الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: تكييف إيداع النقود في البطاقة الذكية
يبقى تكييف عملية الإيداع لهذا النقود في البطاقة الذكية، وما يأخذه المصدر من رسوم على عملية الإيداع، إذ أن المصدر يحول النقود التقليدية لنقود إلكترونية ابتداء، ومن ثم يودعها في البطاقة انتهاء، هذا بالنسبة للعميل، ويقوم بذات الطريقة عند طلب التاجر تحويلها لنقد تقليدي، ويأخذ عليها رسوماً أيضاً، والملاحظ أن هذه العملية اشتملت على عقدين: عقد الصرف وعقد الإجارة.
وكما هي عادتنا أن نتكلم أولاً عن العقد في الفقه الإسلامي ومن ثم ننزل المسألة تنزيلاً فقهياً؛ ولأنا قد تكلمنا عن هذين العقدين (عقد الصرف، وعقد الإجارة) سابقاً في الفصول السابقة فإننا سنحيل عليه لمن أراد الرجوع.
بيان التكييف
- جهات عقد الصرف
أولاً: عقد الصرف
طالب الصرف: العميل صاحب البطاقة.
قابل الصرف: المصرف.
عملية الصرف: تحويل النقود من النقود الورقية المعروفة إلى النقود الإلكترونية.
- جهات عقد الإجارة
المستأجر: هو صاحب البطاقة
المؤجِّر: المصرف
العمل: تضمين النقود الرقمية وإدخالها في البطاقة الذكية.
الأجرة: العمولة التي يتقاضاها المصرف على هذا العمل.
- التنزيل الفقهي
أولاً: عقد صرف
فتحويل الأموال من النقود الورقية التقليدية إلى النقود الإلكترونية يعتبر صرفاً في الفقه الإسلامي له كامل أحكامه وضوابطه من اشتراط التماثل والتقابض حال اتحاد الجنس، واشتراط التقابض دون التماثل حال اختلافهما.
ثانياً: عقد إجارة
قيام المصدر بتضمين البطاقة للنقود الإلكترونية، وأخذه مقابل من العميل يمثل عقد إجارة في الفقه الإسلامي، إذ أن عملية التضمين عمل يستحق المصدر عليه الأجر وله أخذه بحسب ما يتفق عليه الطرفان.
وبعد التضمين تصبح البطاقة وسيلة دفع تحمل نقوداً فعلية، ونظام وفاء يتضمن نقداً حقيقياً ينطبق على كل العمليات التي تقوم بها ما ينطبق على البيع في الفقه الإسلامي من الأحكام.
وهنا ثمة مسألة وهي اجتماع عقد صرف مع عقد إجارة في عقد واحد في مجلس العقد، والفقه يقضي بيان جواز ذلك من عدمه:
فمن الواضح أنَّ في المسألة اجتماع عقدي معاوضة مختلفي الحكم على محلين بثمنين متميزين في عقد واحد.
المحل الأوّل: هو النّقود، والعقد هو الصّرف.
والمحل الثّاني هو الشحن والعقد هو الإجارة.
وهذا يتطلب معرفة حكم اجتماع عقدي معاوضة مختلفي الحكم على محلين بثمنين مختلفين في عقد واحد في الشرع.
والواقع أن هذا الاجتماع له حالتان، فهو: إمَّا أن يكونَ بشرط، أو أن يتم بدون شرط وفيما يلي تفصيل أقوال الفقهاء فيها:
أولاً: في حالة اشتراط عقد معاوضة في عقد معاوضة:
اتفق الفقهاء على تحريم اشتراط عقد البيع في عقد القرض، واختلفوا في اشتراطِ عقد البيع في عقد البيع أو نحوه من العقود على ثلاثةِ أقوال (1):
القول الأوّل: لا يجوز اشتراط عقد معاوضة في عقد معاوضة وإليه ذهب الحنفيّة (2)، والشافعيّة (3)، والحنابلة في المذهب (4).
واستدلوا لما ذهبوا إليه بالأتي:
أولاً: النّهي عن بيعتين في بيعة (5)، حيث حمل النّهي الذّي يقتضي الفساد على صورة اشتراط عقد في عقد (6).
(1) والعمدة في هذا الاختلاف هو الاختلاف في تفسير حديث النّبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيعتين في بيعة "، وفي لفظ " صفقتين في صفقه "، وحديث نهى عن بيع وشرط، وفي روايّة شرطين، وتعارضه مع حديث المؤمنون عند شروطهم.
(2)
المبسوط للسّرخسي (13/ 16) وما بعدها.
(3)
مغني المحتاج (2/ 327)، وروضة الطالبين (3/ 406).
(4)
الإنصاف (3/ 525)، الكافي (3/ 58)، مغني ابن قدامة (5/ 230).
(5)
الحديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا" أخرجه أبو داوود في السنن (3/ 274)، برقم (3461). باب من باع بيعتين في بيعة. والترمذي في سننه كتاب البيوع باب ما جاء ف النّهي عن بيعتين في بيعة (3/ 533)، رقم (2292) وقال أبو عيسى: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأخرجه النسائي في الكبرى (4/ 43)، برقم (6228)، باب النهي عن بيعتين في بيعة. وقال الحاكم في المستدرك على شرط مسلم ولم يخرجه (2/ 52)، برقم (2292). وأخرجه البيهقي في سننه (5/ 343)، برقم (10660) باب النهي عن بيعتين في بيعة. وقال في البدر المنير صحيح (6/ 694).
(6)
انظر المغني (5/ 230)، الحاوي الكبير (5/ 341)، بداية المجتهد (2/ 115).
ثانياً: النّهي عن بيع وسلف (1) وعن شرطين في بيع (2)،
حيث قيس على القرض غيره من العقود. (3)
(1) الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ أَحَادِيثَ أَفَتَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَكْتُبَهَا قَالَ نَعَمْ فَكَانَ أَوَّلُ مَا كَتَبَ كِتَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ لا يَجُوزُ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ وَلا بَيْعٌ وَسَلَفٌ جَمِيعًا وَلا بَيْعُ مَا لَمْ يُضْمَنْ" أخرجه النسائي في الكبرى عن عبدالله بن عمر، (3/ 197)، برقم (5026). باب ذكر الاختلاف على علي في المكاتب يؤدي بعض كتابته. وأخرجه ابن حبان في صحيحة (10/ 161)، برقم (4321)، باب ذكر الإخبار عن كيفية الكتابة للمكاتب. وروي هذا الحديث بلفظ آخر عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَعَنْ رِبْحِ ما لم يُضْمَنْ وَعَنْ بَيْعِ ما ليس عِنْدَكَ" أخرجه أحمد في المسند، (2/ 174)، برقم (6628). والبيهقي في الكبرى، (5/ 339)، برقم (10638)، باب النهي عن بيع ما ليس عندك وبيع ما لا تملك، قال الألباني: حديث صحيح. انظر صحيح الجامع الصغير ح (ص: 7644). روى النهي مالك أيضاً في الموطأ بلاغاً بلفظ: حدثني يحيى عن مَالِكٍ انه بَلَغَهُ ان رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بَيْعٍ وَسَلَفٍ" الموطأ (2/ 657)، باب السَّلَفِ وَبَيْعِ الْعُرُوضِ بَعْضِهِا بِبَعْضٍ.
(2)
الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع وعن شرطين في بيع واحد وعن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن" أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8/ 39). برقم (14215)، والترمذي في سننه، (3/ 535)، برقم (1234)، بَاب ما جاء في كَرَاهِيَةِ بَيْعِ ما ليس عِنْدَكَ، قال أبو عيسى وهذا حديث حسن صحيح .. وأخرجه النسائي في الكبرى، (4/ 43)، برقم (6227)، باب شرطان في بيع وهو أن يقول أبيعك هذه السلعة إلى شهر بكذا
وإلى شهرين بكذا. والنسائي في المجتبى، (7/ 295)، برقم (4631). وأخرجه أيضاً البيهقي في الكبرى (5/ 113)، برقم (104646)، باب النهي عن بيع ما لم يقبض وإن كان غير طعام.
(3)
الكافي (2/ 39) وقال: ابن قدامة: " لأنَّ النّبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف؛ ولأنَّه شرط عقداً في عقد فلم يجز كما لو باعه داره بشرط أن يبيعه الآخر داره" المغني (4/ 211).
ثالثاً: النّهي عن بيع وشرط (1)، حيث يشملُ عموم النّهي صورة اشتراط عقد معاوضة في عقد معاوضة.
رابعاً: أنَّ الثّمن في العقدين مجهول؛ لأنَّ البائع ألزمَ المشتري مع الثّمن بيع ما لا يلزم؛ لأنَّه إذا سقط الشرط وجب أن يضاف إلى ثمن السّلعة بإزاء ما سقط من الشرط، وذلك مجهول، فصار الثّمن مجهولا ببعض الشرط، وجهالةُ الثّمن تبطل البيع. (2)
خامساً: أنَّ البائع لم يرض بالثّمن إلا بذلك الشرط، فإذا فات فات الرّضا به، ولو أفرد المبيعين لم يتفقا في كل واحد منهما على الثّمن الذّي اتفقا عليه في المبيعين في عقد واحد. (3) وقد نوقشت أدلتهم من عدة أوجه أهمها:
أولاً: تضعيفُ بعضِ الأحاديثِ وعدم ثبوتِها ومعارضته لأحاديث أكثر صحة منها
ثانياً: انتفاءُ المحاذير المذكورة في الاستدلال من جهالة واختلالٍ في الرّضا.
القول الثّاني: لا يجوزُ اشتراط عقد: الجعالة أو الصّرفِ، أو المساقاة، أو الشركة، أو القراض في عقد البيع، ولا يجوز اشتراط عقد منها مع الآخر،
(1) أخرجه الطّبراني في المعجم الأوسط، (4/ 335). برقم (4361). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 85): وفي طريق عبدالله بن عمرو مقال، وكذلك قال ابن حجر في فتح الباري (5/ 315).
(2)
انظر الحاوي الكبير (5/ 341).
(3)
انظر بداية المجتهد (2/ 115).
ويجوز فيما عدا ذلك، كالبيع مع الإجارة وإليه ذهب المالكيّة في المشهور (1).
واستدلوا بأنَّ اجتماع هذه العقود جمع بين المتنافيين لتضاد أحكام كل منهما الآخر. ومن المعلوم أنَّ تنافي اللوازم يدل على تنافي الملزومات. (2)
القول الثّالث: يجوز اشتراط عقد معاوضةٍ في عقدِ معاوضة. وإليه ذهب مالكُ في رواية (3)، والحنابلةُ في قول (4).
واستدلوا بالآتي:
أولاً: الأصلُ في العقودِ والشروط الإباحة إلَاّ ما دل الدّليل على تحريمه، واشتراطُ عقد معاوضةٍ في عقد معاوضة ممَّا لم يرد دليلٌ على تحريمه.
ثانياً: حديث "المسلمون عند شروطهم"(5)، واشتراطُ عقد معاوضة في عقد
معاوضة، داخل في عموم الحديث؛ إذلم يتناوله نصٌّ صريح يحرمه.
(1) انظر حاشية الدسوقي (3/ 32)، وانظر شرح ميارة (1/ 457)، ط، دار الكتب العلمية، لبنان بيروت، تاريخ الطبع (1420 هـ، 2000 م)، الطبعة الأولى. قال فيه: ثمانية عقود لا= =يجتمع اثنان منها في عقد واحد وقد قلت في ذلك تبعا لغيري في جل التعبير ما نصه عقود منعنا اثنين منها بعقدة لكون معانيها معا تتفرق فجعل وصرف والمساقاة شركة نكاح قراض قرض بيع.
(2)
انظر حاشيّة الدّسوقي (3/ 32).
(3)
انظر مواهب الجليل (4/ 313). والتّاج والإكليل (4/ 314).
(4)
انظر الإنصاف (4/ 350).
(5)
أخرجه الحاكم في مستدركه (2/ 57) برقم (2310) كتاب البيوع عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق" وعن أنس بن مالك قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك". وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى كتاب الشركة، باب الشركة في البيع (6/ 79) برقم (11212)، عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً، أو شرطاً أحلَّ حراماً". قال الألباني: حديث صحيح بمجموع طرقه. انظر: السلسة الصحيحة (6/ 992) برقم (2915).
ثالثاً: حديث جابر في استثناء ظهر الجمل الذّي فيه: "واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي"(1) وفي لفظ: "على أنَّ لي ظهره إلى المدينة"(2) إذ جمع فيه بين عقد إجارة وعقد البيع.
رابعاً: فعل الصّحابة، حيث روي عن بعض الصّحابة والتّابعين ما يدل على جواز اشتراط عقد الإجارة في البيع، مما يدل على جواز اشتراط عقد في عقد ومن ذلك:
* ما روي أنَّ صهيباً باعَ داره من عثمان، واشترط سكناها كذا
وكذا (3).
* ما روي أنَّ تميماً الدّاري باع دارَه، واشترط سكناها حياته (4).
* ما روي أنَّ محمد بن مسلمة الأنصاري اشترى من نبطي حزمة حطب، واشترط عليه حملها إلى قصر سعد (5).
خامساً: إنَّه لا محذورَ في الجمع بين عقدين كل منهما جائز بمفرده (6).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه، (3/ 1221)، برقم (715) كتاب المساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه.
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة باب بيع البعير واستثناء ركوبه (3/ 1223). برقم (715)
(3)
مصنف ابن أبي شيبة، (4/ 546) برقم (23011).
(4)
مصنف ابن أبي شيبة، (4/ 23012) برقم (546).
(5)
شرح منتهى الإرادات (2/ 29) وما بعدها.
(6)
حاشيّة الدّسوقي (3/ 32).
وقد نوقشت أدلتهم بأكثر من وجه منها (1).
- بأنَّ العموم في حديث: المسلمون عند شروطهم يخصصه حديث "كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"
وأجيب عنه: بأنَّ هذا التّخصيص لا يسلم من تأويله بأكثر من وجه يمكن حمله عليها.
- لا يسلم الاستدلال بحديث جابر، وتأويله أن ذلك لم يكن شرطاً في البيع على أن ما جرى بينهما لم يكن بيعاً حقيقة وإنما كان ذلك من حسن العشرة والصحبة في السفر، والدليل عليه قصة الحديث، فإن جابراً رضي الله تعالى عنه قال كانت لي ناقة ثغال فقامت علي في بعض الطريق فأدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بالك يا جابر فقلت جرى أن لا يكون لي إلا ناقة ثغال، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن راحلته فدعا بماء ورشه في وجه ناقتي ثم قال اركبها، فركبتها فجعلت تسبق كل راحلة
(الحديث) وبكونه معارضاً بحديث نهى عن بيع وشرط (2).
(1) انظر المبسوط (13/ 14)، كشاف القناع (3/ 191)، وبداية المجتهد (2/ 120).
(2)
المبسوط (13/ 14).
ثانياً: في حالة عدمِ اشتراط عقد معاوضةِ في عقد معاوضة:
الأصل أن نقف عند القاعدة العامة والأصل العام في المعاملات وهو الحل، وعدم الحرمة إلا بدليل ظاهر صحيح إلا أنَّ الخلاف وقع في: هل هو ملزم بقبول الصّفقة كلها، أو له أن يقبل إحداها، ويرفض الأخرى على رأيين:
الأوّل: هو ملزم بقبولهما جميعاً؛ لأنَّ غايّة هذا أن يكون كأنَّه جمع بعوض بين ما ينقسم الثّمن عليه بالأجزاء (1).
الثّاني: له أن يقبل أحدهما ويرفض الأخرى؛ لأنَّه لو كان غرضه أن لا يبيعهما منه إلا جملة لم تكن فائدة لتعين ثمن كل منهما (2).
(1) النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر (1/ 311)، لمجد الدين ابن تيمية إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن مفلح الحنبلي أبو إسحاق سنة الولادة (816)، سنة الوفاة (884)، ط، مكتبة المعارف، سنة النشر (1404)، مكان النشر الرياض.
(2)
شرح فتح القدير (6/ 257).
الترجيح
والرّاجح أنَّ الجمع بين العقود - إن بشرط أو بدونه - جائزٌ إبقاءً على الأصل فيها إلا ما ورد فيه النص، كالنهي عن بيع وسلف، أو بيعتين في بيعة، أو صفقتين في صفقة. ومحل النّهي في هذه إذا كان عن اشتراط، وأمَّا إذا لم يكن عن اشتراط فلا يشمله النّهي.
وبالنّظر في حقيقة هذا الجمع بين العقدين في علاقة العميل بالجهة المصدرة، فإنَّ المحاذير التّي تمنع من اجتماع العقدين شرعاً (كالربا) غير متوفرة فيه. مما يوصل بي إلى نتيجة مفادها:
العلاقةُ بين العميل والجهة المصدرة بالنّظر في الالتزامات المتقابلة بينهما، تعبِّر عن عقد مركب بين: صرف وإجارة في مجلس العقد، وهو جائز شرعاً، وأنَّ هذا التّركيب في العقد تراتبي تلازمي؛ تراتبي بمعنى: أنَّ العقدين يأتيان بترتيب في عقد واحد: الصّرف أوّلاً؛ فالإجارةُ ثانياً. وتلازمي بمعنى: أنَّ أثرَ العقد الأوّل، لا يحصل إلا بإجراء العقد الثّاني حِسَّاً. كما يلزم العاقدان إجراء العقدين معاً؛ لأنَّ الأمرَ منذ انعقاده كشرط عقد في عقد (1).
(1) النقود الإلكترونية حكمها الشرعي وآثارها الاقتصادية (ص: 639).
حكم استخدام هذه البطاقات
وعليه يمكن القول إن استخدام هذا النوع من البطاقات لا حرج فيه شرعاً، وتعامل هذه الوحدات التي تحويها البطاقة معاملة النقود في جميع أحكامها، وأهَمُّها:
- يعد الوفاء بهذه النقود عن طريق نظام الدفع (البطاقة) وفاء حالاً تبرأ ذمة العميل بمجرد تحويله النقود من بطاقته.
- لا يحق للتاجر مطالبة العميل بما عليه بعد تسلمها إلكترونياً منه.
- يجري في تلك الوحدات الرِّبا بنوعيه الفضل والنساء. فلا يجوز مبادلة هذه الوحدات ببعضها مفاضلةً إلا إذا اختلف الجنس باختلاف نوع العملة النقدية المخزّنة. فيجوزُ حينَئذٍ التفاضلُ، ويحرم النساء.
- تجب الزكاةُ بهذه الوحدات الإلكترونيّة ببلوغها النصابَ، سواءٌ أعدّت للتجارة أو لَم تعَدَّ.
- يجوز جعلها رأس مال سلم، ورأس مال مضاربة.