المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - باب ما تجب فيه الزكاة - المفاتيح في شرح المصابيح - جـ ٢

[مظهر الدين الزيداني]

فهرس الكتاب

- ‌4 - كِتابُ الصَّلَاةِ

- ‌2 - باب المَواقيْتِ

- ‌3 - باب تَعْجيل الصَّلاةِ

- ‌فصل

- ‌4 - باب الأَذان

- ‌5 - باب فَضْل الأَذان وإجابة المؤذَّن

- ‌فصل

- ‌6 - باب المَساجِد ومَواضع الصَّلاةِ

- ‌7 - باب السَّتر

- ‌8 - باب السُّترة

- ‌9 - باب صِفة الصَّلاةِ

- ‌10 - باب ما يَقْرأُ بعد التَّكبيرِ

- ‌11 - باب القِراءةِ في الصَّلاة

- ‌12 - باب الرُّكُوع

- ‌13 - باب السُّجود وَفضْله

- ‌14 - باب التَّشهُّدِ

- ‌15 - باب الصَّلاةِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفَضْلِها

- ‌16 - باب الدُّعاء في التَّشهُّدِ

- ‌17 - باب الذِّكر بعد الصَّلاة

- ‌18 - باب ما لا يَجُوزُ من العمَل في الصَّلاة وما يُباحُ منه

- ‌19 - باب سُجُود السَّهْوِ

- ‌20 - باب سُجود القُرآن

- ‌21 - باب أَوقات النَّهْي عن الصَّلاة

- ‌22 - باب الجَماعة وفَضْلِها

- ‌23 - باب تَسْوية الصَّفِّ

- ‌24 - باب المَوْقِفِ

- ‌25 - باب الإِمامةِ

- ‌26 - باب ما علَى الإِمامِ

- ‌27 - باب ما على المَأْموم مِنَ المُتابعة وحُكْم المَسْبُوق

- ‌28 - باب مَنْ صلَّى صلاةً مرَّتَينِ

- ‌29 - باب السُّنَن وفَضْلها

- ‌30 - باب صلاة الليل

- ‌31 - باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌32 - باب التَحريض على قيام الليل

- ‌33 - باب القَصْد في العمَل

- ‌34 - باب الوِتر

- ‌35 - باب القُنوت

- ‌36 - باب قِيَام شَهْر رمَضان

- ‌37 - باب صلاة الضُّحى

- ‌38 - باب التطوع

- ‌(صلاة الاستخارة)

- ‌39 - باب صلاة التَّسْبيح

- ‌40 - باب صلاة السَّفَر

- ‌41 - باب الجُمُعة

- ‌42 - باب وجوبها

- ‌43 - باب التَّنظيف والتَّبكير

- ‌44 - باب الخُطبة والصَّلاة

- ‌45 - باب صلاة الخَوف

- ‌46 - باب صَلاةِ العِيْد

- ‌فصل في الأُضْحِيَة

- ‌47 - باب العَتِيْرةِ

- ‌48 - باب صلاة الخُسُوف

- ‌فصل في سُجُود الشُّكر

- ‌49 - باب الاستِسقاء

- ‌فصل في صفة المَطَر والرِّيح

- ‌5 - كِتابُ الجَنَائِزِ

- ‌1 - باب عِيَادة المَريض وثواب المَرَض

- ‌2 - باب تمنِّي المَوت وذِكْره

- ‌3 - باب ما يقال لمَنْ حَضَرَهُ الموتُ

- ‌4 - باب غُسْلِ المَيت وتكفينه

- ‌5 - باب المَشْي بالجَنازة والصَّلاة علَيها

- ‌6 - باب دَفْن الميت

- ‌7 - باب البُكاء على المَيت

- ‌8 - باب زِيارة القُبور

- ‌6 - كِتابُ الزَّكَاةِ

- ‌2 - باب ما تجب فيه الزَّكاةُ

- ‌3 - باب صدَقة الفِطْر

- ‌4 - باب من لا تحلُّ له الصَّدَقة

- ‌5 - باب مَنْ لا تَحِلُّ له المَسْألة ومَنْ تَحِلُّ له

- ‌6 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌7 - باب فضل الصدقة

- ‌8 - باب أَفْضَل الصَّدَقة

- ‌9 - باب صدَقة المَرأَة من مال زوجها

- ‌10 - باب مَنْ لا يَعْود في الصَّدقَة

الفصل: ‌2 - باب ما تجب فيه الزكاة

‌2 - باب ما تجب فيه الزَّكاةُ

(باب ما تجب فيه الزكاة)

من الصحاح:

1260 -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسَ فيما دونَ خمسةِ أوسُقٍ من التمرِ صدَقةٌ، وليسَ فيما دونَ خمسِ أَوَاقٍ من الوَرِق صدَقةٌ، وليسَ فيما دونَ خمسٍ ذَوْدٍ من الإبلِ صدقةٌ".

قوله: "ليس فيما دون خمسة أوسقٍ من التمر صدقة"، (فيما دون)؛ أي: فيما هو أقلُّ من خمسة أوسق.

(الأوسق): جمع الوَسْق - بسكون السين - وهو ستون صاعًا، قَدْرُ خمسة أوسُقٍ ثمان مئة منٍّ، كلُّ منٍّ مئتا درهم وستون درهمًا، وهذا هو النصاب في النبات والتمر والزبيب.

وما لم تبلغ الحبوبُ والتمر والزبيب نصابًا لا تجب فيه الزكاة عند الشافعي.

وأما عند أبي حنيفة: تجب الزكاة في القليل والكثير من الحبوب والتمر والزبيب وغيرها من النبات.

قوله: "وليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة"، (الأواقي): جمع أُوقية، وهي أربعون درهمًا، ومجموعها مئتا درهم، و (الورق): الفضة.

قوله: "خمس ذود": أي: خمسة رؤوس (1) من الإبل، و (الذود): من الثلاثة إلى العشرة من الإبل.

(1) في جميع النسخ: "رأس".

ص: 491

ولا خلاف في أنه لا تجب الزكاة في الورق حتى يكون مئتي درهم، وفي الذهب حتى يكون عشرين دينارًا، وفي الإبل حتى تكون خمسة رؤوس.

روى هذا الحديث أبو سعيد.

* * *

1261 -

وقال: "ليسَ على المُسلِم صَدَقةٌ في عبْدِه ولا فَرَسِه".

قوله: "ليس على المسلم صدقة في عبده ولا في فرسه".

* * *

1262 -

وقال: "ليسَ في العبدِ صدقةٌ إلا صَدَقةُ الفِطْرِ".

قوله: "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر".

روى هذين الحديثين أبو هريرة.

يعني: لا زكاة في الفرس والعبيد، إلا أنه تجب زكاة الفطر عن العبيد، هذا عند الشافعي ومالك.

وأما عند أبي حنيفة: تجب الزكاة في الفرس إذا كان أنثى، في كلِّ فرس دينار، وإن شاء مالكها قوَّمها وأخرج من كلِّ مئتي درهم خمسةَ دراهم.

* * *

1263 -

عن أنس: أنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه كتبَ له هذا الكتابَ لَمَّا وجَّهَه إلى البَحْرينِ: بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضةُ الصَّدَقةِ التي فَرَضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المُسلمين، والتي أَمرَ الله بها رسولَه، فمَنْ سُئلَها من المُسلمين على وَجْهِها فليُعْطِها، ومَنْ سُئلَ فوقَها فلا يُعطِ: في أربعٍ وعشرينَ من الإبلِ فما دونَها من

ص: 492

الغنم في كل خمسٍ شاةٌ، فإذا بلغَتْ خمسًا وعشرين إلى خمسٍ وثلاثينَ ففيها بنتُ مخَاضٍ أُنثى، فإذا بلغتْ سِتَّاً وثلاثين إلى خمسٍ وأَربعين ففيها بنتُ لَبُونٍ أُنثى، فإذا بلغَت سِتًا وأَربعين إلى ستين ففيها حِقَّةٌ طَرُوقةُ الجمَلِ، فإذا بلغتْ واحدةً وستين إلى خمسٍ وسبعينَ ففيها جَذَعَةٌ، فإذا بلغتْ ستًا وسَبْعين إلى تِسْعين ففيها بنتا لَبُونٍ، فإذا بلغتْ إحدى وتِسْعين إلى عِشْرين ومائةٍ ففيها حِقَّتان طَرُوقَتَا الجمَلِ، فإذا زادتْ على عشرين ومائةٍ ففي كلِّ أربعين بنتُ لَبُونٍ، وفي كل خمسين حِقَّةٌ، ومن لم يكن معه إلا أربعٌ مِنَ الإبلِ فليسَ فيها صدقةٌ إلا أنْ يشاء ربُّها، فإذا بلغت خمسًا ففيها شاةٌ، ومن بلغت عندَه من الإبل صدقةُ الجَذَعَةِ وليست عندَه جذَعَةٌ وعنده حِقَّةٌ فإنها تُقبَلُ منه الحِقَّةُ، ويَجعلُ معها شاتين إنْ استَيْسَرَتَا، له أو عشرين درهمًا، ومَن بلغتْ عندَه صدقةُ الحِقَّةِ ليستْ عندَه الحِقَّةُ، وعندَه الجَذَعَةُ، فإنّها تُقْبَلُ منه الجَذَعَةُ ويُعْطيهِ المُصَدِّقُ عشرين دِرْهَمًا أو شاتَيْنِ، ومَنْ بَلَغَتْ عِنْدِهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ وليستْ عندَه إلا بنتُ لَبُونٍ فإنها تُقبل منه بنتُ لبونٍ، ويُعطي معها شاتين أو عشرينَ درهمًا، ومَن بلغت صدَقَتُه بنتَ لَبُونٍ وعِنْدَهُ حِقَّةٌ فإنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ الحِقَّةُ، ويُعْطيهِ المُصَدِّقُ عشرينَ دِرْهَمًا أو شاتَيْنِ، ومَنْ بَلَغَت صَدَقَتُه بنتَ لَبُونٍ وليستْ عندَه وعندَه بنتُ مَخَاضٍ فإنها تُقبلُ منه بنتُ مخاضٍ، ويُعطي معها شاتين أو عشرينَ درهمًا، ومَنْ بلغتْ صدقَتُه بنتَ مَخَاضٍ وليست عندَه، وعندَه بنتُ لَبُون فإنها تُقبلُ منه، ويعطيه المُصَدِّق عشرينَ درهمًا أو شاتينِ، فإنْ لم يكنْ عنده بنتُ مَخَاضٍ على وجهِها، وعندَه ابن لَبُونٍ فإنه يُقبلُ منه، وليسَ معَه شيءٌ، وفي صدقةِ الغنَمِ في سائِمَتِها إذا كانت أربعينَ إلى ومائةٍ وعشرين شاةٌ، فإذا زادَت على عشرينَ ومائةٍ إلى مائتينِ ففيها شاتانِ، فإذا زادَت على مائين إلى ثلاثمائةٍ ففيها ثلاثُ شياهٍ، فإذا زادَت على ثلاثمائة ففي كل مائةٍ شاةٌ، فإذا كانت سائمةُ الرجل ناقصةً من أربعينَ شاةً واحدةٌ فليسَ فيها صدقةٌ إلا أنْ يشاءَ ربُّها، ولا تُخرَجُ في الصدقةِ

ص: 493

هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عَوَارٍ، ولا تَيْسٌ إلا ما شاءَ المُصَدِّق، ولا يُجْمَعُ بينَ مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّقُ بين مُجتَمِعٍ خشيةَ الصدقةِ، وما كانَ مِن خَليطينِ فإنهما يتراجَعَانِ بينَهما بالسَّويَّةِ، وفي الرِّقَةِ ربعُ العُشرِ، فإنْ لم تكنْ إلا تسعينَ ومائة فليسَ فيها شيءٌ إلا أنْ يشاءَ ربُّها.

قوله: "بنت مخاض"؛ أي: التي لها سنةٌ واحدة، و (المخاض): الحوامل من النوق، وليس لهذا الجمع واحدٌ من لفظه، بل واحده: خَلِفَةٌ؛ أي: حامل، سمِّي الولد الذي له سنةٌ بنتَ مخاض؛ لأن أمه حملته؛ يعني: مضى على الولد سنة، ثم حملت أمه.

وأما تقييده بالأنثى في قوله: (بنت مخاض أنثى)، مع أن (بنت مخاض) تكون أنثى، قال فيه بعض الأئمة: إنما قُيدَ بالأنثى لأن البنت في الآدمي لا تقال إلا في الأنثى، والابن في الذكر، وأما في غير الآدمي قد يقال: البنت، ويراد به الجنس لا الأنثى خاصةً، وكذا الابن قد يراد به الجنس نحو قولهم: ابن عُرْسٍ، وهو جنسٌ فيه الذكر والأنثى، وكذلك ابن الماء، وبنت الفلاة لمَا يقطع به المفازة من الإبل؛ أي: يُركَب ويُسافَر به، وقد يكون مؤنثًا ومذكرًا، وإذا قال:(بنت مخاض أنثى) ارتفع هذا الاشتباه.

قوله: "ففيها بنت لبون"؛ أي: التي لها سنتان، أضيفت إلى اللبون؛ لأن اللبون: الناقة التي لها لبن، وإنما يكون لناقةٍ لبن إذا مضى على ولدها الذي ولدته قبل هذه الولادة سنتان؛ لأنها تُرضع ولدها سنةً ثم تحمل، ومضى عليها حولٌ بعد أن حملت، ثم تلد.

قوله: "ففيها حقَّةٌ طَرُوقةُ الجمل"؛ أي: التي لها ثلاث سنين، سمِّيت التي لها ثلاث سنين: حِقَّةً؛ لأنها استحَقَّتْ أن يُحمل عليها الحمل، وأن يُطرق عليها الفحل.

ص: 494

و (الطروقة): فَعولةٌ بمعنى مفعولة؛ أي: التي نزل (1) عليها الفحل.

قوله: "ففيها جذعة"؛ أي: التي لها أربع سنين.

قوله: "فإذا زادت على عشرين ومئة، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة".

اعلم أنه إذا زاد على عشرين ومئة واحدٌ يجب فيها ثلاثُ بناتِ لبون، فإذا زاد على هذا عددٌ دون العشرة لا يجب فيها غير ثلاث بنات لبون، فإذا زاد عليها عشرة؛ يعني: إذا بلغ مئة وثلاثين استقر الحساب؛ ففي كل أربعين بنتُ لبون، وفي كل خمسين حِقَّةٌ، فإذا زاد تسعةً لا يتغير الحساب، بل لا يجب في زيادة تسعٍ شيءٌ حتى يزيد عشرة، وفي مئة وثلاثين حِقَّةٌ وبنتا لبون، وفي مئة وأربعين حِقَّتان وبنتُ لبون، ويجب بهذا الحساب.

قوله: "ويَجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا"؛ أي: إن أعطى شيئًا أنقصَ ممَّا يجب عليه يُعطي بدلَ كلِّ سنٍّ أنقصَ إلى العامل شاتين أو عشرين درهمًا، وهو مخيَّر بين إعطاء شاتين وعشرين درهمًا، وإن أعطى شيئًا أعلى مما يجب عليه أخذ من العامل بدل السن الزائد شاتين أو عشرين درهمًا، والعامل مخيَّر بين إعطاء الشاتين وعشرين درهمًا.

قوله: "فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها" هذا يحتمل على ثلاثة صور:

أحدها: أن يكون معناه: أن لا يكون عنده بنت مخاضٍ أصلًا.

والثاني: أن لا تكون بنتَ مخاضٍ صحيحةً، بل تكون مريضةً، فإذا كانت مريضةً؛ فهي كالمعدومة.

(1) كذا في جميع النسخ، والأحسن:"نزى".

ص: 495

والثالث: أن لا يكون عنده بنت مخاض متوسطة، بل ليس له إلا بنت مخاض على غاية الجودة، فلا يلزمه إعطاءُ ما هو على غاية الجودة.

ففي هذه الصور الثلاثة جاز إعطاء ابن لبون بدلًا من بنت مخاض، وكذلك هذا البحث في بنت اللبون والحِقَّة والجَذَعة، فإنه لا يقبل منه مريضةٌ، ولا يكلَّف إعطاءَ الجيدة على غاية الجودة.

قوله: "إلى ثلاث مئة" اعلم أنه تجب في مئتي شاةٍ وواحدةٍ ثلاثُ شياهٍ، إلى أربع مئة، فإذا بلغت أربع مئة يجب عليه أربعُ شياهٍ، ثم في كلِّ مئة شاة.

قوله: "هرمة"؛ أي: التي بلغت من الكبر إلى أن صارت ضعيفةً كالمريضة، أما لو كانت كبيرة السن وليس بها ضعفٌ وعجز، لا بأس.

"ولا ذات عوار" بضم العين؛ أي: ولا ذات عيبٍ.

قوله: "ولا تيس"، (التيس): فحل المعز؛ يعني: لا يؤخذ منه فحلٌ؛ لأنه يحتاج إلى الفحل، وربما لا يطيبُ قلبه بإعطاء الفحل.

قوله: "ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة" هذا دليلُ جَعْلِ الخلطةِ مالَ الشريكين كمالِ الرجل الواحد.

وفي هذا الحديث: نهى الشارع العامل بأن يفرِّق الأموال المجتمعة لتكثر زكاتُها، مِثْلَ أن يكون لواحد أربعون شاة ولآخر أيضًا أربعون شاة، وخلطا ماليهما، ومضى عليها سنة، فيجب عليها شاة لأن الكل ثمانون، فجاء العامل وأمرهما بالتفريق ليأخذ من كلِّ واحدٍ شاةً؛ لأن ماله أربعون، هذا لا يجوز، بل إذا كان مالُهما مختلطًا من أول السنة إلى آخرها لا يؤخذ منها إلا شاةٌ؛ لأن ماله أربعون (1).

وقد نهى أيضًا المالكَيْنِ أن يجمعا ماليهما لتقليل الزكاة، مثل أن يكون

(1)"لأن ماله أربعين" كذا في جميع النسخ، والظاهر أنها لا ارتباط لها بالنص هنا.

ص: 496

لكلِّ واحد من الرجلين أربعون شاة، ولم يخلطا حتى مضى عليها سنة، ثم خلطاها في آخر السنة لتكون زكاتها شاةً واحدة = هذا لا يجوز، بل إذا كانا منفردين وجب على كلِّ واحدٍ شاةٌ، هذا مثالُ جمع المتفرِّق لتقليل الزكاة.

وكذلك لو كان لواحد مئةٌ وواحدة، ولآخَرَ مئةٌ، وكان مالاهما مجتمعين من أول السنة إلى آخرها، وجب عليهما ثلاث شياه؛ لأن المجموع مئتا شاة وواحدة، فلا يجوز لهما أن يفرِّقا ماليهما؛ ليجب على كل واحد منهما شاةٌ واحدة، هذا مثال تفريق المجتمع لتقليل الزكاة.

قوله: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية"؛ يعني: إذا أخذ الساعي الزكاة واتَّفق أن ما أخذه كان لأحد الشريكين، يأخذ الشريك الذي أُخذت الزكاة من ماله من الشريك الآخر بقَدْرِ ما يكون نصيبه من الزكاة.

قوله: "وفي الرِّقة"؛ يعني: وفي الفضة، وأصله: وَرِق، فحذفت الواو وعوِّض منها التاء.

قوله: "فإن لم يكن إلا تسعين ومئة"؛ يعني: نصاب الفضة مئتا درهم، فإن نقص عن مئتي درهم - وإن كان شيئًا قليلًا - لا تجب فيها الزكاة.

* * *

1264 -

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فيما سقَتْ السَّماءُ والعُيونُ أو كان عَثَرِيَّاً العشرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نصفُ العُشرِ".

قوله: "فيما سقت السماء"؛ أي: فيما كان ماؤه ماءَ المطر.

قوله: "أو كان عَثَريًا"، (العثري) بفتح العين والثاء: ما يسقى بالمطر، ولكن قالوا: المراد منه ها هنا: ما يَشرب بالعروق؛ يعني: ما يُزرع في أرضٍ أبدًا رطبة؛ لقربها من الماء، فلا تحتاج إلى السقي.

ص: 497

"وما سقي بالنضح نصف العشر"، (النضح): ما يسقى من بئرٍ بالبعير والبقر وغير ذلك.

يعني: ما يحتاج في السقي إلى مؤونةٍ كثيرة يجب فيه نصف العشر، وما لا يحتاج إلى مؤونة كثيرة يجب فيه العشر.

* * *

1265 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ، والبئرُ جُبارٌ، والمَعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخمُسُ".

قوله: "العجماء جرحها جبار"، (العجماء): الدابة.

"جبار"؛ أي: هدر؛ يعني: إذا أَتلفت دابةٌ شيئًا ولم يكن معها صاحبها، لم يجب ضمانٌ على صاحبها، وإن كان معها صاحبها؛ فما أتلفت يجب الضمان على صاحبها.

قوله: "والبئر جبار"؛ يعني: إذا حفر أحدٌ بئرًا في ملكه، أو في مَوَاتٍ، لا في الطريق، ووقع فيها أحدٌ أو دابة، لا يجب الضمان على حافرها؛ لأنه لم يكن متعدِّيًا في حفرها.

قوله: "والمعدن جبار"؛ يعني: إذا حفر واحدٌ موضعًا فيه الذهب والفضة ليُخرج منه الذهب والفضة، ووقع فيه أحدٌ أو دابةٌ، لم يجب عليه الضمان؛ لأنه غير متعدٍّ في الحفر، وكذلك معدن الفيروزج، والطين، وغيرِ ذلك.

قوله: "وفي الركاز الخمس"، (الركاز): ما يوجد في الأرض من مال الكفار من ذهب أو فضة، فزكاتُه خُمسُه.

روى هذا الحديث أبو هريرة.

* * *

ص: 498

مِنَ الحِسَان:

1266 -

عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد عَفَوتُ عن الخَيلِ والرَّقيقِ، فَهاتُوا صدَقةَ الرِّقَةِ مِنْ كلِّ أربعينَ درهمًا درهمٌ، وليسَ في تسعين ومائةٍ شيءٌ، فإذا بلغَتْ مائتينِ ففيها خمسة دراهمٍ، فما زادَ فعلى حِسابِ ذلك، وفي الغنَمِ في أربعينَ شاةً شاةٌ إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدةً فشاتانِ إلى مائتينِ، فإنْ زادتْ فثلاثُ شياهٍ إلى ثلاث مئة، فإذا زادت على ثلاث مئة؛ ففي كلِّ مائةٍ شاةٌ، فإنْ لم تكُنْ إلا تِسْعًا وثلاثينَ فليسَ عليكَ فيها شيءٌ، وفي البقَرِ في كلِّ ثلاثين تَبيْعٌ، وفي الأَربعين مُسِنَّةٌ، وليسَ على العَوامل شَيٌ".

قوله: "في كل ثلاثين تبيع"، (التبيع): الذكر الذي له سنةٌ واحدة من البقر، والمُسِنَّة: الأنثى التي لها سنتان.

قوله: "وليس على العوامل شيء"، (العوامل): جمع عاملة، وهي البقر أو الجمل الذي يعمل عملًا كالحراثة وسقي الماء، لا زكاة فيها وإن كانت نصابًا، عند الشافعي وأبي حنيفة وأحمد.

وقال مالك: تجب فيها الزكاة.

* * *

1268 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "المُعْتَدي في الصَّدَقةِ كمانِعِها".

قوله: "المعتدي في الصدقة كمانعها"، (الاعتداء): مجاوزةُ الحد؛ يعني: العامل الذي يأخذ في الزكاة أكثر من القَدْرِ الواجب ويظلمُ أرباب الأموال هو في الوزر كالذي لا يعطي الزكاة؛ لأن الذي لا يعطي الزكاة يظلم الفقراء بمنع الزكاة عنهم، فكذلك العامل يظلم أرباب الأموال بأخذ الزيادة منهم.

روي هذا الحديث أنس.

* * *

ص: 499

1270 -

عن موسى بن طَلْحة قال: كَانَ عندَنا كتابُ مُعاذِ بن جبَلٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه إنَّما أَمرَه أنْ يأخُذَ الصدقةَ مِن الحِنْطةِ، والشَّعيرِ، والزَّبيبِ، والتَّمرِ. مُرسَلٌ.

قوله: "إنما أمره أن يأخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر" ليس معنى هذا أنه لا يجب الزكاة إلا في هذه الأربعة فقط، بل الزكاةُ واجبةٌ عند الشافعي فيما ينبته الآدميون إذا كان قوتًا.

وعند أبي حنيفة: فيما تنبته الأرض سواءٌ كان قوتًا أو لم يكن.

وإنما أمره أن يأخذ الزكاة من هذه الأربعة؛ لأنه لم يكن ثَمَّ غيرُ هذه الأربعة.

* * *

1271 -

عن عَتَّاب بن أَسِيد: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في زكاةِ الكُرومِ: "إنَّها تُخرَصُ كما تُخرَصُ النَّخلُ، ثم تُؤدَّى زكاته زَبيْبًا كما تُؤدَّى زكاةُ النَّخلِ تَمْرًا".

قوله: "الكروم إنما تخرص كما تخرص النخل"، (الكُروم): جمع الكَرْم، وهو شجر العنب؛ يعني: إذا ظهر في العنب وتمر النخل حلاوةٌ، يُخرص على المالك، ويقدِّر الخارص أن هذا العنب إذا صار زبيبًا كم يكون؟ وكذلك الرطب إذا كان تمرًا كم يكون؟

ثم انظر؛ فإذا كان نصابًا يجب عليه زكاته، وإن لم يكن نصابًا لم يجب عليه.

روى هذا الحديث: عتَّابُ بن أَسِيدٍ، جدُّ عتَّابٍ: أبو العِيص بن أميةَ القرشي الأموي.

* * *

ص: 500

1272 -

عن سَهْل بن أبي حَثْمَة رضي الله عنه حدَّث أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إذا خَرَصْتُم فَدَعوا الثُّلُث، فإنْ لم تدَعوا الثُّلُث فدَعوا الرُّبُع".

قوله: "إذا خرصتم فجذُّوا (1) ودعوا الثلث" سقط من كتاب "المصابيح" في هذا الحديث لفظ: "فجذُّوا (1) "، وفي "كتاب أبي داود":"إذا خرصتم فجذُّوا (1) ودعوا الثلث" بالجيم، يعني: إذا قطعتم الثمار فاتركوا للمالك الثلثَ أو الربع، وبهذا قال: ولا تأخذوا من الثلث والربع الزكاة.

وفي "كتاب النسائي": "إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث" بالخاء والذال المعجمتين، يعني: إذا أخذتم الزكاة فلا تأخذوا زكاة الثلث أو الربع، وبهذا قال أحمد وإسحاق.

وأما عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك: لا يترك شيئًا من الزكاة، وتأويل هذا الحديث عندهم: أن هذا الحديث إنما كان في حق يهود خيبر، فإن رسول الله عليه السلام ساقاهم على أن يكون لهم نصف الثمرة، ولرسول الله عليه السلام نصفُها، فأمر الخارص أن يترك لهم الثلث أو الربع مسلَّمًا لهم، ويقسم الباقي نصفين، نصف لهم، ونصف لرسول الله عليه السلام.

* * *

1273 -

وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَبعَثُ عبدَ الله بن رَواحةَ إلى يهودَ، فَيَخْرُصُ النَّخلَ حينَ يطيبُ قبلَ أن يُؤكلَ منه.

قولها: "يبعث"؛ أي: يرسل.

قولها: "إلى يهود"؛ أي: إلى يهود خيبر.

(1) في "ت" و"ش": "فجدوا" بالدال، والمثبت من "ق"، وكلاهما بمعنى القطع.

ص: 501

قولها: "حين يطيب"؛ أي: حين تظهر في الثمار الحلاوة.

* * *

1274 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "في العَسلِ في كلِّ عشرةِ أَزُقٍّ زِقٌّ".

قوله: "في عشرة أزق"، (الأَزُقُّ) بفتح الهمزة وضم الزاي: جمع زق، وهي ظرفٌ من جلد يُجعل فيه العسلُ والسمن وغيرهما.

لا زكاة في العسل عند الشافعي ومالك.

وأما عند أبي حنيفة وأحمد: يجب فيه العشر.

* * *

1275 -

وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا مَعْشرَ النِّساءِ!، تصدَّقْنَ ولو من حُلِيكُنَّ، فإنكنَّ أكثرُ أهلِ جهنَّمَ يومَ القيامةِ".

قوله: "تصدقن ولو من حُليكن"؛ يعني: أخرجوا زكاة أموالكنَّ حتى من حليكن، وبهذا قال أبو حنيفة، وأحد قول الشافعي.

وأما مالك وأحمد والشافعي في أظهر قوليه: لا يوجبون الزكاة في الحلي المباح.

روت هذا الحديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود.

* * *

1277 -

عن أُمِّ سلَمة قالتْ: كنتُ أَلبَسُ أَوْضَاحًا من ذهبٍ، فقلتُ: يا رسولَ الله، أكَنزٌ هو؟، فقال:"ما بلَغَ أنْ تؤدَّى زكاتُه فزُكِّيَ فليسَ بكَنْزٍ".

ص: 502

قولها: "ألبس أوضاحًا"؛ أي: حليًا، واحدة:(وَضَح) التي بفتح الواو والضاد.

قولها: "أكنز هو"؛ يعني: استعمال الحلي كنزٌ من الكنوز التي بشَّر الله صاحبها بالنار في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} إلى آخر الآية [التوبة: 34] أم لا؟

* * *

1278 -

عن سَمُرَة بن جُندب: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يأْمرُنا أنْ نُخرِجَ الصَّدَقةَ مِنَ الذي نُعِدُّ للبيعِ.

قوله: "نعد للبيع"؛ أي: نهيئ للتجارة.

* * *

1279 -

وروى ربيعةُ عن غيرِ واحدٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ لبلالِ بن الحارثِ المُزَني مَعادِنَ القَبَليةِ، وهي مِنْ ناحيةِ الفُرْعِ، فتلكَ المعادنُ لا يؤخذُ منها إلا الزكاةُ إلى اليومِ.

قوله: "معادن القبلية"؛ (قبلية) بفتح القاف والباء: اسم موضعٍ من ناحية الفُرع، و (الفُرع) بضم الفاء: اسم بلدٍ بينه وبين المدينة خمسةُ أيام أو أقل.

يعني: أعطى رسولُ الله عليه السلام معادن القبلية بلال بن حارث ليعمل فيها، ويُخرج منها الذهب والفضة لنفسه.

قوله: "لا يؤخذ منها إلا الزكاة" يعني بالزكاة: ربع العشر، كزكاة الذهب والفضة الحاصلان من غير المعدن، وهذا مذهب مالك وأحمد وأحدُ قولي الشافعي.

وأما أبو حنيفة وقول الشافعي: يوجبان الخمس في المعدن.

ص: 503