المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌189 - (93) (75) باب الدليل على أن نوم القاعد لا ينقض الوضوء - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌141 - (46) (28) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌142 - (47) (29) باب التوقيت في المسح على الخفين

- ‌143 - (48) (30) باب حكم فعل الصلوات الخمس بوضوء واحد

- ‌144 - (49) (31) باب كراهة غمس اليد في الإناء لمن استيقظ من النوم حتى يغسلها ثلاثًا

- ‌145 - (50) (32) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء وغُسِل الإناء سبع مرات

- ‌[فصل]

- ‌146 - (51) (33) باب النهي عن البول في الماء الراكد

- ‌147 - (52) (34) باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد

- ‌148 - (53) (35) باب صب الماء على البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد وأن الأرض المتنجسة بذلك تطهر بصب الماء عليها من غير حاجة إلى حفرها وتقويرها والأمر بالرفق على الجاهل إذا فعل منكرًا وأن المساجد إنما بنيت للصلاة ولذكر الله تعالى فيها

- ‌(فصل في مسائل منثورة تتعلق بهذا الباب)

- ‌149 - (54) (36) باب مشروعية النضح في تطهير بول الصبي الرضيع الذي لم يأكل طعامًا

- ‌150 - (55) (37) باب فَرْكِ المنيِّ وحَتِّهِ من الثوب

- ‌151 - (56) (38) باب غسل المني من الثوب

- ‌152 - (57) (39) باب نجاسة الدم وكيفية غسله

- ‌153 - (58) (40) باب وجوب الاستبراء والتستر من البول

- ‌154 - (59) (41) باب ما يحل من الحائض

- ‌155 - (60) (42) باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وهو معتكف في المسجد وهي في بيتها وطهارة سؤرها

- ‌156 - (61) (43) باب في الحائض تُناول الخمرة من البيت لزوجها المعتكف في المسجد

- ‌157 - (62) (44) باب جواز مشاربة الحائض ومؤاكلتها ومساكنتها والاتكاء عليها في حال قراءة القرآن

- ‌158 - (63) (45) باب الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌159 - (64) (46) باب غسل الوجه واليدين إذا استيقظ من النوم

- ‌160 - (65) (47) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو معاودة أهله وطوافه على نسائه بغسل واحد

- ‌161 - (66) (48) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌162 - (67) (49) باب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما

- ‌163 - (68) (50) باب في بيان صفة غسله صلى الله عليه وسلم من الجنابة

- ‌[فصل في صفة غسل الجنابة]

- ‌164 - (69) (51) باب بيان القدر المستحب في ماء الغسل والوضوء وجواز اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد وغسل أحدهما بفضل الآخر

- ‌165 - (70) (52) باب كم مرة يُصَبُّ الماء على الرأس عند الغسل من الجنابة

- ‌166 - (71) (53) باب: الرخصة في ترك نقض ضفائر المغتسلة

- ‌167 - (72) (54) باب: استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم

- ‌168 - (73) (55) باب: في الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌169 - (74) (56) باب: لا تقضي الحائض الصلاة وتقضي الصوم

- ‌170 - (75) (57) باب: استتار المغتسل عند غسله بثوب ونحوه

- ‌171 - (76) (58) باب: النهي عن النظر إلى العورة وعن الإفضاء

- ‌172 - (77) (59) باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة

- ‌173 - (78) (60) باب: الاعتناء بحفظ العورة

- ‌174 - (79) (61) باب: ما يستتر به عند قضاء الحاجة

- ‌175 - (80) (62) باب: ما جاء في الرجل يطأ ثم لا ينزل

- ‌176 - (81) (63) باب نسخ إنما الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين

- ‌177 - (82) (64) باب الوضوء مما مست النار

- ‌178 - (83) (65) باب نسخ الوضوء مما مست النار

- ‌179 - (84) (66) باب الوضوء من لحوم الإبل

- ‌180 - (85) (67) باب يقين الطهارة لا يُرفع بالحدث المشكوك فيه

- ‌181 - (86) (68) باب طهارة جلود الميتة بالدباغ

- ‌182 - (87) (69) باب التيمم

- ‌183 - (88) (70) باب لا يرد قاضي الحاجة على من سلَّم عليه

- ‌184 - (89) (71) باب الدليل على طهارة المسلم ولو جنبًا

- ‌185 - (90) (72) باب ذكر الله تعالى في كل الأحيان

- ‌186 - (91) (73) باب جواز أكل المحدث الطعام وأنه لا كراهة في ذلك وأن الوضوء ليس على الفور

- ‌187 - (92) (74) باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء

- ‌189 - (93) (75) باب الدليل على أن نوم القاعد لا ينقض الوضوء

الفصل: ‌189 - (93) (75) باب الدليل على أن نوم القاعد لا ينقض الوضوء

‌189 - (93)(75) باب الدليل على أن نوم القاعد لا ينقض الوضوء

727 -

(338)(184)(148) حدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيةَ. ح وَحَدَّثَنَا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَجِيٌّ لِرَجُلٍ -

ــ

189 -

(93)(75) باب الدليل على أن نوم القاعد لا ينقض الوضوء

727 -

(338)(184)(148) حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي، قال (حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم (ابن علية) الأسدي أبو بشر البصري (ح وحدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي مولاهم أبو محمد الأبلي بضمتين ثم لام مشددة مكسورة، قال أحمد وصالح ومسلمة: ثقة، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال في التقريب: صدوق يهم ورمي بالقدر، من صغار (9) مات سنة (236) روى عنه في (10) أبواب، قال (حدثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم أبو عبيدة البصري ثقة ثبت رمي بالقدر ولم يثبت عنه، من (8) مات سنة (180) روى عنه في (8) أبواب (كلاهما) أي كل من إسماعيل وعبد الوارث رويا (عن عبد العزيز) بن صهيب البناني البصري (عن أنس) بن مالك الأنصاري الخزرجي أبي حمزة البصري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذان السندان من رباعياته الأول منهما رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد نسائي، والثاني منهما رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد أُبُليٌّ (قال) أنس (أقيمت الصلاة) المكتوبة يومًا من الأيام أي أقام لها المؤذن لعله بلال (ورسول الله) أي والحال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَجيٌّ) أي مسار (لرجل) من المسلمين أي محدِّث معه محادثة سر لا يسمعه غيرهما، والمناجاة المحادثة سرًّا، يقال رجل نجي ورجلان نجي ورجال نجي يطلق بلفظ واحد على المفرد والجمع والمثنى، ومنه قوله تعالى {خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80] وقوله {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] قال المازري: ومناجاته كانت في مهم وتقديم النظر فيه أولى من المبادرة إلى الصلاة، قال (ع): فيجوز مثله ويكره الكلام بعد الإقامة في غير مهم، وفيه تناجي اثنين دون الجماعة، قال الأبي: ولم يذكر في الحديث أنه أعيدت الإقامة مع أنه قد طال الأمر حتى نام أصحابه، ولعله لم يطل الأمر، والمنصوص: أنه إن طال تأخير الصلاة

ص: 380

(وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ: وَنَبِي اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِي الرَّجُلَ) - فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ.

728 -

(00)(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذِ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيب؛ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَال: أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِي رَجُلًا. فَلَمْ يَزَل يُنَاجِيهِ حَتَّى

ــ

أعيدت، واختلف في إعادتها إذا بطلت (وفي حديث عبد الوارث) وروايته (ونبي الله صلى الله عليه وسلم يناجي الرجل فما قام) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى الصلاة حتى نام القوم) الحاضرون قعودًا على هيئة انتظار الصلاة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري وأبو داود كما في التحفة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله تعالى عنه فقال:

728 -

(00)(00)(00)(وحدثنا عببد الله بن معاذ) التميمي (العنبري) أبو عمرو البصري ثقة حافظ، من (10) مات سنة (237) روى عن أبيه فقط في مواضع كثيرة، قال (حدثني أبي) معاذ بن معاذ العنبري أبو المثنى البصري ثقة متقن، من كبار (9) مات سنة (196) روى عنه في (10) أبواب، قال (حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبو بسطام الضري ثقة متقن إمام أئمة الجرح والتعديل وهو أول من تكلم في رجال الحديث، من (7) مات سنة (160) روى عنه في (30) بابا (عن عبد العزيز بن صهيب) البناني البصري (سمع) عبد العزيز (أنس بن مالك) بن النضر الأنصاري أبا حمزة البصري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون، وغرضه بسوقه بيان متابعة شعبة لإسماعيل بن علية وعبد الوارث في رواية هذا الحديث عن عبد العزيز، وفائدتها تقوية السند الأول لأن شعبة أوثق منهما، وفيه تصريح سماع عبد العزيز من أنس، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة اللفظية (قال) أنس (أقيمت الصلاة) العشاء الأخيرة كما سيصرح بها في الرواية الأخيرة؛ أي أقام المؤذن لها (والنبي) أي والحال أن النبي صلى الله عليه وسلم يناجي) ويحادث (رجلًا) سرًّا في أمر مهم من مصالح المسلمين (فلم يزل) أي لم يبرح رسول الله صلى الله عليه وسلم (يناجيه) أي يتحدث مع ذلك الرجل (حتى

ص: 381

نَامَ أَصْحَابُهُ. ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى بِهِمْ.

729 -

(00)(00)(00) وحدّثني يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ، (وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ)، حَدَّثنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ، ثُم يُصَلُّونَ وَلا يَتَوَضَّؤُونَ.

قَال: قُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنٍ أَنَسِ؟ قَال: إِي وَاللهِ!

ــ

نام أصحابه) قاعدين في صفوفهم ممكنين مقعدتهم يتساقط بعضهم على بعض (ثم) بعد فراغه من مناجاته مع الرجل (جاء) إلى أصحابه (فصلى بهم) العشاء الآخرة.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

729 -

(00)(00)(00)(وحدثني يحيى بن حبيب) بن عربي (الحارثي) أبو زكريا البصري، قال النسائي: ثقة مأمون قَلَّ شيخ رأيته بالبصرة مثله، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال في التقريب: ثقة، من (10) مات سنة (248) روى عنه في (5) أبواب، قال (حدثنا خالد) بن الحارث بن عبيد بن سليم الهجيمي أبو عثمان البصري، قال أبو زرعة: كان يقال له خالد الصدق، وقال ابن سعد وأبو حاتم والنسائي: إمام ثقة ثبت، من (8) مات سنة (186) روى عنه في (12) بابا، وأتى بهو في قوله (وهو ابن الحارث) إشارة إلى أن هذه النسبة من زيادته، قال (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (عن قتادة) بن دعامة السدوسي أبي الخطاب البصري ثقة مدلس، من (4) مات سنة (117) روى عنه في (25) بابا (قال) قتادة (سمعت أنسًا) ابن مالك. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون أيضًا، وغرضه بسوقه بيان متابعة قتادة لعبد العزيز بن صهيب في رواية هذا الحديث عن أنس، وكرر متن الحديث لما فيها من المخالفة حالة كون أنس (يقول كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون) قعودًا ممكنين المقعدة أو مضطجعين غير مستغرقين في النوم (ثم يصلون ولا يتوضؤون قال) شعبة (قلت) لقتادة أ (سمعته) أي أسمعت هذا الحديث (من أنس قال) قتادة (إي) حرف تصديق في الجواب بمعنى نعم أي نعم سمعته من أنس بأذني (والله) أي أقسمت لك بالله الذي لا إله غيره.

وإنما قال شعبة لقتادة سمعته من أنس مع أنه قال أولًا سمعت أنسًا استثباتًا لسماعه

ص: 382

730 -

(00)(00)(00) حدَّثني أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ؛ أنَّهُ قَال: أُقِيمَتْ صَلاةُ الْعِشَاءِ. فَقَال رَجُلٌ: لِي حَاجَةٌ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِيهِ، حَتَّى نَامَ

ــ

لأن قتادة كان من المدلسين، وكان شعبة من أشد الناس ذمًا للتدليس، وكان يقول: الزنا أهون من التدليس. وقد تقرر أن المدلس إذا قال: عن؛ لا يحتج به، وإذا قال: سمعت؛ احتج به على المذهب الصحيح المختار، فأراد شعبة الاستثبات من قتادة في لفظ السماع، والظاهر أن قتادة علم ذلك من حال شعبة ولهذا حلف له، والله أعلم اهـ نووي، والتفصيل المذكور في المدلسين إنما هو في غير الصحيحين كما مر.

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

730 -

(00)(00)(00) حدثني أحمد بن سعيد بن صخر) بن سليمان بن سعيد بن قيس بن عبد الله (الدارمي) نسبة إلى دارم بن مالك بطن كبير من تميم أبو جعفر المروزي ثقة حافظ، من (11) مات سنة (246) روى عنه في (8) أبواب، قال (حدثنا حبان) بفتحتين مع تشديد الموحدة بن هلال الباهلي أبو حبيب البصري، قال أحمد: إليه المنتهى في التثبت في البصرة، وقال النسائي والترمذي وابن معين: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة ثبتًا حجة، وقال في التقريب: ثقة ثبت، من (9) مات سنة (216) روى عنه في (8) أبواب، قال (حدثنا حماد) بن سلمة بن دينار الربعي أبو سلمة البصري ثقة عدل إمام ثبت فقيه، من كبار (8) مات سنة (179) روى عنه في (14) بابا (عن ثابت) بن أسلم بن موسى البناني أبي محمد البصري، وثقه أحمد والنسائي والعجلي، وقال في التقريب: ثقة عابد، من (4) مات سنة (123) روى عنه في (13) بابا (عن أنس) بن مالك البصري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم بصريون وواحد مروزي، وغرضه بسوقه بيان متابعة ثابت لعبد العزيز بن صهيب وقتادة في رواية هذا الحديث عن أنس، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما فيها من المخالفة للرواية السابقة في سوق الحديث (أنه) أي أن أنسًا (قال أقيمت صلاة العشاء) الآخرة ليلة من الليالي (فقال رجل) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (لي) إليك يا رسول الله (حاجة) مهمة (فقام النبي صلى الله عليه وسلم) حالة كونه (يناجيه) أي يناجي ذلك الرجل ويتحدث معه سرًّا واستمر في المناجاة معه (حتى نام

ص: 383

الْقَوْمُ، (أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ)، ثُم صَلَّوْا

ــ

القوم) المنتظرون للصلاة معه صلى الله عليه وسلم كلهم ونعسوا (أو) قال لي أنس حتى نام (بعض القوم) من النساء والصبيان، والشك من ثابت أو ممن دونه (ثم) بعدما فرغ من مناجاته مع الرجل جاء إليهم و (صَلَّوا) صلاة العشاء، ولم يذكر أنه أعيدت الإقامة، لعله لم يطل الزمن أو اكتفوا بالإقامة الأولى.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث أنس رضي الله عنه وذكر فيه ثلاث متابعات.

وأما فقه هذا الحديث ففيه جواز مناجاة الرجل بحضرة الجماعة وإنما نهي عن ذلك بحضرة الواحد، وفيه جواز الكلام بعد إقامة الصلاة لا سيما في الأمور المهمة ولكنه مكروه في غير المهم، وفيه تقديم الأهم فالأهم من الأمور عند ازدحامها فإنه صلى الله عليه وسلم إنما ناجاه بعد الإقامة في أمر مهم من أمور الدين مصلحته راجحة على تقديم الصلاة، وفيه أيضًا أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء وهذه المسألة المقصودة من الترجمة، وقد اختلف العلماء فيها على مذاهب:

أحدها: أن النوم لا ينقض الوضوء على أي حال كان، وهذا محكي عن أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وأبي مجلز وحميد الأعرج وشعبة.

والمذهب الثاني: أن النوم ينقض الوضوء بكل حال وهو مذهب الحسن البصري والمزني وأبي عبيد القاسم بن سلام واسحاق بن راهويه وهو قول غريب للشافعي قال ابن المنذر: وبه أقول، قال: وروي معناه عن ابن عباس وأنس وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

والمذهب الثالث: أن كثير النوم ينقض الوضوء بكل حال وقليله لا ينقض بحال؛ وهذا مذهب الزهري وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه.

والمذهب الرابع: أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلين كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوؤه سواء أكان في الصلاة أو لم يكن، وإن نام مضطجعًا أو مستلقيًا على قفاه انتقض؛ وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وهو قول للشافعي غريب.

والمذهب الخامس: أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد روي هذا عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمذهب السادس: أنه لا ينقض إلا نوم الساجد، وروي أيضًا عن أحمد رحمه الله تعالى.

والمذهب السابع: أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال، وينقض خارج الصلاة وهو قول ضعيف للشافعي.

والمذهب الثامن: أنه إذا نام جالسًا ممكنًا مقعدته من الأرض لم ينتقض وإلا انتقض سواء قل أو كثر سواء كان في الصلاة أو خارجها وهذا مذهب الشافعي، وعنده أن النوم ليس حدثًا في نفسه وإنما هو دليل على خروج الريح، فإذا نام غير ممكن المقعدة غلب على الظن خروج الريح فجعل الشرع هذا الغالب كالمحقَّق، وأما إذا كان ممكنًا فلا يغلب على الظن الخروج، والأصل بقاء الطهارة وقد وردت أحاديث كثيرة في هذه المسألة يستدل بها لهذه المذاهب وليس المقصود هنا الإطناب بل الإشارة إلى المقاصد، والله أعلم.

وقد اتفقوا على أن زوال العقل بالجنون أو الإغماء أو السكر بالخمر أو النبيذ أو البنج أو الدواء ينقض الوضوء سواء قل أو كثر سواء كان ممكن المقعدة أو غير ممكنها، قال أصحابنا: وكان من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن لا ينتقض وضوؤه بالنوم مضطجعًا للحديث الصحيح عن ابن عباس قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه ثم صلى ولم يتوضأ.

(خاتمة):

قال الشافعي والأصحاب: لا ينتقض الوضوء بالنعاس وهو السنة، قالوا: وعلامة النوم أن فيه غلبة على العقل وسقوط حاسة البصر وغيرها من الحواس، وأما النعاس فلا يغلب على العقل، وإنما تفتر فيه الحواس من غير سقوطها، ولو شك هل نام أو نعس؟ فلا وضوء عليه، ويستحب أن يتوضأ. ولو تيقن النوم وشك هل نام ممكن المقعدة من الأرض أم لا؟ لم ينتقض وضوؤه، ويستحب أن يتوضأ. ولو نام جالسًا ثم زالت أليتاه أو إحداهما عن الأرض فإن زالت قبل الانتباه انتقض وضوؤه لأنه مضى عليه لحظة وهو نائم غير ممكن المقعدة، وإن زالت بعد الانتباه أو معه أو شك في وقت زوالها لم ينتقض وضوءه. ولو نام ممكنًا مقعدته من الأرض مستندًا إلى الحائط أو غيره لم ينتقض وضوؤه سواء كانت بحيث لو رفع الحائط لسقط أو لم يكن. ولو نام محتبيًا ففيه ثلاثة

ص: 385

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أوجه أحدها: لا ينتقض كالمتربع، والثاني: ينتقض كالمضطجع، والثالث: إن كان نحيف البدن بحيث لا تنطبق أليتاه على الأرض انتقض، وإن كان ألحم البدن بحيث ينطبقان لم ينتقض. والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وله الحمد والنعمة وبه التوفيق والعصمة اهـ من النواوي.

وهذا آخر ما أردنا إيراده وشرحه في هذا المجلد الرابع، وجملة ما اشتمل عليه هذا المجلد من الأحاديث الغير المكررة من الأصول والشواهد مائة وأربعة وثمانون حديثًا (184) وجملة ما في كتاب الطهارة من الأحاديث المذكورة مائة وثمان وأربعون حديثًا، وجملة ما فيه من الأبواب ثلاثة وتسعون (93) بابا، وجملة ما في كتاب الطهارة من الأبواب خمسة وسبعون بابا (75) وجملة ما شرحنا من الأحاديث الغير المكررة من أول الكتاب إلى هنا (338) ثلاثمائة وثمان وثلاثون، ومع المكررة (728) سبعمائة وثمانية وعشرون حديثًا، وجملة ما مر لنا من أول الكتاب إلى هنا من الأبواب مائة وتسعة وثمانون بابا (189) ومن الكتاب كتابان فقط: كتاب الإيمان وكتاب الطهارة.

وجملة ما مر لنا من رباعياته (38) ثمانية وثلاثون سندًا، ومن ثمانياته أحد وعشرون سندًا، ومن تساعياته اثنان فقط واحد في كتاب الإيمان وواحد في كتاب الطهارة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وهذا آخر ما أكرمني الله به من هذا المجلد بإتمامه في تاريخ: 28/ 3 / 1421 هـ

أوائل ليلة الجمعة ليلة الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول من شهور سنة ألف وأربعمائة وإحدى وعشرين سنة من الهجرة المصطفية عليه أفضل الصلاة وأزكى التحية، بعدما وفقني بابتدائه في تاريخ 18/ 8 / 1420 هـ اليوم الثامن عشر من الشهر الثامن من شهور سنة 18/ 8 / 1420 هـ من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، بعدما عاقني منه العوائق ومنعني المعائق، لأن العوائق لمن في الدنيا شقائق، وما أحسن قول من قال:

وهذا آخر ما أكرمني الله به من هذا المجلد الرابع (1) بإتمامه في تاريخ: 28/ 3 /

(1) وهذا حسب تقسيم المؤلف حفظه الله لنسخته الخطية في (16) مجلدًا، ثم ارتأى حفظه الله بعد دفعه للطباعة أن يكون في (26) مجلدًا.

ص: 386

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1421 هـ أوائل ليلة الجمعة ليلة الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول من شهور سنة ألف وأربعمائة وإحدى وعشرين سنة من الهجرة المصطفية عليه أفضل الصلاة وأزكى التحية، بعدما وفقني بابتدائه في تاريخ 18/ 8 / 1420 هـ اليوم الثامن عشر من الشهر الثامن من شهور سنة 18/ 8 / 1420 هـ من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، بعدما عاقني منه العوائق ومنعني المعائق، لأن العوائق لمن في الدنيا شقائق، وما أحسن قول من قال:

محن الزمان كثيرة لا تنقضي

وسروره يأتيك كالأعياد

الحمد لله الذي تتم به الصالحات، والصلاة والسلام على سيد البريات، سيدنا محمد منبع العلوم ومقبس الحكمات، وعلى آله وأصحابه ذوي المقامات السنية، وأتباعهم على ضوء السنن والملَّة الحنيفية، إلى يوم المحاسبة والعرض على رب البرية.

آمين آمين يا رب العالمين.

لا تَكشِفَنْ من مساوي الناس ما ستروا

فيهتك الله سترًا عن مساويكا

واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا

ولا تعب أحدًا منهم بما فيكا

آخر:

تساوى الكل منا في المساوي

فافضلنا فتيلًا ما يساوي

هل الدنيا وما فيها جميعًا

سوى ظل يزول مع النهار

تم المجلد السادس من الكَوْكَبِ الوَهَّاجِ عَلَى مُسْلِم بْنِ الحَجَّاجِ

ويليه المجلد السابع وأوله كتاب الصلاة

ص: 387