المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صنعة التوثيق المسمى قديما عقد الشروط في هذا العصر - الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي - جـ ٢

[الحجوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌القسم الثالث: في الطور الثالث للفقه وهو طور الكهولة

- ‌مدخل

- ‌مجمل التاريخ السياسي

- ‌حدوث مادة الكاغد وتأثيره على الفقه:

- ‌الأئمة المجتهدون أصحاب المذاهب المدونة في هذا العصر:

- ‌استطراد بعض المكثرين من التأليف:

- ‌الاختلاف في مظنة الاتفاق:

- ‌حدوث علم التصوف ومجمل تاريخه وأطواره:

- ‌بعض تراجم الصوفية

- ‌مدخل

- ‌الزيدية في اليمن:

- ‌بعض تراجم الزيدية:

- ‌فقه الشافعية

- ‌تراجم المجتهدين في القرن الثالث والرابع

- ‌مدخل

- ‌تراجم الحنفية في القرن الثالث والرابع:

- ‌أشهر أصحاب مالك في المائة الثالثة والرابعة:

- ‌بعض أصحاب الشافعي الذين نشروا مذهبه في القرنين الثالث والرابع:

- ‌أشهر أصحاب الإمام أحمد بن حنبل في القرن الثالث والرابع:

- ‌صنعة التوثيق المسمى قديما عقد الشروط في هذا العصر

- ‌استنتاج من حالة الفقهاء في المدة السالفة:

- ‌علم الخلافيات:

- ‌القسم الرابع: في الطور الرابع للفقه وهو طور الشيخوخة والهرم المقرب من العدم

- ‌مدخل

- ‌مجمل التاريخ السياسي لهذه القرون:

- ‌إحياء الاجتهاد على عهد الدولة الموحدية بالمغرب والأندلس في القرن السادس:

- ‌تراجم الفقهاء في هذه العصور:

- ‌إصلاح القرويين:

- ‌أشهر أصحاب الإمام مالك بعد القرن الرابع إلى الآن:

- ‌أشهر مشاهير الشافعية بعد المائة الرابعة إلى الآن:

- ‌مشاهير الحنابلة بعد القرن الرابع:

- ‌تجديد الفقه:

- ‌ما صار إليه الفقه من القرن الرابع إلى وقتنا إجمالا:

- ‌مناظرة فقيهين في القرن الخامس:

- ‌غوائل الاختصار وتاريخ ابتدائه:

- ‌عدم تنقيح كتب الفقه:

- ‌فقه العمليات وتاريخ نشأته وانتشاره:

- ‌تحرير لمسألة العمل الفاسي:

- ‌التقليد وأحكامه:

- ‌تقليد الإمام الميت:

- ‌التزام مذهب معين وتتبع الرخص:

- ‌المذاهب الأربعة ليست متباعدة:

- ‌هل يجوز الخروج عن المذاهب:

- ‌حكم التصوير ونصب التماثيل بالمدن لعظماء القوم:

- ‌خصال المفتي:

- ‌ما صارت إليه الفتوى في القرون الوسطى:

- ‌حال الإفتاء في زماننا:

- ‌الكتب التي يفتى منها بالمغرب:

- ‌الاجتهاد

- ‌مدخل

- ‌المجتهد، شروطه، أقسامه:

- ‌مواد الاجتهاد، تيسر الاجتهاد، الطباعة، كتبه:

- ‌بحث مهم:

- ‌هل كل مجتهد مصيب:

- ‌اقتداء المذهب بعضهم ببعض

- ‌نقض حكم المجتهد:

- ‌هل انقطع الاجتهاد أم لا، إمكانه، وجوده:

- ‌من أدرك رتبة الاجتهاد:

- ‌ذيل وتعقيبات للمؤلف

- ‌مدخل

- ‌البحث الأول:

- ‌البحث الثاني:

- ‌البحث الثالث:

- ‌البحث الرابع:

- ‌البحث الخامس:

- ‌البحث السادس:

- ‌البحث السابع:

- ‌البحث الثامن:

- ‌البحث التاسع:

- ‌البحث العاشر:

- ‌البحث الحادي عشر:

- ‌البحث الثاني عشر:

- ‌البحث الثالث عشر:

- ‌البحث الرابع عشر:

- ‌البحث الخامس عشر:

- ‌البحث السادس عشر:

- ‌البحث السابع عشر:

- ‌البحث الثامن عشر:

- ‌البحث التاسع عشر:

- ‌البحث العشرون لبعض الأصحاب الرباطيين:

- ‌البحث الحادي والعشرون له أيضا ونصه:

- ‌البحث الثاني: والعشرون له أيضا ونصه

- ‌البحث الثالث والعشرو: له أيضا

- ‌البحث الرابع والعشرون: من بعض الأصحاب الفاسيين

- ‌البحث الخامس والعشرون:

- ‌البحث السادس والعشرون:

- ‌الفهارس:

- ‌فهرس أبواب القسم الثالث من الفكر السامي:

- ‌فهرس أبواب القسم الرابع من كتاب الفكر السامي:

الفصل: ‌صنعة التوثيق المسمى قديما عقد الشروط في هذا العصر

‌صنعة التوثيق المسمى قديما عقد الشروط في هذا العصر

صنعت التوثيق المسمى قديما عقد الشروط في هذا العصر:

هو من فروع علم الفقه ودونك بعض أمثلة من وثائق هذا العصر، تتبين منها حاله. قال الإمام النسائي في سننه1: كتابة مزارعه على أن البذر والنفقة على صاحب الأرض، وللمزارع ربع ما يخرج الله عز وجل منها:

هذا كتاب كتبه فلان بن فلان في صحة منه وجواز أمر، لفلان بن فلان إنك دفعت إلي جميع أرضك التي بموضع كذا في مدينة كذا مزارعة وهي الأرض التي تعرف بكذا، ويجمعها حدود أربعة يحيط بها كلها وأحد تلك الحدود بأسرة لزيق كذا والثاني والثالث والرابع دفعت إلى جميع أرضك هذه المحدودة في هذا الكتاب بحدودها المحيطة بها وجميع حقوقها وشربها وأنهارها وسواقيها أرضا بيضاء فارغة لا شيء فيها من غرس، ولا زرع سنة تامة أولها مستهل شهر كذا من سنة كذا، وآخرها انسلاخ شهر كذا من سنة كذا على أن أزرع جميع هذه الأرض المحددة في هذا الكتاب الموصوف موضعها فيه هذه السنة المؤقتة فيها من أولها إلى آخرها كلما أردت وبدا لي أن أزرع فيها من حنطة وشعير وسماسم وأرز وأقطان وأرطاب وباقلا وحمص، ولوبيا وعدس ومقاتي ومباطخ وجزر وسلجم وفجل وبصل وثوم وبقول ورياحين وغير ذلك من جميع الغلات شتاء وصيفا ببزورك وبذرك وجميعه عليك دوني على أن أتولى ذلك بيدي وبمن أردت من أعواني وأجرائي وبقري وأدواتي، وإلى زراعة ذلك وعمارته والعمل بما فيه نماؤه ومصلحته وكراب أرضه وتنقية حشيشه وسقي ما يحتاج إلى سقيه مما زرع،

1 "7/ 51، 52 و54، 55، 58، 59".

ص: 172

وتسميد ما يحتاج إلى تسميده وحفر سواقيه وأنهاره، واجتناء ما يجتني منه والقيام بحصاد ما يحصده منه وجمعه، ودياسة ما يداس منه، وتذريته بنفقتك على ذلك كله دوني، واعمل فيه بيدي وأعواني دونك على أن لك جميع ما يخرج الله عز وجل من ذلك كله في هذه المدة الموصوفة في هذا الكتاب من أولها إلى آخرها فلك ثلاثة أرباعه بحظ أرضك وشربك وبذرك ونفقاتك، ولي الربع الباقي من جميع ذلك بزراعتي وعملي وقيامي على ذلك بيدي وأعواني، ودفعت إلى جميع أرضك هذه المحدودة في هذا الكتاب بجميع حقوقها ومرافقها، وقبضت ذلك كله منك يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا، فصار جميع ذلك في يدي لك، لا ملك لي في شيء منه ولا دعوة، ولا طلبة إلا هذه المزارعة الموصوفة في هذا الكتاب في هذه السنة المسماة فيه، فإذا انقضت، فذلك كله مردود إليك، وإلى يدك ولك أن تخرجني بعد انقضائها منها، وتخرجها من يدي ويد كل من صارت له فيها يد بسببي أقر فلان وفلان وكتب هذا نسختين. ا. هـ. منه.

وبسنده إلى سعيد بن المسيب إذا دفع رجلا إلى رجل مالا قراضا، فأراد أن يكتب عليه بذلك كتابا كتب: هذا كتاب كتبه فلان بن فلان طوعا منه في صحة وجواز أمره لفلان بن فلان: إنك دفعت إلي مستهل شهر كذا من سنة كذا عشرة آلاف درهم وضحا جيادا وزن سبعة قراضا على تقوى الله في السر والعلانية وأداء الأمانة على أن أشتري بها ما شئت من كل ما أرى أن أشتريه، وأن أصرفها أو ما شئت منها فيما أرى أن أصرفها فيه من صنوف التجارات، وأخرج بما شئت منها حيث شئت وأبيع بما أرى أن أبيعه مما اشتريه بنقد رأيت أم بنسيئة، وبعين أم بعض على أن أعمل في جميع ذلك كله برأيي، وأوكل في ذلك من رأيت، وكل ما رزق الله في ذلك من فضل وربح بعد رأس المال الذي دفعته المذكور إلي المسمى مبلغه في هذا الكتاب، فهو بيني وبينك نصفين، لك منه النصف بحظ رأس مالك، ولي فيه النصف تاما بعملي فيه، وما كان فيه من وضيعة، فعلى رأس المال، فقبضت منك هذه العشرة آلاف درهم الوضح الجياد مستهل شهر كذا

ص: 173

في سنة كذا، وصارت لك في يدي قراضا على الشروط المشترطة في هذا الكتاب أقر فلان وفلان وإذا أراد أن لا يطلق له أن يشتري ويبيع بنسيئة، كتب وقد نهيتني أن أشتري أو أبيع بنسيئة. ا. هـ. منه.

فتأمل رعاك الله الوثيقة الثانية التي كانت من إملاء ابن المسيب الذي كان آخر القرن الأول والأولى من إملاء النسائي الذي كان آخر القرن الثالث لا تجد بينهما كبير فرق فالتوثيق مدة ثلاثة قرون لم يدخل عليه كبير تغيير.

وفي النسائي أيضا بعد ما تقدم قبيل كتاب عشرة النساء ما نصه: تفرق الزوجين عن مزاوجتهما، قال الله تبارك وتعالى:{وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَاّ أَنْ يَخَافَا أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} 1 الآية هذا كتاب كتبته فلانة بنة فلان بن فلان في صحة منها، وجواز أمر لفلان بن فلان أني كنت زوجة لك، وكنت دخلت بي، فأفضيت إلي، ثم إني كرهت صحبتك، وأحببت مفارقتك من غير إضرار منك بي، ولا منعي لحق واجب لك علي، وإني سألتك عندما خفنا أن لا نقيم حدود الله أن تخلعني، فتبينني منك بتطليقة بجميع ما لي عليك من صداقي، وهو كذا وكذا دينارا جيادا مثاقيل، وبكذا وكذا دينارا جيادا مثاقيل أعطيتكها على ذلك سوى ما في صداقي، ففعلت الذي سألتك منه، فطلقتني تطليقة بائنة بجميع ما كان بقي لي عليك من صداقي المسمى مبلغه في هذا الكتاب، وبالدنانير المسماة فيه سوى ذلك، فقبلت ذلك منك مشافهة لك عند مخاطبتك إياي به، ومجاوبة على قولك من قبل تصادرنا عن منطقنا ذلك ودفعت إليك جميع هذه الدنانير المسمى مبلغها في هذا الكتاب الذي خالعتني عليها وافية سوى ما في صداقي، فصرت بائنة منك مالكة لأمري بهذا الخلع الموصوف أمره في هذا الكتاب، فلا سبيل لك علي ولا مطالبة ولا رجعة، وقد قبضت منك جميع ما يجب لمثلي ما دمت في عدة منك، وجميع ما احتاج إليه بتمام ما يجب للمطلقة التي تكون في مثل حالي على زوجها الذي يكون في مثل حالك، فلم يبق لواحد منا قبل صاحبه حق ومن دعوى ومن طلبة بوجه من

1 سورة البقرة، الآية:229.

ص: 174

الوجوه، فهو في جميع دعواه مبطل، وصاحبه من ذلك أجمع بريء، وقد قبل كل واحد منا ما أقر له به صاحبه، وكل ما أبرأه منه مما وصف في هذا الكتاب مشافهة عند مخاطبته إياه قبل تصادرنا عن منطقتنا وافتراقنا عن مجلسنا الذي جرى بينننا فيه. أقرت فلانة وفلان. ا. هـ. منه.

وهي وثيقة قريبة الألفاظ والمعاني مما قبلها، وفيها دلالة أن النساء كن يكتبن بأيديهن، ويعقدن عقودهن بأنفسهن، وانظر فيه عقد الشركات والعتق وما يلحق به تجد ذلك متقاربا في ذلك العصر.

ثم نبغت نوابع من علماء ذلك العصر وما بعده في فن الشروط نقحوا وثائقهم من التطويل والتكرير، وزادوها احتياطا وإحكاما بنسبة ما تجدد من الأحوال المناسبة لوقتهم ودرجتهم من الرقي والرفه. ومن أول من ألف فيها في المذهب المالكي الإمام ابن أبي زمنين الأندلسي، وممن كان خصيصا فيها بعصره وبلده ابن العطار وابن الهندي وغيرهم، وفي المذهب الحنفي هلال الرأي وأبو حازم عبد الحميد وغيرهما، وهكذا بقية المذاهب.

ص: 175