المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: تعريف النقود - أنظمة الدفع الإلكتروني المعاصر غير الائتماني في الفقه الإسلامي

[صلاح الدين عامر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌طبيعة المشكلة التي تعالجها الدراسة:

- ‌أهمية الموضوع

- ‌أهداف الدراسة

- ‌الدراسات السابقة

- ‌المشكلات والصعوبات

- ‌منهج الدراسة

- ‌الفصل التمهيدي:" تطور النقود والدفع الإلكتروني

- ‌المبحث الأول: ماهية النقود

- ‌المطلب الأول: تعريف النقود

- ‌المطلب الثاني: تعريف النقود الإلكترونية

- ‌المطلب الثالث: نشأة النقود

- ‌المطلب الرابع: التطور التاريخي للنقود

- ‌المطلب الخامس: خصائص النقود

- ‌المبحث الثاني: تعريف أنظمة الدفع الإلكتروني وأهدافه

- ‌المطلب الأول: تعريف أنظمة الدفع الإلكتروني

- ‌المطلب الثاني: تعريف البطاقات الإلكترونية

- ‌المطلب الثالث: أهداف نظام الدفع الإلكتروني

- ‌المبحث الثالث: خصائص نظام الدفع الإلكتروني ومخاطره

- ‌المطلب الأول: خصائص أنظمة الدفع الإلكتروني

- ‌المطلب الثاني: مخاطر أنظمة الدفع الإلكتروني

- ‌المطلب الثالث: وسائل الدفع الإلكتروني

- ‌المطلب الرابع: الأفق المستقبلية لأنظمة الدفع الإلكتروني

- ‌الفصل الأول:" بطاقة الصراف الآلي " (ATM، Card)

- ‌المبحث الأول: ماهية بطاقة الصراف الآلي

- ‌المطلب الأول: تعريف وأركان بطاقة الصراف الآلي

- ‌المطلب الثاني: نشأة بطاقة الصراف الآلي

- ‌المطلب الثالث: خصائص ومجالات بطاقة الصراف الآلي

- ‌المطلب الرابع: أطراف بطاقة الصراف الآلي وكيفية عملها

- ‌المطلب الخامس: إيجابيات بطاقة الصرَّاف الآلي وسلبياتها

- ‌المبحث الثاني: التكييف الشرعي لاستخدام بطاقة الصراف الآلي للسحب من الرصيد

- ‌المطلب الأول: التكييف الشرعي لفتح (الحساب الجاري)

- ‌المطلب الثاني: التكييف الشرعي للسحب ببطاقة الصراف الآلي من صراف بنك العميل

- ‌المطلب الثالث: التكييف الشرعي للسحب بالبطاقة من غير صراف (ATM) بنك العميل المصدر لها

- ‌المطلب الرابع: التكييف الشرعي للسحب بالبطاقة بغير العملة المودعة في حساب العميل

- ‌المبحث الثالث: التكييف الشرعي لاستخدام بطاقة الصراف الآلي للإيداع والتحويل في الحسابات

- ‌المطلب الأول: التكييف الشرعي للإيداع بنفس العملة في الرصيد

- ‌المطلب الثاني: التكييف الشرعي للإيداع بعملة مغايرة لما في الرصيد في بطاقة الصراف الآلي

- ‌المطلب الثالث: التكييف الشرعي للتحويل لحساب آخر بنفس العملة

- ‌المطلب الرابع: التكييف الشرعي للتَّحويلات عند اختلاف جنس العملة

- ‌المبحث الرابع: التكييف الشرعي لاستخدام بطاقة الصراف الآلي كنظام دفع في نقاط البيع الطرفية (P.O.S)

- ‌المطلب الأول: التكييف الشرعي للدفع بالبطاقة بنفس عملة التاجر والعميل

- ‌المطلب الثاني: التكييف الشرعي للدفع ببطاقة الصراف الآلي مع اختلاف عملة المشتري مع عملة التاجر

- ‌الفصل الثاني:بطاقات الدفع المسبق(Prepaid Cards)وهيالبطاقات ذات المجال المفتوح(Open-Loop Cards)

- ‌المبحث الأول: ماهية البطاقات مسبقة الدفع

- ‌المطلب الأول: تعريف بطاقة الدفع المسبق

- ‌المطلب الثاني: الأركان الأساسية للبطاقة مسبقة الدفع

- ‌المطلب الثالث: خصائص بطاقة الدفع المسبق

- ‌المطلب الرابع: فوائد بطاقة الدفع المسبق

- ‌المبحث الثاني: أنواع بطاقة الدفع المسبق

- ‌المطلب الأول: بطاقة الخير

- ‌المطلب الثاني: بطاقة الأسرة

- ‌المطلب الثالث: بطاقة النقود السياحية

- ‌المبحث الثالث: التكييف الفقهي لبطاقة الدفع المسبق

- ‌المطلب الأول: حقيقة بطاقة الدفع المسبق وتكييفها

- ‌المطلب الثاني: حكم أخذ الرسوم على بطاقات الدفع المسبق

- ‌الفصل الثالث:بطاقات القيمة المخزنة(Stored value Cards)وهيالبطاقات ذات المجال المغلق(Closed-Loop Cards)

- ‌المبحث الأول: ماهية بطاقات القيمة المخزنة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطاقة القيمة المخزنة

- ‌المطلب الثاني: الأركان الأساسية لبطاقات القيمة المخزنة

- ‌المطلب الثالث: أهم خصائص بطاقة القيمة المخزنة

- ‌المطلب الرابع: فوائد بطاقة القيمة المخزنة

- ‌المبحث الثاني: أنواع بطاقة القيمة المخزنة

- ‌المطلب الأول: بطاقات الهاتف النقال

- ‌المطلب الثاني: بطاقات الهاتف الثابت

- ‌المطلب الثالث: بطاقة شبكة المعلومات العالمية (الانترنت)

- ‌المطلب الرابع: بطاقات ألعاب الأطفال

- ‌المطلب الخامس: بطاقات تعبئة الوقود

- ‌المطلب السادس: بطاقات القنوات الفضائية

- ‌المطلب السابع: بطاقات آلات التصوير الورقي

- ‌المبحث الثالث: التكييف الفقهي لبطاقة القيمة المخزنة

- ‌المطلب الأول: تكييف عقد بطاقة القيمة المخزنة بأنه عقد بيع

- ‌المطلب الثاني: تكييف عقد بطاقات القيمة المخزنة بعقد سلم

- ‌المطلب الثالث: تكييف عقد بطاقة القيمة المخزنة باعتبارها عقد إجارة

- ‌الفصل الرابع:البطاقة الذكية (Smart Card)أو ما يسمىالمحفظة الإلكترونية(Electronic Wallet)

- ‌المبحث الأول: ماهية البطاقة الذكية (Smart Card)

- ‌المطلب الأول: تعريف البطاقة الذكية

- ‌المطلب الثاني: كيفية عمل البطاقة الذكية

- ‌المطلب الثالث: أنواع البطاقة الذكية

- ‌المبحث الثاني: خصائص ومميزات البطاقة الذكية

- ‌المطلب الأول: خصائص البطاقة الذكية

- ‌المطلب الثاني: إيجابيات البطاقة الذكية

- ‌المطلب الثالث: سلبيات البطاقة الذكية

- ‌المطلب الرابع: مشكلات التطبيق للبطاقة الذكية

- ‌المبحث الثالث: التكييف الشرعي للبطاقة الذكية

- ‌المطلب الأول: طبيعة البطاقة الذكية

- ‌المطلب الثاني: تكييف الشراء من خلال البطاقة الذكية

- ‌المطلب الثالث: تكييف إيداع النقود في البطاقة الذكية

- ‌الفصل الخامس:الشيكات الإلكترونية(ELECTRONIC CHECKS)

- ‌المبحث الأول: ماهية الشيك الإلكتروني

- ‌المطلب الأول: تعريف الشيك الإلكتروني

- ‌المطلب الثاني: أهمية الشيك الإلكتروني

- ‌المطلب الثالث: مقارنة بين الشيك الإلكتروني والشيك الورقي

- ‌المطلب الرابع: الفروق بين الشيك الإلكتروني وبطاقات الائتمان

- ‌المبحث الثاني: مميزات ومخاطر الشيك الإلكتروني

- ‌المطلب الأول: مميزات الشيك الإلكتروني

- ‌المطلب الثاني: مخاطر الشيك الإلكتروني

- ‌المطلب الثالث: طبيعة عمل الشيك الإلكتروني

- ‌المبحث الثالث: التكييف الشرعي للشيك الإلكتروني

- ‌المطلب الأول: التخريج الفقهي للشيك الإلكتروني

- ‌المطلب الثاني: الحكم الشرعي للشيك الإلكتروني

- ‌ فهرست المصادر

- ‌أولاً: القرآن الكريم

- ‌ثانياً: السنة النبوية:

- ‌ثالثاً: كتب المذهب الحنفي:

- ‌رابعاً: كتب المذهب المالكي:

- ‌خامساً: كتب المذهب الشافعي

- ‌سادساً: كتب المذهب الحنبلي

- ‌سابعاً: كتب عامة

- ‌ثامناً: كتب معاملات مالية معاصرة

- ‌تاسعاً: كتب المعاجم والغريب

- ‌عاشراً: المقالات ومواقع الإنترنت

- ‌الحادي عشر: ترجمة عن الكتب الأجنبية الآتية:

الفصل: ‌المطلب الأول: تعريف النقود

‌المبحث الأول: ماهية النقود

‌المطلب الأول: تعريف النقود

- تعريف النقود لغة

قال ابن فارس (1): النون، والقاف، والدال، أصل صحيح يدل على إبراز شيء وبروزه (2). ثم إن مادة (نقد) عند العرب لها معان عدة، نستطيع إيجاز ما يدل على مقصودنا بأمور أربعة (3):

(1) هو ابن فارس أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الإمام، العلامة، اللغوي، المحدث، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، اللغوي، نزيل همذان، وصاحب كتاب (المجمل)، مولده بقزوين، ومرباه بهمذان، وأكثر الإقامة بالري. وكان رأسا في الأدب، بصيرا بفقه مالك، مناظرا متكلما على طريقة أهل الحق، ومذهبه في النحو على طريقة الكوفيين، جمع إتقان العلم إلى ظرف أهل الكتابة والشعر، ومات بالري في صفر سنة خمس وتسعين وثلاث مائة، ووهم من قال: مات سنة تسعين. سير أعلام النبلاء (17/ 103)، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي، ط، مؤسسة الرسالة.

(2)

معجم مقاييس اللغة (5/ 467)، وما بعدها، أبي الحسن أحمد بن فارس، تحقيق عبدالسلام هارون، دار النشر دار الجيل، بيروت لبنان، الطبعة الثانية، (1420 هـ/1999 م).

(3)

أنظر العين (5/ 118) وما بعدها مادة نقد، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق د/ مهدي المخزومي د/ إبراهيم السمرائي، دار النشر دار ومكتبة الهلال. وانظر معجم مقاييس اللغة (5/ 467)، وما بعدها، وانظر النهاية (5/ 102)، وما بعدها أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ـ محمود محمد الطناحي، دار النشر، المكتبة العلمية، بيروت، سنة النشر:(1399 هـ، 1979 م)، وانظر تاج العروس (9/ 230)، وما بعدها، محمد مرتضى الزبيدي، تحقيق مجموعة من المحققين، دار النشر الهداية. وانظر المعجم الوسيط (2/ 944)، وما بعدها ابراهيم مصطفى أحمد الزيات، حامد عبد القادر، محمد النجار، تحقيق مجمع اللغة العربية، دار النشر الدعوة .. وانظر أساس البلاغة (1/ 650)، وما بعدها أبو القاسم محمود بن عمر محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري، دار النشر دار الفكر، (1399 هـ، 1979 م). وانظر مختار الصحاح (1/ 281)، وما بعدها، محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي، تحقيق محمود خاطر، دار النشر= =مكتبة لبنان ناشرون، بيروت (1415 هـ، 1995 م). وانظر لسان العرب (3/ 425)، وما بعدها، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، دار النشر دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى.

ص: 15

أولاً: التكشف والظهور، ومن ذلك النقد في الحافر، وهو تقشره؛ والنقد في الضرس تكسره، وذلك يكون بتكشف ليطه عنه؛ ويقال نقد النثر، ونقد الشعر أظهر ما فيهما.

ثانياً: التمييز، يقال نقد الدراهم كشف عن حال جودتها؛ ودرهم نقد وِزَانٌ جيد، كأنه قد كشف عن حاله فعلم؛ ونقد الدراهم وانتقدها أخرج منها الزيف، وقد أنشد سيبويه:

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة

**

نفي الدنانير تنقاد الصياريف

ثالثاً: الإعطاء والقبض، قال الليث النقد تمييز الدراهم وإعطاؤكها إنسانا وأخذها، ونقد له الدراهم أي أعطاه إياها، فانتقدها أي قبضها. وهذا هو المقصود بدراستنا.

رابعاً: تعجيل الثمن، في حديث جابر وجَمَلِه فنقدني الثمن أي أعطانيه نقداً معجلاً؛ وفلاناً الثمن وله الثمن أعطاه إياه نقداً معجلاً، ومنه نقده الثمن ونقده له فانتقده.

ص: 16

والنقد هو المصدر ثم أطلق على المنقود، من باب إطلاق المصدر على اسم المفعول واصطلح الناس على ذلك.

- تعريف النقود اصطلاحاً

أولاً: في اصطلاح الفقهاء

اختلفت عبارات الفقهاء في تعريف النقود كأثمان وقِيَم، ونستطيع إيجازها بالآتي:

1) الذهب والفضة (1)

مطلقاً مضروبين كانا أم غير مضروبين، وهو قول بعض الحنفية، ففي شرح فتح القدير قوله: القضاء بالقيمة وهي النقدان والتبر، أي غير المضروب كذلك (2)، وهو المذهب عند المالكية، يقول في شرح مختصر خليل: يعني أن التبر لا يجوز أن يكون رأس مال القراض إذا كان لا يتعامل به في بلد القراض وإلا فيجوز وقيده ابن رشد بما إذا لم يوجد في بلد القراض مسكوك يتعامل به ومثل التبر

(1) من اللطائف: أنه سمي الذهب ذهبا لأنه يذهب ولا يبقى، وسميت الفضة بذلك لأنها تنفض ولا تبقى، وسمي المضروب من الذهب دينارا ومن الفضة درهما لأن الدينار آخره نار، والدرهم آخره هم، وأنشد بعضهم في معنى ذلك فقال:

النار آخر دينار نطقت به

والهم آخر هذا الدرهم الجاري

المرء بينهما ما لم يكن ورعا

معذب القلب بين الهم والنار

انظر حاشية البجيرمي (2/ 27)، سليمان ين عمر بن محمد البجيرمي، المكتبة الإسلامية، ديار بكر، تركيا.

(2)

شرح فتح القدير (6/ 143)، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، ط، دار الفكر، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية.

ص: 17

الحلي والنقار والمذهب أن حكمها واحد (1). ومثله صاحب الثمر الداني إذ يقول: وهو النقد المضروب وما في حكمه من نقار الذهب والفضة (2).

وهو قول كثير من الشافعية (3).

ففي نهاية المحتاج: وإذا ملكه أي عرض التجارة بنقد وهو الذهب والفضة وإن لم يكونا مضروبين (4). وقال أيضاً: وللنقد إطلاقان: أحدهما على ما يقابل العرض والدين فشمل المضروب وغيره، وهو المراد هنا والثاني على المضروب خاصة (5). وكذلك قال شُرَّاح المنهاج، ففي مغني المحتاج يقول:(وإذا ملكه) أي عرض التجارة (بنقد) وهو الذهب والفضة ولو غير مضروبين (6)؛ وفي السراج

(1) شرح مختصر خليل (6/ 205)، محمد الخرشي المالكي، ط، دار الفكر بيروت لبنان.

(2)

الثمر الداني شرح رسالة القيرواني ج 1 صـ 528، صالح عبدالسميع الآبي الأزهري، ط، المكتبة الثقافية، بيروت، وانظرحاشية العدوي (2/ 267)، علي الصعيدي العدوي المالكيِ، ط، دار الفكر، بيروت لبنان، سنة النشر 1412 هـ، ت حقيق يوسف الشيخ محمد البقاعي.

(3)

انظر فتح الوهاب (1/ 276)، زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري أبو يحيى، ط، دار الكتب العلمية، بيروت، (1418 هـ)، الأولى، وانظر حواشي الشرواني (3/ 263)، عبدالحميد الشرواني، ط، دار الفكر، بيروت. وانظر أيضاً فتح المعين (3/ 12)، زين الدين بن عبدالعزيز المليباري، ط، دار الفكر، بيروت.

(4)

نهاية المحتاج (3/ 104)، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي، الشهير بالشافعي الصغير، ط، دار الفكر المعاصر، بيروت، (1404 هـ، 1984 م).

(5)

نهاية المحتاج (3/ 83).

(6)

مغني المحتاح (1/ 398)، محمد الخطيب الشربيني، ط، دار الفكر المعاصر، بيروت لبنان.

ص: 18

الوهاج يقول: باب زكاة النقد وهو ضد العرض والدين فيشمل المضروب وغيره (1).

2) الذهب والفضة المضروبين، وقد ذهب إلى ذلك بعض الشافعية فقالوا: النقد هو المضروب من الذهب والفضة (2)، ففي حاشيته البجيرمي: والنقد هو المضروب من الذهب والفضة، فلذلك قال دراهم ودنانير وهذا أحد إطلاقين للنقد، والآخر يطلق على ما قابل العرض والدين، فيشمل غير المضروب (3)، وقد ذهب إلى ذلك أيضاً بعض الحنابلة، فقالوا: واشترط كون النقد مضروباً، دراهم ودنانير لأنها قيم المتلفات وأثمان المبيعات وغير المضروب كالعروض (4).

3) يتوقف ذلك بحسب العرف، إذا كان من المعروف والمعتاد بين الناس التعامل بالذهب والفضة غير المسكوكين أي غير المضروبين أي استعمالهما مقام النقود، ويسميان نقرة وهي القطعة المذابة من الذهب والفضة فيكونان في حكم النقود المضروبة والمسكوكة، ويكون

(1) السراج الوهاجج (1/ 124)، محمد الزهري الغمراوي، ط، دار المعرفة، بيروت لبنان.

(2)

انظر حاشية الجمل على شرح المنهاج، (3/ 513)، سليمان الجمل، ط، دار الفكر، بيروت، وانظر كفاية الأخيارج (1/ 184)، تقي الدين أبي بكر محمد الحسيني الحصي الدمشقي الشافعي، ط، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، تحقيق علي عبدالحميد بلطجي ومحمد وهبي سليمان.

(3)

حاشية البجيرمي (3/ 146).

(4)

شرح منتهى الإرادات (2/ 208)، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ط، عالم الكتب، بيروت، 1996 م، الثانية.، وانظر مطالب أولي النهى، (3/ 497)، مصطفى السيوطي الرحيباني، ط، المكتب الإسلامي، دمشق، (1961 م).

ص: 19

التعامل بهما بمنزلة الضرب وتصلح أن تكون ثمنا ورأس مال. ((1) وقال صاحب الفواكه الدواني من المالكية: وأشار إلى شرط المال بقوله: (بالدنانير والدراهم) ولو كانت مغشوشة حيث تعومل بها، وإن لم ترج كالكاملة ولو مع وجود النقد الخالص، وأما غير المتعامل به فهو كالعرض وقد أرخص أي تسوهل فيه أي القراض بنقار الذهب والفضة والنقار بكسر النون القطع الخالصة من الذهب والفضة، ومثلها التبر والحلي، فإن حكم الجميع واحد في الجواز إن تعومل بها في بلد العمل، ولم يكن فيها مسكوك. وأما إن لم يتعامل بها أو وجد المسكوك فلا يجوز على المعتمد، خلافا لما يوهمه ظاهر المصنف، .. والحاصل أن غير المضروب من تبر ونقار وحلي، لا يجوز جعله رأس مال إلا بشرطين: التعامل به في بلد العمل، وعدم وجود المسكوك ((2).

(1) درر الحكام شرح مجلة الأحكام (3/ 373)، علي حيدر، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، تعريب: المحامي فهمي الحسيني.

(2)

الفواكه الدواني (2/ 122)، أحمد بن عنيم بن سالم النفراوي المالكي، تـ:(1125 هـ)، ط، دار الفكر، بيروت لبنان، (1415 هـ). وانظر شرح مختصر خليل، (6/ 204).

ص: 20

الخلاصة

وسواء أكانت النقود تعني الذهب والفضة مطلقاً، أم تقييدها بالمضروب منهما، فإن الذهب والفضة يبقيان هما أثمان وقيم الأشياء، والذي يتعاطى بهما الناس وعليهما اصطلح الفقهاء بوصفهما نقوداً، ولعل الخلاف بين الفقهاء راجع إلى اختلاف الأزمان والبلدان في تحديد النقد في الأعراف، وهذا ما يتجلى من القول الثالث، فالعرف اليوم ـ كما سنرى في تعريف النقود عند الاقتصاديين ـ يكاد يقصر النقود على تلك الأوراق الصادرة عن البنوك المركزية أو ما يقوم مقامها، وإن كانت في الحقيقة غطاء عن الذهب والفضة.

ثانياً: تعريف النقود في عرف الاقتصاديين

تباينت تعاريف الاقتصاديين، في تعريف النقود وتعددت عباراتهم، واختلفت وجهاتهم، بحسب نظرة كل واحد منهم لها، وتكييفه لماهيتها (1).

يقول الدكتور فؤاد دهمان: "إن التعاريف التي أعطيت للنقد كثيرة ومتباينة، ويزيد في اختلافها تباين نظرات المؤلفين إلى ماهية النقد واختلاف مفهومه لديهم "(2).

(1) ذكرت كتب الاقتصاد تعاريف كثيرة، وأطالت في ذلك جداً، وقد ضربت عنها صفحاً، خاصة أن كثيراً منها لا يتوافق مع بناء الحدود عند المناطقة.

(2)

الاقتصاد السياسي (ص: 5)، فؤاد دهمان، ط، جامعة دمشق، الثانية، (1974 م).

ص: 21

فمنهم من عرفها بخصائصها فقال:

أيُّ شيء يلقى قَبولاً عامًّا من جانب الأفراد (1)، وهذا تعريف غير جامع ولا مانع كما يلاحظ وإن كان فيه ميزة الإيجاز.

ومنهم من عرفها من حيث وظائفها الاقتصادية في كونها مقياساً للقيمة، ووسيطاً في المبادلة، ووسيلة في الدفع المؤجل فقال:

هي: "أيُّ شيء يتمتع بقبول عام في الوفاء بالالتزامات"(2)؛ أو" أيُّ شيء يَكونُ وسيطًا عامًّا للتبادُل، ومِعْيارًا للقِيَم، ومُسْتودَعًا لَها، وذَخيرةً للثروة"(3).

وهذان أيضاً تعريفان معيبان لم يجمعا كل أفراد الماهية، ولم يمنعا من دخول غيرها عليه.

ومنهم من عرفها من حيثُ النظرة القانونية فقال:

"الشيْءُ الّذي يحدّدُ القانونُ أنه كذلك" أو أنه " الأَداةُ الّتي تمكّنه من

(1) الأوراق النقدية في الاقتصاد الإسلامي (ص: 38)، للدكتور أحمد حسن، ط دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، (1428 هـ)، الموافق (2007 م) وانظر النُّظُم النقدية والمصرفية (ص: 46 - 47) برعي، ط، دار الثقافة العربية.

(2)

مقدمة في النقود والبنوك (ص: 32)، محمد زكي شافعي، ط، دار النهضة العربية، (1982 م).

(3)

انظُر المعاملات المالية المعاصرة (ص: 175)، محمّد عثمان شبير، (2001 م)، ط، الرابعة، الأردن: دار النفائس.

ص: 22

سَداد التزاماته" (1). وهذان التعريفان أسوأ من سابقيهما. وقد جمع الدكتور ناظم

الشمِّري بين الخصائص، والوظائف، والنظرة القانونية في تعريفه للنقود فقال:" كل شيء يقبله الجميع قبولاً عاماً، بحكم العرف أو القانون، أو قيمة الشيء نفسه، ويكون قادراً على أن يكون وسيطاً في عمليات التبادل المختلفة للسلع والخدمات، ويكون صالحاً لتسوية الديون، وإبراء الذمم فهو عبارة عن نقود". (2)

وقريباً منه قالت الدكتورة سُهير حسن: " النقود هي المقابل المادي لجميع الأنشطة الاقتصادية، وهي الوسيلة أو الأداة التي تمنح لصاحبها القوة الشرائية التي تمكنه من إشباع احتياجاته، كما أنها من الناحية القانونية تمثل له الأداة التي تمكنه من سداد التزاماته"(3).

(1) وقريب منه قولهم أنها: أداة تسوية الديون. وانظر أيضاً النقود والبنوك في النظام الإسلامي (ص: 33)، عوف محمود الكفراوي، (1999 م)، ط، الإسكندرية مركز الإسكندرية للكتاب، حيث يقول:"ويمكن القول بأن النقد: شيء اعتباري سواء كان هذا الاعتبار ناتجاً عن حكم سلطاني أو عرف عام، وقد يقال: أن النقد ليس شيئاً اعتبارياً محصناً ناتجاً عن حكم سلطة الإصدار بل يتوقف باعتباره نقداً على قيمة ذاتية أو غطاء كامل مع اعتبار السلطة لنقديته أو جريان العرف بذلك، وقد أصبح النقد الآن لا يستند في قوته إلى الغطاء بل يتوقف ذلك على السلطة المصدرة لهذا النقد والقوة الاقتصادية لها".

(2)

النقود والمصارف (ص: 29)، ناظم محمد نوري الشمري، ط، دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل، 1987 م.

(3)

النقود والتوازن الاقتصادي (ص: 50)، سهير حسن، ط، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة، الاسكندرية، (1985 م).

ص: 23

التعريف المختار

لا شك أن الحدود لابد أن تكون جامعة مانعة بحدود القدرة، كما أن الإيجاز فيها من الأمور المقررة عند أصحاب المنطق، ولعل أقربها إلى ذلك ما ذكره الدكتور ناظم، مع ملاحظة الآتي:

قوله: " كل شيء "عام يدخل تحته ما لا ينحصر، ولو عبر بقوله:" كل ثمن" لكان أخصر؛ لأنه جنس قريب، ثم إنه بهذا يستغني عن قوله فيما بعد .. " أو قيمة الشيء نفسه " قوله:" يقبله الجميع قبولاً عاماً بحكم العرف أو القانون" بسط وإطالة ولو قال: "يقبله عامة الناس عرفاً، أو قانوناً " لكان أخصر، وقوله:" ويكون قادراً على أن يكون وسيطاً في عمليات التبادل المختلفة للسلع والخدمات ويكون صالحاً لتسوية الديون، وإبراء الذمم " أيضاً حشو وإطالة والأخصرُ أن يقول: "وسيطاً لتبادل السلع والخدمات صالحاً لتسوية الديون، وإبراء الذمم ".

فيكون التعريف كالتالي:

" كل ثمن يقبله عامة الناس عرفاً، أو قانوناً، وسيطاً لتبادل السلع والخدمات صالحاً لتسوية الديون، وإبراء الذمم ".

ص: 24