الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفت وقاضي لا يعرف ماذا كتب، ولا ما حكم به، ولا يميز بين ما أثبت أو نفى، وإلى الله المشتكى.
وكم رأيت وسمعت من فتاو، وأحكام في البوادي والمدن يضحك منها ويبكي على غربة المغرب والدين من أجلها، وإن أصحابه محتاجون للتعليم كثيرا، وقد تأفف أحمد الهلالي في وقته مفتيه، وقبله الباجي وابن حزم بكثير يعلم ذلك من طالع كتب الفتوى والتاريخ، وكل وقت هو كوقتنا هو يوجد المحسن والمتسلط إلا أن وقتنا هذا عظم فيه الجهل، وغلب الفساد، وأصبحت الفتوى بين كل من مديده إليها وتجرأ عليها ولو كانت اليد شلاء، والكف خرقاء ترسم بها من اتخذها مكسبا ومتجرا، ولا تسأل عما جرى كيف جرى. ويجب على من قلده الله أمر الأمة أن يرفع هذا المنصب عن تناول أوساخ الناس، وبيع الشريعة بما بيع به يوسف عليه السلام، فذلك باب عظيم؛ إذ الباذل للمال يتوصل إلى الاستظهار به على استمالة نصوص الشريعة نحوه ولو كان مبطلا فبيع الفتوى هادم للشرع، مفسد للمفتين، وهو مقت عظيم، وخطب جسيم، وها هي تونس أختنا لا يتصدر للفتوى بها إلا من ثبتت مقدرته ونزاهته، ويجعل له الراتب الكافي، ويمنع من تناول كل أجرة وكل هدية وهكذا ينبغي.
الكتب التي يفتى منها بالمغرب:
إن غالب الفتوى من الكتب المتداولة، وغالب الناس لا تجد لهم رواية متصلة، وأعلى ما يوجد رواية البعض والإجازة في الباقي لبعض من لهم تبصر ومعلوم ما في الإجازة من الخلاف هل هي رواية متصلة إن وجدت؟ وقد اشترط العلماء اشتهار الكتاب الذي يفتى منه على القول بجواز ذلك بدون رواية كمختصر خليل على أن هذا حصل درجة التواتر لكثرة من يحفظه في زماننا إلا أن
غالب حفظه أو كلهم ليسوا مفتين، ولا بغلوا رتبة الفقهاء ومن جملة شروحه المتداولة الحطاب والمواق، وهما كتابان معتمدان إلا قليلا، وشرح الدردير، ثم "الرسالة" وشروحها لابن ناجي وزروق، وأبي الحسن، وجسوس وغيرهم.
ومن الكتب المعتمدة "الموطأ" لمالك وشرحها للباجي، وشرح محمد الزرقاني وهي أم المذهب، وكذا "المدونة" وطبعت أخيرا بمصر مرتين، فجزاهم الله خيرا.
ومع إحدى الطبعتين جل مقدمات ابن رشد، كما طبعوا "الأم" للشافعي، وجزى الله أهل مصر على طبع كتب المتقدمين.
ومن كتب الفتوى "التحفة" لابن عاصم الغرناطي وشروحها لسيدي عمر الفاسي والتاودي ابن سودة والدسولي وميارة، وحاشية أبي علي بن رحال عليه، وشروح لامية الزقاق، والعمل الفاسي وشروحه، والعمل المطلق، و"المرشد المعين" وشرحاه لميارة، و"تبصرة" ابن فرحون إلا أن فيه بعض فتاو ضعيفة، وكل ذلك أشرنا إليه في تراجم مؤلفيه.
وغالب هذه الكتب التي يفتى منها سرد الفروع بدون دليل إلا ما كان من الموطأ وشروحه والمدونة، وإني ليأخذني العجب عند مطالعة فتاوى المتأخرين يأتون بالحكم موجها بتوجيه فكري ساذج من غير استدلال عليه بنص من نصوص المتقدمين، وهكذا فروع تجدها عند الزرقاني شارح خليل وغيره، وتجد الناس يتلقون ذلك بغاية الارتياح والقبول، ولو أن أحدا أفتى بكتاب أو سنة أو قياس، لقامت القيامة عليه، ورفعت النعال إليه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قد تركت كتب المتقدمين التي تورد الأدلة بمالها أو عليها كمبسوط القاضي إسماعيل، و"المجموعة" لابن عبدوس، و"تمهيد" ابن عبد البر، و"طراز" سند بن عنان شرح "المدونة" و"توضيح" خليل في كثير من مسائله وأمثالها.
وعلى كل حال إن الفتوى من الكتب للعدل العارف جائزة أباحها العلماء للضرورة، فانظر حكم ذلك في "نور البصر"، قال: ومن جملة ذلك طرر أبي