الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا مُعَاويةُ بْنُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ. قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ، إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ. ثُمَّ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِهِ لِلصَّلاةِ
ــ
(10)
أبواب تقريبًا، قال (حدثنا معاوية بن عمرو) بن المهلب الأزدي أبو عمرو الكوفي ثم البغدادي المعروف بابن الكرماني، قال أحمد: صدوق ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة من (9) مات سنة (214) روى عنه في (4) أبواب، قال (حدثنا زائدة) بن قدامة الثقفي أبو الصلت الكوفي ثقة ثبت من (7) مات سنة (160) روى عنه في (10) أبواب (عن هشام) بن عروة (قال) هشام (أخبرني) أبي (عروة) بن الزبير (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بغداديان وواحد كوفي، وغرضه بسوقه بيان متابعة زائدة بن قدامة لأبي معاوية في رواية هذا الحديث عن هشام بن عروة، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى في بعض الكلمات (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان) في أغلب أحواله (إذا اغتسل) أي إذا أراد الاغتسال (من الجنابة بدأ) بغسل كفيه، وقوله (فغسل بديه) أي كفيه، تفسير لما قبله (قبل أن يُدخل يده) اليمنى (في الإناء) المشتمل على ماء دون القلتين (ثم) بعد غسل الكفين (توضأ) وضوءًا كاملًا (مثل وضوئه للصلاة) والله سبحانه وتعالى أعلم.
[فصل في صفة غسل الجنابة]
قال النواوي: قال أصحابنا كمال غسل الجنابة أن يبدأ المغتسل فيغسل كفيه ثلاثًا قبل إدخالهما في الإناء ثم يغسل ما على فرجه وسائر بدنه من الأذى ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بكماله ثم يُدْخِل أصابعه كلها في الماء فيغرف غرفة يخلل بها أصول شعره من رأسه ولحيته ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات ويتعاهد معاطف بدنه كالأبطين وداخل الأذنين والسرة وما بين الأليتين وأصابع الرجلين وعُكَنِ البطن وغير ذلك فيوصل الماء إلى جميع ذلك ثم يفيض على رأسه ثلاث حثيات ثم يفيض الماء على سائر جسده ثلاث مرات يدلك في كل مرة ما تصل إليه يداه، وإن كان يغتسل في نهر أو بركة انغمس فيها ثلاث مرات، ويوصل الماء إلى جميع بشرته والشعور الكثيفة والخفيفة، ويعم بالغسل ظاهر الشعر وباطنه وأصول منابته، والمستحب أن يبدأ بميامنه وأعالي بدنه وأن يكون
617 -
(280)(126)(90) وحدّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ
ــ
مستقبل القبلة وأن يقول بعد الفراغ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وينوي الغسل من أول شروعه فيما ذكرناه، ويستصحب النية إلى أن يفرغ من غسله فهذا كمال الغسل، والواجب من هذا كله النية في أول ملاقاة أول جزء من البدن للماء وتعميم البدن شعره وبشره بالماء، ومن شرطه أن يكون البدن طاهرًا من النجاسة وما زاد على هذا مما ذكرناه سنة، وينبغي لمن اغتسل من إناء كالإبريق ونحوه أن يتفطن لدقيقة قد يغفل عنها وهي أنه إذا استنجى وطَفَرَ محل الاستنجاء بالماء فينبغي أن يغسل محل الاستنجاء بعد ذلك بنية غسل الجنابة لأنه إذا لم يغسله الآن ربما غفل عنه بعد ذلك فلا يصح غسله لترك ذلك وإن ذكره احتاج إلى مس فرجه فينتقض وضوؤه أو يحتاج إلى كلفة في لف خرقة على يده والله أعلم، هذا مذهبنا ومذهب كثيرين من الأئمة ولم يوجب أحد من العلماء الدلك في الغسل ولا في الوضوء إلا مالك والمزني، ومن سواهما يقول: هو سنة لو تركه صحت طهارته في الوضوء والغسل، ولم يوجب أيضًا الوضوء في غسل الجنابة إلا داود الظاهري، ومن سواه يقولون: هو سنة فلو أفاض الماء على جميع بدنه من غير وضوء صح غسله واستباح به الصلاة وغيرها، ولكن الأفضل أن يتوضأ كما ذكرنا، وتحصل الفضيلة بالوضوء قبل الغسل أو بعده وإذا توضأ أولًا لا يأتي به ثانيًا فقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب وضوءان فهذا مختصر ما يتعلق بصفة الغسل، وأحاديث الباب تدل على معظم ما ذكرناه وما بقي فله دلائل مشهورة، والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ منه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهما فقال:
617 -
(280)(126)(90)(وحدثني علي بن حجر السعدي) أبو الحسن المروزي ثقة حافظ من صغار التاسعة مات سنة (244) روى عنه في (11) بابا، قال (حدثني عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي أبو عمرو الكوفي ثقة مأمون من (8) مات سنة (191) روى عنه في (17) بابا، قال (حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم أبو محمد الكوفي ثقة حافظ قارئ ورع لكنه يدلس، من (5) مات سنة
عَنْ سَالِم بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَال: حَدَّثَتْنِي خَالتِي مَيمُونَةُ قَالتْ: أَدنَيتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غُسْلَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ
ــ
(148)
روى عنه في (13) بابا (عن سالم بن أبي الجعد) رافع الأشجعي مولاهم الكوفي، روى عن كريب في الوضوء والنكاح، والنعمان بن بشير في الصلاة، ومعدان بن أبي طلحة وجابر بن عبد الله في الصلاة والبيوع والجهاد، وأنس بن مالك في المرء مع من أحب، وأبيه في ذكر الجن، ويروي عنه (ع) والأعمش وعمرو بن مرة في الصلاة وقتادة في الصلاة وحصين بن عبد الرحمن ومنصور والحكم بن عتيبة وخلق، قال ابن معين وأبو زرعة والنسائي: ثقة، وكذا قال ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة وكان يرسل كثيرًا، من الثالثة مات سنة سبع أو ثمان وتسعين (98) في ولاية سليمان بن عبد الملك، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال العجلي: ثقة تابعي، وقال إبراهيم الحربي: مجمع على توثيقه (عن كريب) مصغرًا ابن أبي مسلم الهاشمي مولاهم مولى ابن عباس أبي رشدين المدني ثقة من الثالثة مات سنة (98) بالمدينة، روى عنه في (7) أبواب (عن) عبد الله (بن عباس) بن عبد المطلب الهاشمي أبي العباس الطائفي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم مات سنة (68) بالطائف، روى عنه في (17) بابا (قال) ابن عباس (حدثتني خالتي ميمونة) بنت الحارث بن حزن الهلالية زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها سنة سبع، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم لها ستة وأربعون (46) حديثًا اتفقا على سبعة (7) وانفرد (خ) بحديث و (م) بخمسة، ويروي عنها (ع) وعبد الله بن عباس في الوضوء، وكريب في الصوم، وعبد الله بن شداد ويزيد بن الأصم وإبراهيم بن عبد الله بن معبد وجماعة، قال الزهري: هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، قال في التقريب: وتزوجها بِسَرِفَ موضع بين مكة والمدينة قريب من التنعيم سنة سبع وماتت بها ودفنت هناك سنة (51) إحدى وخمسين على الصحيح. وهذا السند من سباعياته رجاله اثنان منهم مدنيان وثلاثة منهم كوفيون وواحد طائفي وواحد مروزي (قالت) ميمونة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها (أدنيت) أي قربت (لرسول الله صلى الله عليه وسلم غُسله) بضم الغين المعجمة أي الماء الذي يغتسل به (من الجنابة) ويطلق الغُسل بالضم على الماء الذي يغتسل به وهو المراد هنا، وأما الغِسل بالكسر فاسم لما يضاف إلى الماء من سدر وأُشْنَان وصابون ونحوها، وبالفتح فاسم لاستعمال
فَغَسَلَ كَفَّيهِ مَرَّتَينِ أوْ ثَلاثًا. ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ. ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ، وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ. ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمالِهِ الأَرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا. ثُمَّ تَوَضأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ. ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ. ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ. ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ. فَغَسَلَ رِجْلَيهِ
ــ
الماء في جميع البدن، وهو مصدر قياسي لغسل الثلاثي كما يقتضيه قول الخلاصة:
فعلٌ مَقِيسُ مصدر المعدَّى
…
من ذي ثلاثة كَرَدَّ رَدَّا
(فغسل كفيه مرتين أو) قال سالم: غسلهما (ثلاثًا) قال ابن رسلان: الشك من الأعمش كما في البخاري، وأخرج أبو عوانة عن فضيل عن الأعمش ثلاثًا بدون الشك فعُلِم أن الأعمش شك أولًا ثم جزم لأن سماع فضيل متأخر اهـ (ثم أدخل يده) اليمنى (في الإناء) لياخذ الماء فأخذه (ثم أفرغ) وصب (به) أي بالماء (على فرجه) ومذاكيره (وغسله) أي غسل فرجه (بشماله، ثم ضرب) ومسح (بشماله الأرض فدلكها) أي دلك شماله على الأرض (دلكًا شديدًا) لما لعله تعلق بها من رائحة ولزوجة، قال النواوي: وفي هذا دلالة على أنه يستحب للمستنجي بالماء إذا فرغ أن يغسل يده بتراب أو أُشْنَان أو يدلكها بالتراب أو بالحائط ليذهب الاستقذار منها (ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم أفرغ) أي صب الماء (على رأسه ثلاث حفنات) أي ثلاث غرفات، وقوله (ملء كفه) أي ماليء جنس كفه أي ماءً مالئًا كفيه، قال النواوي: هكذا هو في الأصول التي ببلادنا (ملء كفيه) بلفظ الإفراد وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين، وفي رواية الطبري (ملء كفيه) بالتثنية وهي مفسرة لرواية الأكثرين، والحفنة ملء الكفين جميعا وقد عرفتَ تأويلنا، وفي بعض النسخ (ملء كفيه) كرواية الطبري (ثم غسل سائر جسده) أي باقي جسده، قال في القاموس: السائر الباقي لا الجميع كما توهم جماعات وقد يستعمل له، وقال الجزري في النهاية: والسائر مهموزًا الباقي، والناس يستعملونه بمعنى الجميع وليس بصحيح، وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث وكلها بمعنى باقي الشيء انتهى. اهـ تحفة الأحوذي بتصرف (ثم تنحى) أي تحول (عن مقامه ذلك) أي عن مكانه الذي اغتسل فيه إلى ناحية أخرى (فغسل رجليه) قال الحافظ: وفيه التصريح بتأخير الرجلين في وضوء الغسل إلى آخره، وهو مخالف لظاهر رواية عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أكان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يُدْخِل أصابعه في الماء .. ،
ثُمَّ أَتَيتُهُ بِالمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ
ــ
الحديث، ويمكن الجمع بينهما إما بحمل رواية عائشة على المجاز بأن المراد يتوضأ أكثر الوضوء كما يتوضأ للصلاة وهو ما سوى الرجلين، وبحمله على حالة أخرى وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف نظر العلماء فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل، وعن مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم، وعند الشافعية ففي الأفضل قولان كما مر عن النواوي، قالت ميمونة رضي الله تعالى عنها (ثم) بعد فراغه من غسله (أتيته) أي جئته صلى الله عليه وسلم (بالمنديل) بكسر الميم وهو ما يُنَشَفُ به البدن أو يُتَمَسَّح به من الوسخ (فردَّه) أي رد المنديل عليَّ فلم يأخذه مني أي أتيته بالمنديل ليتمسح به فرده أي لم يأخذه مني كما في رواية البخاري، قال ملا علي: إما لأنه أفضل إبقاءً لأثر العبادة أو لكونه مستعجلًا أو لأن الوقت كان حَرًّا والبلل مطلوب، ومع هذه الاحتمالات فالحديث لا يصلح أن يكون دليلًا على سنية ترك التنشيف أو كراهة فعله. اهـ لأنه ارتدى ثوب الاحتمال.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته البخاري [257] وأبو داود [245] والترمذي [103] والنسائي [1/ 137].
قال النواوي: قولها (ثم أتيته بالمنديل فرده) فيه استحباب ترك تنشيف الأعضاء وقد اختلف أصحابنا في تنشيف الأعضاء في الوضوء والغسل على خمسة أوجه: أشهرها أن المستحب تركه ولا يقال فعله مكروه، والثاني مكروه، والثالث إنه مباح يستوي فعله وتركه وهذا هو الذي نختاره فإن المنع والاستحباب يحتاج إلى دليل ظاهر، والرابع أنه مستحب لما فيه من الاحتراز عن الأوساخ، والخامس يكره في الصيف دون الشتاء، هذا ما ذكره أصحابنا وقد اختلف الصحابة وغيرهم في التنشيف على ثلاثة مذاهب: أحدها أنه لا باس به في الوضوء ولا في الغسل وهو قول أنس بن مالك والثوري، والثاني مكروه فيهما وهو قول ابن عمر وابن أبي ليلى، والثالث يكره في الوضوء دون الغسل وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، وقد جاء في ترك التنشيف هذا الحديث والحديث الآخر في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم اغتسل وخرج ورأسه يقطر ماءا، وأما فعل التنشيف فقد رواه جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أوجه لكن أسانيدها ضعيفة، قال الترمذي: لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. اهـ.
618 -
(00)(00)(00) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، وَأَبُو كُرَيبٍ، وَالأَشَجُّ، وَإِسْحَاقُ كُلُّهُمْ عَنْ وَكِيعِ. ح وَحدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حدثنا أَبُو مُعَاويَةَ. كِلاهُمَا عَنِ الأعمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَلَيسَ في
ــ
وفي المفهم: قولها (فأتيته بالمنديل فرده) يتمسك به من كره التمندل بعد الوضوء والغسل وبه قال ابن عمر وابن أبي ليلى وإليه مال أصحاب الشافعي رحمه الله تعالى وقال: هو أثر عبادةٍ فتكره إزالته كدم الشهيد وخلوف فم الصائم، ولا حجة في الحديث لاحتمال أن يكون رده إياه لشيء رآه في المنديل أو لاستعجاله للصلاة أو تواضعًا أو مجانبة لعادة المترفهين، وأما القياس فلا نسلِّمُه لأنا نمنع الحكم في الأصل، إذ الشهيد يحرم غسل دمه فضلًا عن الكراهة، ولا تكره إزالة الخلوف بالسواك، وروي عن ابن عباس أنَّه يكره التمندل في الوضوء دون الغسل، والصحيح أن ذلك واسع كما ذهب إليه مالك تمسكًا بعدم الناقل عن الأصل، وأيضًا فقد روي عن عائشة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة ينشف بها بعد الوضوء" رواه الترمذي [53] ومن حديث معاذ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح وجهه من وضوئه بطرف ثوبه" رواه الترمذي [54] ذكرهما الترمذي وقال: لا يصح في الباب شيء. اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ميمونة رضي الله تعالى عنها فقال:
618 -
(00)(00)(00)(وحدثنا محمد بن الصباح) الدولابي مولدًا أبو جعفر الرازي ثم البغدادي صاحب السنن ثقة من (10) مات سنة (227) روى عنه في (7) أبواب (وأبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (والأشج) عبد الله بن سعيد الكندي الكوفي (واسحاق) بن إبراهيم الحنظلي المروزي (كلهم) أي كل من هؤلاء الخمسة رووا (عن وكيع) بن الجراح الكوفي (ح وحدثناه يحيى بن يحيى) التميمي أبو زكرياء النيسابوري (وأبو غريب قالا حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي (كلاهما) أي كل من وكيع وأبي معاوية رَوَيَا (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (بهذا الإسناد) يعني عن سالم بن أبي الجعد عن غريب عن ابن عباس عن ميمونة، وغرضه بسوق هذين السندين متابعة وكيع وأبي معاوية لعيسى بن يونس في رواية هذا الحديث عن الأعمش (و) لكن (ليس في
حَدِيثِهمَا إِفْرَاغُ ثَلَاثِ حَفَنَاتِ عَلَى الرَّأْسِ. وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ وَصْفُ الْوُضُوءِ كُلِّهِ، يَذْكُرُ الْمَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ فِيهِ. وَلَيسَ في حَدِيثِ أَبِي مُعَاويَةَ ذِكْرُ الْمِنْدِيلِ.
619 -
(00)(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيمُونَةَ؛ أَن النبِي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ. فَلَمْ يَمَسَّهُ. وَجَعَلَ يَقُولُ "بِالْمَاءِ هَكذَا" يَعْنِي يَنْفُضُهُ
ــ
حديثهما) أي في حديث وكيع وأبي معاوية (إفراغ) أي ذكر صب (ثلاث حفنات على الرأس) كما ذكره عيسى بن يونس (وفي حديث وكيع) وروايته (وصف الوضوء) أي ذكر أفعال الوضوء (كله) حالة كونه (يذكر المضمضة والاستنشاق) وما بعدهما من أفعاله (فيه) أي في الوضوء، وفي بعض النسخ ذكر المضمضة بلفظ الماضي (وليس في حديث أبي معاوية) وروايته (ذكر المنديل) وهذا بيان للمخالفة بين المتابعين والمتابَع تورعًا من الكذب عليهما.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث ميمونة رضي الله تعالى عنها فقال:
619 -
(00)(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، قال (حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي أبو محمد الكوفي ثقة فقيه عابد من (8) مات سنة (192) روى عنه في (17) بابا (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن سالم) بن رافع أبي الجعد الأشجعي الكوفي (عن غريب عن ابن عباس عن ميمونة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم كوفيون وثلاثة مدنيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة عبد الله بن إدريس لعيسى بن يونس في رواية هذا الحديث عن الأعمش، وكرر محل المخالفة بين الروايتين تورعًا من الكذب على المتابع (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي) بصيغة المبني للمجهول أي جيء (بمنديل) بعد غسله ليتمسح به (فلم يمسه) أي فلم يأخذه ليتمسح به بل رده (وجعل) أي شرع (يقول) أي يفعل (بالماء هكذا) وفي بعض النسخ هكذا وهكذا بالتكرار مرتين (يعني) الراوي بقوله يقول بالماء (ينفضه) أي ينفض الماء عن جسده أي يزيله عن جسده بالكفين، ونَفْض الشيء تحريكه ليزول عنه نحو الغبار ففي الحديث إطلاق القول على الفعل، وهو كثير في كتب الحديث كما في حديث عائشة الآتي قريبًا (فقال بهما على رأسه) وفي قوله
620 -
(281)(127)(91) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أبِي سُفْيَانَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَفمَ، إِذَا اغتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، دَعَا بِشَيءٍ نَحْو الْحِلابِ،
ــ
(يعني ينفضه) رد على من كره التمندل، وقال: لأن الوضوء نور إذ لو كان كما قال لما نفضه عنه لأن النفض كالمسح في إتلاف ذلك الماء. اهـ مفهم.
قال النواوي: فيه دليل على أن نفض اليد بعد الوضوء والغسل لا بأس به، وقد اختلف أصحابنا فيه على أوجه: أشهرها أن المستحب تركه ولا يقال إنه مكروه، والثاني أنَّه مكروه، والثالث أنَّه مباح يستوي فعله وتركه وهو الأظهر المختار، فقد جاء هذا الحديث الصحيح في الإباحة ولم يثبت في النهي شيء أصلًا.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة الأول ثانيًا بحديث آخر لها فقال:
620 -
(281)(127)(91)(وحدثنا محمد بن المثنى) بن عبيد (العنزي) بفتح العين والنون وبالزاي أبو موسى البصري ثقة من (10) قال (حدثني أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني البصري ثقة ثبت من (9) مات في ذي الحجة سنة (212) روى عنه في (12) بابا (عن حنظلة بن أبي سفيان) القرشي الجمحي الأموي المكي واسم أبي سفيان الأسود بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية ثقة حجة، من (6) مات سنة (151) روى عنه في (9) أبواب (عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي أبي محمد المدني أحد الفقهاء السبعة في المدينة وأحد الأئمة الأعلام ثقة من كبار الثالثة، مات سنة (106) على الصحيح (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد مكي (قالت) عائشة رضي الله تعالى عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل) أي إذا أراد الاغتسال (من الجنابة دعا) أي طلب (بشيء) أي بماءٍ ملءِ شيءٍ (نحو الحِلَاب) ونحو بالجر بدل من شيء أي طلب بماء قدر ملء الحلاب، وبالنصب بدل منه أيضًا على أن الباء زائدة أي طلب ماءًا قدر ما يملأ الحلاب، والحلاب بكسر الحاء المهملة لا غير إناء يسع قدر حلبة ناقة قاله الخطابي، وقال غيره: إناء ضخم
فَأَخَذ بِكَفِّهِ، بَدَأَ بِشِق رَأْسِهِ الأَيمَنِ. ثم الأيسَرِ ثُمَّ أَخَذَ بِكَفيهِ. فَقَال بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ
ــ
يُحْلَبُ فيه، ويقال له أيضًا: المحلب بكسر الميم وفتح اللام، قال الشاعر:
صَاحِ هل ريتَ أو سمعْتَ بِرَاعٍ
…
ردَّ في الضَّرْعِ ما ثَوَى في الحِلاب
(فأخذ) من مائه شيئًا (بكفه) اليمنى فصبه على رأسه، حالة كونه (بدأ) أي مبتدئًا في الصب (بشق رأسه) أي بالشق (الأيمن) من رأسه (ثم) بـ (ـالأيسر) من رأسه (ثم أخذ) الماء واغترت (بكفيه) جميعًا (فقال بهما) أي فصب وأفاض الماء بالكفين (على) جميع (رأسه) بلا ترتيب.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري فقط [262] وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث: الأول حديث عائشة المذكور أولًا ذكره للاستدلال، وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني حديث ميمونة ذكره للاستشهاد، وذكر فيه متابعتين، والثالث حديث عائشة الأخير ذكره للاستشهاد أيضًا.
***