الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلام أن يضربَهما من تركِهما الصلاةَ مع رسول الله عليه السلام.
اعلم أن مَن صلَّى صلاةً، ثم أدركَ جماعةً يُصَلُّون تلك الصلاةَ بالجماعة يوافقُهم فيها، أيَّ صلاةٍ كانت عند الشافعي وأحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد الصبحَ والعصرَ والمغربَ، ثم إذا صلَّى الثانيةَ فالثانيةُ له نافلةٌ بدليلِ هذا الحديث.
جدُّ "يزيد": المُطّلِبُ بن أسد بن عبد العُزَّى بن القُصَيِّ القُرَشي.
* * *
29 - باب السُّنَن وفَضْلها
(باب السنن وفضلها)
مِنَ الصِّحَاحِ:
826 -
عن أم حَبيْبة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صلَّى كلَّ يومٍ وليلةٍ ثنتي عشرةَ ركعةً تَطَوُّعًا بني له بيتٌ في الجنةِ، أربعًا قبلَ الظهرِ، وركعتينِ بعدها، وركعتينِ بعدَ المَغربِ، وركعتينِ بعدَ العِشاءِ، وركعتينِ قبلَ صلاةِ الفَجْرِ".
قوله: "عن أم حَبيبة"، هي زوجةُ النبيِّ عليه السلام، وهي أختُ معاوَية بن أبي سفيان، وقد ذُكِرَ نسبُ أبي سفيان.
قوله: "تطوُّعًا"، التطوُّعُ ما ليس بفريضة، وهو قِسمان: سنةٌ ونافلة، والمراد به هنا السُّنَّة.
"حفصة" هي بنتُ عمرَ بن الخطاب، وهي زوجة النبي عليه السلام.
* * *
827 -
وقال ابن عمر: صليتُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ركعتينِ قبلَ الظُّهرِ، وركعتينِ بعدَها، وركعتينِ بعدَ المَغربِ في بيتِهِ، وركعتينِ بعدَ العِشاءِ في بيته، وحدَّثتني حَفْصة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يصلي ركعتينِ خَفيْفتينِ حينَ يطلُعُ الفجرُ.
وفي روايةٍ: وكانَ لا يُصلِّي بعدَ الجمعةِ حتى ينصرِفَ، فيُصلِّي ركعتينِ في بيتِهِ.
قوله: "رَكْعتين خفيفتين"، يريد بهما سنةَ الصبح.
قوله: "فيصَلِّي رَكْعتين في بيته"، يريد بهما سُنَّةَ الجمعة، وسُنَّةُ الجمعةِ كسنة الظهر.
* * *
828 -
وسُئلت عائشةُ رضي الله عنها عن صلاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من التطوُّعِ، فقالت: كان يُصلِّي في بيتي قبلَ الظُّهرِ أربعًا، ثم يَخرجُ، فيُصلي بالناسِ، ثم يدخلُ فيُصلي ركعتَينِ، ويُصلي بالناسِ المَغربَ، ثم يَدخُلُ فيُصلي ركعتَينِ، ثم يُصلي بالناسِ العِشاء، ثمَّ يدخُلُ بيتي، فيُصلي ركعتَينِ، وكان يُصلي من اللَّيلِ تِسْعَ ركَعاتٍ فيهنَّ الوِتْرُ، وكانَ يُصلي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا، فكان إذا قرأَ وهو قائمٌ ركعَ وسجدَ وهو قائمٌ، واذا قرأَ وهو قاعدٌ ركعَ وسجدَ وهو قاعدٌ، وكان إذا طلَعَ الفَجْرُ صلَّى ركعتينِ، ثم يخرجُ، فيُصلي بالناسِ صلاةَ الفَجْرِ.
قوله: "من التطوُّع"؛ أي: من غير الفريضةِ، وتطوُّعُ النَّبيِّ كلُّه سُنَّةٌ.
قولها: "كان يصلِّي في بيتي قبلَ الظُّهْرِ أربعًا"، هذا دليلٌ على استحبابِ أداءِ السُّنَّةِ في البيت، فما هو فرضٌ إظهارُه أَوْلَى، وما هو تطوُّعٌ إخفاؤُه أَوْلَى.
وفي زماننا إظهارُ السنة الراتبةِ أَوْلَى ليتعلَّمَها الناسُ ولا تَنْدَرِسَ، ولأنه لو رأى الناسُ واحدًا يصلِّي الفريضةَ في المسجد ولم يَرَوْه يصلِّي السنة اتَّهَمُوه وظَنُّوه تاركًا للسُّنَّة.
قولها: "فيهنَّ الوِتْر"؛ يعني: الوتر وصلاة الليل كلُّها واحدة.
واختلفَ العلماءُ في أنَّ مَن صلى الوتر أكثر من ركعةٍ إلى ثلاثَ عشرةَ ركعةً فهل جميعُها وتر، أم الوترُ ركعةٌ والباقي صلاة الليل؟
فالمفهوم من الأحاديثِ الواردةِ في الوتر أن جميعَها وترٌ، وليس صلاة الليل غير الوتر إلا في حقِّ مَنْ صلَّى الوترَ قبلَ النوم، ثم نامَ وقامَ وصلَّى فإنه ما صلَّى بعد النوم فهو صلاةُ الليل، وكذلك منْ لم يصلِّ قبلَ النوم فإذا قام من النوم وصلَّى أكثرَ من ثلاثَ عشرةَ ركعةً يسلِّمُ من كلِّ ركعتين، ثم يصلِّي ركعةً واحدةً ويسلِّم، فإنَّ ما صلَّى قبلَ الركعة الأخيرة فهي صلاةُ الليل؛ لأنه لم يُنْقَل الوترُ عن النبي أكثرَ من ثلاثَ عشرةَ رَكعةً.
قولها: "وكان يُصلِّي ليلًا طويلًا قائمًا وليلًا طويلًا قاعدًا"؛ يعني: يصلِّي صلاةً كثيرةً من القيام، أو يصلِّي رَكعاتٍ مطوَّلاتٍ في بعض الليالي من القيام، وفي بعضٍ يصلِّي صلاةً طويلةً من القُعُود، وإنَّما فعلَ هكذا ليعلِّمَ الناسَ جوازَ غيرِ
الفرائضِ من الصلوات عن القُعُود.
قولها: "فكان إذا قَرأَ
…
" إلى آخره، يعني: إذا صلَّى عن القيام يركع ويسجدُ عن القيام، وإن صلَّى عن القعود يركعُ ويسجدُ عن القعود، ولا يقومُ لأجلِ الركوع إذا صلَّى عن القُعود.
* * *
829 -
قالت عائشةُ رضي الله عنها: لم يكنْ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على شيءٍ من النوافلِ أشدَّ تعاهُدًا منه على ركعتَي الفَجْرِ.
قولها: "من النوافل"؛ أي: من السُّنَن.
"تَعَاهُدًا"؛ أي: مداومةً على رَكْعتي الفجر؛ أي: على سنة الفجر.
* * *
830 -
وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفَجْرِ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها".
قولها: "وما فيها"؛ أي: وما في الدنيا من المال، وليس معناه وما يصْدُرُ عن عبادِ الله فيها من الأعمالِ الصالحة، وقراءةِ القرآن، والذِّكْر، والصيامِ، وغيرِ ذلك من الخيرات.
* * *
831 -
وقال: "صلُّوا قبلَ المَغربِ ركعتينِ، صلُّوا قبلَ المغربِ ركعتينِ"، قال في الثالثة:"لمَنْ شاءَ، كراهية أن يتَّخِذها الناسُ سُنةً".
قوله: "صلُّوا قبلَ المغرِب رَكْعتين"؛ يعني: السنةُ أن يصلِّيَ رَكعتين
بعد أذان المغرب وقبل الشُّرُوع في الفَرْض.
قال أنس رضي الله عنه: كنَّا في المدينة فإذا أَذَّنَ المؤذِّنُ لصلاة المغرب ابتدَرُوا السَّوَارِيَ؛ أي: فركَعوا رَكعتين حتى إنَّ الرجلَ الغريبَ ليدخلُ المسجِدَ فيحسَبُ أن الصلاةَ قد صُلِّيَتْ من كثرةِ مَنْ يُصَلِّيها.
السَّواري: جمع سارية وهي الأُسْطُوَانة؛ يعني: يقفُ كلُّ واحدٍ خلفَ أُسْطُوَانةٍ يُصَلِّي هاتين الركعتين قبل الشُّروعِ في الفَرْض.
قوله: "كراهية أن يتخذها الناس سنة"؛ يعني: مِن خشيةِ أن يتَّخِذَها الناسُ واجبًا.
روى هذا الحديثَ عبدُ الله بن بُرَيدة، عن عبد الله المُزَني، عن رسول الله عليه السلام، وعبد الله المُزَني أبوه عمرو بن هلال والد علقمةَ وبَكْر.
* * *
832 -
وقال: "من كان منكم مُصلِّيًا بعدَ الجمُعةِ فليُصَلِّ أربعًا".
قوله: "من كان منكم مُصَلِّيًا"، هذا دليلُ التخيير وعَدَمِ الوجوب، واختُلِفَ في السنةِ بعد صلاة الجمعة، ففي قول: هي أربعُ رَكَعاتٍ بدليلِ هذا الحديث، وفي قول: رَكْعتان بدليلِ حديثِ ابن عمرٍو، وقد تقدَّم.
* * *
مِنَ الحِسَان:
834 -
عن أم حَبيبة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم -
يقول: "مَنْ حافظَ على أربعِ ركعاتٍ قبلَ الظهرِ وأربعٍ بعدَها حرَّمَه الله على النارِ".
قوله من الحِسَان: "من حافظ على أربعِ ركعاتٍ قبلَ الظُّهْرِ وأربعٍ بعدَها حرَّمَه الله على النار".
قوله: "حافظ"، أي: داوَمَ.
* * *
835 -
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعٌ قبلَ الظهرِ ليسَ فيهن تسليمٌ تُفْتَحُ لهنَّ أبوابُ السماءِ"، رواه أبو أَيُّوب.
وقال: "أربعٌ قبلَ الظهرِ ليسَ فيهنَّ تسليمٌ، تُفْتَحُ لهنَّ أبوابُ السَّماء". رواه أبو أيوب.
يعني: أربعُ ركعاتٍ قبلَ الظهرِ بتسليمةٍ واحدةٍ تُفْتَحُ لها أبوابُ السَّماء؛ أي: تُرْفَعُ بها إلى الحَضْرَة؛ أي: قُبلَتْ.
* * *
836 -
وروي: أنه عليه السلام كان يُصلي أربع ركعاتٍ بعد الزوالِ، لا يسلِّمُ إلا في آخرهنَّ، وقال:"إنها ساعةٌ تُفْتَحُ فيها أبوابُ السماءِ فأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ".
قوله: "كان يصلِّي أربع ركعاتٍ بعدَ الزَّوَالِ لا يُسلِّمُ إلا في آخرهنَّ، فقال: إنها ساعة تُفْتَحُ فيها أبوابُ السماء"، أراد بهذه الأربعِ سنةَ الظهرِ التي قبلَها.
* * *
837 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله امْرءاً صلى قبلَ العصرِ أربعًا".
وقال: "رَحِمَ الله امرأً صَلَّى قبلَ العصْرِ أربعًا".
والمرادُ منه أيضًا سنةُ العَصْر.
* * *
839 -
وروي: أنه صلى الله عليه وسلم كانَ يصلي قبلَ العصرِ أربعَ ركعاتٍ.
قوله: "كان يصلِّي قبلَ العصرِ أربعَ ركعاتٍ"، والمرادُ منه أيضًا سنةُ العصر.
* * *
841 -
وقال: "مَنْ صلى بعدَ المغربِ ستَّ ركعاتٍ لم يتكلَّمْ فيما بَيْنَهُنَّ بسوءٍ عُدِلْنَ له بعبادةِ ثنثي عشرةَ سنةً".
قوله: "من صلَّى بعدَ المغرب ستَّ ركعات
…
" إلى آخره، وقال ابن عباس: الصلاةُ بين المغرب والعشاء ناشئةُ الليل.
* * *
842 -
وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ صلَّى بعدَ المَغربِ عشرينَ ركعةً بنى الله له بيتًا في الجنةِ".
قوله "مَن صلَّى بعدَ المغربِ عشرينَ ركعةً بنى الله له بيتًا في الجَنَّة"، السُّنةُ الراتبة بعد المغرب ركعتان، وما زاد عليهما سنةٌ غيرُ راتبة.
والمفهوم من هذا الحديث أن السنةَ المذكورةَ في الحديثِ الأولِ هي مع الرَّكعتين الراتبتين لا دونهما.
* * *
843 -
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم العِشاءَ قَطُّ فدخلَ عليَّ إلا صلَّى أربعَ ركَعاتٍ أو ستَّ ركَعاتٍ.
قولها: "إلا صَلَّى أربع ركعات، أو ست ركعات"، السنةُ الراتبةُ بعدَ العشاء ركعتان، وما زاد عليهما غيرُ راتبة، وهذه الأربعُ أو السِّتُّ هي مع الركعتين الراتبتين وهذه الركعاتُ غيرُ الوِتْرِ، ومعنى السنةِ الراتبةِ ما داومَ عليها رسولُ الله عليه السلام، هي مأخوذةٌ من الرُّتُوب؛ وهو الثبوتُ والدَّوَام.
* * *
844 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} الركعتينِ قبلَ الفجرِ، و {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} الركعتين بعدَ المغربِ".
قوله: " {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} الركعتين
…
" إلى آخره، (الإدْبارُ) والدُّبور: الذهاب، و (إدبار النجوم) يعني: عقيبَ ذهابِ نجومِ الليل، وهو سنةُ الصبح؛ لأن وقتَ سنةِ الصبحِ ذهابُ النجومِ وغروبُها، والسجود في قوله: "وأدبار السجود" فريضةُ المغرب، والمراد بـ "أدبار السجود" سنةُ المَغْرِب.
* * *