الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يزل الشيخ تقي الدين المذكور محتفظاً به في قلعة دمشق إلى أن توفي بها في ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ودفن من الغد بمقابر الصوفية، وحضر جنازته خلق كثير.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: شيعه نحو من خمسين ألفاً، وحمل على الرؤوس، انتهى.
ومصنفاته تزيد على مائتي مصنف، استوعبها الشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك في تاريخه الوافي بالوفيات، رحمه الله تعالى.
الأديب شهاب الدين العزازي 634 - 710هـ، 1226 - 1310م
أحمد بن عبد الملك بن عبد المنعم بن عبد العزيز بن جامع بن راضي بن جامع، الأديب الشاعر شهاب الدين أبو العباس العزازي، التاجر بقيسارية جهاركس بالقاهرة.
كان أديباً بارعاً، مطبوعاً، ظريفاً، له النظم الرائق الفائق، لا سيما نظمه للموشحات فإنه غاية في ذلك، وله ديوان شعر موجود، نذكر هنا قطعة جيدة من نظمه، أنشدني المسند عبد الرحيم بن الفرات إجازة، أنشدني الصلاح الصفدي إجازة، قال أنشدني من لفظه الحافظ فتح الدين بن سيد الناس، قال: أنشدني شهاب الدين العزازي من لفظه لنفسه يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
دمي بأطلال ذات الخال مطلول
…
وجيش صبري مهزوم ومفلول
ومن يلاق العيون الفاتكات بلا
…
صبر يدافع عنه فهو محذول
قتلت في الحب حب الغانيات وما
…
قارفت ذنباً وكم في الحب مقتول
لم يدر من سلب العشاق أنفسهم
…
بأنه عن دم العشاق مسؤول
وبي أغن غضيض الطرف معتدل ال
…
قوام لدن مهز العطف مجدول
كأنه في تثنيه وخطرته
…
غصن من البان مطلول ومشمول
ومنها:
وكل ما تدعي أجفان مقلته
…
يصح إلا غرامي فهو منحول
يا برق كيف الثنايا الغر من إضم
…
يا برق أم كيف لي منهن تقبيل
ويا نسيم الصبا كرر على أذني
…
حديثهن فما التكرار مملول
ومنها:
منازل لأكف الغيث توشية
…
بها وللنور توشيح وتكليل
كأنما طيب رياها ونفحتها
…
بطيب ترب رسول الله مجبول
أوفى النبيين برهانا ومعجزة
…
وخير من جاءه الوحي جبريل
له يد وله باع يزينهما
…
في السلم طول وفي يوم الوغى طول
ومنها:
سل الإله به سيفاً لملته
…
وذلك السيف حتى الحشر مسلول
وشاد ركناً أثيلاً من نبوته
…
والكفر واه وعرش الشرك مثلول
ويل لمن جحدوا برهانه وثنى
…
عنان رشدهم غي وتضليل
وهي أطول من ذلك.
ومن شعره بالسند إجازة إليه:
بدوي قد حدثت مقلتاه
…
عاشقاً من مقاتل الفرسان
بمحيا يقول يا لهلال
…
ولحاظ تقول يا لسنان
ومن شعره أيضاً:
أراك فيمتلئ قلبي سروراً
…
وأخشى أن يشط بنا المزار
أقم وأهجر وصد ولا تصلني
…
رضيت بأن تجور وأنت جار
ومن موشحاته يعارض أحمد بن حسن، الموصلي، وقد تقدم ذكره.
وهي:
يا ليلة الوصل وكأس العقار
…
دون استتار
علمتماني كيف
…
خلع العذار
اغتنم اللذات قبل
…
الذهاب
وجر أذيال الصبا
…
والشباب
واشرب فقد طابت كؤوس
…
الشراب
على خدود تنبت الجلنار
…
ذات احمرار
طرزها الحسن
…
بآس العذار
الراح لا شك حياة
…
النفوس
فحل منها عاطلات
…
الكؤوس
واستجلها بين الندامى
…
عروس
تجلى على خطابها في إزار
…
من النضار
حباً بها قام
…
مقام النثار
أما ترى وجه الهنا
…
قد بدا
وطائر الأسحار قد
…
غردا
والروض قد وشاه قطر
…
الندا
فكمل اللهو بكأس تدار
…
على افترار
مباسم النوار
…
غب القطار
اجن من الوصل ثمار
…
المنى
وواصل الكأس بما
…
أمكنا
مع طيب الريقة حلو
…
الجنا
بمقلة أفتك من ذي الفقار
…
ذات احورار
منصورة الأجفان
…
بالانكسار
زار وقد حل عقود
…
الجفا
وأفتر عن ثغر الرضا
…
والوفا
فقلت والوقت لنا
…
قد صفا
يا ليلة انعم فيها وزار
…
شمس النهار
وحييت من بين الليالي
…
القصار
وله أيضاً موشح آخر، عفا الله عنه:
ما على
…
من هام وجداً بذات الحلي
مبتلى
…
بالحدق السود وبيض الطلى
يا للوى
…
ملي حسن لديوني لوى
كم نوى
…
قتلي وقد عذبني بالنوى
قد هوى
…
في حبه قلبي بحكم الهوى
واصطلى
…
نار تجنيه ونار القلى
كيف لا
…
يذوب من هام بريم الفلا
هل ترى
…
يجمعنا الدهر ولو في الكرى
أم ترى
…
عيني محيا من لجسمي برى
بالسرى
…
يا حاد ركبا لي بليلي سرى
عللا
…
قلبي بتذكار اللقا عللا
وانزلا
…
دون الحمى حي الحمى منزلا
بي رشا
…
دمعي بسري في هواه فشا
لويشا
…
برد مني جمرات الحشا
ما مشى
…
إلا انئنى في سكره وانتشا
عطلا
…
من الحميا يا مدير الطلا
ما حلا
…
إذا أدار الناظر الأكحلا
هل يلام
…
من غلب الحب عليه فهام
مستهام
…
بفاتر اللحظ رشيق القوام
ذي ابتسام
…
أحسن نظماً من حباب المدام
لو ملا
…
من ريقه كأساً لأحيا الملا
أو جلا
…
وجهاً رأيت القمر المجتلى
لو عفا
…
قلبك عن من ذل أو من هفا
أو صفا
…
ما كان كالجلمد أو كالصفا
بالوفا
…
سل عن فتى عذبته بالجفا
هل خلا
…
فؤاده من خطرات الولا
أو سلا
…
أو خان ذاك الوثق الأولا
وله أيضاً يعارض الموصلي المتقدم ذكره:
ما سلّت الأعين الفواتر
…
من غمد أجفانها الصفاح
إلا أسالت دمع المحاجر
…
من غير حرب ولا كفاح
تا الله ما حرك السواكن
…
غير الظباء الجآذر
لما استجاشت بكل طاعن
…
من القدود النواضر
وفوقت أسهم الكنائن
…
من كل جفن وناظر
عرب إذا صحن يا لعامر
…
بين سرايا من الملاح
طلت علينا من المحاجر
…
طلائع تحمل السلاح
أحبب بما تطلع الجيوب
…
منها وما تبرز الكلل
من أقمر ما لها مغيب
…
وأغصن زانها الميل
هيهات أن تعدل القلوب
…
عنها ولو جارت المقل
لما توشحن بالغدائر
…
سفرن عن أوجه صباح
فانهزم الليل وهو عاثر
…
في ذيله واختفى الصباح
وأهيف ناعم الشمائل
…
تهزه نسمة الشمال
فينثني كالقصب مائل
…
كما انثنى شارب ومال
له عذار كالند سائل
…
لله كم من دم أسال
شقت على نبته المرائر
…
من داخل الأنفس الصحاح
تكل في وصفه الخواطر
…
وتخرس الألسن الفصاح
ظبي إلى الأنس لا يميل
…
الشمس والبدر من حلاه
والحسن قالوا أو لم يقولوا
…
مبداه منه ومنتهاه
وطرفه الناعس الكحيل
…
هيهات من سيفه النجاة
أذل بالسحر كل ساحر
…
فهو له خافض الجناح
يجول في باطن الضمائر
…
كما يجول القضا المتاح
أما ترى الصبح قد تطلع
…
مذ غمضت أعين الغسق
والبدر نحو الغروب أسرع
…
كهارب ناله فرق
والبرق بين السحاب يلمع
…
كصارم حين يمتشق
وتحسب الأنجم الزواهر
…
أسنة ألقت السلاح
فانهزم النهر وهو سائر
…
فدرعته يد الرياح
وأما موشحة الموصلي فهي:
رنا بأجفانه الفواتر
…
وقد تثنى زين الملاح
فسلّ من طرفه بواتر
…
وهز من عطفه رماح
ناظرة جرد المهند
…
وغمده منى الحشا
وعامل القد فهو أملد
…
يطعن في القلب إذ مشا
والعارض القائم المزود
…
لفتنة الناس قد نشا
والحاجب القوس بالفواتر
…
لنبله في الحشا جراح
ومشرف الصدغ فهو جائر
…
سلطانه للدما أباح
فجفنه الفاتك الكناني
…
من مقل راش لي نبال
وهو الخفاجي قد غزاني
…
جسم زبيدي بالدلال
والردف يدعى من آل عامر
…
وواضح الصلت من صباح
وخصره من هشيم ضامر
…
يدور من حوله وشاح
فوجهه جنة وكوثر
…
رضابه العذب لي حلا
والنار في وجنتيه تسعر
…
والخال حيالها اصطلا
عجبت من خاله المعنبر
…
إذ يعبد النار كيف لا
يحرق بالنار وهو كافر
…
وما سقى ريقه القراح
كامل حسن معناه وافر
…
بسيط وصف كالمسك فاح
ما أخضر نبت العذار إلا
…
بآسه يتهج الشقيق
وهو كنمل سعى وولّى
…
ولم يجد للجني طريق
من ريقه البدر إذ تجلى
…
في هالة العارض الأنيق
لما تبدّى بالوجه دائر
…
وحير العقل حين لاح
شق على خده المرائر
…
وقطع الأنفس الصحاح
ورب يوم أتى وحيا
…
بالنجم والشمس والقمر