الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على المشهور، لا الضعيف على المشهور، فليس مما نحن منتقدوه نعم قد يكون ترجيحهم مبنيا على عرف ونحوه، فإذا ذهب، زال الترجيح والإشكال، ومن هنا تشعبت الخصومات، وصعب التوصل للحق على الأقوياء فضلا عن الضعفاء، فلو أن العلماء المالكية رقعوا هذا الفتق، وحرروا كتابا يفتى به وتصان به الحقائق لقاموا بواجب عيني، ويكون من جماعة تتعاون عليه لا فرد، فإنه إنما يزيد قولا آخر يخالفه فيه غيره، ولا يسلمه خصومه، وهذا أول ما يجب على وزارة العدلية القيام به، ودرء مفاسده، وكل هذا من أسباب هرم الفقه، ومن أسباب ضياع الثقة بالمحاكم الشرعية الإسلامية، فما أحوج محاكمنا إلى التجديد والنظام، وما أحوجنا إلى قضاة ومفتين عدول نزهاء مهذبين تهذيبا دينيا ودنياويا ويقومون بالقسط، وتحصل بهم ضمانه الحقوق، وتكون لهم أفكار واسعة، ومدارك مطابقة لمقتضي عصرهم الحاضر.
التقليد وأحكامه:
التقليد: هو أخذ القول من غير معرفة دليله، وهو واجب على غير المجتهد في الفروع قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} 1 صح من "جمع الجوامع" ممزوجا، أيضا: والأصح الاكتفاء بخبر الواحد عن علم المجتهد وعدالته.
وقال ابن الحاجب في "المنتهي": الاتفاق على استفتاء من عرف بالعلم والعدالة، أو رآه منتصبا، والناس متفقون على سؤاله وتعظيمه وعلى امتناعه في ضده.
وقال ابن العربي في "الإحكام: فرض العامي أن يقصد أعلم من في زمنه بلده، فيسأله ويمتثل فتواه، وأن يجتهد في معرفة أهل وقته حتى يتصل له الحديث بذلك، ويقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس، وعلى العالم أن يقلد
1 سورة النحل: 43.
عالما مقله في نازلة خفى عليه فيها وجه الدليل فضاق الوقت عن النظر، وخفيت على العبادة الفوت. ا. هـ. ونحوه في "المدارك" قال سند في "الطراز" الاقتصار على محض التقليد لا يرضى به رشيد، وليس بحرام معرفة الدليل على من هو أهل، ونوجب على العامي العالم وساق أدلة ذلك بواسطة. ا. هـ. بخ.
فالتقليد سائغ أو واجب للضرورة، فإذا انتفت الضرورة، وجب نبذه قال ابن عبد البر في قوله عليه السلام:"يذهب العلماء ثم يتخذ الناس رؤساء جهالا يسألون، فيفتون بغير علم، فيضلون ويضلون" 1 هذا نفي للتقليد وإبطال له لمن فهم وهدي لرشده، قال عبد الله بن المعتمر: فلا فرق بين بهيمة تنقاد، وإنسان يقلد، وقال ابن عبد البر: أجمع الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله. ا. هـ. ويدل لذلك آيات قال تعالى:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} 2 وقال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا} 3 وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} 4.
ثم التقليد المذموم كما في "إعلام الموقعين" أنواع ثلاثة:
الإعراض عن نصوص الشرع، وعدم الالتفات إليها اكتفاء بتقليد الآباء.
والثاني: النظر فيها، وظهور أدلتها في حكم من الأحكام، ثم يترك ما أداه اجتهاده إليه مع أهليته للاجتهاد إلى التقليد من هو أهل لأن يقلد.
1 أخرجه البخاري "1/ 174، 175"، في العلم: باب كيف يقبض العلم، وفي الاعتصام: باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس، ومسلم "2673" في العلم: باب رفع العلم وقبضه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".
2 سورة الأعراف: 3.
3 سورة البقرة: 170.
4 سورة البقرة: 170.