الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: التكييف الشرعي للسحب ببطاقة الصراف الآلي من صراف بنك العميل
اختلف العلماء في سحب العميل من حسابه الجاري، وذلك بحسب اختلافهم في تكييف فتح الحساب، أهو قرض للبنك أم وديعة عنده؟
فمن اعتبر فتح الحساب في المصرف (الحساب الجاري) عقد وديعة بين العميل والمصرف، قال إنَّ سحب العميل من المصرف بالبطاقة - أو أي طريقة كانت - استيفاءً من العميل لوديعته ورداً من المصرف للأمانة المودعة عنده.
ومن اعتبر فتح الحساب في المصرف (الحساب الجاري) إقراضاً من العميل للمصرف، قال إن السحب منه يُعدُّ استيفاءً من المقرض (العميل) لقرضه، أو أنه استقراضاً من البنك، فالعميل فيه مقترض والبنك مقرض له مقابل إقراضه الأول للبنك، فيكون هنا دينان متقابلان تُجرى بينهما المقاصة القهرية بمجرد حصولهما دون حاجة إلى عقد أو اتفاق مسبق، ولا يبقى إلا ما يمثل الفارق بين الرصيد الدائن والرصيد المدين.
فإن اعتبرنا سحب العميل استيفاءً من الحساب الجاري لا استقراضاً من البنك فلا يكون الحساب الجاري حينئذٍ متألفاً من قائمتين من الديون المتقابلة، بل من قائمتين إحداهما تمثل ديون العميل على البنك بقدر ما وضع في الحساب الجاري من أموال، والأخرى تمثل استيفاء العميل لدينه الذي يحدد بمقدار سحبه من رصيده، ولا مقاصة حينئذ وهذا الرأي هو الأقرب لحقيقة ووقائع
السحب، إذ لا مانع عند المصارف من سحب العميل أمواله كلها أو بعضها في نفس اليوم الذي تم الإيداع فيه، ولو كان إقراضاً من البنك للعميل لخضع لإرادة البنك زمنًا وقدراً، وأيضاً فإن الساحب إذا أصدر شيكاً أو أمر بسحب أكثر من حسابه قد يقع عليه جزاء مالي أو جسدي، وهذا يدل على أن ما يأخذه يعتبر استيفاء إذ لو كان قرضاً لما ترتب على رفضه جزاء فإن المقترض إذا كان يطلب قرضا لا جزاء عليه ولا عقوبة، وإنما يجاب فيقرض أو يرد طلبه (1).
من خلال كل ما سبق يمكن القول إنه لا حرج في سحب العميل ماله، كليّاً أو جزئياً من المصرف عبر بطاقة الصراف الآلي، في أي وقت شاء، ولا حرج في التعامل مع البنك على هذه الصورة، فهو تعامل بين مقرِض (وهو العميل) ومقترض (وهو المصرِف)، واستيفاء على الصفة المتفق عليها في العقد بينهما.
(1) الحسابات الجارية وأثرها في تنشيط الحركة الاقتصادية بتصرف، بحث منشور على مجلة مجمع الفقه الإسلامي (2/ 17959)، د. مسعود بن مسعد الثبيتي.