الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
154 - (59)(41) باب ما يحل من الحائض
574 -
(256)(102)(65) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبرَاهِيمَ. (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ)، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتْ: كَانَ إِحْدَانَا، إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، أَمَرَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
ــ
154 -
(59)(41) باب ما يحل من الحائض
وعدلتُ إلى هذه الترجمة من قولهم كتاب الحيض لأن البحث عنه داخل في البحث عن الطهارة كما هو المعروف عند أهل الفروع، وهو لغة: السيلان؛ يقال حاض الوادي إذا سال ماؤه وحاضت الشجرة إذا سال صمغها، وشرعًا: هو الدم الخارج على سبيل الصحة في سن الحيض من أقصى رحم المرأة من غير سبب الولادة، وأول من حاض حواء حاضت يوم الثلاثاء جزاءً على إدمائها الشجرة بعد ما هُبطت من الجنة.
574 -
(256)(102)(65)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم) الحنظلي، وأتى بقوله (قال إسحاق أخبرنا وقال الأخران) أبو بكر وزهير (حدثنا جرير) لبيان اختلاف كيفية سماع مشايخه أي حدثنا جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي أبو عبد الله الكوفي ثقة من (8)(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتَّاب الكوفي ثقة ثبت وكان لا يدلس من (5) مات سنة (132) روى عنه في (19) بابا (عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبي عمران الكوفي وكان يرسل كثيرًا، ثقة مرسل من (5) مات سنة (96) روى عنه في (11) بابا (عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي أبي عمرو أو أبي عبد الرحمن الكوفي ثقة مخضرم فقيه من (2) مات سنة (75) روى عنه في (5) أبواب تقريبًا (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته رجاله خمسة منهم كوفيون وواجد مدني أو أربعة كوفيون وواحد مدني وواحد إما نسائي أو مروزي (قالت) عائشة (كان) الشأن لأن كان هنا شأنيَّة، وقوله (إحدانا) معاشر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مبتدأ، وإذا في قوله (إذا كانت حائضًا) ظرف مجرد عن معنى الشرط متعلق بقوله (أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاتزار، وهذه الجملة الفعلية خبر المبتدأ والجملة الإسمية خبر كان الشأنية ولا حاجة إلى ما تكلف به النواوي هنا، وفي بعض الرواية كانت إحدانا وهي أوضح
فَتَأْتَزِرُ بإزَارٍ، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا.
575 -
(00)(00)(00) .. (وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيبَانِيِّ. ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السعْدِيُّ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الأسوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛
ــ
وأفصح، والمعنى كان الشأن إحدانا أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالائتِزَار وقت كونها حائضًا (فتأتزر) من ائْتَزَر من باب افتعل أي فتشدُّ (بإزار) تستر به سُرَّتها وما تحتها إلى الركبة (ثم يباشرها) أي يستمتع بالتقاء بشرتها التي فوق السرة وتحت الركبة.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
575 -
(00)(00)(00)(وحدثنا أبو بكر) عبد الله (بن أبي شيبة) العبسي الكوفي ثقة من (10) قال (حدثنا علي بن مُسْهِر) القرشي أبو الحسن الكوفي ثقة من (8) له غرائب بعد ما أضَرَّ مات سنة (189) روى عنه في (14) بابا (عن الشيباني) سليمان بن أبي سليمان اسمه فيروز أبي إسحاق الكوفي ثقة من (5) مات سنة (138) روى عنه في (14) بابا (ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثني علي بن حجر) بضم المهملة وسكون الجيم بن إياس (السعدي) أبو الحسن المروزي ثقة من صغار التاسعة مات سنة (244) روى عنه في (11) بابا، وأتى بقوله (واللفظ) أي لفظ الحديث الآتي (له) أي لعلي بن حجر تورعًا من الكذب على أبي بكر، قال (أخبرنا علي بن مسهر) وأتى بحاء التحويل لبيان اختلاف صيغتي شيخيه، قال علي بن مسهر (أخبرنا أبو إسحاق) الشيباني سليمان بن أبي سليمان الكوفي (عن عبد الرحمن بن الأسود) بن يزيد النخعي أبي حفص الكوفي عداده في التابعين، روى عن أبيه في الوضوء والصلاة والحج، والزهري والمقبري، ويروي عنه (ع) وأبو إسحاق الشيباني وأبو بكر النهشلي ومالك بن مغول وأبو إسحاق السبيعي والأعمش، حج ثمانين حجة واعتمر ثمانين عمرة لم يجمع بينهما، وكذلك فعل أبوه الأسود، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وابن خِرَاشٍ وزاد بن خراش: من خيار الناس، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة مات سنة (99) تسع وتسعين، وكان سِنُّه من إبراهيم النخعي، روى عنه في ثلاثة أبواب (عن أبيه) الأسود بن يزيد النخعي الكوفي ثقة مخضرم من (2)(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند
قَالتْ: كَانَ إِحْدَانَا، إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، أَمَرَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ تَأْتَزِرَ في فَوْرِ حَيضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا، قَالتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْلِكُ إِرْبَهُ
ــ
من سداسياته رجاله كلهم كوفيون إلا عائشة أو أربعة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مروزي، وغرضه بسوقه بيان متابعة عبد الرحمن بن الأسود لإبراهيم النخعي في رواية هذا الحديث عن الأسود بن يزيد، وفائدتها بيان كثرة طرقه (قالت) عائشة (كان إحدانا) معاشر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (إذا كانت حائضًا أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتزر) أي بأن تلبس الإزار (في فور حيضتها) أي وقت قوة حيضتها وأوان كثرتها، وقال القسطلاني: في ابتدائها قبل أن يطول زمنها (ثم يباشرها) أي يستمتع ببشرتها سوى ما بين سرتها وركبتها ولا يقربها بالجماع (قالت) عائشة (وأيكم) أيها الرجال (يملك إربه) بكسر الهمزة وسكون الراء، أي فرجه وذكره أي يمنع عضوه عن الجماع وقت المباشرة بها، وروي بفتح الهمزة وسكون الراء أي شهوته، واختار الخطابي هذه الرواية وأنكر الأولى وعابها على المحدثين، والمعنى هو أملككم وأمنعكم لنفسه عن الشهوات فيأمن مع هذه المباشرة من الوقوع في المحرم، وهو مباشرة فرج الحائض، وأكثر الروايات فيه كسر الهمزة، أي وأيكم يمنع إربه وعضوه (كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك) ويمنع (إربه) أي فرجه من الوقوع في فرج الحائض مع تلك المباشرة، والاستفهام إنكاري يعني النفي أي لا أحد يملك إربه كما يملك رسول الله صلى الله عليه وسلم إربه ..
وهذا الحديث أعني حديث عائشة شارك المؤلف في روايته البخاري [302] وأبو داود [268 و 273] والترمذي [132] والنسائي [1/ 189].
قوله (كان إحدانا) هكذا وقع في الأصول في رواية مسلم من غير تاء في كان وهو صحيح وإن كان غير فصيح كما حكى سيبويه عن بعض العرب (قال امرأة) وكذا نقله ابن خَرُّوف في شرح الجمل ويحتمل أن تكون كان شافية، وفي رواية غير مسلم (كانت إحدانا) بالتاء في كان وهو الأفصح، لأن إلحاق التاء فيما تأنيثه حقيقي وهو ما له فرج واجب إذا لم يُفصَل، وقوله (أن تأتزر في فور حيضتها) والائتزار: شد الإزار على الوسط إلى الركبة، وقال ابن القصار: من السرة إلى الركبة، وهذا منه صلى الله عليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وسلم مبالغة في التحرز من النجاسة وإلا فالحماية تحصل بخرقة تحتشي بها وفور الحيضة كثرة صَبِّهَا من فوران القِدر والبحر وهو غليانهما، قال ابن عرفة: والمحيض والحيض اجتماع الدم إلى ذلك المكان وبه سمي الحوض لاجتماع الماء فيه يقال حاضت المرأة وتحيَّضَتْ حيضًا ومحاضًا ومَحِيضًا إذا سال الدم منها في أوقات معلومة فإذا سال في غيرها قيل استحيضت فهي مستحاضة، قال: ويقال حاضَتِ المرأة وتحيَّضَت ودَرَسَت وعَرِكَت وطَمِثَتْ، قال غيره: ونَفِسَتْ بفتح النون وكسر الفاء وحُكي في النون الضم، وقيل في قوله تعالى {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود: 71] أي حاضت، وقيل سمي المحِيضُ حيضًا من قولهم حاضت السمُرَة (إذا خرج منها ماء أحمر) قال الشيخ: ويحتمل أن يكون قولهم (حاضت السمرة) تشبيهًا بحيض المرأة، وزاد بعضهم أَكْبَرَتْ وأَعْصَرَتْ يعني: حاضت، قال النواوي: وأما الحيض فأصله لغة: السيلان، يقال حاض الوادي إذا سال ماؤه، قال الأزهري والهروي وغيرهما من الأئمة: الحيض جريان دم المرأة في أوقات معلومة يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها، والاستحاضة جريان الدم في غير أوانه، قالوا ودم الحيض يخرج من قعر الرحم، ودم الاستحاضة يسيل من العَاذِل بالعين المهملة وكسر الذال المعجمة وهو عِرْقٌ فيه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره، قال أهل اللغة: يقال حاضت المرأة تحيض حيضًا فهي حائض بلا هاء، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة، وحكى الجوهري عن الفرَّاء حائضةً بالهاء، وقوله (ثم يباشرها) أي يستمتع بها بالتقاء بشرتيهما، والبشرة ظاهر الجلد، والأدمة باطنه، ويعني بذلك الاستمتاع بما فوق الإزار والمضاجعة معها، كما قال صلى الله عليه وسلم: للذي سأل عما يحل له من امرأته الحائض، فقال: لِتَشُدَّ عليها إزارها ثم شأنك فأعلاها وهذا مبالغة في الحماية، وأما المحرمُ لنفسه فهو الفرج وإلى هذا ذهب جمهور العلماء من السلف وغيرهم، قولها (وأيكم يملك إربه) قيدناه بكسر الهمزة وإسكان الراء وبفتح الهمزة وفتح الراء وكلاهما له معنى صحيح، وإن كان الخطابي قد أنكر الأول على المحدثين، ووجه الأول أن الأرب هو العضو، والآراب هو الأعضاء فَكَنَتَ به عن شهوة الفرج إذ هو عضو من الأعضاء وهذا تكلف، بل في الصحاح أن الأرب العضو والدهاء والحاجة أيضًا، وفيه لغات: إِرْبٌ وإربةٌ وأَرَبٌ ومَأرُبَةٌ ويقال هو ذو أَرْبٍ أي ذو عقل فقولها (يملك إربه) بالروايتين يعني حاجته للنساء، اهـ من المفهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال النواوي: وأما أحكام الباب فاعلم أن مباشرة الحائض أقسام، أحدها: أن يباشرها بالجماع في الفرج فهذا حرام بإجماع المسلمين بنص القرآن العزيز والسنة الصحيحة، قال أصحابنا: ولو اعتقد مسلم حل جماع الحائض في فرجها صار كافرًا مرتدًا، ولو فعله إنسان غير معتقد حله فإن كان ناسيًا أو جاهلًا بوجود الحيض، أو جاهلًا بتحريمه أو مُكْرَهًا فلا إثم عليه ولا كفارة، وإن وطئها عامدًا عالمًا بالحيض والتحريم مختارًا فقد ارتكب معصية كبيرة، نص الشافعي على أنها كبيرة وتجب عليه التوبة، وفي وجوب الكفارة قولان أصحهما: وهو الجديد وقول مالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين وجماهير السلف أنه لا كفارة عليه، وممن ذهب إليه من السلف عطاء وابن أبي مُليكة والشعبي والنخعي ومكحول والزهري وأبو الزناد وربيعة وحماد بن أبي سليمان وأيوب السختياني وسفيان الثوري والليث بن سعد رحمهم الله تعالى أجمعين.
والقول الثاني؛ وهو القديم الضعيف أنه يجب عليه الكفارة، وهو مروي عن ابن عباس والحسن البصري وسعيد بن جبير وقتادة والأوزاعي وإسحاق وأحمد في الرواية الثانية عنه، واختلف هؤلاء في الكفارة فقال الحسن وسعيد: عتق رقبة، وقال الباقون: دينار أو نصف دينار على اختلاف منهم في الحال الذي يجب الدينار أو نصف الدينار، هل الدينار في أول الدم ونصفه في آخره؟ أو الدينار في زمن الدم ونصفه بعد انقطاعه؟ وتعلقوا بحديث ابن عباس المرفوع (من أتى امرأته وهي حائض فليتصدق بدينار أو نصف دينار) وهو حديث ضعيف باتفاق الحفاظ فالصواب أن لا كفارة، والله أعلم.
القسم الثاني: المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالذكر أو بالقبلة أو المعانقة أو اللمس أو غير ذلك وهو حلال باتفاق العلماء، وقد نقل الإسفرايني وجماعة كثيرة الإجماع على هذا، وأما ما حكي عن عَبِيدة العلماني وغيره من أنه لا يباشر شيئًا منها بشيء منه فشاذ منكر غير معروف ولا مقبول، ولو صح عنه لكان مردودًا بالأحاديث الصحيحة المشهورة المذكورة في الصحيحين وغيرها في مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم فوق الإزار وإذنه في ذلك.
والقسم الثالث: المباشرة فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر، وفيها ثلاثة
576 -
(257)(103)(66) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنِ الشيبَانِي، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ شدادٍ،
ــ
أوجه لأصحابنا أصحها عند جماهيرهم وأشهرها في المذهب: أنها حرام، والثاني: ليست بحرام ولكنها مكروهة كراهة تنزيه وهذا الوجه أقوى من حيث الدليل وهو المختار، والثالث: إن كان المباشِر يضبط نفسه عن الفرج ويثق من نفسه باجتنابه إما لضعف شهوته وإما لشدة ورعه جاز وإلا فلا وهذا الوجه حسن قاله أبو العباس البصري من أصحابنا، وممن ذهب إلى الوجه الأول وهو التحريم مطلقًا مالك وأبو حنيفة وهو قول أكثر العلماء منهم سعيد بن المسيب وشريح وطاوس وعطاء وسليمان بن يسار، وممن ذهب إلى الجواز الأوزاعي والثوري وأحمد بن حنبل وخلائق، وقد قدمنا أن هذا أقوى دليلًا واحتجوا بحديث أنس الآتي (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) قالوا: وأما اقتصاره صلى الله عليه وسلم في مباشرته على ما فوق الإزار فمحمول على الاستحباب، والله سبحانه وتعالى أعلم.
واعلم أن تحريم الوطء والمباشرة على قول من يحرمهما يكون في مدة الحيض وبعد انقطاعه إلى أن تغتسل أو تتيمم إن عدمت الماء بشرطه؛ هذا مذهبنا ومذهب مالك وأحمد وجماهير السلف والخلف، وقال أبو حنيفة: إذا انقطع الدم لأكثر الحيض حل وطؤها في الحال. واحتج الجمهور بقوله تعالى {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث ميمونة رضي الله تعالى عنهما فقال:
576 -
(257)(103)(66)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي أبو زكرياء النيسابوري قال (حدثنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن المزني مولاهم أبو الهيثم الواسطي الطحان ثقة ثبت من (8)(عن الشيباني) سليمان بن أبي سليمان فيروز أبي إسحاق الكوفي ثقة من (5)(عن عبد الله بن شداد) بن الهاد واسم الهاد أسامة بن عمرو بن عبد الله بن جابر بن بشر بن عَشْوَارَه بن عامر بن مالك بن ليث الليثي أبي الوليد المدني، روى عن ميمونة في الوضوء والصلاة، وعائشة في الطب، وعلي بن أبي طالب في الفضائل، ويروي عنه (ع) والشيباني ومعبد بن خالد وسعد بن إبراهيم، وثقه
عَنْ مَيمُونَةَ؛ قَالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الإِزَارِ، وَهُنَّ حُيَّضٌ.
577 -
(258)(104)(67) حدّثني أَبُو الطاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب عَنْ مَخْرَمَةَ، ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيلِي
ــ
النسائي وابن سعد، وقال في التقريب: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذكره العجلي من كبار التابعين الثقات، ثقة من (2) مات بالكوفة مقتولًا سنة (81) إحدى وثمانين (عن ميمونة) بنت الحارث بن حزن بوزن سهل العامرية الهلالية زوج النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها سنة سبع، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم لها (46) ستة وأربعون حديثًا اتفقا على (7) سبعة وانفرد (خ) بحديث و (م) بخمسة، ويروي عنها (ع) وعبد الله بن شداد في الوضوء، وابن عباس في الوضوء، وكريب في الصوم، ويزيد بن الأصم وإبراهيم بن عبد الله بن معبد، وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها بسَرِفَ -موضعٌ بين مكة والمدينة قريب من التنعيم بينه وبين الجموم يسمى مَرَّ الظهران على نحو (10) كيلو متر من التنعيم وعلى (18) كيلو متر من المسجد الحرام- سنة سبع، وماتت بها ودفنت سنة (51) إحدى وخمسين على الصحيح. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد كوفي وواحد واسطي وواحد نيسابوري (قالت) ميمونة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه) أي يستمتع ببشرتهن (فوق الأزار وهن) أي والحال أنهن (حُيَّض) جمع حائض. وهذا الحديث أعني حديث ميمونة شارك المؤلف في روايته البخاري [303] وأبو داود [267] والنسائي [1/ 189 - 190].
ثم استشهد المؤلف ثانيًا بحديث آخر لميمونة رضي الله تعالى عنها فقال:
577 -
(258)(104)(67)(حدثنا أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن عبد الله بن سَرْح المصري الأموي مولاهم ثقة من (10) قال (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمَّد المصري ثقة من (9)(عن مخرمة) بن بكير بن عبد الله بن الأشج المخزومي أبي المسور المدني صدوق من (7) روى عنه في (4) أبواب.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي السعدي مولاهم أبو جعفر (الأيلي) بفتح الهمزة وسكون الياء نزيل مصر ثقة من العاشرة
وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كُرَيبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَال: سَمِعْتُ مَيمُونَةَ زَوْجَ النبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَضْطَجِعُ مَعِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَبَينِي وَبَينَهُ ثَوْبٌ
ــ
مات سنة (253)(وأحمد بن عيسى) بن حسان التُّسْتَري بتاءين أولاهما مضمومة والثانية مفتوحة بينهما سين ساكنة نسبة إلى تُسْتَر بلدة بالأهواز لكونه يتَّجِر فيها أبو عبد الله المصري صدوق من (10) مات سنة (243) روى عن ابن وهب في الإيمان وغيره (قالا) أي قال كل من هارون وأحمد (حدثنا ابن وهب) أتى بحاء التحويل مع اتحاد شيخ مشايخه لبيان اختلاف كيفية سماعهم، قال ابن وهب (أخبرني مخرمة) بن بكير (عن أبيه) بكير بن عبد الله بن الأشج المخزومي مولاهم أبي عبد الله المدني ثم المصري ثقة ثبت من (5) مات سنة (120) روى عنه في (13) بابًا تقريبًا (عن غريب) بن أبي مسلم القرشي الهاشمي (مولى) عبد الله (بن عباس) أبي رِشْدِين بكسر الراء وسكون الشين المدني، روى عن ميمونة في الوضوء والصلاة والصوم والزكاة، وعبد الله بن عباس في الصلاة والجنائز والصوم والحج والأدب، أرسله ابن عباس وعبد الرحمن بن الأزهر والمسور بن مخرمة إلى عائشة وسأل عائشة وأم سلمة عن الركعتين بعد العصر، وأسامة بن زيد في الحج، ثقة من الثالثة، مات سنة (98) ثمان وتسعين بالمدينة، وليس عندهم كريب إلا هذا (قال) غريب (سمعت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان مصريان (قالت) ميمونة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضطجع معي) في فراش (وأنا) أي والحال أني (حائض وبيني) والحال أن بيني (وبينه ثوب) حائل بيننا، وفي نسخة معتمدة يَنْضَجِعُ، قال ابن الأثير: انضجع مطاوع أضجعه نحو أزعجته فانزعج، وأطلقته فانطلق، وانفعل بابه الثلاثي، وإنما جاء في الرباعي قليلًا على إنابة أفعل مُنَابَ فَعَلَ. اهـ.
وهذا الحديث انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة ثالثًا بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنهما فقال:
578 -
(259)(105)(68) حدَّثنا محمدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ؛ أَن زَينَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ حدثَتْهُ؛ أَن أُمَّ سَلَمَةَ
ــ
578 -
(259)(105)(68)(حدثنا محمَّد بن المثنى) العنزي أبو موسى البصري ثقة من (10) قال (حدثنا معاذ بن هشام) الدستوائي البصري صدوق من (9) قال (حدثني أبي) هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري ثقة ثبت من (7) مات سنة (154)(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبي نصر اليمامي ثقة ثبت مدلس مرسل من (5) مات سنة (132) روى عنه في (16) بابا، قال (حدثنا أبو سلمة) عبد الله (ابن عبد الرحمن) بن عوف الزهريّ المدني ثقة من (3) مات سنة (94) روى عنه في (14) بابا (أن زينب بنت أم سلمة) المخزومية الصحابية كان اسمها برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وهي بنت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، واسم أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، روت عن أمها أم سلمة في الوضوء والطلاق والأحكام والأدب والطب، وأم حبيبة بنت أبي سفيان في النكاح والطلاق والفتن، وعائشة في النكاح، وزينب بنت جحش في الطلاق، وحبيبة بنت عبيد الله بن جحش الأسدية وأمها أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب في الفتن، ويروي عنها (ع) وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير وحميد بن نافع وابنها أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة ومحمد بن عمرو بن عطار وعِرَاكُ بن مالك وجماعة، لها في (خ) حديثان، ماتت سنة (73) ثلاث وسبعين، روى عنها في (9) أبواب (حدثته) أي حدثت أبا سلمة (أن) أمها (أم سلمة) بنت أبي أمية حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مُرَّة، ويقال لأبي أمية: زاد الراكب، وكانت أول مهاجرة من النساء، واسمها هند زوج النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها سنة اثنتين من الهجرة بعد بدر وبنى بها في شوال وكانت قبله عند أبي سلمة، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي سلمة بن عبد الأسد وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويروي عنها (ع) وزينب بنتها في الوضوء والزكاة وغيرهما وعبد الله بن رافع مولاها، وكريب في الصلاة والطلاق، وابن سفينة مولاها وقبيصة بن ذؤبب وعبيد بن عمير وعكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث في الصوم، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث في الصوم،
حَدثَتْهَا قَالتْ: بَينَمَا أَنَا مُضْطَجِعَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الْخَمِيلَةِ، إِذْ حِضْتُ، فَانسَلَلْتُ فَأَخَذتُ ثِيَابَ حَيضَتِي. فَقَال لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:
ــ
وسليمان بن يسار في الصوم، وحميد بن عبد الرحمن في النكاح، وضبَّة بن مِحْصَن في الجهاد، وسعيد بن المسيب في الضحايا، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في الأطعمة، وعبيد الله بن القبطية في الفتن، وخَيرَة أم سعيد والحسن وجماعة، عاشت بعد ما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم (60) ستين سنة، ماتت سنة اثنتين وستين (62) وزوجها أبو سلمة شهد أحدًا ورُمي بسهم فعاش مدة خمسة أشهر أو سبعة ومات، روى عنها في (10) أبواب (حَدَّثَتْهَا) أي حدثت زينب بنتها. وهذا السند من سباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة بصريون وواحد يمامي (قالت) أم سلمة وكلمة "بينما" في قوله (بينما أنا مضطجعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخَمِيلَة) تقدم بسط الكلام فيها في مواضع، والخميلة وكذا الخميل بحذف الهاء هي القطيفة قاله ابن دريد، وكل ثوب له خَمْلٌ من أي شيء كان، وقيل هي الأسود من الثياب، وقال الخليل: الخميلة ثوب له خمل أي هُدْبٌ، و"إذ" في قوله (إذ حضت) فجائية رابطة لجواب بينما، و"الفاء" في قوله (فانسللتُ) من الانسلال وهو الذهاب خفية عاطفة، وكذا في قوله (فأخذت ثياب حيضَتِي) عاطفة والحيضة، بفتح الحاء لا غير الدم وهو المراد هنا؛ والمعنى أخذت الثياب التي ألبسها في حال حيضتي فإن الحيضة بالفتح هو الحيض، قال في المفهم: وقيَّده بعض الناس بكسر الحاء يعني به الهيئة، والحالة كما تقول العرب: هو حسن القعدة والجلسة وكذا قاله الخطابي في قوله صلى الله عليه وسلم (إن حيضتك ليست في يدك) أن صوابه بكسر الحاء وعاب على المحدثين الفتح وعيبه معاب لأن الهيئة هنا غير مرادة وإنما هو الدم في الموضعين. اهـ منه. قال النواوي: ويحتمل انسلالها وذهابها خفية أنها خافت وصول شيء من الدم إليه صلى الله عليه وسلم، أو تقذرت نفسها ولم تر تربصها لمضاجعته صلى الله عليه وسلم، أو خافت أن يطلب الاستمتاع بها وهي على هذه الحالة التي لا يمكن فيها الاستمتاع، والله أعلم. اهـ.
ومعنى الكلام بين أوقات اضطجاعي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخميلة فاجأني حيضتي فخرجت من تحت الخميلة خُفْيَة فأخذتُ ثيابي التي ألبسها في حال حيضتي وهي الثياب المعدة لزمن الحيض (فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
"أَنُفِسْتِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَانِي فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ في الْخَمِيلَةِ.
قَالتْ: وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلانِ، في الإِنَاءِ الْوَاحِدِ، مِنَ الْجَنَابَةِ
ــ
أَنُفِسْتِ) بفتح همزة الاستفهام التقريري وضم النون وفتحها مع كسر الفاء فيهما وسكون السين وكسر تاء المخاطبة، ولكن فتح النون أفصح وأشهر إذا أريد به الحيض كما هنا لأن المعنى أحِضْتِ، وضمها أفصح إذا أريد به معنى الولادة كقولهم نُفِست فلانة بضم النون بمعنى وَلدت، وأصل ذلك كله خروج الدم؛ والدم يسمى نَفْسًا. وفي المفهم: قوله (أنفست) قيدناه بضم النون وفتحها، قال الهروي وغيره: نفست المرأة بضم النون ونفست بفتحها إذا ولدت وإذا حاضت، قيل نفست بفتح النون لا غير فعلى هذا ضم النون هنا خطأ لأن المراد به هنا الحيض قطعًا لكن حكى أبو حاتم عن الأصمعي الوجهين في الحيض والولادة وذكر ذلك غير واحد فعلى هذا تصح الروايتان، وأصل ذلك كله خروج الدم وهو المسمى نفسًا كما قال السَّمَوْأَل:
تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظُّبَاتِ نُفُوسُنَا
…
وَلَيسَتْ عَلَى غَيرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
أي دماؤنا قالت أم سلمة (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) نفست (فدعاني) رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الفراش (فاضطجعت معه) صلى الله عليه وسلم (في الخميلة) أي في القطيفة التي هي فراشنا (قالت) أم سلمة أيضًا (وكانت هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسلان) أي يغترفان بأيديهما من الماء الذي (في الأناء الواحد) لاغتسالهما (من) حدث (الجنابة) الحدث الأكبر، وفي الحديث أن من سنة أهل الخير النوم مع الزوجة في الفراش الواحد خلاف سيرة المعجم، وفيه اغتسال المرأة والرجل من إناء واحد ولا خلاف فيه وإنما اختلف قول أحمد في فضلها. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 294 و 300 و 318] والبخاري [298] والنسائي [1/ 149 - 150].
قال النواوي: ويستفاد من أحاديث الباب أحكام فقهية كثيرة منها: جواز النوم مع الحائض والاضطجاع معها في لحاف واحد إذا كان هناك حائل يمنع من ملاقاة البشرة فيما بين السرة والركبة أو يمنع الفرج وحده عند من لا يحرم إلا الفرج، قال العلماء: لا تكره مضاجعة الحائض ولا قبلتها ولا الاستمتاع بها فيما فوق السرة وتحت الركبة، ولا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكره وضع يدها في شيء من المائعات، ولا يكره غسلها رأس زوجها أو غيره من محارمها وترجيله، ولا يكره طبخها وعجنها وغير ذلك من الصنائع، وسؤرها وعرقها طاهران وكل هذا متفق عليه، وقد نقل الإِمام أبو جعفر محمَّد بن جرير في كتابه في مذاهب العلماء إجماع المسلمين على هذا كله، ودلائله من السنة ظاهرة مشهورة، وأما قول الله سبحانه وتعالى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} فالمراد به اعتزلوا وطأهن ولا تقربوا وطأهن. اهـ.
وجملة ما ذكره في هذا الباب أربعة أحاديث: الأول حديث عائشة ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني والثالث حديثًا ميمونة ذكرهما للاستشهاد، والرابع حديث أم سلمة ذكره للاستشهاد رضي الله تعالى عنهن.
***