الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقولوا لأحدٍ: يا فلانُ! أعطِني شيئًا بوجه الله، أو بالله؛ فإن اسمَ الله تعالى أعظمُ مِن أن يُسألَ به شيءٌ من متاع الدنيا لأحدٍ، بل اسألوا به الجنةَ، مثل أن تقولوا: بالله، ويا ربنا نسألُك الجنةَ بوجهك الكريم.
والأمر الثاني: أن يكون معناه: لا يُسأل الله شيئًا من متاع الدنيا، بل اسألوا الله الجنةَ ورضاه؛ فإن متاعَ الدنيا لا قَدْرَ له.
روى هذا الحديثَ جابر.
* * *
9 - باب صدَقة المَرأَة من مال زوجها
(باب صدقة المرأة من مال زوجها)
مِنَ الصِّحَاحِ:
(من الصحاح):
1384 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفقَتِ المَرأةُ من طعامِ بيتِها غيرَ مُفسِدةٍ كانتْ لها أجرُها بما أَنفقَتْ، ولزوجِها أَجرُه بما كسَبَ، وللخَازِنِ مثْلُ ذلك، لا ينقُصُ بعضُهم أَجْرَ بعضٍ شيئًا".
قوله: "إذا أنفقَتِ المرأةُ من طعام بيتها غيرَ مُفسِدةٍ كان لها أجرُها بما أَنفقتْ، ولزوجها أجرُه بما كسبَ، وللخازن مثلُ ذلك": هذا الحديثُ مُفسَّرٌ عند العلماء على عادة أهل الحجاز؛ فإن عادتَهم أن يَأذَنُوا لزوجاتهم وخَدَمهم بأن يُضيفوا الأضيافَ، ويُعطوا السائلين، فحرَّض رسولُ الله عليه السلام أُمتَه على هذه العادة الحسنة، فإذا كان إنفاقُ الزوجة والخادم بإذن الزوج والمولى لا شك في أن يكونَ لكلَّ واحدٍ من الزوج والزوجة والخادم نصيبٌ من الأجر،
وأما إذا أَنفقتِ المرأةُ بغير إذن زوجها يحصل لها مظلمةٌ وإثمٌ لا يجوز لها أن تتصدقَ بشيءٍ من مال زوجها، لا القليلَ ولا الكثيرَ، ولا الرطبَ ولا اليابسَ.
وفسَّر بعضُ الناس هذا الحديثَ: بأن ينفقَ طعامًا، نحو مَرَقة ورُطَب وعِنَب وبطيخ، وما أشبه ذلك مما يَفسُد لو بقي في البيت.
فقال هذا القائل: جازَ لها أن تتصدَّقَ بهذه الأشياء بغير إذن زوجها، وهذا القول ليس بشيءٍ؛ بل لا يجوز لها التصدَّقُ بشيءٍ من مال زوجها بغير إذنه أصلاً.
قوله في هذا الحديث: "غيرَ مُفسِدة"؛ يعني: لا تكون مُسرِفةً في التصدُّق.
روت هذا الحديثَ: عائشة رضي الله عنها.
* * *
1385 -
وقال: "إذا أَنفقتِ المَرأَةُ من كسْبِ زَوجها من غيرِ أَمرِه فلها نِصْفُ أَجْرِه".
قوله: "إذا أنَفقتِ المرأةُ من كسب زوجها من غير أمره فلها نصفُ أجره".
فسَّر الخطابي هذا الحديثَ بما إذا أَخذتِ المرأةُ من مال زوجها أكثرَ من نفقتها وتصدَّقتْ به، فإذا فعلَتْ هذا فعليها غُرمُ ما أخذتْ أكثرَ من نفقتها وتصدَّقتْ به، فإذا علمَ الزوجُ بأنها تصدَّقت بأكثرَ من نفقتها ورَضيَ بذلك يكون الأجرُ بينهما نصفَين؛ نصفٌ لها بما تصدَّقت من نفقتها، ونصفٌ له بما تصدَّقت به أكثرَ من نفقتها؛ لأن الأكثرَ حقُّ الزوج.
روى هذا الحديثَ: أبو هريرة.
* * *
1386 -
وقال: "الخازِنُ المُسلِمُ الأَمينُ الذي يُعطِي ما أُمِرَ بِه كاملاً مُوَفَّرًا طَيبةً بِه نفْسُهُ، فيدفعُهُ إلى الذي أُمِرَ له بِه أحدُ المُتَصَدَّقَيْنَ".
قوله: "الخازن المسلم الأمين الذي
…
" إلى آخره.
شرطَ في هذا الحديث أربعةُ أشياء:
أحدها: الإذن؛ لأنه قال: "ما أُمر به".
والثاني: ألا ينقصَ مما أُمر به.
والثالث: أن يكون قلبُه طيبًا بالتصدُّق بما أُمر به؛ فإن بعضَ الخازنين والخُدَّام غيرُ راضين بما أُمروا به من التصدُّق، فإذا تصدَّقوا من غير رضا قلوبهم لم يحصل لهم ثوابٌ، حتى لو تصدَّقَ واحدٌ من مال نفسه ولم تكن نفسُه طيبةً بما يتصدَّق به لم يحصل له ثوابٌ.
الشرط الرابع: أن يعطيَ إلى المسكين الذي أَمر صاحبُ المال بالدفع، ولا يعطيه إلى مسكينٍ آخرَ، فإذا اجتمع في الخازن هذه الشروط فهو "أحدُ المتصدِّقين"؛ يعني بـ (المتصدقين): صاحب المال والخازن؛ لأن الخازنَ يحصل له ثوابٌ بالسعي.
روى هذا الحديثَ أبو موسى الأشعري.
* * *
1387 -
وقالت عائشة رضي الله عنها: إنَّ رجُلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ أُمي افْتُلِتَتْ نفَسُها، وأظنُّهَا لو تكلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فهل لها أَجْرٌ إن تَصدَّقتُ عنها؟، قال:"نَعَمْ".
قوله: "إن أُمَّي افتُلتتْ نفسُها"؛ أي: أُهلكت نفسُها بغتةً، (الفلتة): البغتة؛ يعني: ماتت بغتةً ولم تَقدِر على الكلام، ولو قدرت لتصدَّقتْ بشيءٍ من مالها وأَوصَتْ بشيءٍ من مالها، فهل يجوز أن أتصدَّقَ بشيءٍ من مالي عنها؟ فأجازه رسولُ الله عليه السلام في ذلك.
وهذا صريحٌ في أن ثوابَ الصدقة عن الميت يصلُ إليه.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1388 -
عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ في خُطبَتِهِ عامَ حجَّةِ الوداعِ: "لا تُنفِقُ امرأةٌ شيئًا من بيتِ زَوجِها الا بإذنِ زَوْجِها"، قيل: يا رسولَ الله، ولا الطعامُ؟، قال:"ذاكَ أفْضَلُ أَموالِنا".
قوله: "ذلك أفضلُ أموالنا"؛ يعني: الطعامُ أفضلُ أموالنا، فإذًا: لا يجوز التصدُّقُ بشيءٍ هو أقلُّ قَدْرًا من الطعام بغير إذن الزوج، فكيف يجوز بالطعام الذي هو أفضلُ؟!
* * *
1389 -
وعن سَعْد رضي الله عنه قال: لَمَّا بايعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم النِّساءَ قالت امرأةٌ: إنَّا كَلٌّ على آبائِنا وأزواجِنا، فما يَحِلُّ لنا من أَموالِهم؟، قال:"الرَّطْبُ تَأكُلْنَهُ، وتُهْدِينَه".
قولها: "كَلُّ"؛ أي: ثقيلٌ وعيالٌ.
قوله: "الرَّطْبُ تَأكُلْنَه وتُهدِينه"، (أَهدَى يُهدي): إذا أَرسلَ هديةً؛ يعني: يحل لَكُنَّ ما تأكلْنَه من أموال آبائكنَّ أو أبنائكنَّ أو أزواجكنَّ بقَدْر نفقتِكنَّ، وأما الإهداءُ والتصدُّقُ لا يحلُّ لَكُنَّ إلا بالإذن.