المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌161 - (66) (48) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌141 - (46) (28) باب المسح على الناصية والعمامة والخمار

- ‌142 - (47) (29) باب التوقيت في المسح على الخفين

- ‌143 - (48) (30) باب حكم فعل الصلوات الخمس بوضوء واحد

- ‌144 - (49) (31) باب كراهة غمس اليد في الإناء لمن استيقظ من النوم حتى يغسلها ثلاثًا

- ‌145 - (50) (32) باب إذا ولغ الكلب في الإناء أريق الماء وغُسِل الإناء سبع مرات

- ‌[فصل]

- ‌146 - (51) (33) باب النهي عن البول في الماء الراكد

- ‌147 - (52) (34) باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد

- ‌148 - (53) (35) باب صب الماء على البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد وأن الأرض المتنجسة بذلك تطهر بصب الماء عليها من غير حاجة إلى حفرها وتقويرها والأمر بالرفق على الجاهل إذا فعل منكرًا وأن المساجد إنما بنيت للصلاة ولذكر الله تعالى فيها

- ‌(فصل في مسائل منثورة تتعلق بهذا الباب)

- ‌149 - (54) (36) باب مشروعية النضح في تطهير بول الصبي الرضيع الذي لم يأكل طعامًا

- ‌150 - (55) (37) باب فَرْكِ المنيِّ وحَتِّهِ من الثوب

- ‌151 - (56) (38) باب غسل المني من الثوب

- ‌152 - (57) (39) باب نجاسة الدم وكيفية غسله

- ‌153 - (58) (40) باب وجوب الاستبراء والتستر من البول

- ‌154 - (59) (41) باب ما يحل من الحائض

- ‌155 - (60) (42) باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وهو معتكف في المسجد وهي في بيتها وطهارة سؤرها

- ‌156 - (61) (43) باب في الحائض تُناول الخمرة من البيت لزوجها المعتكف في المسجد

- ‌157 - (62) (44) باب جواز مشاربة الحائض ومؤاكلتها ومساكنتها والاتكاء عليها في حال قراءة القرآن

- ‌158 - (63) (45) باب الوضوء من المذي وغسل الذكر منه

- ‌159 - (64) (46) باب غسل الوجه واليدين إذا استيقظ من النوم

- ‌160 - (65) (47) باب وضوء الجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو معاودة أهله وطوافه على نسائه بغسل واحد

- ‌161 - (66) (48) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

- ‌162 - (67) (49) باب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما

- ‌163 - (68) (50) باب في بيان صفة غسله صلى الله عليه وسلم من الجنابة

- ‌[فصل في صفة غسل الجنابة]

- ‌164 - (69) (51) باب بيان القدر المستحب في ماء الغسل والوضوء وجواز اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد وغسل أحدهما بفضل الآخر

- ‌165 - (70) (52) باب كم مرة يُصَبُّ الماء على الرأس عند الغسل من الجنابة

- ‌166 - (71) (53) باب: الرخصة في ترك نقض ضفائر المغتسلة

- ‌167 - (72) (54) باب: استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم

- ‌168 - (73) (55) باب: في الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة وغسل المستحاضة

- ‌169 - (74) (56) باب: لا تقضي الحائض الصلاة وتقضي الصوم

- ‌170 - (75) (57) باب: استتار المغتسل عند غسله بثوب ونحوه

- ‌171 - (76) (58) باب: النهي عن النظر إلى العورة وعن الإفضاء

- ‌172 - (77) (59) باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة

- ‌173 - (78) (60) باب: الاعتناء بحفظ العورة

- ‌174 - (79) (61) باب: ما يستتر به عند قضاء الحاجة

- ‌175 - (80) (62) باب: ما جاء في الرجل يطأ ثم لا ينزل

- ‌176 - (81) (63) باب نسخ إنما الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين

- ‌177 - (82) (64) باب الوضوء مما مست النار

- ‌178 - (83) (65) باب نسخ الوضوء مما مست النار

- ‌179 - (84) (66) باب الوضوء من لحوم الإبل

- ‌180 - (85) (67) باب يقين الطهارة لا يُرفع بالحدث المشكوك فيه

- ‌181 - (86) (68) باب طهارة جلود الميتة بالدباغ

- ‌182 - (87) (69) باب التيمم

- ‌183 - (88) (70) باب لا يرد قاضي الحاجة على من سلَّم عليه

- ‌184 - (89) (71) باب الدليل على طهارة المسلم ولو جنبًا

- ‌185 - (90) (72) باب ذكر الله تعالى في كل الأحيان

- ‌186 - (91) (73) باب جواز أكل المحدث الطعام وأنه لا كراهة في ذلك وأن الوضوء ليس على الفور

- ‌187 - (92) (74) باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء

- ‌189 - (93) (75) باب الدليل على أن نوم القاعد لا ينقض الوضوء

الفصل: ‌161 - (66) (48) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

‌161 - (66)(48) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

604 -

(273)(118)(82) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. قَال: قَال إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛ قَال: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيمٍ، وَهِيَ جَدَّةُ إِسْحَاقَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالتْ لَهُ،

ــ

161 -

(66)(48) باب وجوب الغسل على المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل

604 -

(273)(118)(82)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي ثقة من (10) قال (حدثنا عمر بن يونس) بن القاسم (الحنفي) الجُرَشيّ بضم الجيم أبو حفص اليمامي، وئقه ابن معين والنسائي وأحمد، وقال في التقريب: ثقة من (9) مات سنة (206) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا عكرمة بن عمار) العجلي الحنفي أبو عمار اليمامي أصله من البصرة أحد الأئمة، وثقه أحمد وابن معين، وقال ابن المديني: كان عكرمة بن عمار عند أصحابنا ثقة ثبتًا، وقال العجلي: ثقة، وقال في التقريب: صدوق من (5) يغلط وكان مجاب الدعوة، مات سنة (159) روى عنه في (9) أبواب (قال) عكرمة (قال إسحاق) بن عبد الله (بن أبي طلحة) الأنصاري زيد بن سهل أبو يحيى المدني، وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي، وزاد ابن معين حجة، وقال في التقريب: ثقة حجة من (4) مات سنة (132) روى عنه في (6) أبواب، قال إسحاق (حدثني) عمي (أنس بن مالك) بن النضر الأنصاري الخزرجي أبو حمزة البصري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم يماميان وواحد بصري وواحد مدني وواحد نسائي (قال) أنس بن مالك (جاءت) أمي (أم سليم) بنت ملحان والدة أنس بن مالك وزوج أبي طلحة الأنصاري وأخت أم حرام بنت ملحان خالة أنس بن مالك، واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب صحابية جليلة لها أربعة عشر حديثًا، اتفقا على حديث وانفرد (خ) بحديث و (م) بحديثين، يقال اسمها سُهَيلَة أو رُمَيلة أو رُمَيتة أو أُنَيسة أو مُليكة وهي الغُمَيصاء أو الرُّمَيصاء اشتهرت بكنيتها، قوله (وهي) أي أم سليم (جدة إسحاق) لأبيه كلام مدرج من بعض الرواة (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له) صلى الله عليه وسلم

ص: 146

وَعَائِشَةُ عِنْدَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْمَرْأَةُ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ فِي الْمَنَامِ. فَتَرَى مِنْ نَفْسِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ مِنْ نَفْسِهِ. فَقَالت عَائِشَةُ: يَا أُمَّ سُلَيمٍ فَضَحْتِ النِّسَاءَ تَرِبَتْ يَمِينُكِ

ــ

(وعائشة) أي والحال أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (عنده) صلى الله عليه وسلم في بيتها، قوله وهي جدة إسحاق أي لأبيه فإن والد إسحاق هو عبد الله بن أبي طلحة وأم سليم والدة عبد الله المذكور وهي أيضًا أم أنس بن مالك تزوجها بعد موت مالك بن النضر أبي أنس أبو طلحة فولدت له غلامًا مات صغيرًا وهو أبو عمير صاحب النُّغَيرِ ثم ولدت له عبد الله بن أبي طلحة وهو والد إسحاق كما في أسد الغابة وسيأتي أنها أم بني أبي طلحة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

أي قالت أم سليم (يا رسول الله المرأة ترى) في منامها مثل (ما يرى الرجل في المنام) من صورة رجل جامعها كما يرى الرجل صورة امرأة يجامعها (فترى من نفسها) المني مثل (ما يرى الرجل من نفسه) من الماء؛ ما حكمها هل يجب عليها غسل أم لا؟ وفي رواية أبي داود أتغتسل أم لا (فقالت عائشة: يا أم سليم فضحت) بسكون الحاء وتاء المخاطبة، و (النساء) مفعول به لفضحت أي كشفت عورة النساء وكنفها، وفي الأبي: أي كشفت أسرارهن فيما يكتمنه من الحاجة إلى الرجال لأن ذلك إنما يكون من شدة حاجتهن إلى الرجال. اهـ.

قال النواوي: معناه حكيت عنهن أمرًا يستحي من وصفهن به ويكتمنه، وذلك أن نزول المني منهن يدل على شدة شهوتهن للرجال. اهـ. (تربت يمينك) أي لصقت يمينك بالتراب لفقرها، قال في مرقاة الصعود: هي كلمة جارية على ألسنة العرب لا يقصدون بها الدعاء على المخاطب. اهـ. وفي المفهم: قوله (تربت يمينك) أي افتقرت، قال الهروي: ترب الرجل إذا افتقر وأترب إذا استغنى، وفي الصحاح: ترب الشيء بالكسر أصابه التراب، ومنه ترب الرجل افتقر كأنه لصق بالتراب، قال: وأترب الرجل استغنى كأنه صار ماله من الكثرة بقدر التراب، وتأول مالك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: تربت يمينك بمعنى الاستغناء، وكذلك قال عيسى بن دينار، وقال ابن نافع: معناه ضَعُفَ عقلك، وقال الأصمعي: معناه الحض على تعلم مثل هذا كما يقال انْجُ ثكلتك أمك، وقيل تربت يمينك أصابها التراب ولم يرد الفقر، والصحيح أن هذا اللفظ وشبهه تجري

ص: 147

فَقَال لِعَائِشَةَ: "بَلْ أَنْتِ. فَتَرِبَتْ يَمِينُكِ. نَعَمْ. فَلْتَغْتَسِلْ يَا أُمَّ سُلَيمٍ إِذَا رَأَتْ ذَاك"

ــ

على ألسنة العرب من غير قصد الدعاء به (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعائشة بل أنت، فتربت يمينك) والفاء في فتربت زائدة أي بل أنت أحق أن يقال لك هذا اللفظ فإنها فعلت ما يجب عليها من السؤال عن دينها فلم تستحق الإنكار عليها، واستَحْقَقْت أنت الإنكار عليك لإنكارك ما لا إنكار فيه أي بل أنت لصقت يمينك بالتراب لا هي، ثم قال لأم سليم (نعم) يجب عليها الغسل (فلتغتسل) المرأة من ذلك الحلم (يا أم سليم إذا رأت ذاك) أي مثل ما يرى الرجل من الماء، وفي الحديث إثبات المني للمرأة وهو مجمع عليه عند الفقهاء وأنكره بعض الفلاسفة لأن فرج المرأة مقلوب يعرفه الطبيب منهم أَرِسْطَاطَالِيسُ وابن سيناء، واعلم أن المرأة إذا خرج منها المني وجب عليها الغسل كما يجب على الرجل بخروجه، وقد أجمع المسلمون على وجوب الغسل على الرجل والمرأة بخروج المني أو إيلاج الذكر في الفرج، وأجمعوا على وجوبه عليها بالحيض والنفاس، واختلفوا في وجوبه على من ولدت ولم تر دمًا أصلًا، والأصح عند أصحابنا وجوب الغسل، وكذا الخلاف فيما إذا ألقت مضغةً أو علقةٌ، والأصح وجوب الغسل، ومن لا يوجب الغسل يوجب الوضوء، والله أعلم. ثم إن مذهبنا أنه يجب الغسل بخروج المني سواء كان بشهوة ودفق أم بنظر أم في النوم أو في اليقظة، وسواء أحس بخروجه أم لا، وسواء خرج من العاقل أم من المجنون، ثم إن المراد بخروج المني أن يخرج إلى الظاهر، أما ما لم يخرج فلا يجب الغسل وذلك بأن يرى النائم أنه يجامع وأنه قد أنزل ثم يستيقظ فلا يرى شيئًا فلا غسل عليه بإجماع المسلمين، وكذا لو اضطرب بدنه لمبادي خروج المني فلم يخرج، وكذا لو نزل المني إلى أصل الذكر ثم لم يخرج فلا غسل، وكذا لو صار المني في وسط الذكر وهو في صلاة فامسك بيده على ذكره فوق حائل فلم يخرج المني حتى سلم من صلاته صحت صلاته فإنه ما زال متطهرًا حتى خرج، والمرأة كالرجل في هذا إلا أنها إذا كانت ثيِّبًا فنزل المني إلى فرجها ووصل الموضع الذي يجب عليها غسله في الجنابة والاستنجاء وهو الذي يظهر حال قعودها لقضاء الحاجة وجب عليها الغسل بوصول المني إلى ذلك الموضع لأنه في حكم الظاهر، وإن كانت بكرًا لم يلزمها ما لم يخرج من فرجها لأن داخل فرجها كداخل إحليل الرجل والله أعلم، اهـ من النواوي.

وهذا الحديث أعني حديث أنس بن مالك انفرد به الإمام مسلم بروايته لم يشاركه أحد كما في تحفة الأشراف.

ص: 148

605 -

(273)(119)(83) حدَّثنا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ أُمَّ سُلَيمٍ حَدَّثَتْ؛

ــ

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث أم سليم رضي الله تعالى عنهما فقال:

605 -

(273)(119)(83)(حدثنا عباس بن الوليد) بن نصر النَّرْسِي بفتح النون وسكون الراء بعدها مهملة أبو الفضل البصري مولى باهلة ابن عم عبد الأعلى بن حماد، روى عن يزيد بن زريع في الوضوء وأبي عوانة والحمادين، ويروي عنه (خ م س) وأبو يعلى، قال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه، وقال ابن معين: صدوق، وقال في التقريب: ثقة من العاشرة مات سنة (238) ثمان وثلاثين ومائتين. قال النواوي: (قوله عباس بن الوليد) بالباء الموحدة والسين المهملة وصحفه بعض الرواة لكتاب مسلم فقال عياش: بالياء التحتانية والشين المعجمة وهو غلط صريح فإن عياشًا بالمعجمة هو عياش بن الوليد الرَّقَّام البصري، ولم يرو عنه مسلم شيئًا، وروى عنه البخاري، وأما عباس بالمهملة فهو عباس بن الوليد البصري النَّرْسيّ، روى عنه البخاري ومسلم جميعًا، وهذا مما لا خلاف فيه وكان غلط هذا القائل وقع له من حيث إنهما مشتركان في الأب والنسب والعصر، والله أعلم اهـ منه. قال (حدثنا يزيد بن زريع) بزاي مصغرًا التيمي العيشي بتحتانية أبو معاوية البصري، روى عن سعيد بن أبي عروبة، ويروي عنه عباس بن الوليد، وثقه أبو حاتم وابن معين، وقال الزهري عن عفان: كان أثبت الناس، وقال إبراهيم بن محمد بن عرعرة: لم يكن أحد أثبت من يزيد بن زريع، وقال في التقريب: ثقة ثبت من (8) مات سنة (182) روى عنه في (12) بابا، قال (حدثنا سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري ثقة مدلس مختلط من (6) مات سنة (156) روى عنه في (7) أبواب (عن قتادة) بن دعامة بن قتادة السدوسي أبي الخطاب البصري الأكمه، قال ابن حبان في الثقات: كان من علماء الناس بالقرآن والفقه ومن حفاظ أهل زمانه، وقال في التقريب: ثقة ثبت رأس الطبقة الرابعة مات كهلا سنة (117) روى عنه في (25) بابا (أن أنس بن مالك) الأنصاري أبا حمزة البصري (حدثهم) أي حدث لقتادة ومن معه وهو بمعنى حدثنا (أن أم سليم) بنت ملحان الأنصارية أم أنس (حدثت) لهم. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم بصريون إلا أم سليم فإنها مدنية

ص: 149

أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ. فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَتْ ذَلِكِ الْمَرْأَةُ فَلْتَغتَسِلْ" فَقَالتْ أُمُّ سُلَيمٍ: وَاسْتَحْيَيتُ مِنْ ذَلِكَ. قَالت: وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ فَقَال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ. فَمِنْ أَينَ يَكُونُ الشَّبَهُ. إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ. وَمَاءَ الْمَرْأةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلا، أَوْ سَبَقَ، يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ"

ــ

(أنها سألت نبي الله صلى الله عليه وسلم عن) غسل (المرأة) التي (ترى في منامها ما يرى الرجل) أي مثل ما يرى الرجل في منامه من الحلم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأت ذلك) أي مثل ما يرى الرجل في منامه من الحلم وأنزلت المني، والرؤية حُلْمِيَّة، واسم الإشارة مفعول مقدم للاهتمام به، وقوله (المرأة) فاعل مؤخر أي إذا رأت المرأة مثل ذلك وأنزلت (فلتغتسل) من الجنابة لأنها أجنبت بالاحتلام، وقوله (فقالت أم سليم) تحريف من النساخ، والصواب (فقالت أم سلمة) لأن السائلة هي أم سليم والرادة عليها هي أم سلمة في هذا الحديث، وقوله (واستحييت من ذلك) الذي سألت عنه أم سليم من مقول أم سلمة، وقوله (قالت) أم سلمة، والصواب أيضًا فقلت عطفًا على استحييت أي قالت أم سلمة واستحييت أنا من ذلك الذي سألته أم سليم فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم منكرة على أم سليم (وهل يكون) ويوجد (هذا) الذي سألت عنه أم سليم يا رسول الله من احتلام المرأة إنزالها المني (فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة (نعم) يوجد ذلك المذكور من احتلامها وإنزالها المني إن لم يكن لها مني (فمن أين يكون الشِّبْهُ) بكسر الشين وسكون الباء، وفتح الشين والباء لغتان كما يقال مِثْلُ ومَثَلُ أي إن لم يكن للمرأة مني فمن أي سبب حصل شبه الولد لها فإذًا لها مني فإذا كان لها مني فإنزاله وخروجه منها ممكن (إن ماء الرجل) ومنيه (غليظ) أي ثخين (أبيض) ينعقد منه العظام والأعصاب (وماء المرأة) أي منيها بالنصب أو بالرفع (رقيق أصفر) ضد مني الرجل ينعقد منها العروق واللحوم والشعور (فمن أيهما) أي فباي الماءين ماء الرجل وماء المرأة (علا) أي غلب وكثر (أو سبق) إلى الرحم، وأو للتقسيم وقيل للشك (يكون منه الشبه) أي يكون شبه الولد به، قال ملا علي قوله (فمن أيهما علا) أي فالمني من أيهما غلب فيما إذا وقع منيهما في الرحم معًا، وقوله (أو سبق) أي مني أيهما وقع في الرحم قبل وقوع مني صاحبه فأو للتقسيم لا للترديد. اهـ.

ص: 150

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال القرطبي: أي فمن أجل علو أو سبق أحدهما يكون الشبه ويحتمل أن تكون من زائدة على قول بعض الكوفيين أنها تزاد في الإثبات فيكون أيهما مبتدأ ويحتمل أن تكون أو شكًّا من بعض الرواة وأن تكون للتنويع أي أي نوع كان منهما كان منه الشبه (وسبق) أي بادر بالخروج.

قال النواوي: قوله (فقالت أم سليم واستحييت) هكذا هو في الأصول، وقال أبو علي الغساني: هكذا هو في أكثر النسخ أم سليم، وفي بعضها أم سلمة وهو المحفوظ من طرق شتى، وقال القاضي عياض: هذا هو الصواب لأن السائلة هي أم سليم والرادة عليها أم سلمة في هذا الحديث وعائشة في الحديث المتقدم، ويحتمل أن عائشة وأم سلمة جميعًا أنكرتا عليها، وإن كان أهل الحديث يقولون الصحيح هنا أم سلمة لا عائشة، والله أعلم.

قوله (فمن أين يكون الشبه) معناه أن الولد مخلوق من ماء الرجل وماء المرأة فأيهما غلب كان الشبه له وإذا كان للمرأة مني فإنزاله وخروجه منها ممكن، قوله (إن ماء الرجل غليظ أبيض) .. الخ قال القرطبي: وما ذكره من صفة الماءين إنما هو في غالب الأمر واعتدال الحال وإلا فقد تختلف أحوالهما للعوارض. اهـ. وعبارة النواوي: وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب، قال العلماء: مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة يخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه وإذا خرج استعقب خروجه فتورًا ورائحة كرائحة طلع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، وقيل تشبه رائحته رائحة الفصيل، وقيل إذا يبس كانت رائحته كرائحة البول فهذه صفاته الغالبة، وقد يفارقه بعضها مع بقاء ما يَسْتَقِلُّ بكونه منيًّا، وذلك بأن يمرَضَ فيصير منيه رقيقًا أصفر، أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غير التذاذ وشهوة، أو يستكثر من الجماع فيحمر ويصير كماء اللحم وربما خرج دمًا عبيطًا، وإذا خرج المني أحمر فهو طاهر موجب للغسل كما لو كان أبيض، ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منيًّا ثلاث؛ أحدها: الخروج بشهوة مع الفتور عقبه، والثانية: الرائحة التي تشبه رائحة الطلع كما مر آنفًا، والثالثة: الخروج بزريق ودفق ودفعات وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيًّا ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيًّا وغلب على الظن كونه ليس بمني هذا كله في مني الرجل، وأما مني المرأة فهو

ص: 151

606 -

(274)(120)(84) حدَّثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيدٍ. حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَال: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فِي مَنَامِهِ؟ فَقَال: "إِذَا كَانَ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ،

ــ

أصفر رقيق وقد يَبْيَضُّ لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما؛ إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية: التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه، قالوا: ويجب الغسل بخروج المني بأي صفةٍ وحالٍ كان. اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث عن أم سليم أحمد [3/ 282].

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

606 -

(274)(120)(84)(حدثنا داود بن رشيد) مصغرًا الهاشمي مولاهم أبو الفضل البغدادي، قال الدارقطني: ثقة نبيل، وقال في التقريب: ثقة من (10) مات سنة (239) روى عنه في (7) أبواب، قال (حدثنا صالح بن عمر) الواسطي ثم الحلواني (1) روى عن أبي مالك الأشجعي في الوضوء وعاصم بن كليب، ويروي عنه (م) وداود بن رشيد فرد حديث في مسلم وعلي بن حجر وأحمد بن إبراهيم الموصلي، وثَّقه أبو زرعة، وقال في التقريب: ثقة من الثامنة، وقال العجلي: ثقة، وقال ابن معين: هو ثقة، ووثقه ابن الأعرابي وابن نمير، روى عنه في (1) باب واحد باب الوضوء، قال (حدثنا أبو مالك الأشجعي) سعد بن طارق بن أشيم الكوفي ثقة من (4) مات سنة (140) روى عنه في (6) أبواب (عن أنس بن مالك) الأنصاري أبي حمزة البصري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من رباعياته رجاله واحد منهم بصري وواحد كوفي وواحد واسطي وواحد بغدادي (قال) أنس (سألت امرأة) لم أر من ذكر اسمها (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) حكم (المرأة) التي (ترى في منامها ما يرى الرجل في منامه) من الحلم هل يجب عليها الغسل أم لا؟ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبًا لها (إذا كان) وَوُجِدَ (منها ما يكون من الرجل) أي مثل ما يكون من

(1)(الحلواني) نسبة إلى حلوان مدينة آخر حدود السواد مما يلي الجبل سميت باسم حلوان بن عمران بن قضاعة كان أقطعها له بعض الملوك.

ص: 152

فَلْتَغْتَسِلْ".

607 -

(275)(121)(85) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاويةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَينَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُم سَلَمَةَ؛ قَالتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيمٍ إِلَى النبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِن اللهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ

ــ

الرجل في منامه يعني إذا خرج منها المني (فلتغتسل) من جنابتها لأنها صارت بخروج المني منها جنبًا مثل الرجل لأنهن شقائق، فلهن مثل ما للرجال، وعليهن مثل ما على الرجال في أغلب الأحكام، وهذا الحديث تفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى كما في تحفة الأشراف.

قال النواوي: قوله (فلتغتسل) معناه إذا خرج منها المني فلتغتسل كما أن الرجل إذا خرج منه المني اغتسل، وهذا من حُسْنِ العشرة ولطف الخطاب واستعمال اللفظ الجميل موضع اللفظ الذي يُسْتَحْيَا منه في العادة. اهـ.

ثم استشهد المؤلف لحديث أنس الأول ثالثًا بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنهما فقال:

607 -

(275)(121)(85)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير (التميمي) أبو زكرياء النيسابوري قال (أخبرنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي ثقة من (9) مات سنة (195) روى عنه في (14) بابا (عن هشام بن عروة) بن الزبير الأسدي أبي المنذر المدني ثقة حجة من (5) روى عنه في (16) بابا (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام الأسدي أبي عبد الله المدني ثقة فقيه مشهور من (3) مات سنة (94) روى عنه في (20) بابا (عن زينب بنت أبي سلمة) عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومية صحابية مشهورة ماتت سنة (73) روى عنها في (9) أبواب (عن) أمها (أم سلمة) هند بنت أبي أمية المخزومية زوج النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبي أمية حذيفة بن المغيرة، ماتت سنة (62) روى عنها في (10) أبواب. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد نيسابوري (قالت) أم سلمة (جاءت أم سليم) بنت ملحان أم أنس رضي الله تعالى عنهن (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الله) سبحانه وتعالى إلا يستحيي من الحق) أي لا يأمر بالحياء في الحق ولا يبيحه أو

ص: 153

فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ. إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ" فَقَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَال:"تَرِبَتْ يَدَاكِ. فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا"

ــ

لا يمتنع من بيان الحق بضرب المثل بالبعوضة وشبهها، فكذا أنا لا أمتنع من سؤال عما أنا محتاجة إليه، وإنما قالت هذا اعتذارًا بين يدي سؤالها عما دعت الحاجة إليه مما تستحيي النساء في العادة من السؤال عنه وذكره بحضرة الرجال. اهـ نووي. قال الأبي: قدمت هذا تمهيدًا للعذر في ذكرها ما يستحيا منه وهو أصل فيما يضعه الكُتَّابُ من التمهيدات بين يدي ما يُذْكَرُ بعد لأن العذر إذا تقدم أدركت النفس المعتذر سالمًا من العيب ولو تأخر لم يأت إلا وقد تأثرت النفس، فتقدم العذر مانع من العيب وتأخره رافع، يقال استحيا بياء قبل الألف يستحيي بياءين ويقال أيضًا يستحي بياء واحدة في المضارع، قال القاضي عياض: ومعنى لا يستحيي من الحق لا يبيح الحياء في الحق، وقيل معناه: إن سنة الله وشرعه أن لا يستحيا من الحق أي إن من حكم الله أن لا يستحي أحد من الحق استفتاء وإفتاء، قال الأبي: وإنما احتيج في الآية إلى التأويل لأن التقييد بالحق يقتضي بحسب المفهوم أنه يستحي من غير الحق، والحياء: تغير وانكسار يلحق من فعلِ أو تركِ ما يعاقب عليه أو يذم، وذلك على الله سبحانه مُحَالٌ، والمراد بالحق ضد الباطل وأرادت بالحق ما دعت الحاجة إلى ذكره من احتلام المرأة.

(قلت): والأسلم الذي هو مذهب السلف ونعتقده في معنى الآية إن الله سبحانه لا يُوصف بالحياء في بيان المثل ببعوضة وشبهها، والحياء صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها ولا نكيفها ولا نمثلها كما ثبتت في الأحاديث الصحيحة والآيات الكريمة، وقد بسطنا الكلام عليها في تفسيرنا بما لامزيد عليه فراجعه (فهل على المرأة من كسل) من زائدة في المبتدأ (إذا احتلمت) أي إذا رأت الحُلُمَ في النوم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم) عليها غسل (إذا رأت الماء) أي أنزلت المني في ذلك الحلم (فقالت أم سلمة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم راوية الحديث ففيه التفاتٌ من التَّكَلُّم إلى الغيبة لأن مقتضى السياق فقلت (يا رسول الله) أَ (وَتحتلم المرأة) وترى الماء بتقدير همزة الاستفهام (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (تربت يداك) أي افتقرت يداك ولصقت بالتراب، تقدم ما فيه من البحث في الحديث المار (فبم) أي فبأي سبب (يشبهها ولدها)

ص: 154

608 -

(00)(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ

ــ

إذا لم يكن لها مني فالمرأة كالرجل لها مني كما مر التصريح بذلك في الحديث المار، قال الأبي: قولها (وتحتلم المرأة) يدل على أنها لم تكن عَلِمَتْ ذلك إذ ليس كل النساء تحتلم، وقال أيضًا: الاحتلام لغة هو رؤية اللذة في النوم أنزلت أم لا، وهو في العُرف الإنزال، فسؤالها إن كان عن الاحتلام لغة فجوابه برؤية الماء تخصيص فلا تغتسل إذا رأت أنها احتلمت ولم تنْزِل وهي في هذا كالرجل، وإن سألت عنه عُرفًا فجوابه بذلك بيان للحكم. اهـ.

قال النواوي: ففي الحديث دلالة على أنه ينبغي لمن عرضت له مسألة أن يسأل عنها ولا يمتنع من السؤال عنها حياء من ذِكْرِها، فإن ذلك ليس بحياء حقيقي لأن الحياء خير كله، والحياء لا يأتي إلا بخير، والإمساك عن السؤال في هذه الحال ليس بخير بل هو شر فكيف يكون حياءً، وقد تقدم إيضاح هذه المسألة في أوائل كتاب الإيمان، وقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها:"نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين".

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [6/ 292 و 302] والنسائي [1/ 112].

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أم سلمة رضي الله عنها فقال:

608 -

(00)(00)(00)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) العبسي الكوفي ثقة من (10)(وزهير بن حرب) بن شداد الحَرَشِيُّ أبو خيثمة النسائي ثقة من (10)(قالا حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي ثقة من (9)(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني أبو عبد الله المكي، وثقه ابن حبان، وقال الحافظ: صدوق من (10) مات سنة (243) قال (حدثنا سفيان) بن عيينة بن ميمون الهلالي مولاهم أبو محمد الكوفي ثقة مدلس من (8) مات سنة (198) وقوله (جميعًا) حال من وكيع في السند الأول وسفيان في السند الثاني، أي قال كل منهما حالة كونهما مجتمعَينِ في الرواية (عن هشام بن عروة) الأسدي أبي المنذر المدني، والجار والمجرور في قوله (بهذا الإسناد) متعلق بما عمل في المتابع،

ص: 155

مِثْلَ مَعْنَاهُ. وَزَادَا: قَالتْ: قُلْتُ: فَضَحْتِ النِّسَاءَ.

609 -

(276)(122)(86) وحدّثني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيبِ بْنِ اللَّيثِ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيلُ بْنُ خَالِدٍ

ــ

واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابَع وقوله (مثل معناه) مفعول ثان لما عمل في المتابع، والضمير عائد إلى المتابَع المذكور في السند السابق، والتقدير حدثنا وكيع وسفيان جميعًا عن هشام بن عروة بهذا الإسناد يعني عن أبيه عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة مثل معنى حديث أبي معاوية عن هشام بن عروة وزاد لفظ مثل تأكيدًا لاتحاد الروايتين في المعنى (و) لكن (زادا) وفي بعض النسخ إسقاط ألف التثنية أي زاد كل من وكيع وسفيان على أبي معاوية كلمة (قالت) أم سلمة (قلت) لأم سليم حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم احتلام المرأة (فضحت) أنت يا أم سليم (النساء) في شؤونهن أي كشفت أسرارهن فيما يكتمنه من الحاجة إلى الرجال لأن ذلك الاحتلام يدل على شدة حاجتهن إلى الرجال. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو مكيان أو كوفي ونسائي، وغرضه بسوقه بيان متابعة وكيع وسفيان لأبي معاوية في رواية هذا الحديث عن هشام بن عروة، وفائدتها بيان كثرة طرقه مع بيان زيادتهما.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أنس بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:

609 -

(276)(122)(86)(وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث) بن سعد الفهمي بفتح الفاء وسكون الهاء نسبة إلى فهم بن عمرو مولاهم أبو عبد الله المصري ثقة من (11) مات سنة (248) روى عن أبيه وابن وهب في الإيمان والوضوء والفتن وغيرها، قال عبد الملك (حدثني أبي) شعيب بن الليث بن سعد الفهمي أبو عبد الملك المصري ثقة فقيه من (10) مات سنة (199)(عن جدي) ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبي الحارث المصري، قال ابن بكير: هو أفقه من مالك، وقال في التقريب: ثقة ثبت فقيه إمام مشهور من (7) مات سنة (175) روى عنه في (15) بابا، قال (حدثني عُقَيل) مصغرًا (ابن خالد) ابن عَقِيل بفتح أوله مكبَّرًا الأموي مولاهم مولى عثمان بن عفان أبو خالد المصري ثقة ثبت من (6) مات سنة (144) روى عنه في ثلاثة

ص: 156

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ أُمَّ سُلَيمٍ، (أُمَّ بَنِي أَبِي طَلْحَةَ)، دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. بِمَعْنَى حَدِيثِ هِشَامٍ. غَيرَ أَنَّ فِيهِ قَال: قَالتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: أُفٍّ لَكِ، أَتَرى الْمَرْأَةُ ذَلِكِ؟

ــ

أبواب تقريبًا (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري أبي بكر المدني ثقة من (4) مات سنة (125)(أنه) أي أن ابن شهاب (قال أخبرني عروة بن الزبير) بن العوام الأسدي أبو عبد الله المدني (أن عائشة) أم المؤمنين (زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته) أي أخبرت لعروة بن الزبير. وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مصريون وثلاثة مدنيون (أن أم سليم) سهلة بنت ملحان أم أنس (أم بني أبي طلحة) الأنصاري (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسالتي ابن شهاب عن عروة بن الزبير (بمعنى حديث هشام) عن عروة عن زينب عن أم سلمة، وهذا الكلام مخالف لاصطلاحاته لأن مثل هذا لا يقول في الشواهد إنما يقوله في المتابعات، وما هنا من الشواهد، لأن راويَي الحديثين مختلفان لأن راوي الأول أم سلمة وراوي هذا عائشة (غير أن فيه) أي لكن أن في حديث ابن شهاب (قال) عروة (قالت عائشة فقلت لها) أي لأم سليم (أُت لك) أي قبحًا لك ولما قلت (أترى المرأة) أي هل ترى المرأة في منامها (ذلك) الحلم والإنزال، والاستفهام للإنكار بمعنى النفي أي ما ترى ذلك وما يُعْقَلُ منها، وفي الأبي قوله (أم بني أبي طلحة) كذا في أكثر الأصول، قال القاضي ولابن الحداد (امرأة أبي طلحة) وكل صحيح لأن أبا طلحة تزوجها بعد مالك بن النضر والد أنس فولدت لأبي طلحة أبا عمير ومات صغيرًا وعبد الله وهو الذي حنكه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له فكبر، وإخوته عشرة كلهم حمل عنهم العلم، ومنهم إسحاق الفقيه كل ذلك بركة دعائه صلى الله عليه وسلم، قوله (أَوَ ترى المرأة ذلك) وهذا يدل على أنها لم تكن علمت ذلك إذ ليس كل النساء يحتلم كما تقدم في أم سلمة لاسيما وكانت عائشة صغيرة، قوله (أف لك) قال النواوي: معناه استحقارًا لك ولما تكلمت به، وهي كلمة تستعمل في الاحتقار والاستقذار والإنكار، قال الباجي: والمراد بها هنا الإنكار، وأصل الأف وسخ الأظفار، وفيها عشر لغات ضم الهمزة مع الحركات الثلاث في الفاء مُنَوَّنَة، وإِفَّ بكسر الهمزة وفتح الفاء، وأُفْ بضم الهمزة وسكون الفاء، وأُفَا بضم الهمزة والقصر، وأُفَّتْ

ص: 157

610 -

(277)(123)(87) حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ وَسَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ وَأَبُو كُرَيبٍ، وَاللَّفْظُ لأَبِي كُرَيبٍ (قَال سَهْلٌ: حَدَّثَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ)، عَنْ أَبِيهِ،

ــ

(قلت) قال أبوالبقاء هي اسم لجملة خبرية أي كرهتُ وضجرت، قال أبو حيان: فظاهر هذا أنها اسم فعل للماضي فموجب البناء فيها قائم وهو وقوعها موقع المبني، قال أبو البقاء: فمن بناه على السكون فعلى الأصل، ومن فتح طلب التخفيف، ومن نَوَّنَ أراد التنكير، ومن لم يُنَوِّن أراد التعريف، وذكر الرُّمَّاني فيها أربعين لغة. اهـ أبي.

وهذا الحديث تفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى كما في تحفة الأشراف [ج 12 - ص 68]. ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس خامسًا بحديث آخر لعائشة رضي الله تعالى عنهما فقال:

610 -

(277)(123)(87)(حدثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد بن زاذان التميمي الفراء أبو إسحاق (الرازي) يُعْرف بالصغير، وكان أحمد ينكر على من قال الصغير ويقول هو كبير في العلم والجلالة، روى عن يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة في الوضوء والحج، وعيسى بن يونس في الصلاة، والوليد بن مسلم في الصلاة، وشعيب بن إسحاق الدمشقي في اللباس، وأبي الأحوص سلام بن سليم وخالد الطحان وغيرهم، ويروي عنه (خ م د) والذهلي وأبو حاتم، قال أبو زرعة: كتبت عنه مائة ألف حديث وهو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة، قال في التقريب: ثقة حافظ من العاشرة مات بعد العشرين ومائتين، روى عنه في (4) أبواب (وسهل بن عثمان) بن فارس الكندي أبو مسعود العسكري نزيل الرَّيّ، روى عنه في (م) فقط، ووثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: صدوق ثقة، وقال في التقريب: أحد الحفاظ له غرائب من (10) مات سنة (235) روى عنه في (6) أبواب (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي ثقة من (10) مات سنة (248) روى عنه في (10) أبواب، وأتى بقوله (واللفظ لأبي كريب) تورعًا من الكذب على الآخرين، وأتى بقوله (قال سهل حدثنا وقال الآخران أخبرنا) يحيى بن زكرياء (بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني الوادعي مولاهم أبو سعيد الكوفي ثقة متقن من (9) مات سنة (184) لبيان اختلاف كيفية سماع مشايخه (عن أبيه) زكرياء بن أبي زائدة خالد بن ميمون الهمداني أبي يحيى الكوفي ثقة مدلس من (6) مات سنة (149) روى عنه في (13) بابا

ص: 158

عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيبَةَ، عَنْ مُسَافِعِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ؛ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ امْرَأَةً قَالتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَغْتَسِلُ الْمَرْأَةُ إِذَا احْتَلَمَتْ وَأَبْصَرَتِ الْمَاءَ؟ فَقَال "نَعَم" فَقَالتْ لَهَا عَائِشَةُ: تَرِبَت يَدَاكِ. وَأُلَّتْ

ــ

(عن مصعب بن شيبة) بن جبير بن شيبة بن عثمان بن طلحة الحجبي المكي الكعبي، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: لين الحديث من (5)(عن مُسَافِع بن عبد الله) بن شيبة بن عثمان العبدري (1) أبي سليمان الحجبي (2) المكي وقد ينسب إلى جده روى عن عروة بن الزبير في الوضوء، وأبيه وجده وعمته صفية وعبد الله بن عمرو بن العاص، ويروي عنه (م د ت) ومصعب بن شيبة وابن عمته منصور بن صفية وجويرية بن أسماء والزهري وهو من أقرانه وغيرهم، وثقه العجلي، وقال مكي: تابعي ثقة، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات له عندهم ثلاثة أحاديث، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة وليس عندهم مسافع إلا هذا الثقة (عن عروة بن الزبير) الأسدي أبي عبد الله المدني (عن عائشة) أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا السند من سباعياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون واثنان مدنيان واثنان مكيان (أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل تغتسل المرأة إذا احتلمت) أي رأت في منامها الحلم (وأبصرت الماء) أي أنزلت المني، وهذه المرأة المبهمة إن كانت أم سليم فغرض المؤلف بذكر هذا السند بيان متابعة مسافع بن عبد الله للزهري في رواية هذا الحديث عن عروة بن الزبير، وإن كانت غير أم سليم فالحديث مستقل بنفسه لا متابعة فيه، والله أعلم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) عليها غسل (فقالت لها) أي للمرأة (عائشة تربت يداك) أي افتقرت ولصقت بالتراب (وأُلَّتْ) يداك، قال المازري: هو بضم الهمزة وفتح اللام المشددة أي أصيبت بالأَلَّة، والألة بفتح الهمزة وتشديد اللام المفتوحة الحربة يقال أَلَّهُ يَؤُلُّهُ إلّا من باب شد أي طعنه بها، قال ابن السكيت: وجمعها أُلّ بفتح الهمزة وتشديد اللام، ومنه قولهم ماله أَلٌّ ولا عَلٌّ ومعنى أُلَّت طُعنت أي يداك وقيل معناه افتقرت يقال عُلَّت وأُلَّت بإبدال العين همزة وتُؤَوَّلُ بما تؤول به تربت، وقيل: معناه دُفعت، اهـ أبي بتصرف وضبطه صاحب النهاية بفتح الهمزة وتشديد اللام المفتوحة على صيغة المبني

(1) نسبة إلى عبد الدار.

(2)

الحجبي نسبة إلى حجابة الكعبة وسدانتها، الكعبي نسبة إلى الكعبة للقيام بأمورها.

ص: 159

قَالتْ: فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعِيهَا. وَهَلْ يَكُونُ الشَّبَهُ إِلا مِنْ قِبَلِ ذَلِكِ. إِذَا عَلا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالهُ. وَإِذَا عَلا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ"

ــ

للفاعل، وفسره بقوله أي صاحت لما أصابها من شدة هذا الكلام فيكون معطوفًا على قالت ولا يحتاج إلى تأويل، قال وروي بضم الهمزة مع التشديد أي طعنت بالألة وهي الحربة العريضة النصل، وفيه بعد لأنه لا يلائم لفظ الحديث، اهـ من هامش بعض المتون.

(قالت) عائشة (فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم دعيها) أي اتركي المرأة على سؤالها فإن كلامها صدق وسؤالها حق (وهل يكون الشبه) أي شبه الولد بامه أو بأخواله أو بأقاربها (إلا من قِبَل ذلك) أي إلا من قِبَلِ كون المني لها وبسببه فإنه (إذا علا) وغلب وكثر (ماؤها) أي ماء المرأة ومنيها (ماء الرجل) أي منيه (أشبه الولد) بسبب علو منيها على مني الرجل (أخواله) أي إخوة أمه (وإذا علا) وغلب (ماء الرجل ماءها) أي ماء المرأة (أشبه) الولد (أعمامه) أي إخوة أبيه، وشبه الولد لأحد الجانبين أمر معروف مشاهد، وذلك بسبب كون المني لها فلا ينكر احتلامها ولا إنزالها المني فإذا أنزلت المني في الحلم يجب عليها الغسل كما يجب على الرجل إذا احتلم وأنزل منيًّا.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 92]، وأبو داود [237] والنسائي [1/ 112 - 113].

وهذه الأحاديث كلها تدل على أن الغسل إنما هو في الاحتلام من رؤية الماء لا من رؤية الفعل وعلى أن الولد يكون من مجموع ماء الرجل وماء المرأة معًا خلافًا لمن ذهب إلى أن الولد إنما هو من ماء المرأة وأن ماء الرجل له عاقد كالأنفحة للبن والله سبحانه وتعالى أعلم، قال القرطبي: قوله (إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله) الخ، مقتضى هذا أن العلو يقتضي الشبه، وقد جعل العلو في حديث ثوبان الآتي يقتضي الذكورة والأنوثة، فعلى هذا مقتضى الحديثين يلزم اقتران الشبه بالأعمام والذكورة إن علا مني الرجل، وكذلك يلزم إذا علا مني المرأة اقتران الشبه بالأخوال والأنوثة لأنهما معلولا علةٍ واحدة وليس الأمر كذلك بل الوجود بخلاف ذلك، لأنا نجد الشبه بالأخوال والذكورة معًا والشبه بالأعمام والأنوثة معًا، فتعين تأويل أحد الحديثين لئلا يتعارضا،

ص: 160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والذي يتعين تأويل العلو الذي يأتي في حديث ثوبان، فيقال إن ذلك العلو معناه سبق الماء إلى الرحم يقتضي الأنوثة والذكورة، ووجهه أن العلولما كان معناه الغلبة كما فسرناه، وكان السابق عاليًا في ابتدائه بالخروج، قيل عليه علا ويؤيد هذا التأويل أنه روي في غير كتاب مسلم إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أَذْكَرَا، وإذا سبق ماء المرأة آنَثَا.

وقد بنى القاضي أبو بكر بن العربي على اختلاف هذه الأحاديث بناء فقال: إن للماءين أربعة أحوال: (1) الأول أن يخرج ماء الرجل أولًا و (2) الثاني أن يخرج ماء المرأة أولًا و (3) الثالث أن يخرج ماء الرجل أولًا ويكون أكثر و (4) الرابع أن يخرج ماء المرأة أولًا ويكون أكثر، ويتم التقسيم بأن يخرج ماء الرجل أولًا ثم يخرج ماء المرأة بعده فيكون أكثر أو بالعكس وبالعكس، فإذا خرج ماء الرجل أولًا وكان أكثر جاء الولد ذكرًا بحكم السبق وأشبه الولد أعمامه بحكم الكثرة، وإن خرج ماء المرأة أولًا وكان أكثر جاء الولد أنثى بحكم السبق وأشبه أخواله بحكم الغلبة، وإن خرج ماء الرجل أولًا لكن لما خرج ماء المرأة بعده كان أكثر كان الولد ذكرًا بحكم السبق وأشبه أخواله بحكم غلبة ماء المرأة، وإن سبق ماء المرأة لكن لما خرج ماء الرجل وكان أعلى من ماء المرأة كان الولد أنثى بحكم سبق المرأة وأشبه أعمامه بحكم غلبة ماء الرجل وقال: وبانتظام هذه يستقيم الكلام ويرتفع التعارض عن هذه الأحاديث، اهـ من المفهم. وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث واحد للاستدلال وخمسة للاسثشهاد كما مرت الإشارة إليه، وذكر في حديث أم سلمة رضي الله عنها متابعة واحدة والله أعلم.

ص: 161