المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌9 - باب صفة الصلاة - المفاتيح في شرح المصابيح - جـ ٢

[مظهر الدين الزيداني]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كِتابُ الصَّلَاةِ

- ‌2 - باب المَواقيْتِ

- ‌3 - باب تَعْجيل الصَّلاةِ

- ‌فصل

- ‌4 - باب الأَذان

- ‌5 - باب فَضْل الأَذان وإجابة المؤذَّن

- ‌فصل

- ‌6 - باب المَساجِد ومَواضع الصَّلاةِ

- ‌7 - باب السَّتر

- ‌8 - باب السُّترة

- ‌9 - باب صِفة الصَّلاةِ

- ‌10 - باب ما يَقْرأُ بعد التَّكبيرِ

- ‌11 - باب القِراءةِ في الصَّلاة

- ‌12 - باب الرُّكُوع

- ‌13 - باب السُّجود وَفضْله

- ‌14 - باب التَّشهُّدِ

- ‌15 - باب الصَّلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفَضْلِها

- ‌16 - باب الدُّعاء في التَّشهُّدِ

- ‌17 - باب الذِّكر بعد الصَّلاة

- ‌18 - باب ما لا يَجُوزُ من العمَل في الصَّلاة وما يُباحُ منه

- ‌19 - باب سُجُود السَّهْوِ

- ‌20 - باب سُجود القُرآن

- ‌21 - باب أَوقات النَّهْي عن الصَّلاة

- ‌22 - باب الجَماعة وفَضْلِها

- ‌23 - باب تَسْوية الصَّفِّ

- ‌24 - باب المَوْقِفِ

- ‌25 - باب الإِمامةِ

- ‌26 - باب ما علَى الإِمامِ

- ‌27 - باب ما على المَأْموم مِنَ المُتابعة وحُكْم المَسْبُوق

- ‌28 - باب مَنْ صلَّى صلاةً مرَّتَينِ

- ‌29 - باب السُّنَن وفَضْلها

- ‌30 - باب صلاة الليل

- ‌31 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌32 - باب التَحريض على قيام الليل

- ‌33 - باب القَصْد في العمَل

- ‌34 - باب الوِتر

- ‌35 - باب القُنوت

- ‌36 - باب قِيَام شَهْر رمَضان

- ‌37 - باب صلاة الضُّحى

- ‌38 - باب التطوع

- ‌(صلاة الاستخارة)

- ‌39 - باب صلاة التَّسْبيح

- ‌40 - باب صلاة السَّفَر

- ‌41 - باب الجُمُعة

- ‌42 - باب وجوبها

- ‌43 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌44 - باب الخُطبة والصَّلاة

- ‌45 - باب صلاة الخَوف

- ‌46 - باب صَلاةِ العِيْد

- ‌فصل في الأُضْحِيَة

- ‌47 - باب العَتِيْرةِ

- ‌48 - باب صلاة الخُسُوف

- ‌فصل في سُجُود الشُّكر

- ‌49 - باب الاستِسقاء

- ‌فصل في صفة المَطَر والرِّيح

- ‌5 - كِتابُ الجَنَائِزِ

- ‌1 - باب عِيَادة المَريض وثواب المَرَض

- ‌2 - باب تمنِّي المَوت وذِكْره

- ‌3 - باب ما يقال لمَنْ حَضَرَهُ الموتُ

- ‌4 - باب غُسْلِ المَيت وتكفينه

- ‌5 - باب المَشْي بالجَنازة والصَّلاة علَيها

- ‌6 - باب دَفْن الميت

- ‌7 - باب البُكاء على المَيت

- ‌8 - باب زِيارة القُبور

- ‌6 - كِتابُ الزَّكَاةِ

- ‌2 - باب ما تجب فيه الزَّكاةُ

- ‌3 - باب صدَقة الفِطْر

- ‌4 - باب من لا تحلُّ له الصَّدَقة

- ‌5 - باب مَنْ لا تَحِلُّ له المَسْألة ومَنْ تَحِلُّ له

- ‌6 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌7 - باب فضل الصدقة

- ‌8 - باب أَفْضَل الصَّدَقة

- ‌9 - باب صدَقة المَرأَة من مال زوجها

- ‌10 - باب مَنْ لا يَعْود في الصَّدقَة

الفصل: ‌9 - باب صفة الصلاة

المارَّ، فإن المارَّ بين يدي المصلي "شيطانٌ"؛ أي: حمله الشيطان على المرور.

وإنما يجوز له دفع المارِّ إذا وضع بين يديه سترة، أو صلى على سجادة، فإن لم يصلِّ إلى السترة، فليس له الدفع؛ لأن التقصيرَ منه بترك السترة.

* * *

‌9 - باب صِفة الصَّلاةِ

(باب صفة الصلاة)

مِنَ الصَّحَاحِ:

554 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رجلًا دخل المسجِدَ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالِسٌ في ناحِيَةِ المسجِدِ، فصَلَّى، ثمَّ جاءَ فسلَّمَ عليهِ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "وعلَيْكَ السَّلام، ارْجِعْ فصَلِّ فإنَّكَ لمْ تُصَلِّ"، فرجَعَ فصلَّى، ثمَّ جاءَ فسلِّمَ، فقال:"وعليكَ السَّلام، ارْجِعْ فصلِّ، فإنَّكَ لمْ تُصلِّ"، فقال: يَا رسول الله! عَلِّمْني فقال: "إذا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فأسبغِ الوُضوءَ، ثمَّ استقبل القِبلةَ، فكبرْ، ثمَّ اقرأ ما تيسَّرَ معكَ مِنَ القُرآن، ثمَّ اركعْ حتَّى تَطمئنَّ راكعًا، ثمَّ ارفَعْ حتَّى تَسْتَوِي قائمًا، ثمَّ اسجُدْ حتَّى تَطمئنَّ ساجِدًا، ثُمَّ ارفعْ حَتى تطمئنَّ جالسًا، ثمَّ اسجُدْ حتَّى تَطمئنَّ ساجدًا، ثمَّ ارفعْ حتَّى تَسْتَوِيَ قائمًا، ثمَّ افعلْ ذلك في صَلاتِكَ كُلِّها".

قوله: "ناحية المسجد"؛ أي: جانب المسجد.

"فإنك لم تصلِّ"؛ أي: لم تصل صلاة صحيحة.

ص: 105

"إذا قمت إلى الصلاة"؛ أي: إذا أردت القيام إلى الصلاة، "فأسبغِ الوضوءَ" (الإسباغ): الإتمام؛ أي: فتوضأ وضوءًا تامًا، "ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن"؛ يعني: اقرأ من القرآن ما تعلم، فعند الشافعي لا تصحُّ الصلاة إلا بقراءة الفاتحة إن علمها، أو بقدر الفاتحة من سورة أخرى إن لم يعلم الفاتحة، وإن لم يعلم شيئًا من القرآن يُسبح بقدر الفاتحة.

وعند أبي حنيفة: لا تلزم الفاتحة، بل يقرأ المصلي ما شاء من القرآن ولو آية.

وفي هذا الحديث بيانُ فرضية الوضوء، والاستقبال، والتكبير، وقراءة القرآن، والركوع، والرفع منه، والسجدة الأولى والرفع منها، والسجدة الثانية، والطمأنينة في هذه الأركان كلها، وكونُ هذه الأركان فريضةً في كلِّ ركعة.

* * *

555 -

وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ الصَّلاةَ بالتكبيرِ والقِراءةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، وكانَ إذا ركعَ لمْ يُشْخصْ رأْسَهُ ولمْ يُصَوِّبْهُ، ولكنْ بينَ ذلك، وكانَ إذا رفعَ رأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لمْ يَسْجُدْ حتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، وكانَ إذا رفعَ رأسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ لمْ يَسْجُدْ حتَّى يَسْتَوِيَ جالِسًا، وكانَ يقولُ في كُلِّ ركعتَيْنِ التَّحِيَّات، وكانَ يَفرشُ رِجْلَهُ اليُسرى ويَنْصِبُ رِجْلَهُ اليُمنى، وكانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيطانِ، ويَنهى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِراعَيْهِ افْتِراشَ السَّبُعِ، وكانَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ بالتسليمِ.

قوله: "يستفتح"؛ أي: يبتدئ.

"أشخصَ يُشخِصُ": إذا ارتفع.

"صوَّب يصوِّب": إذا خفض، وهو ضد رفع.

ص: 106

قولها: "وكان"؛ أي: وكان رسول الله عليه السلام "يقول"؛ أي: يقرأ "في كل ركعتين" التحيات.

قولها: "وينصب رجليه"؛ يعني: وينصب قدمه اليمنى بحيث يضع أصابع رجله اليمنى على الأرض، ويرفع عقبه.

"عُقْبَةُ الشَّيطانِ" والإقعاءُ واحدٌ، وهو: أن يضع الرجل مقعده على عقبيه، كما هو عادة الناس إذا جلسوا عند الأمراء، وقيل: الإقعاء أن يضع الرجل وِرْكَه على الأرض، وينصب ركبتيه بحيثُ تكونُ قدماه على الأرض.

قولها: "أن يفترش الرجل ذراعيه"؛ يعني: نهى رسول الله عليه السلام أن يضع الرجل مرفقيه وكفيه على الأرض في السجود، بل ينبغي أن يضع كفيه، ويرفع مرفقيه عن الأرض.

* * *

556 -

وقال أبو حُمَيْد السَّاعِدِيُّ في نَفَرٍ مِنْ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أحفظُكُمْ لصَلاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيتُهُ إذا كبَّرَ جعلَ يدَيْهِ حِذاء مَنْكِبَيْهِ، وإذا ركعَ أمكَنَ يدَيْهِ مِنْ رُكبتَيْهِ، ثمَّ هَصَرَ ظهرَهُ، فإذا رفعَ رأسَهُ استوَى حتَّى يعودَ كُلُّ فَقارٍ مكانَهُ، فإذا سجدَ وضعَ يدَيْهِ غيرَ مُفْتَرِشٍ ولاْ قَابضهِما، واستقبَلَ بأطرافِ أصابعِ رِجلَيْهِ القِبلَةَ، فإذا جلسَ في الرَّكْعَتَيْنِ جلسَ على رِجلِهِ اليُسرَى ونصَبَ اليُمنى، فإذا جلسَ في الرَّكعةِ الأخيرة قدَّمَ رِجلَهُ اليُسرَى وَنصَبَ الأُخرى وَقعدَ على مَقْعَدَتِهِ".

قوله: "في نفر"؛ أي: في جماعة.

"حِذاء منكبيه"؛ أي: إزاء وتلقاء منكبيه.

"أمكنَ يديه من ركبتيه"؛ أي: وضع كفَّيه على ركبتيه.

ص: 107

"ثم هَصَرَ ظهرَهُ"؛ أي: ثم ثنى وعوج ظهره في الركوع.

و"الفقار" بفتح الفاء، وتقديمها على القاف: جمع فقارة، وهي خرزة الظهر، ويستعمل (فقار) في المفرد أَيضًا.

يعني بقوله: "حتى يعود كل فقار مكانه"؛ أي: يستقرَّ ويطمئنَّ حتى يسكن كلُّ عظم.

"غير مفترش"؛ أي: غير واضع مرفقيه على الأرض.

"ولا قابضهما"؛ أي: وغير قابض أصابع يديه، بل يبسط أصابعه قِبَلَ القبلة.

"فإذا جلس في الركعتين"؛ أي: في الركعتين الأوليين.

"قدَّم رجلَهُ اليُسرى"؛ أي: أخرج رجله من تحت وركِهِ إلى جانب الأيمن، ويضع وركه على الأرض.

اسم "أبي الحميد": المنذر، وقيل: عبد الرحمن بن عمرو بن سعد الأنصاري.

* * *

557 -

وقال سالم بن عبد الله بن عمر، عن أَبيه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يرفعُ يدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذا افتَتَحَ الصَّلاةَ، وإذا كبَّرَ للرُّكُوعِ، وإذا رفعَ رأسَهُ منَ الرُّكُوعِ رفَعَهُما كذلك، وقال:"سَمِعَ الله لمنْ حَمِدَهُ ربنا ولكَ الحمدُ"، وكانَ لا يفعلُ ذلكَ في السُّجودِ.

قوله: "ولا يفعل ذلك في السجود"؛ يعني: لا يرفعُ يديه إذا قصد السجودَ.

* * *

ص: 108

558 -

وقال نافع: كانَ ابن عُمَر إذا دخلَ الصَّلاة كبَّرَ ورفعَ يدَيْهِ، وإذا ركعَ رفعَ يدَيْهِ، وإذا قالَ سَمعَ الله لمنْ حَمِدَهُ رفعَ يدَيْهِ، وإذا قامَ مِنَ الرَّكعتَيْنِ رفعَ يدَيْهِ، ورفعَ ذلك ابن عمرَ إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: "وإذا قام من الركعتين"؛ يعني: إذا قام من الركعة الثانية إلى الركعة الثالثة رفع يديه، ورفع اليدين في هذا الموضع ليس في مذهب الشافعي، بل مذهبُ الشافعي أن يرفعَ المصلي يديه عند تكبيرة الإحرام، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.

وعند أبي حنيفةَ لا يرفعُ المصلي يديه إلا عند تكبيرة الإحرام.

قوله: "ورفع ذلك ابن عمرَ إلى نبي الله عليه السلام"؛ يعني: يقول ابن عمر: فعل النبي هكذا (1).

* * *

559 -

وروى مالك بن الحُوَيْرِث: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعَ اليَدَيْنِ إذا كبَّرَ، وإذا ركعَ، وإذا رفَعَ رأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وقال: حتى يُحاذي بهِما أُذُنَيْهِ.

وفي روايةٍ: "إلى فُروعَ أُذُنَيْهِ".

(1) جاء على هامش "ش": "قوله: إذا دخل الصلاة كبر ورفع يديه

" إلى آخره، قيل: الحكمة في رفع اليدين إعظامًا لله تعالى واتباعًا لرسوله، وقيل: هو استكانة واستسلام وانقياد، وكان الأسير إذا غُلب مَدَّ يديه إعلامًا للاستسلام، وقيل: إشارة إلى استعظامه ما دخل فيه، وقيل: إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بكليته على صلاته ومناجاته ربه، وكما تضمَّن ذلك قوله: الله أكبر؛ ليتطابق قوله وفعله، وقيل: إشارة إلى دخول الصلاة، وهو يختص بالرفع عند الإحرام، وقيل غير ذلك، وفي أكثرها نظر. "شرح مسلم".

ص: 109

قوله: "فروع أذنيه"، (فرع الأذن): أعلاها.

وقال الشافعي: يرفعُ المصلي يديه عند تكبيرة الإحرام حذاءَ منكبيه، وقال أبو حنيفة: حذاء أذنيه، وذُكِر أنَّ الشافعي حين دخل مصر: سأله أهل مصر عن كيفية رفع اليدين عند التكبير؟ فقال: يرفع المصلي يديه بحيث يكون كفاه حذاء منكبيه، وإبهاماه شحمتي أذنيه، وأطراف أصابعه فروع أذنيه؛ لأنه جاءَ في رواية:(رفع اليدين إلى المنكبين)، وفي رواية:(إلى الأذنين)، وفي رواية:(إلى فروع الأذنين)، ففعل الشافعي ما ذكرنا في رفع اليدين جمعًا بين الروايات الثلاث.

* * *

560 -

وعن مالك بن الْحُوَيْرِثِ: أَنَّهُ رَأَى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فإذا كانَ في وِتْرٍ مِنْ صَلاتِهِ لمْ يَنْهَضْ حتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا.

قوله: "في وِتْرٍ من صلاتِهِ"؛ أي: الركعة الأولى والثالثة.

وكلُّ ركعة لم تقرأ فيها التحيات فالسنةُ أن يجلس المصلي إذا رفع رأسه من السجدة الثانية لحظةً بقدر قراءة سورة الإخلاص، وتسمى تلك الجلسة جلسة الاستراحة.

قوله: "لم ينهض"؛ أي: لم يقم "حتى يستويَ قاعدًا"؛ أي: حتى يجلس.

* * *

561 -

وعن وائل بن حُجْرٍ: أَنَّهُ رَأَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يدَيْهِ حينَ دخلَ في الصَّلاةِ وكبَّرَ، ثمَّ التَحفَ بِثَوْبهِ، ثمَّ وضعَ يدَهُ اليُمنى على اليُسرَى، فلمَّا أَرادَ أنْ يركَعَ أخرجَ يَدَيْهِ مِنَ الثَّوْبِ، ثمَّ رفعَهُمَا وكبَّرَ فركَعَ، فلمَّا قالَ:"سَمِعَ الله لمنْ حَمِدَهُ" رفعَ يَدَيْهِ، فلمَّا سجدَ سجدَ بَيْنَ كَفَّيْه.

ص: 110

قوله: "ثم التحف بثوبه"، (التحف)؛ أي: ستر.

يعني: أخرج يديه من الكُمِّ إذا كبَّر للإحرام، فإذا فرغ من التكبير أدخل يديه في كُمَّيه، ثم أخرجهما إذا رفع يديه للركوع، ولعل التحاف يديه بكُمَّيه لبرد شديد، أو لبيان أن كشفَ اليدين عند التكبير غيرُ واجب.

"سجد بين كفَّيه"؛ أي: وضع كفيه بإزاء منكبيه في السجود.

وكنية "وائل": أبو هُنيدة، جده: ربيعة بن وائل بن يَعمر الحضرميُّ.

* * *

562 -

وقال سَهْل بن سَعْد: كانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يضعَ الرَّجُلُ اليَدَ اليُمنى على ذِرَاعِهِ اليُسرى في الصَّلاةِ.

قوله: "يُؤمَرون أن يضعَ الرجلُ اليدَ اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة"؛ يعني: السنة للمصلي أن يضع يده اليمنى فوق يده اليسرى (1) إذا فرغ من تكبيرة الإحرام، ويضعهما بين السُّرةِ والصدر عند الشافعي، وتحت السرة عند أبي حنيفة.

* * *

563 -

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قامَ إلى الصَّلاةِ يُكَبرُ حِينَ يقومُ، ثمَّ يُكَبرُ حِينَ يَركعُ، ثُمَّ يقولُ:"سَمِعَ الله لمنْ حَمِدَهُ" حِينَ يَرفعُ صُلبَهُ مِنَ الرَّكعةِ، ثمَّ يقولُ وهو قائمٌ:"ربنا لكَ الحمدُ"، ثمَّ يُكبرُ حِينَ يَهوي، ثمَّ يُكبرُ حِينَ يرفعُ رأْسَهُ، ثمَّ يكبرُ حِينَ يسجُدُ، ثمَّ يكبرُ حِينَ يَرْفَعُ رأْسَهُ، ثمَّ

(1) جاء على هامش "ش": "الحكمة في وضع اليد اليمنى على اليسرى: أنه أقربُ إلى الخشوع، ولمنعِهما من العبث. شرح مسلم".

ص: 111

يَفعلُ ذلكَ في الصَّلاةِ كُلِّهَا حتَّى يَقْضيَهَا، وَيُكَبرُ حِينَ يَقُومُ من الثِّنْتَيْنِ بعدَ الجُلوسِ.

قوله: "سمع الله لمن حمده"؛ يعني: قبل الله حمدَ مَنْ حمده.

هَوَى - بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر - هَويًا: إذا نزل من علو إلى سفل بفتح الهاء، وهُويًا - بضم الهاء -: إذا ارتفع من سفل إلى علو.

* * *

564 -

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصَّلاةِ طولُ القُنُوتِ".

قوله: "طولُ القنوتِ"، (القنوت): تطويلُ القيام في الصلاة، وتقدير هذا الحديث: أفضلُ الصلاة صلاةٌ فيها طولُ القنوت؛ أي: طول القيام والقراءة.

* * *

مِنَ الحِسَان:

565 -

قال أبو حُمَيْد السَّاعِدِيُّ في عَشَرَةٍ مِنْ أصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنا أعلَمُكُمْ بصلاةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فَاعْرِضْ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قامَ إلى الصَّلاةِ رفعَ يدَيْهِ حتَّى يُحاذيَ بهِما مَنْكِبَيْهِ، ثم يُكَبرُ، ثمَّ يقرأُ، ثمَّ يكبرُ، ويرفعُ يدَيْهِ حتَّى يُحاذِيَ بهِما مَنْكِبَيْهِ، ثمَّ يركَعُ ويضعُ راحَتَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ، ثم يعتدِلُ فلا يُصبي رأسَهُ ولا يُقْنِعُ، ثمَّ يرفعُ رأسَهُ فيقولُ:"سمعَ الله لمنْ حَمِدَهُ"، ثمَّ يرفعُ يدَيْهِ حتَّى يُحاذِي بهما مَنْكِبَيْهِ مُعتدلًا، ثمَّ يقولُ:"الله أكبرُ"، ثمَّ يَهْوِي إلى الأرضِ ساجدًا، فيُجافي يديهِ عنْ جَنْبَيْهِ، ويفتح أصابِعَ رِجْلَيْهِ، ثمَّ يرفعُ رأسَهُ، ويَثْني رِجْلَهُ اليُسْرى، فيقعُدُ عليها، ثمَّ يعتدِلُ حتَّى يرجعَ كلُّ عظمٍ في موضعِه مُعتدِلًا، ثم يسجُدُ، ثمَّ يقولُ:"الله أكبر"، ويرفعُ ويَثني رِجلَهُ

ص: 112

اليُسرى فيقعُدُ عليها، حتَّى يرجِعَ كُلُّ عظمٍ إلى موضعِهِ، ثمَّ ينهضُ، ثمَّ يصنعُ في الركعةِ الثانيةِ مِثْلَ ذلكَ، ثمَّ إذا قامَ مِنَ الركعتَيْنِ كَبَّرَ ورفعَ يدَيْهِ حتَّى يُحاذِيَ بهِما مَنْكِبَيْهِ كما كبَّرَ عندَ افتِتاحِ الصَّلاةِ، ثمَّ يصنعُ ذلكَ في بقيَّةِ صلاتِهِ، حتَّى إذا كانَتِ السَّجدةُ التي فيها التَّسليمُ أخَّرَ رِجْلَهُ اليُسرى، وقعدَ مُتورَّكًا على شِقِّه الأيسرِ، ثمَّ سَلَّم، قالوا: صدَقتَ، هكذا كانَ يُصلِّي، صحيح.

وفي روايةٍ من حديث أبي حُمَيْد: ثمَّ ركعَ فوضعَ يدَيْهِ على رُكبَتَيْهِ كأنَّهُ قابضٌ عليهِما، ووتَّرَ يدَيْهِ فنحَّاهما عَنْ جنبَيْهِ، وقال: ثمَّ سجدَ فأمكنَ أنفَهُ وجبهتَهُ الأرضَ، ونحَّى يدَيْهِ عنْ جنبَيْهِ، ووضعَ كفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وفرَّجَ بينَ فخذَيْهِ غيرَ حامِلٍ بطنَهُ على شيءٍ مِنْ فخِذَيْهِ حتَّى فرغَ، ثمَّ جلسَ فَافْتَرَشَ رِجلَهُ اليُسرى، وأَقبلَ بِصدْرِ اليُمنى على قِبْلتِه، ووضَعَ كفَّه اليُمنى على رُكبتِهِ اليُمنى، وكفَّهُ اليُسرى على رُكبتِهِ اليُسرى، وأشارَ بإصبعِهِ، يعني: السَّبَّابَة.

وفي روايةٍ: وإذا قعدَ في الركعتَيْنِ قعدَ على بَطْنِ قَدَمِهِ اليُسرى، ونصبَ اليُمنى، وإذا كانَ في الرابعةِ أفْضى بِوَرِكِهِ اليُسرى إلى الأرضِ، وأخرجَ قَدَمَيْهِ مِنْ ناحيةٍ واحدة.

قوله: "في عشرة"؛ أي: بين عشرة أنفس من الصحابة.

"فاعرِضْ"؛ أي: بيِّنْ.

"يعتدل"؛ أي: يستوي قائمًا.

صبَّى يُصبي تصبية: إذا خفض رأسه.

وأقنع يُقنِع: إذا رفع رأسه.

"فيجافي"؛ أي: فيبعدُ مرفقيه عن جنبيه.

"فتَخَ" بالخاء المعجمة، وبفتح العين في الماضي والغابر فتخًا: إذا كسر

ص: 113

أصابع الرجل واليد إلى جانب الكفَّ.

ثَنَى يثني ثنيًا، وثنَّى يُثنَّي تثنية: إذا عوج شيئًا وحَنَاه.

"يصنع"؛ أي: يفعل.

"التورك": أن يجلس الرجل على وِرْكه؛ أي: جانب أليته، ويخرج رجليه من تحته.

قوله: "صحيح" قال أبو عيسى: هذا الحديثُ حسنٌ صحيحٌ، وكأنَّ عادةَ أبي عيسى في كلَّ حديث جاء فيه روايات كثيرة، وفيه من الصحة أكثر من أحاديث أخر أن يقول: هذا حديث صحيح.

قوله: "ووتَّر يديه"، (التوتير): جعل الوتر على القوس؛ يعني: أبعد مرفقيه عن جنبيه حتى كان يدُهُ كالوتر، وجنبُهُ كالقوس.

"نحَّى" ينحَّي: إذا أبعد.

"أمكن"؛ أي: وضع.

"فرَّج"؛ أي: فرق.

"غير حامل"؛ أي: غير واضع.

"وأقبل بصدر اليمنى"؛ أي: وجَّه أطراف أصابع رجله اليمنى إلى القبلةِ.

"أفضى"؛ أي: أوصلَ.

* * *

566 -

وعن وائل بن حُجْر: أَنَّهُ أبصَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قامَ إلى الصَّلاةِ رفعَ يدَيْهِ حتَّى كانتا بِحِيَالِ مَنْكِبَيْهِ، وحاذَى إبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ.

وفي روايةٍ: يرفعُ إبْهَامَيْهِ إلى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ.

ص: 114

قوله: "بحيال مَنكِبيه"؛ أي: بحِذاءِ مَنكِبيه.

* * *

567 -

وعن قَبيْصة بن هُلْبٍ، عن أَبيه أنَّه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّنا فيأْخُذُ شِمالَهُ بيمينِهِ.

قوله: "بيمينه"؛ أي: أخذ بكفِّه الأيمنِ كوعَهُ الأيسر في القيام.

* * *

568 -

وعن رِفاعة بن رافِع قال: جاء رجُلٌ فصلَّى في المسجد، ثمَّ جاءَ فسلَّمَ على النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أعَدْ صَلاتَكَ، فإنَّكَ لمْ تُصَلَّ"، فقال: علِّمْني - يَا رسولَ الله! - كيفَ أصلَّي؟، فقال:"إذا توجَّهْتَ إلى القِبلةِ فكبرْ، ثمَّ اقرأْ باُمِّ القرآنِ، وما شاءَ الله أنْ تقرأَ، فإذا ركَعْتَ فاجعَلْ راحتَيْكَ على رُكبتَيْكَ، ومكَّنْ رُكُوعَكَ، وامدُدْ ظَهْرَكَ، فهذا رفعتَ فأقِمْ صُلْبَكَ، وارفَعْ رأْسَكَ حتى ترجعَ العِظامُ إلى مَفاصِلِها، فإذا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ للسُّجُودِ، فإذا رَفَعْتَ فَاجلِسْ على فَخِذِكَ اليُسرى، ثمَّ اصْنع ذلكَ في كُلِّ ركعةٍ وسَجْدَةٍ حتَّى تطمئنَّ".

وفي روايةٍ: "إذا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فتوضَّأْ كما أمرَكَ الله، ثمَّ تشهَّدْ فأقِمْ، فإنْ كانَ معكَ قُرآنٌ فأقْرَأْ، وإلَاّ فاحْمَدِ الله وكَبرْهُ وهَلِّلْهُ، ثمَّ ارْكَعْ".

قوله: "ثم اقرأ بأم القرآن"، (أمُّ القرآن): سورة الفاتحة، سُمِّيت أمَّ القرآن؛ لأنها أول القرآن في التلاوة، ألا ترى أنها مكتوبة في المصاحف قبل سورة البقرة؟ (الأم): الأصل.

"وما شاء الله أن تقرأ"؛ يعني: وما رزقَكَ الله أن تقرأ من القرآن بعد الفاتحة.

ص: 115

"ومكِّن ركوعَكَ"؛ أي: أركع ركوعًا تامًا مع الطمأنينة.

قوله: "حتَّى تَطمئنَّ"، (اطمأن): إذا سكن واستقرَّ؛ يعني: حتَّى تجلس في آخر صلاتك؛ يعني: حتى تفرغ، وإنما قال: تطمئنَّ، وأراد به الجلوس في آخر صلاته؛ لأن آخرَ الصلاة موضعُ الاستقرار والسكون وطول قراءة الدعوات.

قوله: "ثم تشهَّد": بفتح التاء وتشديد الهاء، معناه: احضُرْ وانْوِ وكبرْ وأحضرْ قلبَكَ.

"فاحمد الله"؛ أي: قل: الحمد لله.

"وكبره"؛ أي: قل: الله أكبر.

"وهلِّله"؛ أي: قل: لا إله إلا الله.

جدُّ "رفاعة": مالك بن العجلان بن عمرو الأنصاري.

* * *

569 -

عن الفضل بن عبَّاس أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصَّلاةُ مَثْنَى مَثْنَى، تَشَهَّدُ في كُلِّ ركعتَيْنِ، وتَخَشَّعُ، وتَضَرَّعُ، وتَمَسْكَنُ، ثمَّ تُقْنِعُ يديك - يقول: ترفعُهما - إلى رَبكَ مُستقبلًا ببُطُونِهِما وجهَكَ، وتقولُ: يَا ربِّ يَا ربِّ، ومَنْ لمْ يفعلْ ذلكَ فهو خِداجٌ".

قوله: "الصلاة مَثْنى مَثْنى"؛ يعني: الصلاة تصلى ركعتين؛ يعني: يُسلِّم من كلِّ ركعتين، وهذا في صلاة النوافل والسنن عند الشافعي، فالأفضلُ فيها أن يسلم في كل ركعتين؛ ليلًا كان أو نهارًا، وعند أبي حنيفة الأفضل أن يصلي أربع ركعات بتسليمة؛ ليلًا كان أو نهارًا.

قوله: "تشهُّدٌ وتخشُّعٌ وتضرُّعٌ وتَمَسْكُنٌ": كلها مصدر منون، هكذا جاء في الرواية.

ص: 116