الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحث الثامن عشر:
ورد علي من بعض العلماء القضاة بالمغرب ونصبه بعد الديباجة: وبعد فمن من الله علي إلهامي لمطالعة كتابكم "الفكر السامي" ولعمري إنه لموهبة من مواهب الله ومعجزة برزت في هذا الزمان الذي أعوز فيه العلم، ولشدة رغبتي في فهم معانيه، واستطلاعي على تحقيق مبانيه نحضر بعض المواد التي بيدي، ولها إلمام بذلك الموضوع، وقد وصلت لنهاية الصفحة 21 من الجزء الأول في مبحث الاستدلال المستدرك على الإمام ابن رشد حيث اقتصر في مقدماته على مدارك أربعة لأحكام شرائع الدين، ولما كرعت في معمع النوع الثامن من الأنواع الاستدلال الذي هو انتفاء مدرك الحكم الواقع للإمام ابن السبكي فيه قلب عبارة وجدت سيادتك قررت المسألة على ما ينبغي، وأتيت بما فيها للأقل وللأكثر، ونصرت الأول بما هو أجدر ثم أدرجت في هذا النوع مسألة عدم مطالبة النافي بالدليل إن ادعى علما ضروريا، وجعلتها بصورة الاستدلال لمسألة انتفاء مدرك الحكم، فكل فكري عن فهم ذلك، وحيل بيني وبين إدراكه إذ غاية ما بلغ إليه فهم العبد القصير الباع أنهما مسألتان، محصول الأولى أن المجتهد بذل وسعه بالسبر أو الأصل، فلم يجد دليلا وعدم وجدانه المظنون به انتفاؤه دليل على انتفاء الحكم على ما للأقل، فبقيت البراءة الأصلية مثلا الخصم قال: الوتر واجب، والمعارض قال: الوجوب أحد متعلقات الأحكام، والحكم يستدعي دليلا ولا دليل على حكمك بشاهد السبر أو الأصل، فالنافي هنا لم يدع علما ضروريا، فلذلك احتج بالسبر أو الأصل وعدم وصوله للدليل بواسطة السبر أو الأصل حصل ظن الانتفاء لا غير، ومحصول الثانية أن النافي للشيء إذا ادعى علما ضروريا بانتفائه لا يطالب بالدليل على انتفائه سيما وقد قال الشهاب: الضروري هو الحاصل من غير نظر واستدلال فقوله: من غير نظر واستدلال ينبئ إلى أن هذا
النوع ليس من قبيل الاستدلال في شيء وأيضا هذه المسألة فيها النفي وتقوى بدعوى الضرورة فتقرير الأصل أو السبر فيها لم أفهمه، ثم لا ثقة لي بهذه الجعجعة، بل المعول عليه هو ما يبديه لي سامي فكركم بعد تقبيل أعتابكم.
وجوابه:
إن المستدل هنا ناف، والنافي لا بد أن يدعي علما ضروريا وإلا طولب بالدليل على ما لصاحب جمع الجوامع والسبر هنا إنما هو اللغوي وهو مطلق التفتيش كما بينه المحشي لا الأصولي وهذا السبر كالبراءة الأصلية هو قائم مع كل ناف، ولم يكتف به صاحب القول الذي درج عليه جمع الجوامع فلا بد له من ادعاء العلم الضروري، وإلا كان مطالبا بالدليل فلهذا كنا مطرين للزيادة المذكورة ونزيديك بيانا فنقول: إن هذا النوع من الاستدلال هو انتفاء الدليل، فينتفي الحكم وهو مرتب على مقدمتين: الأولى: أن الحكم يستدعي دليلا، الثانية: أن لا دليل.
أما أنه يستدعي دليلا، فبالضرورة، وأما أنه لا دليل، فهذه اختلف فيها على أقوال تسعة مسطرة مع ما يرد على بعضها في "إرشاد الفحول" والذي ذهب عليه في جمع الجوامع تبعا للآمدي وقال: إنه الأصح أن النافي إذا ادعى علما ضروريا لم نطلبه بإقامة الدليل على نفي دليل الحكم، وإلا طولب به، ولم يكف نفيه دليلا على نفي الحكم، فقولي: والنافي لا يطالب إلخ هو تتميم للنوع الثامن لا بد منه على القول الأصح، وذلك ظاهر.
وعبارة ابن الحاجب في "المنتهى": المختار أن النافي عليه دليل، وقيل: عليه في العقلية لا الشرعية لنا أنه إذا ادعى علما بنفي غير ضروري، فقد تضمن دعوى طريق أفضت إليه، وإلا أدى إلى نظر ضروري وهو محال فكانت مطالبته بالدليل صحيحة وأيضا فالإجماع على أن الدليل على من ادعى الوحدانية أو