الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: "هو النسيئةُ بالنسيئةِ" والكالئ مأخوذ من كلأ الدين إذا تأخر؛ وهو بيع الدين بالدين.
ولذلك حالتان:
1 -
بيعه من المدين نفسه.
2 -
بيعه من غير المدين.
الحالة الأولى: وهي حالة بيعه من المدين نفسه: ذهب بعض الفقهاء إلى أنه إن كان الملك عليها مستقرًا كغرامة المتلف وبدل القرض فإنه يجوز بيعه ممّن عليه قبل القبض؛ لأن ملكه مستقر عليه أما غير ذلك فلا يجوز.
وفي الحالة الثانية: وهي بيع الدين بالدين من غير المدين -فلا يجوز بيعه-؛ لأنه لا يقدر على تسليمه (1).
وقد أوصل صور بيع الدين بالدين الشيخ عبد الله بن منيع إلى خمس عشرة صورة، فما انتفى فيه الغرر والجهالة والربا أجازه، وما عدا ذلك فلا يجوز (2).
التاسع عشر: بيع الوفاء:
لغة: ضد الغدر، يقال: وفى بعهد والوفاء الخلق الشريف، وأوفى الرجل حقه بمعنى أكمله له وأعطاه وافيًا، وسمي بيع الوفاء؛ لأن المشتري يلزمه الوفاء بالشرط (3)،
وفي الاصطلاح: وهو البيع بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري المبيع إليه، وسمي بيعَ الوفاء؛ لأن المشتري يلزمه الوفاء بالشرط.
(1) المجموع شرح التهذيب (9/ 272)، والمبدع في شرح المقنع (4/ 150)، وحاشية الدسوقي (3/ 61).
(2)
فتاوى وبحوث الشيخ عبد الله منيع (3/ 285).
(3)
مجلة الأحكام العدلية، مادة (105).
ويسميه المالكية بيعَ الثنيا، والشافعية بيعَ العهدة، ويسميه الحنابلة بيعَ الأمانة.
حكمه:
1 -
ذهب المالكية والحنابلة والمتقدمون من الحنفية والشافعية إلى أن بيع الوفاء فاسد؛ لأن اشتراط البائع أخذ المبيع إذا رد الثمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع، وهو ملك المشتري للمبيع على سبيل الاستقرار والدوام.
2 -
وذهب بعض المتأخرين من الحنفية والشافعية إلى أن بيع الوفاء جائز مفيد لبعض أحكامه وهو انتفاع المشتري بالمبيع دون بيعه من آخر.
وحجتهم أن الناس تعارفوا هذا البيع وتعاملوا به لحاجتهم إليه؛ فرارًا من الربا، فيكون صحيحًا لا يفسد البيع باشتراطه وإن كان مخالفًا للقواعد؛ لأن القواعد تترك بالتعامل كما في الاستصناع.
3 -
وذهب بعض الحنفية إلى أن بيع الوفاء رهن وليس ببيع فيثبت له أحكام الرهن، وحجتهم أن العبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني (1).
وشاع العمل به في بلاد الشام والعراق ومصر وغيرها بلا نكير منذ القرن السادس الهجري (2).
وقد رأى المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي المنعقد في جدة في قراره رقم (66/ 4 / 7) أن بيع الوفاء غير جائز شرعًا؛ لأن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعًا) فهو تحايل على الربا، فهم قد نظروا إليه على أنه رهن ولم ينظروا إليه على أنه نوع من العقود المستحدثة والذي بموجبه أجازه بعض الفقهاء السابقين.
(1) الموسوعة الفقهية الكويتية (9/ 260).
(2)
العقود المسماة في الفقه الإِسلامي عقد البيع، مصطفى الزرقاء (ص: 164) دار القلم، دمشق.