الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليستويَ يطيعُه، ولو أراد أحدٌ أن يدخلَ في الصف يتركُه حتى يدخلَ في الصف ولا يمنعُه.
وقال الخطابي: معنى (لين المنكب): السكون والخشوع في الصلاة؛ والوجه الأول أليق بهذا الباب.
* * *
24 - باب المَوْقِفِ
(باب الموقف)
مِنَ الصِّحَاحِ:
789 -
قال عبدُ الله بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: بِتُّ في بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ رضي الله عنها، فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يسارِهِ، فَأَخَذَ بِيَدي مِنْ وَراءِ ظَهْرِهِ، فَعَدَلَنِي كَذلِكَ مِنْ وَراءِ ظَهْرِهِ إلى الشِّقِّ الأَيْمَنِ.
قوله: "فعَدَلَني كذلك"، (عَدَلَني) بتخفيف الدال؛ أي: حَرَفَني عن جانب يساره إلى جانب يمينه، وهذا يدل على أن الرجلَ الواحدَ يقف على يمين الإمام، وعلى أن مثلَ هذا القَدْر من الفعل لا يُبطل الصلاةَ.
* * *
790 -
وقال جابرٌ رضي الله عنه: قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّي، فجئْتُ، حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذ بِيَدي، فَأَدَارَني، خَلْفَهُ حتَّى أَقَامَني عَنْ يَمينِهِ، ثم جاء جَبَّارُ بن صَخْرٍ، فَقَامَ عن يَسارِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بيَدَيْنا جَميعًا فَدَفَعَنَا
حَتَّى أقامَنَا خَلْفَهُ.
قوله: "فدَفَعَنا"؛ أي: أخَّرَنا، وهذا يدل على أن الرجلَين يقومانِ خلفَ الإمام بالصف كالجماعة.
وجدُّ "جبَّار": أمية بن خنساء بن سنان.
* * *
791 -
وقال أَنَسٌ: صلَّيتُ أَنَا وَيَتِيمٌ في بَيْتِنا خَلْفَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنا.
قوله: "صلَّيت أنا ويتيمٌ في بيتنا خلفَ النبي صلى الله عليه وسلم وأمُّ سُلَيم خلفَنا": وهذا دليل على أن الصبيَّ يقف بجنب الرجل، والمرأةَ تقف خلفَ الرجال.
* * *
793 -
عن أبي بَكْرَةَ: أنَّهُ انْتَهَى إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ راكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أنْ يَصِلَ إلى الصَّفِّ، ثُمَّ مَشى إلى الصَّفِّ، فَذُكِر ذلِكَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ:"زادَكَ الله حِرْصًا ولا تَعُدْ".
قوله: "انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع"، (انتهى)؛ أي: وصل؛ يعني: نَوَى وكبَّر قبلَ أن يَصِلَ إلى الصف؛ ليدركَ رسولَ الله عليه السلام في الركوع، فإنَّ مَن أدركَ الركوعَ فقد أدركَ تلك الركعةَ.
"ولا تَعْدُ" بسكون العين وضم الدال؛ أي: ولا تُسرِع في المشي إلى الصلاة، بل لِيَكنْ عليك السكونُ والوقارُ في المشي، واصبرْ حتى تصلَ إلى الصف، ثم تشرع في الصلاة؛ فإنَّ مَن قصدَ الصلاةَ فإنه في الصلاة وفي وجدان الثواب، فلا يضرُّه فوتُ بعض الصلاة أو جميعها.
* * *
من الحسان:
794 -
عن سَمُرَةَ بن جُنْدَبٍ رضي الله عنه، قالَ: أَمَرَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كُنَّا ثَلَاثةً أنْ يَتَقَدَّمنَا أَحَدُنا.
قوله: "أن يَتَقدَّمَنا أحدُنا"؛ أي: يكون أحدُنا إمامًا، وكذلك لو كانا اثنين ينبغي أن يكون أحدُهما إمامًا للآخر.
* * *
795 -
ورُوِيَ عن عَمَّار: أَنَّهُ قامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّي والناسُ أَسْفَلَ مِنْهُ، فتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ فَأَخَذَ على يَدَيْهِ، فَاتَّبَعَهُ عَمَّار حَتَّى أَنْزَلَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّار مِنْ صَلاتِهِ قالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذَا أَمَّ الرَّجُلُ القَوْمَ فلا يَقِفُ في مقامٍ أَرْفَعَ مِنْ مقامِهِم" - أو نحو ذلك -؟ قالَ عمَّار: لِذلِكَ اتَّبَعْتُكَ.
قوله: "فأخذ على يدَيه فاتَّبعَه عمَّارٌ"، (أخذ على يديه)؛ يعني: جرَّ حذيفةُ عمارًا من خلف ظهره، فوافقه عمَّارٌ، حتى أنزلَه من الدكان، فلما فرغ عمَّارٌ من صلاته قال له حذيفة: لِمَ قمتَ في موضع أعلى من موضع المأمومين، وقد نَهَى رسولُ الله عليه السلام عن ذلك؟ فقال عمار: إنما وافقتُك في النزول من الدكان لأني سمعتُ هذا من رسول الله عليه السلام.
وهذا دليلٌ على أن الخطوةَ والخطوتَين في الصلاة لا تُبطلها، وعلى أن كون موضع الإمام أعلى من موضع المأمومين مكروه والكراهية إنما تكون إذا كان موضعًا أعلى من موضع أهل الصف الذي خلفه لا من موضع أهل جميع الصفوف.
ويدل أيضًا على أن المداهنة في الدِّين غيرُ جائزةٍ إذا لم يكن خوفٌ؛ لأن حذيفةَ لم يؤخِّر عمارًا إلى فراغه من الصلاة.
* * *
796 -
وقد صَحَّ عن سَهْلِ بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أنَّه سُئِلَ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ المِنْبَرَ؟، قالَ: هُوَ مِنْ أَثْلِ الغابَةِ، عَمِلَهُ فلانٌ مَوْلَى فُلانةَ، وقامَ عليهِ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَكَبَّرَ، وقامَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ وَرَكَعَ، وَرَكَعْ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ رَجَعَ القَهْقَرى، فَسَجَدَ على الأرضِ، ثُمَّ عادَ إلى المِنْبَرِ، ثُمَّ قَرَأَ ثم ركع ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ القَهْقَرى حتَّى سَجَدَ بالأَرْضِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ على النَّاسِ فقال:"إنَّما صَنَعْتُ هذا لِتَأْتَمُّوا بي، وَلِيتَعْلَمُوا صَلاتي".
قوله: "هو من أَثْلِ الغابة"، (الأثل): شجر كبير يشبه الطَّرْفَاء، (الغابة) هنا: اسم موضع بالمدينة.
"عمله فلان"، قيل: اسمه باقوم الرُّومي، و"فلانة"، قيل: اسمها عائشة، وقيل: التَّوأمة، امرأةٌ من المدينة، ولم يُعرَف نسبُها عند أصحاب الحديث.
"القهقرى": أن يمشيَ على جانب خلف ظهره، بحيث لا يصرف وجهَه إلى تلك الجهة، وهذا المِنْبر كان ثلاث درجات متقاربة، فالنزولُ منه يتيسرُ بخطوة أو خطوتَين، فلا تبطل الصلاةُ بهذا القَدْر، وهذا يدل على أن الإمامَ إذا أراد تعليمَ القومِ الصلاةَ جازَ أن يكون موضعُه أعلى من موضع المأمومين.
* * *
797 -
عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: صَلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حُجْرَتِهِ والنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ الحُجْرَةِ.
قوله: "من وراء الحُجْرة": أراد بهذه الحجرة موضعًا صنعَه رسولُ الله عليه السلام من الحصير في المسجد ليعتكفَ فيه، وإذا كان الإمامُ والمأمومُ في المسجد فلا بأسَ باختلاف مواضعهم.