الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"لا يُغْلَقُ الرهنُ؛ لصاحبِه غُنْمُه وعليه غُرْمُه"(1)، ولو تم تضمين المرتهن لامتنع الناس من فعله، خوفًا من الضمان.
ويرى الحنفية أن يد المرتهن يد ضمان، فيضمن المرتهن إن هلك بيده الأقل من قيمته ومن الدين، واستدلوا بحديث عطاء بن أبي رباح أنه حدث أن رجلًا رهن فرسًا فنفق في يده فقال رسول الله للمرتهن:"ذَهَبَ حَقُّكَ"(2).
وفرق المالكية بين ما يمكن إخفاؤه كالحلي والعروض وبين ما لا يمكن إخفاؤه كالحيوان والعقار: فيضمن الأول، ولا يضمن الثاني إلا بتفريط منه (3).
والراجح: أن الرهن أمانة بيد المرتهن؛ لحديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُغْلَقُ الرهنُ وهو ممّن رهنه، له غُنْمُه وعليه غُرْمُه"(4)، أي: له غلته وخراجه وعليه خسارته وهلاكه، والراهن قد رضي أمانة المرتهن فأشبه المودع، ثم إن مالكًا رأى أن ما ظهر هلاكه كالعقار أمانة، فينبغي أن يكون كله أمانة، وكذلك فإن أبا حنيفة يرى أن ما زاد من قيمة الرهن على قيمة الدين هو أمانة فينبغي أن يكون كله أمانة.
متى يستحق بيع المرهون
؟
المرهون حق الراهن له ملكه، لكن إذا حل الدين لزم الراهن بطلب المرتهن إيفاء الدين؛ لأنه دين حالٌّ فلزم إيفاؤه كالدين الذي لا رهن به، فإن وُفِّيَ الدينُ
(1) أخرجه البيهقيُّ (6/ 39).
(2)
أخرجه أبو داود في المراسيل، ونقل الزيلعيُّ عن ابن القطان أنه ضعف الراوي عن عطاء. نصب الراية (4/ 321).
(3)
فتح القدير (9/ 70)، وبداية المجتهد (2/ 247)، نهاية المحتاج (4/ 181)، وكشاف القناع (3/ 341).
(4)
رواه الدارقطني (3/ 33)، والحاكم في المستدرك (2/ 51).
جميعه من غير المرهون انفك الرهن فإن لم يف بالدين كله أو بعضه وجب على الراهن بيع المرهون بنفسه أو وكيله بإذن المرتهن، ويُقَدَّم المرتهن في ثمنه على سائر الغرماء، فإن امتنع الراهن من سداد الدين وبيع المرهون عزره الحاكم بالحبس لبيع المرهون، فإن لم يفعل باع الحاكمُ المرهونَ وقضى الدينِ من ثمنه، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة، وقال المالكية ببيعِ الحاكمِ المرهونَ دون حبس وَيُؤَدَّى الدينُ من ثمنه.
ويرى الحنفية أن للمرتهن مطالبةَ الراهن لِسداد الدين، ومطالبة الحاكم بحبسه إن ظهر مَطْلُه، ولا يبيع القاضي المرهون، لأنه نوع حَجْرٍ وفي الحجر إهدارُ أَهْلِيَتِهِ، فلا يجوز، ولكنه يحبسه حتى يبيعه؛ دفعًا للظلم (1).
الراجح: أن الحاكم يبيع المرهون ويؤدي من ثمنه دون حبس للراهن؛ لأن الهدف هو سداد الدين وهو يتحقق بذلك مع ما يترتب على الحبس من سلبيات اجتماعية وغيرها، فإن وفى المرهون قيمة الدين انتهي الدين، وإلا بقي على الراهن الفرق بين قيمة الرهن والدين فيجب عليه تسديده.
(1) روضة الطالبين (4/ 88)، وكشاف القناع (3/ 341)، وشرح الزرقاني (5/ 153).