الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنفعة فصح وقفه كالعقار، ولأنه يصح وقفه مع غيره فصح وقفه وحده. وإذا تلف المنقول يستبدل بالعين مثلها عند بُدُوِّ انتهائها إن أمكن. وإن لم يمكن استبداله انتهى الوقف (1).
الراجح: جواز وقف العقار والمنقول، لما ذكره المجيزون من أدلة ولإمكان الاستفادة أكثر من الأوقاف فيما هو من مصالح المسلمين؛ إذ في القول بمنع وقف المنقول تضييقٌ على الناس وتعطيلٌ لمصالحَ ورد الشرع بمراعاتها.
وقف المشاع:
يصح وقف المشاع؛ لحديث عمر: "أنه أصاب مائةَ سهمٍ من خيبرَ واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فيها فأمره بوقفها" متفق عليه. وهذا صفة المشاع وبه يحصل تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة (2).
الوقف على أهل الذمة:
ويصح الوقف على أهل الذمة كالنصارى؛ لأنهم يملكون ملكًا محترمًا ويجوز أن يتصدق عليهم فجاز الوقف عليهم؛ وذلك لما رُوي: "أن صفية بنت حيىٍّ زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقفت على أخٍ لها يهوديٍّ"(3).
شروط الواقف:
إرادة الواقف معتبرة وهي مقيدة بأحكام الشرع، فلا يصح أن يكون مصرف الوقف منهيًّا عنه أو يشترط شرطًا فيه مخالفة لأوامر الشارع، قال ابن القيم: "إنما ينفذ من شروط الواقفين ما كان لله طاعةً وللمكلف مصلحةً، وأما إن
(1) نهاية المحتاج (5/ 486)، والشرح الكبير على المقنع (6/ 243).
(2)
المغني (8/ 233)، ونهاية المحتاج (4/ 362).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (6/ 33).
كان بغير ذلك فلا حرمة له كشرط التعزب والترهب المضاد للشريعة"، ثم يقول: "وبالجملة فشروط الواقفين أربعة: شروط محرمة في الشرع، وشروط مكروهة لله سبحانه وتعالى وشروط تتضمن ترك ما هو أحب إلى الله ورسوله، وشروط تتضمن فعل ما هو أحب إلى الله ورسوله، فالأقسام الثلاثة الأولى لا حرمةَ لها ولا اعتبارَ، والقسم الرابع هو الشرط الواجبُ الاعتبارِ".
وكتاب الوقف الذي تحرر فيه إرادة الواقف تحريرًا كاملًا يعد المرجع في الوقف ما لم يخالف الأحكام الشرعية في ذلك وفقًا لما ذكره ابن القيم، وما لم ينص فيه في كتاب الوقف فإنه تنفذ فيه الأحكام الشرعية الواردة في الأوقاف، وطرق تفسير كتب الأوقاف هي الطرق التي يسلكها الفقهاء في تفسير النصوص الشرعية فيحمل المطلق على المقيد، والعام على الخاص، وينسخ المتأخر من الشروط المتقدم، ولذلك شاع بين الفقهاء عبارة:"شرط الواقف كنص الشارع"، أي: يُلْتَزَمُ في طريق تفسيره ما يلتزم في تفسير النصوص الشرعية. وتطبيقًا لذلك فإنه يرجع إلى شرط الواقف في القسمة على الموقوف عليهم، كأن يكون للأنثى سهم وللذكر سهمان وفقًا لما قسمه الله في الميراث.
ويلتزم شرطه في التقديم بأن يقف مثلًا على أولاده الأفقه أو الأكثر حاجة ونحوه، لكن إن كان من باب الأثرة والتمييز دون مسوغ شرعي فلا يلتزم. ويلتزم شرطه في الجمع كأن يقف على أولاده وأولاد أولاده ونسله وعقبه، وكذلك في الترتيب بأن يقف على أولاده ثم أولادهم فلا يستحق المؤخر مع وجود المقدم (1).
(1) المبدع (5/ 333)، وإعلام الموقعين، لابن القيم (3/ 94)، ومحاضرات في الوقف، محمد أبو زهرة (ص: 145).