الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
980 -
وقال: "إذا نعسَ أحدُكم يومَ الجمعةِ فليتحوَّلْ من مَجلِسهِ ذلك".
قوله: "فليتحوَّل"؛ أي: فلينتقْل من ذلك الموضعِ إلى موضعٍ آخرَ؛ ليذهبَ عنه النومُ.
"نَعِسَ"، أي: نام.
* * *
44 - باب الخُطبة والصَّلاة
(باب الخطبة والصلاة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
(من الصحاح):
981 -
عن أنس رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُصلِّي الجمُعةَ حينَ تَميلُ الشَّمسُ.
قوله: "كان يصلِّي الجمعةَ حتى تميلَ الشمسُ"؛ يعني: في أولِ الوقتِ، فوقتُها وقتُ الظهر.
* * *
982 -
وقال سَهْل بن سَعْد: ما كنَّا نَقِيلُ ولا نتغدَّى إلا بعدَ الجمُعةِ.
"نقَيلُ"؛ أي: ننام.
"ولا نتغدَّى"؛ أي: فلا نأكلُ، يعني: لا ينامُون ولا يَأْكلُون قبلَ الجمعة، بل يَشْتَغِلُون بالغُسْل، ودخولِ المسجد في أولِ الوقت، ويشتغلون بالطاعة.
* * *
983 -
وقال أنس رضي الله عنه: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا اشتدَّ البردُ بكَّر بالصلاةِ، وإذا اشتدَّ الحرُّ أَبْرَدَ بالصلاةِ، يعني: الجمعةَ.
قوله: "بكر بالصلاة"؛ أي صلَاّها في أولِ الوقت.
"أَبْرَدَ بالصلاة"؛ أي: صلَاّها بعد أن وقعَ ظِلُّ الجِدارِ في الطريقِ كي لا يتَأذَّى الناسُ بالشمسِ إذا دخلُوا المسجِدَ.
* * *
984 -
وقال السائب بن يَزيد: كانَ النِّداءُ يومَ الجمعةِ أَوَّلُه إذا جلسَ الإِمامُ على المِنْبرِ، على عهدِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأبي بكرٍ، وعمرَ، فلمَّا كانَ عثمانُ وكَثُرَ الناسُ زادَ النداءَ الثالثَ على الزَّوْرَاءِ.
قوله: "كان النداء يومَ الجمعة أَوَّلُه
…
" إلى آخره.
يعني: كان النداء الأول على عهد رسول الله عليه السلام وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما عند صعودِهم المنبرَ، وهو الأذانُ، ولم يكنْ قبلَ هذا الأذانِ أذانٌ آخر.
وأراد بالأذان الثاني الإقامةَ، فأمر عثمان رضي الله عنه أن يؤذَّنَ في أولِ الوقتِ قبلَ أن يَصعَدَ الخطيبُ المنبرَ كما في زماننا؛ ليُعْلِمَ الناسَ بوقت صلاة الجمعة، وهو النداء الثالث.
و"الزوراء": اسمُ دارٍ في السوق بالمدينة يقفُ المؤذِّنُ على سَطْحِ هذه الدار.
* * *
985 -
وقال جابر بن سَمُرَة: كانت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم خُطبتانِ يجلسُ بينَهما يقرأُ القُرآنَ، ويُذَكَّرُ الناسَ، فكانت صلاتُه قَصْدًا، وخُطْبَتُه قَصْدًا.
قوله: "فكانت صلاته قَصْدًا، وخطبته قَصْدًا"، (القَصْدُ): الوَسَطُ، يعني: لم تكن طويلةً، ولا قصيرةً.
* * *
986 -
وقال عمار: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ طُولَ صلاةِ الرجلِ وقِصَرَ خُطبتِهِ مَئِنَّةٌ مِن فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصلاةَ وأقْصُروا الخُطبةَ، وإنَّ من البَيانِ لَسِحرًا".
قوله: "وقِصَرَ خُطْبتِه مَئِنَّةٌ مِن فِقْهِ الرَّجُل"، (مَئِنَّةٌ): أي: علامة، يعني: السُّنَّةُ قِصَرُ الخطبة وطولُ الصلاة، فمن فعلَ هذا ففِعْلُه يدلُّ على أنه عالمٌ فقيهٌ بالحديث.
وقول جابر: "وكانتْ صلاتُه وخطبتُه قَصْدًا"، ليس معناه أن صلاتَه كانت مثلَ خطبته؛ لأنه حينئذٍ يكونُ بين حديثِ جابرٍ وعَمَّارٍ تضادٌّ، بل معناه: كانت صلاتُه طويلةً، ولكن لم يجاوزْ في الطولِ حَدَّه، بحيث يحصلُ منها مَلالَةٌ، وكانت خطبتُه قصيرةً، ولكن لم تكن في القِصَرِ على حَدِّ النقصان.
وفرض الخُطْبَةِ خَمْسٌ: الحمدُ لله، والصلاةُ على رسول الله، والوعظُ بأيِّ لفظٍ كان، فهذه الثلاثةُ فريضةٌ في الخطبتين، والرابع: قراءةُ آيةٍ في الخطبة الأولى، والخامسُ الدعاءُ للمؤمنين في الخطبة الثانية.
قوله: "وإنَّ من البيانِ لسحرًا"؛ قيلَ: هذا ذمُّ تزيينِ الكلامِ وتغييرِه بعبارةٍ يتحيَّرُ فيه السامِعون، كما أن الناسَ يتحيَّرون بالسحر، والساحرُ يُرِي الناسَ شيئًا بصورةِ شيء، فكما أن السحرَ منهيٌّ، فكذلك تزيينُ الكلامِ بحيث يغلط الناس مَنْهِيٌّ.
وقيل: بل هذا مدحُ الفصاحة، يعني: أن الفصيحَ يجعلُ السامعَ مُحِبًا
ومريدًا للآخِرة بوعْظِه الفصيحِ، وكلامِه البليغِ، كما يجعلُه الساحرُ للذي يَرَى سِحْرَه مريدًا له بسحره.
* * *
987 -
وقال جابر: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا خطَبَ احمَرَّتْ عيناهُ، وعَلا صوتُهُ، واشتدَّ غضبُهُ حتى كأنه مُنْذِرُ جيشٍ يقولُ: صَبَّحَكم ومَسَّاكم، ويقولُ:"بُعِثْتُ أنا والساعةَ كهاتَيْنِ"، ويَقْرُنُ بينَ أصبعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى.
قوله: "كأنه مُنْذِرُ جيش"؛ أي: مَن أخبرَ جيشًا؛ أي: قومًا بأنه قَرُبَ منهم جيشٌ عظيمٌ ليقتلَهم، ويغيرَ عليهم، يَرْفعُ صوتَه، ويَحْمَرُّ وجهُه إذا أخبرهم باقتراب الجيش.
وسبب رفعِ صوتِه إبلاغُ صوتِه إلى آذانهم، وتعظيمُ ذلك الخبرِ في خواطرهم، وتأثيرُه فيهم، وكذلك رَفَعَ رسولُ الله عليه السلام صوتَه، ويحمرُّ وجهُه إذا أخبرَهم؛ لتأثير وَعْظِه في خواطرِ الحاضرين.
قوله: "صَبَّحَكم ومَسَّاكم"، (صَبَّحَكُم)؛ أي: أتاكُم الجيشُ في وقتِ الصَّباح، و (مسَّاكم)، أي: أَتَوكُم في وقتِ المساء، ومَنْ خَوَّفَ أحدًا يقول له هذين اللفظين.
يعني: ستأتيكم القيامةُ بغتةَ، كما أن الجيش يأتي القومَ بغتةً في وقتِ الصباح، وهم نائمون غافلون.
قوله: "بُعِثْتُ أنا والساعة" برفع (الساعة) على العطف على الضمير في (بُعِثْتُ)؛ يعني: مجيئي وبعثتي إليكم قريبٌ من القيامة، فتنبهوا من نوم الغَفْلَةِ.
* * *
988 -
وقال صَفْوان بن يَعْلَى، عن أبيه: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ على المِنْبرِ: " {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ".
قوله: "ويقرأ على المنبر: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} "!؛ يعني: كان رسول الله عليه السلام يقرأ القرآن في الخطبة، ويقرأ آية فيها وعظٌ وتخويفٌ، والضميرُ في {وَنَادَوْا} لأهل جهنم؛ يعني: يقول الكفار لـ (مالك): لِيبينْ ربُّك قَدْرَ لُبْثِنَا في النار؟ فقال لهم مالك: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} ؛ أي: لكم لُبْثٌ طويل في النار من غير نهاية.
ويعلى هذا: هو يعلى بن أُمية.
* * *
989 -
وقالت أم هشامٍ بنتُ حارثةَ بن النُّعمانِ: ما أَخذتُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلا عن لسانِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كلَّ جمعةٍ على المِنْبرِ إذا خطَبَ الناسَ.
قوله: "ما أخذْتُ"؛ أي: ما حفظْتُ، وأرادَتْ بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}: أولَ السورة لا جميعها؛ لأن جميعها لم يقرأها رسولُ الله عليه السلام في الخطبة.
وقيل: في أم هشام: أم هاشم، وهي أنصارية.
* * *
990 -
عن عَمْرو بن حُرَيثٍ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خطبَ وعليهِ عِمَامةٌ سوداءُ قد أَرْخَى طرفَيْهَا بينَ كَتِفَيْهِ.
قوله: "قد أَرْخَى طَرفَيْهَا بين كَتِفَيْه"؛ (أَرْخَى)؛ أي: سَدَلَ وأَرْسَلَ؛
يعني: لُبْسُ الزينة يوم الجمعة سُنَّةٌ، ولُبْسُ العمامة السوداء وإرسال طرفها بين الكتف سُنَّةٌ.
* * *
991 -
وعن جابر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطُب: "إذا جاءَ أحدُكم يومَ الجمُعةِ والإمام يخطبُ فليركَعْ ركعتَينِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فيهما".
قوله: "فلْيَتَجَوَّزْ"؛ أي: فليُخَفِّفْ، وهاتان الركعتان ينبغي أن يصليهما الرجل بنيَّة سُنَّةِ الجمعة، لا بنية تحية المسجد؛ لأن التحيةَ تحصل بأداء السُّنة، بخلاف العكس.
* * *
992 -
وعن أبي هُريرة رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أدركَ ركعةً من الصلاةِ مع الإِمام فقد أدركَ الصلاةَ".
"فقد أدرك الصلاة"؛ أي: فقد أدرك صلاة الجمعة، يقوم بعد تسليمِ الإمام ويصلي ركعةً.
* * *
مِنَ الحِسَان:
993 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطبُ خُطبتينِ، كان يجلسُ إذا صَعِدَ المِنْبرَ حتى يفرغَ - أُراه المُؤذِّن - ثم يقومُ فيخطبُ، ثم يجلسُ ولا يتكلمُ، ثم يقومُ فيخطبُ.
قوله: "أُراهُ المؤذن"؛ أي: قال الذي سمع هذا الحديث عن ابن عمر: أنَّ