الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "تشهد"؛ أي: في كلَّ ركعتين يقرأُ التحيات.
قوله: "تخشع"؛ أي: في الصلاة تخشع؛ أي: ليكن فيها تخشع، وهو سكون الظاهر والباطن، وطمأنينة الرجل بحيث لا يتحرك ولا يلتفت يمينًا ويسارًا.
و"التمسكن": إظهار الرجل المسكنةَ عن نفسه.
"ثم تقنع"؛ أي: ثم ترفع يديك.
"يقول" معناه: يعني.
"ترفعُهما إلى ربك"، تطلبُ منه حاجتك.
"ومن لم يفعل ذلك"؛ أي: ومن لم يفعل هذه الأشياء في الصلاة.
"فهو خداج"؛ أي: ففعلُ صلاتِهِ ناقصٌ.
* * *
10 - باب ما يَقْرأُ بعد التَّكبيرِ
(باب ما يقرأ بعد التكبير)
مِنَ الصِّحَاحِ:
570 -
قال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: كانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسْكُتُ بين التَّكْبيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً فقلت: بِأَبي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ! إسْكَاتُكَ بين التَّكْبيرِ وَالقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟، قال: أَقُولُ: "اللهم بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بين المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللهم نَقِّنِي من الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ من الدَّنَسِ، اللهم اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالمَاءَ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ".
قوله: "يسكتُ بين التكبير"، (يُسكِتُ) بضم الياء وكسر الكاف: مضارع أسكتَ إسكاتًا؛ بمعنى: سكت، و (الإسكات) ها هنا: ترك الجهر، لا تركُ الكلام أصلًا.
"بأبي وأمي"، الباء للتعدية تقديره: مفديٌّ بأبي وأمي؛ أي: فُدِيت بأبي وأمي؛ أي: وجعل أبي وأمي فداء لك.
"إسكاتَكَ" - بالنصب - مفعول فعل مقدر؛ أي: أسألك عن إسكاتك: ما تقول فيه؟ ويجوز أن يكون تقديره: في إسكاتك ما تقول؟ فحُذِفت (في)، ونصب (إسكاتك).
"نقِّني"؛ أي: طهَّرني، (التنقية): التطهير.
قوله: "بالماء والثلج والبرد"؛ يعني: أنواع المطهرات هي الثلاثة، وكل ثوب غسل بهذه الثلاثة يكون على غاية الطهارة والنظافة؛ يعني: اغسلني من الذنوب بأنواع المغفرة غسلًا تامًا.
* * *
571 -
وقال علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قامَ إلى الصَّلاةِ - وفي رواية: كان إذا افتتحَ الصَّلاةَ - كبَّرَ، ثمَّ قالَ: "وجَّهْتُ وجْهِيَ للذي فطرَ السَّماواتِ والأرضَ حنيفًا مسلمًا، وما أنا مِن المُشْركينَ، إنَّ صَلاتي ونُسُكي ومَحْيايَ ومَماتي لله رَبِّ العالمينَ لا شَريكَ لهُ، وبذلكَ أُمِرْتُ، وأنا منَ المُسلمينَ، اللهمَّ أنتَ المَلِكُ لا إله إلَّا أنتَ، سُبحانك وبحمْدِكَ، أنتَ رَبيَ وأنا عبدُكَ، ظلَمتُ نفْسي، واعترفْتُ بذَنْبي، فاغْفِرْ لي ذُنوبي جميعًا، إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنتَ، واهْدِني لأحسَنِ الأخلاقِ، لا يهدي لأَحسَنِها إلَّا أنتَ، واصْرِفْ عنِّي سَيِّئَها، لا يَصْرِفُ عنِّي سَيِّئَها إلَّا أنتَ، لبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، والخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، والشَّرُّ ليسَ إليكَ، أنا بكَ وإليكَ، تَبارَكْتَ وتعالَيْتَ،
أستَغْفِرُكَ وأتُوبُ إليكَ"، وإذا ركعَ قال: "اللهمَّ لكَ ركَعْتُ، وبكَ آمنتُ، ولكَ أسْلَمْتُ، خشعَ لكَ سَمْعي، وبَصَري، ومُخِّي، وعَظْمي، وعَصَبي"، وإذا رفعَ رأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قال: "اللهمَّ ربنا لكَ الحَمْدُ مِلءَ السَّماواتِ ومِلْءَ الأرضِ وما بينهُما، ومِلءَ ما شِئْتَ مِنْ شيءٍ بعدُ"، وإذا سجدَ قال: "اللهمَّ لكَ سَجدْتُ، وبكَ آمنْتُ، ولكَ أسلَمْتُ، سجَدَ وجْهِي للذي خلقَهُ وصَوَّرَهُ، وشَق سَمْعَهُ وبصَرَهُ، فتباركَ الله أحسَنُ الخالِقينَ"، ثمَّ يكونُ مِنْ آخِرِ ما يقوله بين التشَهُّدِ والتَّسْليمِ: "اللهمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ، وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ، وما أعْلَنْتُ، وما أسْرَفْتُ، وما أنتَ أعلم بهِ منِّي، أنتَ المُقَدِّمُ وأنتَ المُؤخِّرُ، لا إله إلَّا أنتَ".
وفي روايةٍ: "والشرُّ ليسَ إليكَ، والمَهدِيُّ مَنْ هدَيتَ، أنا بكَ وإليكَ، لا مَنْجا مِنكَ ولا ملْجأَ إلَّا إليكَ، تباركتَ وتعالَيْتَ".
قوله: "إذا قام إلى الصلاة قال"؛ أي: إذا قام إلى الصلاة كبَّر، ثم قال:"وجهت وجهي": هكذا هذا الحديث مذكور في "سنن أبي داود"؛ أي: صرفت وجهي إلى الله تعالى، وأعرضت عن غيره، ويحتمل أن يكون معناه: قصدت بعبادتي إلى الله تعالى، وأخلصت عبادتي لله تعالى.
"فطرَ"؛ أي: خلقَ.
"حنيفًا": منصوبٌ على الحال، و (الحنيف): المائل عن غير ملةِ الإِسلامِ إلى الإِسلام.
"ونُسُكي"؛ أي: عبادتي.
"ومَحْياي"؛ أي: حياتي، "ومماتي"؛ أي: موتي؛ يعني: أنا لله في الحياة وبعده.
"المسلم": المنقاد والمطيع لله.
"سبحانَكَ": اسم أُقِيم مقامَ المصدر، وهو التسبيح، وتقديره: أسبحك تسبيحًا؛ أي: أنزهك وأبعدك ممَّا لا يليق بحضرتك من أوصاف المخلوقات.
"وبحمدك" تقديره: وبحمدِكَ أسبحُكَ وأحمدُكَ، ويحتمل أن يكون تقديره: وفقني بحمدك؛ أي: بأن أحمدك.
"واعترفت"؛ أي: أقررت.
"سيئها"؛ أي: سيَّء الأخلاق.
"لبيك"؛ أي: أجبتُكَ في أمرك إجابةً بعد إجابةٍ.
قوله: "سعديك"؛ أي: ساعدت طاعتك مساعدةً بعد مساعدةٍ، (المساعدة): الموافقة (1).
" (2) والشر ليس إليك"؛ يعني: والشرُّ ليس ممَّا يُتقرَّبُ به إليك (3).
وقيل: معناه: والشرُّ لا يُضافُ إليك لحسن الأدب، ألا ترى أنه لا يقال لله: يَا خالق الخنازير، وإن كان خالقها؟! لأنه ليس في هذا اللفظ تعظيمٌ، بل يقال: يَا خالق البريات، فكذلك هو خالقُ الخيرِ والشرِّ جميعًا، ولكن لا يقال: يَا خالق
(1) جاء على هامش "ش": "ثم أسعدني إسعادًا بعد إسعاد، وبمعنى: أطعت الطاعة بعد الطاعة، وأجبت إجابة بعد إجابة، تفعل به ما فعل بلبيك، والإعادة تستعمل مع لبيك. قاضي".
(2)
جاء على هامش "ش": "الخير كله بيديك؛ أي: الكل عندك كالشيء الموثوق به المقبوض عليه، يجري مجاري قضائك، لا يدرك من غيرك ما لم تسبق به كلمتك. قاضي".
(3)
جاء على هامش "ش": "أو الشر لا يصعد إليك، وإنما يصعد إليك الطيب، وهو الخير. قاضي".
الشر، كما قال إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام:{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} [الشعراء: 78 - 79] ، أضاف الخلق والإطعام والسقي إلى الله تعالى؛ لما فيها من التعظيم، وقال:{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80] ، أضاف المرضَ إلى نفسه؛ لما ليس فيه من التعظيم.
وقيل: معناه: والشر لا يُنسَبُ إلى أفعالك؛ يعني: ليس في أفعالك شرٌّ؛ لأنك إذا خلقت الشرَّ وبيَّنته لعبادك ونهيتهم عن فعله، فلم يكُ فعلك شرًا (1).
"أنا بك"(2)؛ أي: أنا بك أحيا وأموت وأستجير وأتقوَّى.
قوله: "وإليك"؛ أي: وإليك مرجعي ومآبي وحولي وقوتي.
"خشع"؛ أي: خضع وتواضع وأطاع.
قوله: "بعدُ"؛ أي: بعد السماوات والأرض؛ يعني: لك من الحمد مِلْء السماوات ومِلء الأرض، وملء غير السماوات والأرض ممَّا شئت.
"وما أنت أعلم به مني"؛ يعني: قد يكون في ذنوب لا أعلمها، وأنت تعلمها، وأستغفرك منها.
"أنت المقدِّم"؛ أي: أنت توفِّقُ بعضَ العباد لك على طاعات.
"وأنت المؤخِّر"؛ يعني: أنت تخذل بعض العباد من النصرة والتوفيق على الطاعات.
ويحتمل أن يكون معناهما: أنت الرافع والخافض، والمعز والمذل.
(1) جاء على هامش "ش": "قال في "النهاية": هذا الكلام إرشادٌ إلى استعمال الأدب في الثناء على الله، وأن يُضافَ إليه محاسنُ الأشياء دون مساوئها، وليس المقصود نفي شيء عن قدرة الله تعالى. قاضي".
(2)
جاء على هامش "ش": "أي: أنا أعتمد وألوذ بك. قاضي".
"لا مَنْجا منك، ولا مَلْجَأ إلا إليك": تقديره: لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك، ولا فِرارَ من عذابك إلا إليك؛ يعني: الناجي هو الذي يلتجئ إليك ويستعيذ منك.
(منجا): مصدر ميمي أو مكان، من نجا ينجو، و (ملجأ) مصدر ميمي أو مكان، من لجأ يلجأ: إذا التجأ وهربَ من أحد إلى كَنَفِ أحدٍ.
* * *
572 -
عن أنس رضي الله عنه: أنَّ رجُلًا جاءَ إلى الصَّلاةِ وقدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فقال: الله أكبرُ، الحمدُ لله حَمدًا كثيرًا طَيبًا مُبارَكًا فيه، فلمَّا قضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاتَهُ، فقال:"أيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بالكلماتِ؟، لقدْ رأيتُ اثنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَها، أَيُّهُمْ يرفعُها".
قوله: "حَفَزَهُ النفسُ"؛ أي: حرَّكه النفس من كثرة السرعة في الطريق إلى الصلاة.
(الحفز): التحريك، (النَّفَس) بفتح الفاء معروف.
(بارك): إذا جعل البركةَ في شيء، "مباركًا فيه"؛ أي: حمدًا كثيرًا غاية الكثرة.
"يبتدرونها"؛ أي: يسبقُ ويعجلُ بعضهم بعضًا في كتبهِ تلك الكلمات، ورفعِها إلى حضرة الله تعالى؛ لعظم قدرها.
* * *
من الحِسان:
573 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا افْتَتَحَ الصَّلاةَ
قال: "سُبحانَكَ اللهمَّ وبحمدكَ، وتباركَ اسمكَ، وتعالى جَدُّكَ، ولا إلهَ غيرُك"، ضعيف.
قوله: "تبارك اسمك"؛ أي: كثُرتْ بركةُ اسمك في السماوات والأرض؛ إذ وُجِدَ كلُّ خير من اسمك وتنوَّر، وجُعِلت البركةُ في كل موضع ذُكِر أو كُتِبَ اسمك فيه.
"وتعالى جَدُّك"، (الجد): العظمة، و (تعالى): تفاعل من العلو؛ أي: علا ورفع عظمتك على عظمة غيرك غاية العلو والرفعة.
"جلَّ"؛ أي: عظم.
وذكر المصنف: أن هذا الحديث "ضعيف"، وهذا ضعيفٌ عند قليل من أصحاب الحديث، ولكنه حديثٌ حسنٌ عالي الإسناد قويٌّ عند أكثرهم.
* * *
574 -
عن جُبَيْر بن مُطْعِم: أنَّهُ رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلاةً قال: "الله أكبرُ كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا ثلاثًا، وسُبحانَ الله بُكرةً وأَصيلًا ثلاثًا، أعوذُ بالله مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ، مِنْ نَفْخِهِ ونَفْثِهِ وهَمْزِهِ".
قوله: "بكرة"؛ أي: في أول النهار.
"وأصيلًا": في آخره، وإنما قال هذا القول؛ لقوله تعالى:{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 42] ، خصَّ بُكرةً وأصيلًا بالذكر؛ لاجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار في هذين الوقتين.
"من نَفْخِه"؛ أي: ممَّا يأمرُ النَّاس من التكبر، و (النفخ): التكبر.
"ونَفْثِه"؛ أي: ممَّا يأمر بعضَ الناس بإنشاء الشعر المذموم ممَّا فيه هجوٌ
لمسلم، أو كفر، أو فسق.
وقيل: (النفث): السحر.
"وهمزه"؛ أي: من جعله أحدًا مجنونًا، والمجنون: من يرى الجن أو شيطانًا، فيسقط من الخوف.
وقيل: (همزه): الوسوسة.
كنية "جُبير": أبو محمَّد، جده: عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي.
* * *
575 -
عن سَمُرة بن جُنْدُب: أنَّهُ حفِظَ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سكتتَيْنِ: سَكْتَةً إذا كَبَّرَ، وسَكْتَةً إذا فرغَ مِنْ قراءةِ:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، فصدَّقَهُ أُبيُّ بن كَعْبٍ.
قوله: "سكتتين"، والغرضُ من السكتة الأولى ليفرغَ المأمومون من النية وتكبيرة الإحرام؛ لأنه إذا كان يقرأُ الإمامُ الفاتحة عقيبَ التكبير، ربَّما يكون بعض المأمومين مشتغلًا بالنية أو التكبير، فيفوته بعضُ سماع قراءة الإِمام الفاتحة.
والغرض من السكتة الثانية ليقرأ المأمومون الفاتحة بعد فراغ الإِمام منها، وليرجع إلى الإِمام النفس ويستريح ثم يقرأ السورة.
والسكتة الثانية سنَّةٌ عند الشافعي وأحمد كالسكتة الأولى، ومكروهةٌ عند أبي حنيفة ومالك.
* * *
576 -
وقال أبو هُريرة رضي الله عنه: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا نهضَ من الرَّكعةِ