الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفسق، وعن أبي هريرة لا قال ابن عبد السلام: لا يتعين على العامي أن يقلد إماما في سائر المسائل لأن الناس منذ الصحابة إلى أن ظهرت المذاهب يسألون من ظهر لهم من غير نكير، سواء اتبع الرخص أو العزائم؛ لأن من جعل المصيب واحدا، لم يعينه، ومن قال: كل مجتهد مصيب، فلا إنكار على من قلد في الصواب نقله في "سنن المهتدين" عن ابن عرفة رادا به قول: ابن حم: وأجمعوا على أن متتبع الرخص فاسق قال: وذلك لأن ابن عبد السلام أمام مجمع على صحه وعلمه، فلا ينعقد إجماع دونه، ونقل المواق عن القرافي ما لابن عرفة.
المذاهب الأربعة ليست متباعدة:
زعم بعض الفرنج أنها متباعدة كتباعد فرق النصارى والكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس، وكتباعد الفرق اليهودية النسطورية والسامرية ونحوها، وهذا ضلال مبين يراد به التضليل، فإن فرق النصارى يكفر بعضهم بعضا، ولا يعده من النصرانية في شيء، ولا يقتدى به حتى إنه لا يصلي هذا في كنيسة ذاك وكذلك فرق اليهود، وكم وقعت بينهم من معارك وسالت من دماء.
أما مذاهبنا، فليست كذلك بل يقتدي بعضهم ببعض، ويعتبر كل واحد أخاه مسلما، نعم يعتقد أنه مخطئ في بعض المسائل غير معين على القول بعدم تصويب المجتهدين، أما على القول به، فالكل على صواب في كل المسائل، وليس البون بينهم بعيدا؛ إذ لم يكن بينهم خلاف في العقائد وإنما هو خلاف ثانوي في الفروع فقط التي هي محل الاجتهاد يأخذ فيها كل واحد بما قام عليه الدليل عنده للاكتفاء في أدلتها بالظنيات، ولذلك كان كل واحد من الأئمة يجل الأخر، فقد أخذ أبو حنيفة عن مالك، كما أخذ مالك عنه وأخذ الشافعي عن مالك، وقال فيه: جعلته حجة بيني وبين ربي، وأخذ ابن حنبل عن الشافعي، وأثنى بعضهم على بعض علما ودينا، وهكذا كان جلة أصحابهم
بعضم مع بعضهم، ولم يقع بينهم الخلاف في كل فرع، فرع، بل في بعض الفروع التي قامت لكل حجة على رأيه.
وقد اتفقوا في مسائل كثيرة، فمنها ما وقع عليه إجماع الأمة معهم ومنها ما خالفهم فيها غيرهم وتلك المسائل التي فيها الاتفاق لا تنسب إلى واحد منهم، فلا يقال في نحو وجوب الزكاة، أو جواز القراض: إنه مذهب مالك والشافعي مثلا، فالسمع يمج ذلك، فلا يضاف لكل واحد منهم إلا ما اختص به، كما نص عليه العلماء، ولذلك كان توحيد هذه المذاهب في هذه العصور صعبا أولا؛ لأن كلا له حجة، وكل أهل مذهب يمكنهم أن يصححوها ولا يلتفتوا لما يقول غيرهم من ضعفاء،
ثانيا: هذه المذاهب كل مذهب في قطر إما كله، وإما محصل على أغلبية ساحقة كما تقدم، فلا معنى لأن يطلب من سكان الأقطار ترك مذهب غير مزاحم بغيره، وهو مؤبد في أفكارهم ومعتقداتهم وألفوه من نعومة أظافرهم، والفرض أننا نعتقد صوابيته في الكثير من المسائل، والبعض الآخر الذي وقع فيه الخطأ غير معين، فلذا كنت لا أرتضي فكرة توحيد المذاهب؛ لأنها فكرة لا نتيجة لها ولا تفيد المجتمع الإسلامي إلا شقاق آخر فقط، والصواب عندي هو ما تقدمت الإشارة إليه.