الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقه ولا سيما الخلافيات قد لا يغني عن تلك الكتب، فالواجب على أهل العلم البحث عنها، وطبع المهم منها، والله الموفق سبحانه.
ولقد ظفرت بكتاب "الإشراف" لأبي المظفر الوزير يحيى بن هبيرة في خلافيات المذاهب الأربعة مجردة عن الأدلة، يأتي أولا بما هو متفق عليه من المسائل بين الأئمة الأربعة، ثم بما هو مختلف فيه، وهو أحسن ما ألف وألطف ما صنف في الباب، وسبقت لنا من جملة الحنابلة غير أنه لا يغني عن كتب الخلافيات بالأدلة، ولا عن كتب الإجماع.
ومن الكتب المهمة في هذا الباب "مصنف ابن أبي شيبة" فإن الفقه أحوج ما يكون إليه وقد طبع أجزاء منه في الهند. ومن الكتب المفيدة بكثرة فروعها وآثارها مدونة سحنون المعبر عنها عند المالكية بالأمهات، وقد طبعت بمصر سنة "1324" وكرر طبعها بها سنة "1325" مع جل مقدمات ابن رشد عليها والطبعة الأولى أتقن وربما كانت أصح.
بحث مهم:
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": إذا كان عند الرجل كتاب حديث موثوق بما فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالصحيحين، فهل له أن يفتي بما فيه؟ فقيل: نعم، بل يتعين كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث من غير توقف على رأي أحد، ولا بحث عن المعارض، وهكذا التابعون، وهذا معلوم بالضرورة لمن عرف أحوالهم، وقيل: لا يجوز له ذلك؛ لأنه قد يكون منسوخا أوله معارض والصواب التفصيل، فإن كانت دلالة الحديث ظاهرة بينه لكل أحد، فله أن يعمل، ويفتي به، ولا يطلب له تزكية من قول فقيه، بل الحجة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن خالفه من خالفه وإن كانت دلالته خفية، لم يجز أن يعمل به حتى يسأل، ويتطلب بيان الحديث ووجهه، وإن كانت دلالته ظاهرة كالعام على أفراده، والأمر على الوجوب، والنهي على التحريم، خرج على الأصل وهو العمل بالظواهر قبل البحث عن المعارض، هذا كله إن كان ثم نوع أهلية، ولكنه قاصر
في معرفة الفروع وقواعد الأصول والعربية، وإلا ففرضه ما قاله الله:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} 1. ا. هـ. بخ جزء أخير عدد 495.
وأكثر فقهاء الوقت يخالفه، ويقول: الحديث مضلة إلا للفقهاء يعني لأنهم أعرف بطرق الأخذ والاستنباط، وبالحديث السالم من التعليل والمعارض والنسخ وغير هذا مما هو مبسوط في محله من كتب الأصول، والحق أن من حصلت له ملكة في العربية والبيان والأصول، وكانت له فقاهة النفس، ومعرفة بمظان متون أحاديث الأحكام كالتي في "المشكاة" و"المصابيح" مثلا، ومعرفة بكتاب الله ناسخة ومنسوخة قادر على أن يستقل بفهمه وإدراك مرماه، محصل على شروط الاجتهاد السابقة، فالباب مفتوح لمثل هذا أن يجتهد لنفسه في أخذ الأحكام التي يحتاج إليها من غير أن يشوش على الناس، ولا أن يحملهم على ترك مذاهبهم التي هم آخذون بها، وبالله التوفيق.
أما القاصر عن ذلك كلا أو بعضا، فهو في عداد العوام، فعليه التقليد ولا يجوز له أن يفتي من نحو "الصحيحين" ولا من القرآن، فالتقليد له أسلم، وكيف يباح لمن كان قاصرا في العربية وقواعد الأصول أن يأخذ الأحكام من الكتاب أو السنة فخطؤه إن لم يكن قطعيا فهو مظنون والله أباح له التقليد بقوله:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} 1 فالصواب ما قال فقهاؤنا لابن القيم، والله أعلم.
1 سورة النحل.