الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجوع الأب فيما وهب لابنه:
إذا وهب الأب ابنه شيئًا فهل له الرجوع فيما وهب؟
للفقهاء في ذلك قولان:
الأول: مذهب مالك والشافعيُّ وظاهر مذهب أحمد أن للأب الرجوعَ فيما وهب لولده، وذلك لحديث النعمان بن بشير السابق وفيه قوله:"فَارْدُدْهُ"، وفي لفظ:"فأَرْجِعْهُ".
الثاني: قال الحنفية: إنه ليس له الرجوع فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم:"العائدُ في هبتِه كالعائدِ في قيئِه"(1). وهو رواية أخرى لأحمد (2).
والأول هو الصحيح عندنا، وبه قال الشيخ محمَّد بن العثيمين رحمه الله حيث قال في جوابه على حديث:"العائدُ في هبتِه كالعائدِ في قيئِه": لكننا نقول في الجواب عن هذا أن الاستثناء وإن كان ضعيفًا فله ما يعضده وهو أن الأب له أن يتملك من مال ولده ما شاء، وإذا كان له أن يتملك ما شاء فرجوعه فيما وهبه لابنه من باب أولى (3).
شروط الرجوع هبة الولد:
أحدهما: أن تكون باقية في ملك الابن، فإن خرجت عن ملكه لم يكن له الرجوع فيها؛ لأنه إبطال لملك غير الولد. وإن عادت إليه بسبب جديد لم يملك الرجوع فيها؛ لأنها عادت بملك جديد لم يستفده من قِبَلِ أبيه.
(1) متفق عليه. انظر في البخاري، كتاب الهبة، في باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها (3/ 207)، ومسلمٌ، كتاب الهبة، باب تحريم الرجوع في الصدقة (3/ 1241).
(2)
انظر في المغني، لابن قدامة (8/ 261 - 262).
(3)
الممتع في شرح زاد المستقنع (4/ 605)، المكتبة الإِسلامية بالقاهرة.
ثانيًا: أن تكون العين باقية في تصرف الولد بحيث يملك التصرف في رقبتها.
ثالثًا: أن لا يتعلق بها رغبة لغير الولد، فإن تعلقت بها رغبة لغيره مثل أن يهب ولده شيئًا فيرغب الناس في معاملته وأدانوه ديونًا أو رغبوا في مناكحته فزوجوه إن كان ذكرًا أو تزوجت الأنثى لذلك ففيه قولان:
1 -
ليس له الرجوع، وهذا مذهب مالك ورواية عن أحمد؛ لأنه تعلق به غير حق الابن ففي الرجوع إبطال حقه وقد قال صلى الله عليه وسلم:"لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ"(1)، وفي الرجوع ضرر ولأن في هذا إلحاقَ ضررٍ بالمسلمين.
2 -
له الرجوع؛ لعموم الخبر ولأن حق المتزوج والغريم لم يتعلق بعين هذا المال فلم يمنع الرجوع فيه. وهو رواية عن أحمد.
رابعًا: أن لا تزيد زيادة متصلة كالسِّمن والكبر وتعلم صنعة، فإن زادت فقد اختلف الفقهاء على قولين:
أحدهما: لا تمنع الرجوع، وهو مذهب الشافعي ورواية عن أحمد؛ لأنها زيادة في الموهوب فلم تمنع الرجوع.
والثانية: تمنع الرجوع، وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد؛ لأن الزيادة للموهوب له لكونها نماءً مَلَكَه ولم تنتقل إليه من جهة أبيه فلم يملك الرجوع فيها كالمنفصلة، وإذا امتنع الرجوع فيها امتنع عن الأصل؛ لئلا يفضي إلى سوء المشاركة (2).
(1) أخرجه ابن ماجه برقم (2340)، وصححه الألباني في الإرواء (3/ 408) برقم (896).
(2)
انظر تفاصيل هذه الشروط في المغني، لابن قدامة (8/ 264 - 267).