الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
172 - (77)(59) باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة
665 -
(302)(148)(112) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أبُو هُرَيرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً. يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ
ــ
172 -
(77)(59) باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة
وعدلت إلى هذه الترجمة لأنها أوفق لمتن الحديث ولأنها ترجمة البخاري: أي باب جواز اغتسال من اغتسل حالة كونه (عريانا) عن اللباس، ولكن الأفضل التستر بالتُّبَّانِ أو الإزارِ محافظة على الستر ما أمكن حالة كونه (وحده) أي منفردًا على الناس، وقوله (في الخلوة) من الناس تأكيد لقوله وحده لأن اللفظين متلازمان بحسب المعنى.
665 -
(302)(148)(112)(وحدثنا محمد بن رافع) بن أبي زيد القشيري أبو عبد الله النيسابوري ثقة من (11) قال (حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري الصنعاني ثقة حافظ شهير عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع، من (9) مات سنة (211) روى عنه في (7) أبواب، قال (حدثنا معمر) بسكون العين بن راشد الأزدي أبو عروة البصري ثقة ثبتِ من (7) مات سنة (154) روى عنه في (9) أبواب (عن همام بن منبه) بن كامل اليماني أبي عقبة الصنعاني ثقة من (4) مات سنة (132) روى عنه في (3) أبواب تقريبًا (قال) همام (هذا) الحديث الذي أُحدثكم به (ما حدثنا) به (أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم صنعانيان ووا حد مدني وواحد بصري وواحد نيسابوري (فذكر) لنا أبو هريرة (أحاديث) كثيرة (منها) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (و) منها (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ بَنُو إسرائيل) أي بنو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام جرى على القياس في تذكير الفعل لأن كل جمع مؤنثٌ إلا جمع السلامة المذكر فإنه يذكر الفعل معه، وفي رواية البخاري كانت بنو إسرائيل على تأويله بالقَبيلة (يغتسلون) حال كونهم (عراة) جمع عار نظير قضاة وحالة كونهم (ينظر بعضهم إلى سوأة بعض) أي إلى عورته، وسميت العورة سوءةَ لأنه يسوء صاحبها كَشْفُها لكونه كان جائزًا
وَكَانَ مُوسَى عليه السلام يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ. فَقَالُوا: وَاللهِ، مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلا أَنَّهُ آدَرُ. قَال: فَذَهَبَ مَرَّةَ يَغْتَسِلُ. فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ. فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ. قَال: فَجَمَحَ مُوسَى بِإِثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى
ــ
في شرعهم وإلا لما أقرهم موسى عليه السلام على ذلك أو كان حرامًا عندهم لكنهم كانوا يتساهلون في ذلك، وهذا الثاني هو الظاهر لأن الأول لا ينهض أن يكون دليلًا لجواز مخالفتهم له في ذلك، ويؤيده قولُ القرطبي: كانت بنو إسرائيل تفعل ذلك معاندةً للشرع ومخالفة لموسى عليه السلام، وهذا من جملة عتوهم وقلة مبالاتهم باتباع شرعه، اهـ قسط (وكان موسى عليه السلام يغتسل) حالة كونه (وحده) أي منفردًا عنهم أي يختار الخلوة تنزها واستحبابًا وحياء ومروءة أو لحرمة التعري بحضرة الناس (فقالوا) أي قال بنو إسرائيل (والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر) بالمد وتخفيف الراء كآدم أو على وزن أفعل أي إلا أنه عظيم الخصيتين أي منتفخهما، وفي المصباح الأدرة وزان غرفة انتفاخ الخصية، يقال أدر من باب تعب فهو آدر والجمع أدر مثل أحمر وحمر، اهـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية البخاري إسقاط لفظة قال (فذهب) موسى (مرة) أي يومًا من الأيام أو ذهابًا واحدًا حالة كونه يريد أن (يغتسل فوضع ثوبه على حجر) قال سعيد بن جبير: هو الحجر الذيِ كان يحمله معه في الأسفار فيتفجر منه الماء (ففر الحجر) أي شرد وهرب الحجر الذي وضع عليه ثوبه (بثوبه قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية البخاري إسقاطها أيضًا (فجمح موسى) أي عدا موسى وجرى جريا شديدًا سريعًا (بإثره) بكسر الهمزة وسكون المثلثة أي خلف الحجر ووراءه حالة كونه (يقول) أعطني أو رد أو دع (ثوبي) يا (حجر) أعطني (ثوبي) يا (حجر) مكررا مرتين ونصب ثوبي بفعل محذوف كما قررناه ويحتمل أن يكون مرفوعًا بمبتدإ محذوف تقديره هذا ثوبي، وعلى هذا الثاني المعنى استعظام كونه يأخذ ثوبه فعامله معاملة من لا يعلم كونه ثوبه كي يرجع عن فعله ويرد وإنما خاطبه لأنه أجراه مجرى من يعقل لفعله فِعْلَه إذ المتحرك يمكن أن يَسْمَعَ ويُجِيبَ، وقولُه (حتى نظرت) غاية لقوله فجمح موسى أي خرج موسى من الماء وأجرى وراء الحجر أشد الجري حتى نظرت (بنو إسرائيل إلى سوءة موسى) أي إلى عورته وتأنيث الفعل هنا على خلاف ما
قَالُوا: وَاللهِ، مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. فَقَامَ الْحَجَرُ حَتَّى نُظِرَ إِلَيهِ. قَال:
ــ
قلنا في جمع المذكر السالم من تذكير الفعل معه لكون هذا الجمع شاذا على خلاف القياس لتغير بناء مفرده أو بناء على قول من يقول: كل جمع مؤنث مطلقًا كما قال الزمخشري:
إنَّ قومي تجمَّعوا
…
وبقتلي تحدثوا
لا أبالي بجمعهم
…
كل جمع مؤنث
وفيه رد على القول بأن ستر العورة كان واجبًا عندهم، وفيه إباحة النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية إلى ذلك من مداواة أو براءة مما رمي به من العيوب كالبرص وغيره لكن الأول أظهر، ومجرد تستر موسى لا يدل على وجوبه، لما تقرر في الأصول أن الفعل لا يدل بمجرده على الوجوب، وليس في الحديث أن موسى عليه السلام أمرهم بالتستر ولا أنكر عليهم التكشف. وأما إباحة النظر إلى العورة للبراءة مما رمي به من العيوب فإنما هو حيث يترتب على الفعل حكم كفسخ النكاح بسبب العيب، وأما قصة موسى عليه السلام فليس فيها أمر شرعي ملزم يترتب على ذلك فلولا إباحة النظر إلى العورة لما أمكنهم موسى عليه السلام من ذلك ولا خرج مارا على مجالسهم وهو كذلك، وأما اغتساله خاليًا فكان يأخذ في حق نفسه بالأكمل والأفضل، ويدل على الإباحة ما وقع لنبينا صلى الله عليه وسلم وقت بناء الكعبة من جعل إزاره على كتفه بإشارة العباس عليه بذلك ليكون أرفق به في نقل الحجارة ولولا إباحته لما فعله لكنه أُلْزِمَ بالأكمل والأفضل لعلو مرتبته صلى الله عليه وسلم.
(قالوا) وفي رواية البخاري فقالوا، وفي رواية له وقالوا بالواو؛ أي قالت بنو إسرائيل لما رأوه سليمًا من الأدرة (والله ما بموسى) أي ليس بموسى (من بأس) أي عيب اسم ما ومن زائدة وهذا أحد الوجوه المذكورة في تبرئة الله تعالى إياه بقوله في سورة الأحزاب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} وفي البخاري في كتاب التفسير من صحيحه إن موسى كان رجلًا حييا وذلك قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} الآية (فقام الحجر حتى نظر) بصيغة المجهول (إليه) أي إلى الحجر، والضمير إلى الحجر أي فقام الحجر حتى نُظِر إليه أي نظر إليه موسى وبنو إسرائيل تعجبًا منه، وهذه الجملة ليست في رواية البخاري (قال) رسول الله صلى الله
فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا".
قَال أَبُو هُرَيرَةَ: وَاللهِ، إِنَّهُ بِالْحَجَر نَدَبٌ سِتةٌ أَوْ سَبْعَةٌ. ضَرْبُ مُوسَى بِالْحَجَرِ
ــ
عليه وسلم (فأخذ) موسى عليه السلام (ثوبه) من الحجر (فطفق) موسى عليه السلام بكسر الفاء الثانية وفتحها أي شرع موسى يضرب (بالحجر ضربًا) أي جعل يضربه ضربًا لما ناداه ولم يطعه وطفق هنا بمعنى أخذ في الفعل وجعل يفعل وهي من أفعال المقاربة، قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى {فَطَفِقَ مَسْحًا} فجعل يمسح مسحًا، والمعنى هنا أي فجعل موسى يضرب الحجر حتى ظهر أثر ضربه فيه بقوة النبوة وهو معنى قول أبي هريرة: والله إنه بالحجر ندبٌ. . إلخ أي أَثر من ضربه إياه (قال أبو هريرة) وفي رواية البخاري فقال بزيادة الفاء أي قال أبو هريرة مما هو من تتمة مقول همام فيكون المعنى أي قال همام: قال أبو هريرة. . إلخ أو من تتمة مقول أبي هريرة. فيكون تعليقًا أي قال أبو هريرة بالسند السابق، وبالأول جزم في فتح الباري، اهـ قسط (والله إنه) أي إن ضرب موسى (بالحجر ندب) بالنون والدال المفتوحتين آخره موحدة، قال في النهاية: الندب بالتحريك أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد، فشبه به أثر الضرب في الحجر، اهـ أي إن ضرب موسى ندب أي أثر ظاهر بالحجر أي في الحجر كالجسم المضروب بالعصا أشد الضرب، وقوله (ستة) بالرفع على البدلية من ندب أي إن ضرب موسى ستة آثار بالحجر أو بتقدير هي أو على أنه صفة لندب أو بالنصب على الحال من الضمير المستكن في قوله بالحجر فإنه ظرف مستقر لندب أي إنه ندب استقر بالحجر، حالة كونه ستة آثار، وقوله (أو سبعة) بالشك من الراوي، وقوله (ضرب موسى) بدل من ندب أو عطف بيان له، وقوله (بالحجر) تأكيد وتكرار لما ذكر أولًا ولا حاجة إليه، أراد موسى عليه السلام إظهار المعجزة لقومه بأثر الضرب في الحجر ولعله أوحي إليه أن يضربه، ومشي الحجرِ بالثوب معجزةٌ أخرى، ودلالة الحديث على الترجمة من حيث اغتسال موسى عليه السلام عريانًا وحده خاليًا من الناس وهو مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا، اهـ قسط.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث أبي هريرة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [99] رواه في الطهارة عن إسحاق بن نصر، اهـ تحفة. والله سبحانه وتعالى أعلم.