله لِلَّهِ و إنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ لِلَّهِ و هل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم.
*معنى مِلاك ذلك: قِوامه أي ما يقوم به كله
(حديث ابن مسعود في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس المؤمن بالطعان و لا اللعان و لا الفاحش و لا البذيء.
التحلي بفضيلة حسن الخلق:
قال تعالى مثنياً على نبيه صلى الله عليه وسلم: (وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ)[سورة: القلم - الآية: 4]
(حديث أنس في الصحيحين) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً.
(حديث أنس في الصحيحين) قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أخذ أبو طلحة بيدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أنساً غلامٌ كيسٌ فليخدمك، قال: فخدمته في الحضر والسفر فوالله ما قال لي لشيءٍ صنعته لم صنعت هذا هكذا ولا لشيء لم أصنعه لِمَ لَمْ تصنع هذا هكذا.
(حديث النواس ابن سمعان في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البر حسن الخلق و الإثم ما حاك في صدرك و كرهت أن يطلع عليه الناس.
(حديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين) قال لم يكن رسول الله فاحشاً ولا متفحشاً وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً.
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق.
(حديث أبي الدر داء في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق، فإن الله يُبْغِضُ الفاحشَ البذيء.
(حديث عائشة في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة القائم الصائم.
(حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي وابن ماجة) قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يُدخل الناس النار؟ فقال الفم والفرج.
(حديث جابر في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من أحبكم إلي و أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا و إن من أبغضكم إلي و أبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون و المتشدقون و المتفيهقون قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون.
*معنى الثرثارون: كثيري الكلام
*معنى المتشدقون: الذي يتشدَّقُ على الناس في الكلام ويبذو عليهم
(حديث أبي أمامة في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا، و بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا، و بيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.
ترويض النفس على حسن الخلق، فإنه من يتحر الخير يعطه:
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يُوّقَّه.
(حديث شداد بن أوس في صحيح النسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن تصدق الله يصدقك.
يمكن اكتساب حسن الخلق عن طريق مصاحبة أهل الخير والصلاح:
(حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المرء على دين أخيه فلينظر أحدكم من يخالل.
(حديث أبي سعيد في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي.
ويمكن اكتساب حسن الخلق أيضاً بالتضرع إلى الله تعالى بأن يمنَّ عليك بهذه النعمة:
(حديث ابن مسعود في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي.
التحلي بفضيلة السَمْتِ الصالح:
(حديث ابن عباس في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: السمت الصالح والهدي الصالح والاقتصاد جزء من خمسةٍ و عشرين جزءا من النبوة.
التحلي بفضيلتي الحِلمِ والأناة:
(حديث ابن عباس في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأشج عبد القيس: إن فيك لخصلتين يحبهما الله تعالى: الحلم و الأناة.
(حديث سعد بن أبي وقاص في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة.
(حديث أنس في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التأني من الله والعجلة من الشيطان.
التحلي بفضيلة الرفق:
(حديث جرير ابن عبد الله في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يُحرم الرفق يُحرم الخير.
(حديث عائشة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه ولا ينزعُ من شيءٍ إلا شانه.
(حديث عائشة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة إن الله رفيقٌ يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه.
التحلي بفضيلة احتمال الأذى:
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن رجلاً قال يا رسول الله إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني وأُحسِن إليهم ويُسِيئون إليَّ وأحلمُ عنهم ويجهلون عليَّ فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهِمُ الملَّ و لا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
التحلي بفضيلة العفو والإعراض عن الجاهلين:
قال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[سورة: الأعراف - الآية: 199]
و قال تعالى: (فَاصْفَحِ الصّفْحَ الْجَمِيلَ)[سورة: الحجر - الآية: 85]
و قال تعالى: (وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوَاْ أَلَا تُحِبّونَ أَن يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ)[سورة: النور - الآية: 22]
و قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللّهُ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ)[سورة: آل عمران - الآية: 134]
و قال تعالى: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الاُمُورِ)[سورة: الشورى - الآية: 43]
(حديث عائشة في الصحيحين) أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يومٌ كان أشد من أحد؟ لقد لقيت من قومك ما لقيت، و كان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كُلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت و أنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا و أنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع كلام قومك لك و ما ردوا عليك و قد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد لِلَّهِ فقال ذلك فما شئت إن شئت أطبق عليهم الأخشبين قلت: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا.
معنى الأخشبين الجبلان المحيطان بمكة، والأخشب الجبل الغليظ
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال و ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا و ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
(حديثا ابن مسعود في الصحيحين) قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً ضربه قومُهُ فأدمَوه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
التحلي بالصمت وقلةِ الكلام:
(حديث عبد الله بن عمرو في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صمت نجا.
(حديث جابر بن سمرة في صحيح الترمذي) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت قليل الضحك.
(حديث عائشة في صحيح مسلم) قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحدِّث بحديثٍ لو عدَّه العادُّ لأحصاه.
(حديث أنس في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله امرءاً تكلم فغنم أو سكت فسلم.
التحلي بالصدق:
قال تعالى (يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصّادِقِينَ)(التوبة /119)
والصدق يهدي إلى البر الذي هو جوامع الخير، والبر يهدي إلى الجنة
(حديث ابن مسعودٍ في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر و إن البر يهدي إلى الجنة و ما يزال الرجل يصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا و إياكم و الكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور و إن الفجور يهدي إلى النار و ما يزال الرجل يكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
تحلية اللسان بقراءة القرآن وحفظه:
(حديث عقبة بن عامر في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم و لا قطع رحم فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين و ثلاث خير له من ثلاث و أربع خير له من أربع و من أعدادهن من الإبل.
(حديث ابن مسعودٍ في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة و الحسنة بعشر أمثالها لا أقول: {ألم} حرف و لكن: ألف حرف و لام حرف و ميم حرف.
*والقرآن يرفع صاحبه في الدنيا والآخرة
(حديث عمر في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين
(حديث عبد الله بن عمرو في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقال لصاحب القرآن: اقرأ و ارق و رتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها.