الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 - سورة الْمُؤْمِنُ
قَالَ مُجَاهِدٌ مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ. وَيُقَالُ بَلْ هُوَ اسْمٌ لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِى أَوْفَى الْعَبْسِىِّ:
يُذَكِّرُنِى حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ
…
فَهَلَاّ تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ
ــ
كتاب "البعث" لابن أبي الدنيا: "قيل: ما عجب الذنب يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه مثل خردلة"، ورواه أيضًا المنذري في "الترغيب والترهيب"، وكذا رواه الحاكم مرفوعًا، ورواية مسلم "أبدًا" ترد ما قاله بعضهم: إنه يبلى ولكن بعد سائر الأجزاء، وليت شعري إذا بلي كسائر الأجزاء فأي معنى لقوله:"منه يركَّب" وإنما فيه لأن بعض فيها.
فإن قلت: ما الحكمة في بقائه؟ قلت: الظاهر والله أعلم أن يصدق عليه اسم الإعادة إذ لو تلاشت الأجزاء كلها كان إنشاء آخر لا إعادة.
سورة حم المؤمن
(قال مجاهد: مجازها مجاز أوائل السور) -بالجيم- أراد به معناه اللغوي، أي: طريقها في وقوعها في أوائل السور طريق وقوع المقطعات مثل ألف لام ميم وغيرها، وللعلماء ثلاثة أقوال: الأول: أنها حروف مقطعة إيقاظًا لمن ينكر أنه من عند الله، الثاني: أن يكون مقدمة للإعجاز لصدورها ممن لم يمارس التلاوة، ففيه دلالة على أن ما يرد بعده معجز. الثالث: أنها أسماء السور، وعليه إطباق الأكثر، منهم سيبويه، واستدل البخاري على هذا القول بقول شُريح -بضم المعجمة مصغر شرح- العبسي -بالباء الموحدة-:
(يذكرني حاميم والرمح شاجر)
أي: مختلط.
(فهلا تلا حاميم قبل التقدم)
الطَّوْلُ التَّفَضُّلُ (دَاخِرِينَ) خَاضِعِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ (إِلَى النَّجَاةِ) الإِيمَانِ (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ) يَعْنِى الْوَثَنَ (يُسْجَرُونَ) تُوقَدُ بِهِمِ النَّارُ. (تَمْرَحُونَ) تَبْطَرُونَ. وَكَانَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ، فَقَالَ رَجُلٌ لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ قَالَ وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ وَاللَّهُ عز وجل يَقُولُ (يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) وَيَقُولُ (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ.
ــ
هذا قاتل محمد بن طلحة في وقعة الجمل، كان مع أبيه في عسكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وشريح في عسكر أمير المؤمنين علي بن أبى طالب، ووجه الدلالة أنه نصب حم على المفعولية، وهذا من خواص الاسم.
(وأنا أقدر أن أُقَنِّط الناس، والله يقول: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]، ويقول: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّار} [غافر: 43]).
قال بعض الشارحين: فإن قلت: الآية الثانية موجبة للقنوط لا لعدمه، قلت: غرضه أني لا أقدر على التقنيط، وقد قال تعالى لأهل النار:{لَا تَقْنَطُوا} . هذا كلامه، وهو خطأ فاحش، وهل يقول الله لمن كان أهل النار: لا تقنطوا، بل أخبر، قال من هما لم يرد بالارتداد عن الإسلام، بل التخلف عن الحقوق الواجبة، إذ لم يرتد أحد من الصحابة عن الإسلام، وقلده في ذلك غيره، وهذا ليس بشيء، فإن الارتداد إنما يكون بعد الإسلام، وأما قوله: لم يرتد أحد من الصحابة، فأي معنى لقوله: أصحابي، إذا لم يكونوا من الصحابة، وأما قوله: هؤلاء طائفة من جفاة الأعراب فسلمنا، ولكن الصحابي من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو نظرة.
خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع بأن لا يشتغل بمثلهم؛ لأنهم يخلقون للنار لا تجدي فيهم الآيات، والجواب عن الإشكال أن الآية الثانية إنما ذكرها تخويفًا وتحذيرًا للسامعين، فإنه تعالى وإن أخبر في هذه الآية وهي المسرف عن القنوط من رحمته، فقد أخبر في الآية الأخرى بضده، ذلك بأن المسرفين هم أصحاب النار، فعلى المسرف أن يبادر إلى التوبة، وأن لا يموت وهو مسرف، ألا ترى كيف أتبعه بقوله:(إنما بعث الله محمدًا مبشرًا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرًا بالنار لمن عصاه).