الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقسام الصلح:
ينقسم الصلح بين المتخاصمين في الأموال إلى قسمين:
القسم الأول: صلح على إقرار: وذلك بأن يكون المدَّعَى عليه مقِرًا بحق خصمه وهو نوعان:
1 -
الصلح على جنس الحق ببعضه: كما إذا كان دينا فأسقط بعضه أو عينا فوهب له بعضها، فيصح ذلك؛ لأنه جائز التصرف وله حق التنازل عن بعض حقه.
2 -
الصلح عن الحق بغير جنسه: كما إذا كان له عليه دين فاصطلح معه على أرض عوضًا عنه، وذلك صحيح؛ لأنه معاوضة وتجرى عليه أحكام تلك المعاوضة ويجوز ذلك باتفاق الفقهاء.
القسم الثاني: صلح على إنكار: وهو أن يَدَّعِيَ شخص على آخر عينًا أو دينًا أو منفعة فينكر ما ادعاه ثم يتصالحا، فقد اختلف الفقهاء في ذلك:
فيرى الحنفية والمالكية والحنابلة: أن الصلح مع الإنكار والسكوت جائز، وهو في حق المنكر إبراء؛ لأنه بذل العوض لدفع الخصومة عن نفسه.
ويرى الشافعية: أنه لا يجوز الصلح مع الإنكار والسكوت؛ لأنه من أكل المال بالباطل من غير عوض حيث لم يثبت الحق على المدَّعَى عليه المنكِر (1).
والراجح: جواز الصلح في ذلك؛ قطعًا وإنهاء للنزاع، أما إذا كان أحدهما كاذبًا فالصلح في حقه باطل وما أخذه حرام عليه؛ لأنه من أكل المال بالباطل.
الصلح عن المجهول:
يرى المالكية والحنابلة: أنه يصح الصلح عن المجهول سواء كان عينًا أو دينًا
(1) البدائع (6/ 40)، وبداية المجتهد (2/ 294)، ونهاية المحتاج (4/ 387)، والمغني (7/ 6).
إذا كان لا سبيل إلى معرفته.
ويرى الحنفية: أنه لا يجوز إذا كان مما يحتاج إلى التسليم؛ لئلا يفضيَ إلى المنازعة كما إذا ادعى حقًا في دار رجل ولم يسم فاصطلحا على مال معلوم يعطى المدعي، وأما إذا كان مما لا يحتاج إلى التسليم كترك الدعوى مثلًا، فيجوز؛ لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة فهو بمنزلة الإبراء عن المجهول وهو جائز.
ويرى الشافعية: أنه لا يصح الصلح عن مجهول؛ لأن الصلح فرع البيع ولا يصح بيع المجهول.
والراجح: جواز الصلح عن المجهول؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختَصِمون إليَّ وإنما أنا بشرٌ ولعلَّ بعضَكم ألحنُ بحُجَّتِه من بعضٍ، فإني أقضي بينكم على نحوٍ مما أسمعُ، فمن قضيتُ له من حقِّ أخيه شيئًا فلا يأخذْه، فإنما أقطعُ له قطعةً مِنَ النارِ يأتي بها أسطامًا في عنقهِ يومَ القيامةِ"، فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما: حقي لأخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمَّا إذ قلتما فاذهبا فَاقْتَسِما ثم توَّخيَا الحقَّ ثم اسْتَهِمَا ثم لِيَحْلِلْ كلُّ واحدٍ منكما صاحبَه"(1).
ولأنه إسقاط حق فصح في المجهول، ولأنه إذا كان معلومًا فلهما طريق إلى التخلص وبراءة أحدهما من صاحبه بدونه، ومع المجهول لا يمكن ذلك، فلو لم يجز الصلح أفضى إلى ضياع الحق أو بقاء شغل الذمة على تقدير أن يكون بينهما مال لا يعرف كل واحد منهما قدر حقه منه، وليس الصلح هنا بيعًا وإنما هو إبراءٌ (2).
(1) أخرجه أبو داود (2/ 271)، والإمام أحمد في المسند (6/ 320).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 49)، ومواهب الجليل، للحطاب (5/ 81)، وروضة الطالبين (ص: 695)، والمغني، لابن قدامة (7/ 22).