الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} قال: "تَشْهدُهُ مَلائكَةُ اللَّيْلِ ومَلائكَةُ النَّهارِ".
قوله: " {قُرْآنَ الْفَجْرِ} "؛ أي: صلاة الفجر، سمَّيت قرآنًا لِمَا يُقرأ فيها من القرآن، "تشهده": أي: تحضره.
وقد ذكر بحثُ هذا قبلَ هذا.
* * *
4 - باب الأَذان
(باب الأذان)
مِنَ الصِّحَاحِ:
443 -
قال أنس رضي الله عنه: ذَكَرُوا النَّارَ والنَّاقوسَ، فَذَكَرُوا اليهودَ والنَّصارَى، فَأُمِرَ بِلالٌ أنْ يشفَعَ الأذانَ، وأنْ يوتِرَ الإقامةَ إلا الإقامة.
قوله: "ذكروا النار"؛ يعني: لمَّا فُرضت الصلاة قال رسول الله عليه السلام: "كيف نجمع الناس للصلاة" فقيل له: انْصِبْ رايةً - أي: عَلَمًا - في وقت كلَّ صلاة حتى يراه الناس ويخبر بعضهم بعضًا بدخول وقت الصلاة، فلم يرض رسول الله عليه السلام بهذا، وقال:"عادة اليهود"، ثم قيل له: أُشعل نارًا في وقت الصلاة حتى يراها الناس ويجتمعوا إلى الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عادة اليهود" فقيل له: مر بضرب الناقوس في وقت الصلاة حتى يسمع صوته الناس ويجتمعوا، فقال عليه السلام:"هذا عادة النصارى" فتفرقوا من غير اتفاق على شيء.
فاهْتَمَّ عبد الله بن زيد بن عبد ربه لِهَمَّ رسول الله عليه السلام، فنام مهتمًا،
فلما أصبح أتى رسول الله عليه السلام وقال: يا رسول الله! رأيتُ رجلًا في المنام وفي يده ناقوس، فقلت له: يا عبد الله! أتبيع هذا الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ فقلت: نضرب في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليعلم الناس وقت الصلاة، فقال: أفلا أدلُّك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت: بلى. قال: فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. فقال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. فقال رسول الله عليه السلام:"إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذِّن به فإنه أندى صوتًا منك"؛ أي: أرفعُ صوتًا.
فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، فقال: فسمع بذلك عمر ابن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجرُّ رداءه ويقول: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لقد رأيتُ مثل ما رأى، فقال رسول الله عليه السلام:"فلله الحمد".
وروي: أنه رأى الأذان أحد عَشَرَ رجلًا من أصحاب رسول الله عليه السلام في المنام تلك الليلة.
هذه قصة الأذان.
قوله: "أن يشفع الأذان"؛ أي: يقول كلَّ كلمةٍ مرتين.
"ويوتر الإقامة": أي: يقول كلَّ كلمةٍ من كلمات الإقامة مرةً واحدة إلا الإقامة؛ يعني: إلا قوله: "قد قامت الصلاة" فإنه يقولها مرتين.
* * *
444 -
قال أبو مَحْذُورة: ألْقَى عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم التَّأذينَ هو بنفْسِهِ، فقال:"قل: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهدُ أن لا إلهَ إلا الله، أشهدُ أن لا إلهَ إلا الله، أشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا رسول الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله"، ثمَّ قال:"ارجعْ فمُدَّ مِنْ صَوْتكَ: أشهدُ أنْ لا إله إلا الله، أشهدُ أنْ لا إله إلا الله، أشهدُ أن مُحَمَّدًا رسولُ الله، أشهدُ أنَّ مُحمدًا رسولُ الله، حيَّ على الصلاةِ، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفَلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إلهَ إلَاّ الله".
قوله: "ألقى علي"؛ أي: لقَّنني كلَّ كلمةٍ من هذه الكلمات بنفسه.
قوله: "ثم [قال]: ارجع فمد من صوتك"، يعني: قل أولًا: أشهد أن لا إله إلا الله، مرتين، وأشهد أن محمدًا رسول الله، مرتين، في السرِّ من غير جهرٍ، ثم ارفع صوتك وقل كلَّ واحدة من هاتين الكلمتين مرتين.
ويسمَّى رفعُ الصوت بالمرتين اللتين يَرفعُ بها صوته: ترجيعًا، ولا ترجيعَ في كلمات الأذان إلا في كلمتي الشهادة؛ لأن الترجيع هو رفعُ الصوت بكلمتي الشهادة بعد قوله في السر مرتين، والتلفُّظ في السرِّ ليس في كلمةِ من كلمات الأذان سوى الشهادتين.
والترجيع سنةٌ عند الشافعي، وعند أبي حنيفة ليس بسنة؛ يعني: لا يقول كلمتي الشهادة في السرِّ، كسائر كلمات الأذان.
معنى "حي" بفتح الياء: عجِّل، وهذا أمر مخاطب، يقال للواحد والأكثر هكذا، فلا يغيَّر عن هذا اللفظ.
"الفلاح": الخلاص من كلِّ مكروهٍ، والظفر بكلِّ مراد.
و"أبو محذورة" وبلال كانا مؤذني رسول الله عليه السلام، [وأبو محذورة] جُمحيٌّ قُرَشيٌّ اختلف في اسمه، الأصح أنه سمرة بن مِعْيَر بن لَوْذان بن ربيعة،
أما بلال كنيته: أبو عبد الله، بلال بن رباح.
* * *
مِنَ الحِسَان:
445 -
قال ابن عمر رضي الله عنهما: كانَ الأذانُ على عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، والإقامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غيرَ أنَّهُ يقولُ: قدْ قامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قامَتِ الصَّلاة.
قوله: "كان الأذان على عهد رسول الله عليه السلام مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة"؛ يعني: يقول المؤذن كلَّ واحدة من كلمات الأذان مرتين مرتين، ومن كلمات الإقامة مرةً واحدة، إلا قوله: قد قامت الصلاة، فإنه يقوله مرتين.
* * *
446 -
عن أبي مَحْذورة: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الأذانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كلمةً، والإِقامةَ سَبْعَ عشْرَةَ كلمةً.
قوله: "علمه الأذان تسع عشرة كلمة" تفصيل الأذان: الله أكبر الله أكبر كلمتان، الله أكبر الله أكبر كلمتان، فهذه أربعُ كلمات، أشهد أن لا إله إلا الله أربع كلمات: مرتان في السر، ومرتان في الجهر، وكذا أشهد أن محمدًا رسول الله أربع مرات، حي على الصلاة مرتان، وكذا حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر كلمتان، لا إله إلا الله، فهذه تسع عشرة كلمة.
قوله: "والإقامة سبع عشرة كلمة": تفصيله: الله أكبر الله أكبر أربع كلمات، أشهد أن لا إله إلا الله مرتان، وكذا أشهد أن محمدًا رسول الله، ولا يقولهما في السر، حيَّ على الصلاة مرتان، حي على الفلاح مرتان، قد قامت الصلاة مرتان،
الله أكبر الله أكبر كلمتان، لا إله إلا الله كلمة واحدة، وبهذا قال أبو حنيفة.
وأما الشافعي فيقول: الإقامة أحد عشر كلمة؛ لأنه يقول كلَّ كلمةٍ مرةً إلا كلمةَ الإقامة، كما رواه ابن عمر وأنس.
* * *
447 -
وعن أبي مَحْذورة رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله! علِّمْني سُنَّةَ الأذانِ، فذكَرَ الأذانَ، وقال بعدَ قولهِ حيَّ على الفَلاحِ:"فإن كانَ في صَلاةِ الصُّبحِ قُلتَ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الله أكبرُ الله أكبرُ، لا إلهَ إلاّ الله".
قوله: "سنة الأذان"؛ أي: كيفية الأذان في الشرع "فذكر الأذان"؛ أي: ذكر كلمات الأذان كما تقدم.
* * *
448 -
وعن بِلالٍ رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُثَوَّبن في شيءٍ مِنَ الصَّلاةِ إلَاّ في صَلاةِ الفَجْرِ"، ضعيف.
"لا تثوَّبن"، (التثويب): أن يقول المؤذن: الصلاة خيرٌ من النوم، في صلاة الصبح بعد: حيَّ على الفلاح، والتثويب متعدًّ، لازمه ثاب يَثُوبُ ثوبًا: إذا رجع، كأَن المؤذن يَرْجِعُ الناس من بيوتهم إلى المسجد بهذا اللفظ، أو يَرْجِعُهم عن (1) النوم إلى الصلاة.
والتثويب يجيء أيضًا بمعنى الدعاء مرة بعد أخرى، دعاء المؤذن القومَ مرةً إلى الصلاة بقوله: حي على الصلاة، ومرةً بقوله: حي على الفلاح، ومرة
(1) في "ش": "من".
بقوله: الصلاة خيرٌ من النوم.
* * *
449 -
وعن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "إذا أَذَّنْتَ فتَرَسَّلْ، وإذا أَقَمْتَ فاحْدُرْ، واجعلْ بينَ أذانِكَ وإقامَتِكَ قَدْرَ ما يَفْرُغُ الآكِلُ مِنْ أكلِهِ، والشَّارِبُ مِنْ شُرْبهِ، والمُعْتَصِرُ إذا دخلَ لِقضاءِ حاجتِهِ، ولا تَقُومُوا حتَّى تَرَوْني".
قوله: "فتَرَسَّلْ"؛ أي: اقطع الكلمات بعضَها من بعضٍ؛ يعني: إذا قلت كلمةً فاسكت لحظةً قليلةً، ثم قل كلمة أخرى.
قوله: "فاحدُر"؛ أي: عجِّل وأسرع في التلفُّظ بكلمات الإقامة؛ يعني: لا تسكت بين كلماتها.
قوله: "واجعل بين أذانك وإقامتك"؛ يعني: إذا أذَّنت فاصبر بقَدْرِ ما يَفْرغُ الآكل من أكله، والشارب من شربه.
"والمعتصر"؛ أي: الحاقن، يعني: الذي يؤذيه البول أو الغائط؛ يعني: فاصبر حتى يتوضأ مَن يحتاج إلى الوضوء.
قوله: "ولا تقوموا حتى تروني"؛ يعني: إذا قام المؤذن فليجلس القوم ولا يقوموا حتى يدخل الإمام المسجدَ؛ لأن القيام قبل مجيء الإمام تعبٌ بلا فائدة.
* * *
450 -
وقال: "مَنْ أذَّنَ فهو يُقيمُ"، رواه زِياد بن الحارِث الصُّدَائيُّ.
قوله: "من أذن فهو يقيم" رواه زياد بن الحارث الصدائي.
يعني: الإقامة حقُّ مَن أذَّن، ويُكره أن يقيم غيرُ مَن أذَّن إلا برضاه.