الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن نظمه:
لولا رجاء نعيمي في دياركم
…
بالوصل ما كنت أهوى الدار والوطنا
إن المساكن لا تحلو لساكنها
…
حتى يشاهد في أثنائها السكنا
جمال الدين بن المغربي، رئيس الأطباء
...... - 756هـ......1355م
إبراهيم بن أحمد، المعروف بابن المغربي، الرئيس جمال الدين أبو إسحاق، رئيس الأطباء.
صاحب الرتبة المنيعة والمكانة العالية عند أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاون، وكان له الوجاهة في الدولة والحرمة الوافرة لقربه من السلطان وخدمته للأكابر.
وكان توجه صحبه السلطان إلى الكرك، فصارت له بهذا خصوصية ليست لأحد، وكان أبوه شهاب الدين أوحد زمانه في الطب وأنواع الفضائل، لكن كان ولده صاحب الترجمة رزق حظا عظيما، ونال ما لم ينله غيره، وكان السلطان ينادمه وسأله عن أحوال البلد ومن فيه من القضاة، وحال المحتسب ووالي للبلد،
وعما يقوله العوام وتستفيض فيه الرعية، ومن لعله وقع في تلك الليلة بحرمة، فلهذا كان المذكور يخشى وتقبل شفاعته، فيحكى كل ذلك للسلطان من غير أن يفهم عنه أحد فلذلك طالت مدته ودامت سعادته، وكان النشو يحرص على رميه من عين السلطان بكل طريق، ورماه بكل قبيح، فلم يؤثر ذلك عند السلطان، بل ربما زادت رتبته بذلك، ومع ذلك كله، من إفراط العلو وقربه عند الملك، كان لا يتكبر، ولا يرى نفسه إلا كأحد الأطباء، ويوقر الجماعة رفقته، ويجل أقدار ذوي السن منهم، ويخاطبهم بالأدب مع أنه وصل موصلا لم ينله رئيس ولا نديم.
وكان له الفضيلة الوافرة في الطب علما وعملا، والخوض في الحكميات، والمشاركة في الهيئة والنجامة، وكان لا يعود مريضا إلا من ذوي السلطان، ولا يأتيه في الغالب إلا مرة واحدة، ثم يقرر عنده طبيبا يواظبه ويأتيه بأخباره.
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: وسألته يوما عن السلطان وقد تغير مزاجه، فقال لي: والله ما تقدر نصف له إلا ما يبدأ هو بذكره، ونلاطفه
ملاطفة وما نقدر نتمكن من مداواته على ما نحب.
وهو والله أعرف منا بما فيه صلاح مزاجه، انتهى كلام الصفدي.
قلت: وحكى أنه لما ثقل السلطان في مرض موته، كان جمال الدين المذكور أيضا مريضا ولم يحضر، وقيل إنه تمارض بعدا عن التهم، وإن كان كذلك، فهذا لغزارة عقله، أين هو ذا من خضر الحكيم الّذي داخل الرئيس ابن العفيف فرسم بتوسيطه فحضر خضر المذكور فأضافه إلى ابن العفيف فوسطا معاً في طب الملك الأشرف برسباي في مرض موته فيما لا يعنيه، إلى أن انحرف في مزاج الأشرف وتوهم من ابن العفيف، فهذا جزاء من كان عنده طيش وخفة ورقاعة.
توفي الرئيس جمال الدين صاحب الترجمة في سنة نيف وأربعين وسبعمائة تقريبا، رحمه الله وعفا عنه.