الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: المراد بهذا الحُجْرة: حُجْرة عائشة رضي الله عنها؛ لأن بابَها كان مفتوحًا إلى المسجد، ولو أمكن اتصالُ الصف بالإمام بأن يقف أحدٌ على باب الحُجرة ليكونَ بينه وبين الإمام ثلاثةُ أَذرُعٍ أو أقلُّ، وباقي القوم في المسجد، جازَ وصحَّ هذا التأويلُ، والظاهر أن هذا التأويلَ غيرُ صحيحٍ؛ لأنه لو صلَّى رسولُ الله عليه السلام في حُجرته والناسُ في المسجد يقتدون به لَصلَّى كذلك في مرضه، ولم يستخلف أبا بكر رضي الله عنه، والله أعلم.
* * *
25 - باب الإِمامةِ
(باب الإمامة)
مِنَ الصِّحاحِ:
798 -
عن أبي مَسْعودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله تعالى، فَإِنْ كانُوا في القِراءَةِ سَواءً فَأَعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَواءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرةً، فَإنْ كانُوا في الهِجْرَةِ سَواءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنَّاً، وَلَا يَؤمُّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطانِهِ - ويُرْوَى: في أَهْلِهِ - ولا يَقْعَدْ في بَيْتِهِ على تَكْرِمَتِهِ إِلَاّ بإذْنِهِ".
قوله: "يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمُهم بالسُّنة، فإن كانوا في السُّنة سواءً فأقدمُهم هجرةً"؛ يعني: إذا كان في القوم رجلٌ قارئٌ وهو يعلم من الفقه قَدْرَ ما تصح به الصلاة، ورجلٌ فقيةٌ يعلم من القرآن قَدْرَ ما تصحُّ به الصلاة فأيُّهما أَولى بالإمامة؟
قال سفيان الثوري وأحمد: إن الأقرأَ أَولى؛ لظاهر الحديث.
وقال الشافعي وأبو حنيفة: الأفقهُ أَولى؛ لأن الحاجةَ في الصلاة إلى الفقه أكثرُ، أراد بـ (السُّنة): الأحاديث، وفي عهد الصحابة الأفقه هو الذي كان بالأحاديث أعلمَ.
والمراد بـ (الهجرة): الانتقال من مكة إلى المدينة قبل فتح مكة، فمَن هاجَرَ أولاً فشرفُه أكثرُ من شرف مَن هاجر بعدَه، وبعد فتح مكة قد انقطعت الهجرة وبقي شرفُ المهاجرين في أولادهم؛ فولدُ مَن هاجَرَ آباؤه أولاً أَولى بالإمامة ممن هاجَرَ أبوه بعد ذلك إذا كانوا بالقراءة والفقه سواءً.
قوله: "فأقدمُهم"؛ أي: أكبرُ منهم في السِّنِّ.
قوله: "في سلطانه"؛ أي: في بلده، أو موضعٍ هو صاحب اليد فيه؛ يعني: السلطان أو نائبه أَولى بالإمامة من غيره إذا كان يعلم من القرآن والفقه قَدْرَ ما صحَّت به صلاته، وإن كان غيرُه أقرأَ أو أفقهَ، وكذلك صاحبُ البيتِ أحقُّ من غيره إذا علم ما صحَّت به صلاته، وإن كان غيرُه أعلمَ منه، وإن لم يعلم فمَن قدَّمَه بالإمامة فهو أَولى.
قوله: "على تَكْرمَته"؛ أي: على موضع أو شيءٍ له فيه إكرامٌ وعِزَّةٌ كسجَّادة أو سريرٍ، يعني: لا يقعدْ أحدٌ على سجادةِ أحدٍ أو سريرِه أو غيرِ ذلك إلا بإذنه.
* * *
799 -
وقال "وإذا كانوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بالإِمامَةِ أَقْرَؤُهُمْ".
قوله: "وأَحَقُّهُم بالإمامة أَقْرؤهم"، رواه أبو سعيد، وبهذا قال سفيان الثوري وأحمد، خلافًا للشافعي وأبي حنيفة فإنهما يقولان: الأفقه أَوْلَى.
* * *
800 -
وقال: "إذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا".
قوله: "فليؤذِّنْ أحدُكم وليؤمَّكم أكثركم قرآنًا"، رواه عمرو بن سَلِمَة، يعني: كلُّ مَن يؤذِّنُ يجوزُ، ولكنْ مَنْ هو أكثرُ صلاحًا وعدالةً أَولى؛ لأنه يؤذِّنُ على المواضع المرتفعةِ، ويطَّلِعُ على بيوت الناس، فليكنْ صالحًا كي لا ينظرَ إلى ما لا يجوزُ، وليحفظ الوقتَ كي لا يؤذِّنَ قبل الوقت، أو بعدَ فوته، وليؤمَّ القومَ أَعْلَمُهم.
وكنية عمرو أبو بُرَيد (1)، وجدُّه قيس.
* * *
مِنَ الحِسَان:
801 -
قال أبو ذَرٍّ رضي الله عنه: "لِيُؤَذَّنْ لَكُمْ خِيارُكُم، وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ".
قوله: "ليؤذِّنْ لكم خِيارُكم"، أراد بالخِيَارِ الصُّلَحاءَ؛ لأن الخِيَار جمع خَير.
* * *
802 -
وقال أَنَسٌ رضي الله عنه: إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ يَؤُمُّ النَّاسَ وَهُوَ أَعْمَى.
قوله: "استخلَفَ ابن أم مَكْتُوم يَؤُمُّ الناسَ وهو أعمى"؛ يعني: أقام رسولُ الله عليه السلام ابن أمِّ مَكْتومٍ مُقامَ نفسِه في مسجد المدينة حين خرج عليه
(1) في "ت" و"ش" و"ق": "وكنية أبي عمرو أبو زيد"، والصواب ما أثبت.
السلام إلى الغزو ليؤمَّ الناس.
وقد جاء في بعض الروايات أنه عليه السلام استخلفَ ابن أم مكتوم في ثلاث عشرة غزوة.
* * *
803 -
عن مالك بن الحُوَيرِثِ قال: قالَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ زَارَ قَوْمًا فلا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ".
قوله: "ولْيَؤُمَّهم رجلٌ منهم"؛ يعني: صاحبُ البيت أحقُّ بالإمامة من أضيافه.
* * *
804 -
قال أبو أُمامَةَ رضي الله عنه: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "ثَلَاثَةٌ لا تُجاوِزُ صَلاتُهُم آذانُهُمْ: العَبْدُ الآبقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وامْرَأَةٌ باتَتْ وَزَوْجُها عليها ساخِطٌ، وإمامُ قَوْمٍ وهُمْ لَهُ كارِهون"، غريب.
قوله: "ثلاثةٌ لا تجاوِزُ صَلاتُهم آذانَهم"؛ يعني: لا يكون لصلاةِ هؤلاء كمالُ قَبول، والذنبُ للمرأة إنما يكون إذا كان سَخِطَ زوجُها لسوء خُلُقِها وأدبها وقِلَّةِ طاعتِها الزوجَ، أما لو كان سُخْطُها من غير جُرْمها لا يكونُ له أثر.
قوله: "وإمامُ قومٍ وهمْ له كارهون"، وهذا فيما إذا كان القومُ كَرِهُوا الإمامَ لبدعته، أو فِسْقِه، أو جَهْلِه بالإمامة، أمَّا إذا كان بينهم وبينه كراهةٌ وعداوةٌ بسببِ شيءٍ دنيوي لا يكونُ للإمام هذا الحكمُ.
* * *
805 -
وقال: "ثلاثةٌ لا تُقْبَلُ مِنْهُمُ صلاةٌ: مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كارِهُونَ، وَرَجُلٌ أَتَى الصَّلاةَ دِبارًا - والدِّبارُ أَنْ يَأْتِيهَا بَعْدَ أَنْ تَفُوتَهُ- ورَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرَهُ".
قوله "ثلاثةٌ لا تُقبلُ منهم صلاةٌ: مَن تَقدَّمَ" هذا نفيُ الكمال، (تَقَدَّمَ) أي: أمَّ قومًا.
"اعْتَبَدَ مُحَرَّرَهُ"؛ أي: جعل حرًا عبدًا؛ أي: باع حرًا وقال: هذا عبدي.
* * *
806 -
وقال: "إنَّ مِنْ أشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَدَافَعَ أَهْلُ المَسْجِدِ لا يَجِدُونَ إمامًا يُصَلِّي بِهِمْ".
قوله: "إن من أشراط الساعة"، الأشراطُ: العلامات.
"أن يَتَدافَعَ أهلُ المسجد"؛ يعني: يدفعُ كلُّ واحدٍ عن نفسه الإمامةَ ويقول: لستُ عالمًا بها، يعني يتركُ الناسَ تعلَمُ ما تصحُّ به الصلاة وما تَفْسُدُ به، حتى لا يوجد في جمعٍ كثيرٍ من هو يَعْلَمُ الإمامة.
* * *
807 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجِهادُ واجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَميرٍ بَرًّا أَوْ فَاجِرًا، والصَّلاةُ واجِبَةٌ عَلَيْكُمْ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فاجِرًا، وإنْ عَمِلَ الكَبائِرَ، والصَّلاةُ وَاجِبَةٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وإِنْ عَمِلَ الكبائِرَ".
قوله: "الجهادُ واجبٌ عليكم مع كلِّ أميرٍ
…
" إلى آخره، يعني: طاعةُ