الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: خصائص أنظمة الدفع الإلكتروني
إن لهذا النظام خصائص اتسم بها عن الدفع التقليدي، منها ما يلي: .
1) انعقاد مجلس العقد في وسط إلكتروني
يمثل الوسيط الإلكتروني في العصر الحديث، مجلس العقد الذي يحضره كل من البائع والمشتري، أو من يمثلهما سواء كان ذلك عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) أو عن طريق الوفاء الفوري عند الشراء ببطاقة النقود الرقمية، وهذا مثل ثورة في عالم التسوق؛ إذ أن العالم أصبح كقرية واحدة صغيرة، وسوق واحد يستطيع المرء التسوق من أقصى العالم دون سفر أو عناء، وقد جاءت أنظمة الدفع الالكتروني، لتسهل عملية الشراء من تلك الأسواق، على تباعد المسافات بين البائع والمشتري، مما يسر الأمر على التجار والشركات وحتى الأفراد.
ولقد اختلف العلماء حول اعتبار هذا الوسيط مجلسا للتعاقد من عدمه، فمن قائل إن ذلك الوسط الإلكتروني يمثل مجلس العقد وله أحكامه وإن اختلف جزئياً، ومن قائل بعدم ذلك لوجود بعض الاختلالات في بعض أركان المجلس ولأحكام يفتقدها هذا الوسيط (1).
والذي أراه أن الوسط الإلكتروني يمثل مجلس التعاقد، إذ أن الشريعة الإسلامية جعلت الرضا هو الأساس في انعقاد العقود من دون تحديد لفظ معين أو شكل محدد، مما جعل أحكام الشريعة تستوعب ما استجد من طرق وأشكال لانعقاد العقود، ومن ذلك "التعاقد عن طريق شبكة المعلومات العالمية
(1) انظر العقد الالكتروني، (ص: 33) وما بعدها، ماجد سليمان أبا الخيل، ط، مكتبة الرشد، المملكة العربية السعودية، (1420 هـ، 2009 م).
الإنترنت"؛ سواء كان التعاقد عبر شبكة المواقع (web)، أوالتعاقد عبر البريد الإلكتروني (Email)، أوالتعاقد عبر المحادثة والمشاهدة.
ثم إن العقد في الشريعة الإسلامية ينعقد بكل ما يدل عليه من قول أو فعل أو كتابة أو إشارة من كلا العاقدين أو من أحدهما؛ وبما أنه يصعب التأكد من هوية الأطراف المتعاقدة وأهليتها، إلا أنه قد تم محاولة تلافي ذلك بما سمي " التوقيع الإلكتروني" أو جهات التصديق الإلكتروني لمحاولة سد الثغرات في هذا النطاق.
ويعتبر الإنترنت آلة ووسيلة لتوصيل الكتابة، وهذه الوسيلة معتبرة شرعاً لعدم تضمنها محذوراً شرعياً، ولأنها شبيهة بالتعاقد عن طريق الرسول أو البريد العادي.
كما أن التعاقد بطريق الإنترنت يعد -من حيث الأصل- تعاقداً بين حاضرين من حيث الزمان وغائبين من حيث المكان، إلا إذا وجدت فترة زمنية طويلة نسبياً تفصل بين الإيجاب والقبول فإن التعاقد يكون بين غائبين زماناً ومكاناً.
كما أن مجلس العقد لازم من لوازم عملية المساومة وارتباط الإيجاب بالقبول، وعادةً ما يسبق انعقاد العقد الإلكتروني مرحلة التفاوض التي يتم فيها تبادل الاقتراحات والمساومات وتعرف بالفترة قبل العقدية مع إمكانية إبرام العقد دون المرور بهذه المرحلة، وهنا تختلف أنظار العلماء في اعتبار العقد هل هو عقد إذعان أم عقد رضائي، وبخاصة إذا كانت السلعة مما يحتكر ويعد ضرورياً.
2) سهولة الدفع الإلكتروني
تمثل أنظمة الدفع الالكتروني سهولة ويسراً بالغين، إذا ما قورنت بوسائل الدفع التقليدية، فما يحتاج المرء إذا ما أراد الشراء سوى ضغط زر الحاسب
الآلي، أو تمرير البطاقة الرقمية على جهاز (الكي نت) في نقاط البيع التي تتوفر فيها هذه الخدمة، دون عناء أو تعب وهذا ما جعل هذه الأنظمة تنتشر بسرعة فائقة.
وهذا أيضاَ ما ساق حتى بعض الدول لاستخدام هذا النظام، في مؤسساتها الحيوية لتيسر الدفع لدى رعاياها ففي كل من الكويت (1)
وقطر (2) والبحرين (3) مثلاً في خطوة تهدف إلى دعم وتعزيز توجهات هيئات الكهرباء والماء لتسهيل آلية دفع الفواتير واضافة قناة جديدة من قنوات الدفع الإلكتروني، استحدثت نظام الدفع الالكتروني عن طريق الشبكة العنكبوتية" الانترنت" لتساعد على تيسير المعاملات الائتمانية وذلك من أجل تقديم المزيد من خدماتها الرائدة في تسهيل اجراءات الدفع وتميز تلك المعاملات بالمرونة والسرعة في الانجاز.
ولقد حدت على هذا النحو كثير من الشركات التي تتباهى بتقديم الخدمات الأفضل للعملاء، كشركات الاتصالات المختلفة، والتي تتسابق في كسب ود المستهلك فاتخذت أنظمة الدفع الالكتروني كوسيلة لها وخدمة تقدمها لعملائها،
(1) انظر بوابة الدفع الإلكتروني على موقعها على الشبكة العنكبوتية على الرابط التالي: http://www.e.gov.kw/MEW_ar/Pages/EServices/InquiryAboutBills.aspx
وانظر وكالة الانباء الكويتية على موقعها على الشبكة العنكبوتية على الرابط التالي: http://www.kuna.net.kw/NewsAgenciesPublicSite/ArticleDetails.aspx? id=2056071&Language=ar
(2)
عن وكالة الأنباء القطرية على موقعها على الشبكة العنكبوتبية الانترنت على الرابط التالي: http://www.qnaol.net/QNAAr/Qatar_Portal/ePayment/Pages/default.aspx
(3)
جريدة الأيام البحرينية العدد (7762) الأحد 11 يوليو (2010 م) الموافق 28 رجب (1431 هـ)
لما تمثله من اليسر والسهولة، سواء عن طريق الشبكة العنكبوتية "الانترنت"، أو عن طريق الهاتف (1).
كل ذلك وغيره لم يكن لولا يسر وسهولة أنظمة الدفع الالكتروني، على المستهلك وعلى المنتج أو المصدر على حد سواء.
ولكن حتى تتحقق السهولة بكل المستويات لابد من أن تكون هذه الأنظمة سهلة المنال، بعيدة عن التعقيد، بحيث يمكن للجميع استخدامه. وفي هذا الصدد أجريت الكثير من الاستطلاعات التي أكدت فيها نسبة عالية من المستطلعين تعقيد آلية الدفع الالكتروني عبر شبكة "الانترنت". كما يجب أن تكون تلك الأنظمة جاهزة ومفتوحة في كل وقت، ودون انقطاع وذلك راجع إلى عالمية الشبكة العنكبوتية " الانترنت" آخذين بالاعتبار اختلاف التوقيت بين أرجاء المعمورة. (2) وهذا ما يواجه هذه الأنظمة من تحدي يجب عليها أخذه بعين الاعتبار.
(1) انظر مواقع تلك الشركات على الشبكة العنكبوتية الانترنت كشركة الوطنية موقعها على الرابط التالي: https://www.wataniya.com/MyWataniyaPortal/MyWataniya.portal? _LANG_=ar قسم الخدمات الشخصية.
وشركة زين للاتصالات على موقعها على الشبكة العنكبوتية الانترنت على الرابط التالي: http://www.kw.zain.com/kw/af/core/home/channel.do? channelId=-8222&selectedChannels=-8222،-8160،-8155،-8153⟨=ar قسم خدمات العمللاء.
وشركة فيفا للاتصالات على موقعها على الشبكة العنكبوتية الانترنت على الرابط التالي: http://www.viva.com.kw/portal/page/portal/corporate/personal/start/pre/prepaid وغيرها كثير.
(2)
الوفاء الالكتروني بتصرف، بحث مقدم من الدكتور/ عدنان إبراهيم سرحان لمؤتمر الاعمال المصرفية الالكترونية بين الشريعة والقانون، في دبي (1424 هـ 2003 م).
3) سرعة الدفع والتحويل الإلكتروني
تعد أنظمة الدفع الالكتروني فائقة السرعة مقارنة بأنظمة الدفع التقليدي، بل ومختصرة للغاية؛ إذ أن الدفع الالكتروني يختصر عملية السحب من البنك أو المصرف ومن ثم الدفع للتاجر وإيداع التاجر في المصرف لحسابه يختصر كل ذلك بعملية واحدة، وهذا غاية الاختصار والسرعة، ويوفر الوقت ويزيد من ثبات المال لدى المصارف والبنوك؛ لتحقق من خلال ذلك أرباحاً طائلة.
فعلى سبيل المثال في مصر أكد مستشار وزير المالية ورئيس وحدة الدفع والتحصيل الإلكتروني المصري، أحمد الباز أن مشروع تحويل عمليات دفع وتحصيل التدفقات المالية للموازنة العامة من الأسلوب الورقي إلى أساليب الكترونية بالكامل سيوفر للخزانة العامة نحو 3 إلى 4 مليارات جنيه سنويا، الجزء الأكبر منها نتيجة تخفيض الفترة الزمنية لتداول الأموال خارج الجهاز المصرفي من 17 يوما حاليا إلى صفر بجانب الاستغناء تقريبا عن نظام التعامل بالشيكات الحكومية ومخاطر فقد تلك الشيكات سواء على الجهات الحكومية أو للمواطن العادي الذي يصدر له هذه الشيكات، وأصبح النظام الآن يعتمد على أوامر الدفع الإلكترونية (1).
4) عدم إمكانية الرجوع في الوفاء
(1) موقع أخبار مصراي الأحد 25 يوليو، (2010 م)، على الشبكة العنكبوتية الانترنت على الرابط التالي: http://www.masrawy.com/News/Egypt/Economy/AF/2010/February/21/1252108.aspx
انظر ايضاً http://www.im 2 all.com/newsdetails.aspx? id=90526&parid=4
يمثل نظام الدفع الالكتروني دفعاً ناجزاً غير قابل للرجوع فيه في معظم الدول التي تعتمده، وهذا ما عليه نظام الشيكات التقليدي وحتى النقود السائلة، ولكن ما هو شأن الوفاء بواسطة البطاقة عبر شبكة الانترنت؟
يقول الدكتور عدنان إبراهيم السرحان في بحث قدمه لمؤتمر الأعمال المصرفية الالكترونية في دبي عام (2003 م) ردا على هذا التساؤل:
يبقى المبدأ ذاته من حيث أن الدفع بالبطاقة اعتماداً على رقمها الظاهر وحده مستثنى من مبدأ عدم القابلية للرجوع، ذلك أن استخدام الرقم الظاهر وحده لا يعد أمراً حقيقياً بالدفع. وبموجب نظام (first virtual) الذي يستند على أن المشتري عليه أن يصادق على عملية الدفع برسالة إلكترونية ترسل إلى
(first virtual) إلا أنه يستطيع أن يلغي عملية الدفع بواسطة
مصرفة، وعندئذ تعود (first virtual) على التاجر فتلغي حساب المشتري المفتوح لديها والمخصص لعملية الدفع والأمر ذاته في نظام
(kleline) فإن المشتري يستطيع الرجوع في عملية الدفع، وهذا أدى بالشركة إلى عدم دفع مقابل السلعة إلا بعد مرور (45) يوماً (1).
وفي مقابل ذلك فإن الثقة بنظام الدفع بالبطاقة، تقتضي عدم القابلية
للرجوع كلما كانت عملية الوفاء تتم بموجب إجراءات تسمح
بالتأكيد من أطراف العلاقة وأوامر الدفع، وهذا ما تسعى
كل التنظيمات المصرفية والمالية لإقراره، كما دعت إليه التوصيات الأروبية
(1) الوفاء (الدفع) الإلكتروني، (ص: 296)، نقل عن j.huet، aspects juridipues du telepaiement، j.C.p.، ed .C. 1. 3524،n 5.
الصادرة في (17/ 11/1988 م)(1).
أما الوفاء الذي يتم بالنقود الالكترونية، فهو بطبيعته غير قابل للرجوع فيه وذلك بسبب الصفقة اللحظية للعملية التي تتم وكأنها حصلت بنقود عادية سائلة، لذلك بمجرد أن تتم عملية الدفع، فلا مجال بعد ذلك إطلاقاً للعودة بعدها إلى الوراء (2) فالنقود الالكترونية تخصم من حساب العميل لتوضع في حساب خاص بها أو على الحاسب الآلي للعميل الذي بمجرد صدور الأمر منه بالدفع، يتحدد المستفيد أي التاجر فتكسب العملية صفتها النهائية التي لا رجعة فيها (3).
5) الأمان والسرية في الدفع
إن جميع الشرائع السماوية وحتى القوانين الوضعية لتؤكد على حرمة التعدي على الخصوصيات، وسرية التعاملات، وقد أُثبت أن من وسائل حماية المستهلك، قاعدة سرية الخدمات المطلوبة للاستهلاك. (4)
وتمثل هذه الخصيصة أمراً مهماً لدى مستخدمي نظام الدفع الالكتروني، وذلك لما لها من مخاطر وآثار على عملية الدفع والخصم، ولهذا لم يفتأ معارضي هذه الأنظمة من تشويهها من هذا الجانب تحديداً، وقد برزت هذه الخصيصة في آليات الدفع الالكتروني من خلال النقاط التالية:
(1) الوفاء (الدفع) الإلكتروني، (296)، نقل عن aspects jurdiques de la banque a domicile et du telepaiement ، rapport du groupe de travail du comite consultative du conseil national du crebit ، point 2.2.2.(b) ، droit de l،informatique et des telecoms، 199/3،p.78.
(2)
Sedallian، op. cit، p.222. n
(3)
الوفاء الالكتروني (ص: 297).
(4)
الوفاء (الدفع) الإلكتروني، (ص: 297)، نقل عن voix ، lmage et protection des donnees personnelles ، apport de la CNil (Commite National d information et Libete) 1996، La Documentation Francaise.
- إن نظام الدفع الالكتروني يوفر لمستخدمية توثيقاً كاملاً لحقيقة وجود الطرف الآخر (التاجر، العميل، المصرف والوسيط عند وجوده) كما تضمن أيضاً وجود وصلاحية أداة الدفع (البطاقة، الشيك، النقود الالكترونية) وبأن النقود المقترحة لم يسبق استعمالها من قبل. إلا أن بعض أنظمة البطاقات اللدائنية تذهب إلى اقتراح التوثيق من قبل موثقين من الغير، حيث يعمل هؤلاء على إصدار الوثائق الالكترونية التي تشتمل على المعلومات الضرورية عن أطراف العلاقة، وخصوصاً المفتاح العام الذي يسمح بالتحقق من صلاحية التوقيع الإلكتروني الذي يتم بواسطته المفتاح الخاص المصاحب للمفتاح العام (1).
- إن هذه الأنظمة تقوم على نظام التشفير للبيانات واستخدام الأرقام السرية، وبالذات تلك التي تنقل عبر شبكة الإنترنت، وذلك لضمان سرية هذه المعلومات البنكية، ومنعاً لاعتراض الغير لها أو لأرقام البطاقات اللدائنية المستخدمة في الدفع الإلكتروني، بقصد استعمالها على نحو غير مشروع (2) رغم القناعة، على الأقل لحد الآن بعدم وجود نظام تشفير، لا يمكن خرقه. (3)
- إنها قادرة على تقديم ضمان توثيق تمام وكمال الرسائل المتبادلة بين الأطراف ذات العلاقة، التاجر، العميل، المصرف وأحياناً والوسطاء، فكل واحد من هؤلاء يهمه أن يتأكد من أن الرسالة التي وصلت قد
(1) الوفاء الإلكتروني (ص: 294).
(2)
Sedallian ، op.cit، p.231. عن الوفاء الإلكتروني (ص: 294).
(3)
الوفاء الإلكتروني (ص: 294).
جاءت فعلاً من الشخص المقصود، وأن من بعث الرسالة غير قادر على التنصل منها بعد إصدارها، فالرسالة التي فيها إذن بحسم مبلغ من النقود (حساب مصرفي أو بطاقة إئتمان) يجب أن تحمل توقيع العميل، كما يجب التأكد من أن الرسائل المتبادلة لم تخضع لعملية تحريف أو تعديل، سواء من الغير أو أحد أطراف عملية تسوية الدين (1).
- أنها تتضمن آلية مناسبة لمنع الآثار السيئة المترتبة عن العطل الفني، أو التشغيل المعيب للأجهزة المستعملة في الدفع، وخصوصاً ضرورة حماية المتعاملين من ضياع النقود الإلكترونية بسبب تلك الأعطال (2).
1) تتناسب كلفة استخدام أنظمة الدفع الالكتروني مع قيم وحجم الصفقات.
يجب على هذا النظام إذا أراد النجاح والانتشار على مدار أوسع أن تتناسب تكلفة استخدامه مع قيمة الصفقة، أوالصفقات التي يعقدها كلا على حدة، إذ ليس من المعقول أن تكون تكلفة دفع ثمن البضائع وسلع وخدمات متنوعة ومختلفة، يمكن الحصول عليها عبر شبكة الانترنت، واحدة سواء كان المقابل المدفوع دولاراً أو ألف دولار، وقد ذهب البعض إلى أن تكون التكلفة صفراً إذا انخفض المبلغ عن حد معين (3).
(1) المصدر السابق.
(2)
المصر السابق.
(3)
الوفاء والدفع الالكتروني (ص: 292).