الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: التكييف الشرعي للدفع ببطاقة الصراف الآلي مع اختلاف عملة المشتري مع عملة التاجر
- تصوير المسألة
نظام تحويل إلكتروني عبر جهاز معين لدى التاجر يتيح لصاحب البطاقة أن يسدد أثمان مشترياته من المتجر عبر ذلك الجهاز بتحويل الأموال من رصيده إلى رصيد التاجر سواء اتحد مصرف حامل البطاقة أو اختلف مع مصرف التاجر، بعمولة تؤخذ من التاجر للمصرف.
ويستطيع حامل البطاقة استخدامها في معظم دول العالم لشراء السلع والخدمات المرغوبة، بحيث يسدد مصدر البطاقة المبلغ المستحق على حاملها فورا بعملة البلد المستخدمة فيه، ثم يعود على حاملها بالعملة المحلية باستخدام سعر صرف ذلك اليوم أو حسبما هو مبين في الاتفاقية.
- تمثيل المسألة
عميل لمصرف بيت التمويل في دولة الكويت له بطاقة مصرفية اشترى سلعاً من تاجر في اليمن، وأثناء الدفع قدم بطاقته المصرفية للتاجر ليقوم بالاستيفاء عن طريق الجهاز (P.O.S) الذي يمتلكه التاجر، فيقوم الجهاز بعد إمرار البطاقة فيه وإدخال التعرفة السرية ـ إن كانت بطاقة صراف آلي ـ أو بدون التعرفة إن كانت البطاقة غير ذلك، بالاتصالات على مصرف التاجر أو شبكة النقد للتأكد من صلاحية البطاقة ورقم التعرفة ومعلومات رصيد العميل، وعند إرسال التفويض تتم الموافقة وصرف المبلغ المطلوب والإذن بالسداد، فيتم الخصم من رصيد حامل البطاقة لصالح رصيد التاجر بقدر ذلك المبلغ
بعملة التاجر، ويُعطى حامل البطاقة إشعاراً بالمبلغ المخصوم وتاريخه والساعة التي تم فيها الخصم ورقم البطاقة.
- محور البحث
محور بحثنا في هذه المسألة يتمثل بصور القبض في هذه العقود لصحة الصرف، ومشروعية العمولة التي يتقاضاها المصرف من التاجر.
التكييف الشرعي
لا يختلف التكييف الشرعي في مسألتنا هذه عن سابقتها، وكذا حكم العمولة فيها القاضي بكونها حوالة مع الأجر، إلا أن البنوك تأخذ عمولة بنسبة أكبر إذا أضفنا لها فارق صرف العملة التي تجريها عند التحويل، وقد تكلمنا عن ذلك أيضاً في مسألة السحب بغير العملة المودعة فليرجع إليه (1).
إلا أن هناك إشكالاً يرد على قبول التكييف بحوالة بين الحامل والتاجر إذا تمت عملية البطاقة خارج بلاد المصدر؛ لأن الحوالة يشترط فيها تماثل الحقين في جنس الدين؛ فيحيل من عليه ذهب بذهب، ومن عليه فضة بفضة ولو تغير الجنس لم تصح الحوالة كما جاء عند الفقهاء، فالحامل إذا اشترى خارج البلاد يوقع على فاتورة الشراء وهي عملة ذلك البلد من الدولار أو غير ذلك، ورصيد الحامل بالبنك المصدر الذي يسدد له الفاتورة أو يقبل له الحوالة هو بعملة بلد حامل البطاقة، فهنا اختل الجنس المحال من جنس الدين على المحال عليه وهو يمثل إشكالاً في صحة عقد الحوالة.
(1) انظر (ص: 205) وما بعدها.
وأُجيب عن هذا الإشكال بأن حامل البطاقة يوكل البنك المصدر بصرف تلك العملة بقيمة يومها ويسدد الدين المحال بجنس الدين الذي عليه (1).
وبالنظر إلى الواقع المصرفي فإن في حالات عديدة يقوم العميل حامل البطاقة باستخدام بطاقته لسداد قيمة مشتريات أو خدمات تختلف عن عملة حساب البطاقة التي يتعامل بها مع البنك المصدر، وحيث إن هذا الأخير يدفع تلك المبالغ لمستحقيها بالدولار عادة، فإن تسوية المعاملة تحتاج إلى عملية صرف أو تحويل المستحقات من الدولار إلى العملة المحلية.
فبعض البنوك المصدرة تقوم بعملية الصرف على أساس السعر المعلن لديها في يوم قيد قيمة تلك المشتريات أو الخدمات على حساب العميل حامل البطاقة أو بزيادة نسبة معلومة.
وبعض البنوك يعتمد سعر الصرف السائد في التاريخ الذي تم فيه سداد القيمة من جانب البنك نيابة عن العميل حامل البطاقة.
وبعضها يعتمد سعر الصرف السائد في تاريخ استلام بيان المبالغ المستحقة من المنظمة العالمية (2).
وقد صدرت في شأن هذه المسألة فتوى في ندوة البركة الثانية عشرة، وهي:
يجوز اتفاق البنك المصدر مع حامل البطاقة على تحويل قيمة المبالغ المستحقة، باستخدام السعر المعلن لدى البنك يوم إجراء قيد العملية لصالح
(1) موقف الشريعة الإسلامية من البطاقات البنكية (ص: 232) وما بعدها.
(2)
بطاقات الائتمان تصورها والحكم الشرعي عليها بحث للدكتور عبد الفتاح أبو غدة، أنظر مجلة مجمع الفقه. عدد (15)(2/ 23526)
التاجر وذلك بالحسم من حساب حامل البطاقة إن كان فيه رصيد، أو بإقراض البنك له بدون فوائد بإضافة المبلغ إلى حسابه المكشوف ثم الحسم منه، إن كان البنك قد وافق على إقراضه في هذه الحالة.
ويعتبر شرط التقابض متوافراً وهو من قبيل القبض الحكمي لأن هذا صرف ما في الذمة وهو جائز عند جمهور العلماء (1).
وأرى أن هذا هو الواجب من حيث تطبيق شروط القبض في عملية الصرف، إذ أن الصرف لابد أن يكون بسعر اليوم ذاته، أي يوم قيد القيمة؛ ليتحقق القبض الحكمي باستلام العميل الإيصال الذي به يكون قد تم التقابض حكماً.
* شراء الذهب والفضة وصرف العملات بالبطاقة:
يجوز استخدام بطاقة الائتمان في شراء الذهب والفضة وصرف العملات بشرط عدم التأجيل أو التأخير بالاشتراط أو العرف، مع مراعاة أنه لا يحصل اختلال التقابض بالتأخير غير المقصود (72) ساعة على ما هو المتبع في القيود المصرفية، طبقا لقرار مجمع الفقه الإسلامي.
وذلك لأن قسيمة الدفع الموقعة من حامل البطاقة تقوم مقام القبض، كالشيك، بل هي أقوى منه كما أفاد الفنيون، لأنها ملزمة للتاجر وتبرأ بها ذمة حامل البطاقة من الدين حالا، وليس له الاعتراض على الوفاء بقيمتها (2).
(1) انظر (ص: 211) وما بعدها، وانظر أيضاً فتاوى ندوات البركة:(2/ 108).
(2)
بطاقات الائتمان تصورها والحكم الشرعي عليها بحث للدكتور عبد الفتاح أبو غدة، انظره في مجلة مجمع الفقه عدد (15)، (2/ 23527).
هذا في بطاقات الائتمان التي فيها اقتراض بَيِّنٌ أما في بطاقة الصراف الآلي فلا حرج البتة فيها لآن الحسم يكون فورياً فيحصل التقابض بمجرد الشراء من دون تأخير يذكر يؤثر على صحة القبض.