الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في البدائع: (ومنها) -أي: من الشروط- أن يكون مملوكًا للواهب، فلا تجوز هبة مال الغير بغير إذنه، لاستحالة تمليك ما ليس بمملوك.
ثالثًا: الشروط المعتبرة في الموهوب:
1 -
كونه موجودًا وقت الهبة فلا تصح هبة ما ليس بموجود وقت العقد كأن يهب له ثمر بستانه في العام المقبل أو ما تلد أغنامه بعد حملها. وبه قال الأحناف والشافعية والحنابلة.
قال في المغني: "ولا تصح هبة الحمل في البطن واللبن في الضرع، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعيُّ وأبو ثور؛ لأنه مجهول معجوز عن تسليمه"(1).
2 -
كون الموهوب مقبوضًا، وهو قول الأحناف والشافعية والحنابلة غير أن الحنابلة لهم تفصيل في مسألة القبض سنذكره -إن شاء الله-.
قال صاحب البدائع: "ومنها" أي من الشروط القبض وهو أن يكون الموهوب مقبوضًا.
وقال مالك رحمه الله: ليس بشرط ويملكه الموهوب له من غير قبض -إلى قوله-: ولنا إجماع الصحابة على أنهم قالوا: لا تجوز الهبة إلا مقبوضة محوزة، ولم يرد على غيرهم خلافه، ولأنها عقد تبرع فلو صحت بدون القبض لثبت للموهوب له ولاية مطالبة الواهب بالتسليم، فتصير عقد ضمان، وهذا تغيير المشروع (2) أ. هـ.
قال في المجموع: "لا يملك الموهوب الهبة إلا بقبضها؛ فقد روى عروة عن عائشة رضي الله عنها-: أن أبا بكر رضي الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقًا من ماله بالعالية، فلما
(1) انظر: المغني، لابن قدامة (8/ 249).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 119).
مرض قال: يا بنية، ما أحدٌ أحبَّ إلي بعدي منك، ولا أحد أعز عليَّ فقرًا منك، وكنت نحلتك جذاذ عشرين وسقًا ووددْتُ أنك حزتيه أو قبضتيه وهو اليوم مال الوارث، وإنما هما أخواكِ وأختاكِ فاقتسموا على كتاب الله عز وجل" (1).
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "ما بالُ أقوامٍ ينحلون أولادهم، فإذا مات أحدهم قال: مالي وفي يدي، وإذا مات هو قال: كنت نحلته ولدي، لا نحلة إلا نحلة يحرز الولد دون الوالد، فإن مات ورثه"(2).
قال صاحب المغني في شرحه لقول الخرقي: "ولا تصح الهبة والصدقة فيما يكال أو يوزن إلا بقبضه، ويصح في غير ذلك بغير قبض إذا قَبِلَ كما يصح في البيع".
قال ابن قدامة في شرحه لكلام الخرقي: "يعني أن غير المكيل والموزون تلزم الهبة فيه بمجرد العقد ويثبت الملك في الموهوب قبل قبضه، وروي ذلك عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما فإنه يروى عنهما أنهما قالا: "الهبة جائزة، إذا كانت معلومة، قبضت أو لم تقبض"، وهو قول مالك وأبي ثور، وعن أحمد رواية أخرى: لا تلزم الهبة في الجميع إلا بالقبض. وهو قول أكثر أهل العلم"(3).
قال صاحب المغني: "ومتى قلنا إن القبض شرط في الهبة لم تصح فيما لا يمكن تسليمه كالعبد الآبق والجمل الشارد والمغصوب لغير غاصبه ممّن لا يقدر على أخذه من غاصبه، وبهذا يقول أبو حنيفة والشافعيُّ؛ لأنه عقد يفتقر إلى القبض فلم يصح في ذلك كالبيع"(4).
(1) أخرجه مالك: كتاب الأقضية، باب ما لا يجوز فيه النحل، في موطأ مالك (2/ 752)، والبيهقيُّ كتاب الهبات، باب شرط القبض في الهبة، في السنن الكبرى (6/ 170).
(2)
المجموع شرح المهذب (16/ 351).
(3)
المغني، لابن قدامة (8/ 244).
(4)
المغني، لابن قدامة (8/ 248).