الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان أمير زاه إبراهيم شابا جميلا من عظماء الملوك، وأجل أولاد شاه رخ، وكان له فضيلة تامة، وهو صاحب الخط المنسوب الذي يضرب بحسنه المثل، رحمه الله.
إبراهيم بن الملك المؤيد شيخ 800 - 823هـ، 1397 - 1420م
إبراهيم بن شيخ، المقام الصارمي صارم الدين بن الملك المؤيد أبي النصر شيخ المحمودي الظاهري.
مولده بالبلاد الشامية في أوائل القرن تقريبا.
ولما تولى أبوه السلطنة كان إبراهيم المذكور سنه دون البلوغ.
وكان نبيلا، فأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية، وتجرد صحبة أبيه الملك المؤيد نحو البلاد الشامية، ثم عاد صحبته أيضا، ولما كان سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة جرده والده السلطان الملك المؤيد لفتح البلاد القرمانية،
وهز في خدمته عدة من أمراء الألوف والمماليك السلطانية وغيرهم، فكان من أعيان المقدمين الأمير قجقار القردمي أمير سلاح، والأمير ططر أمير مجلس، والأمير جقمق الأرغوني شاوي الدوادار الكبير، وغيرهم من أمراء الطبلخاناه والعشرات، وأستقل بالمسير إلى أن وصل إلى البلاد الشامية توجه صحبته أيضا نوابها
في خدمته، ودخل البلاد القرمانية فنزل أولا على قيسارية ففتحها، ثم إلى بلاد نكدة وولى بها نوابا عن السلطان، وأقام بتلك البلاد ثلاثة أشهر، ثم عاد إلى حلب في أثناء شهر رجب ونزل بالقلعة، وأقام بحلب إلى العشر الأخير من شعبان، فورد عليه المرسوم الشريف من والده بالرجوع إلى الديار المصرية، فخرج من حلب وبخدمته العساكر المصرية ونواب البلاد الشامية بتجمل زائد وأبهة عظيمة، واستقل بالمسير إلى إن وصل إلى الديار المصرية، فقبل وصوله إلى القاهرة خرج والده الملك المؤيد شيخ إلى ملاقاته، وذلك في سابع عشرين شهر رمضان، فتوجه السلطان إلى بركة الحجاج واصطاد، ثم مضى إلى مدينة بلبيس، فقدم
عليه الحبر بنزول المقام الصارمي بالصالحية، فتقدم الأمراء وأرباب الدولة فوافوه بالخطارة، فسلم على الجميع راكبا إلى أن عاين القاضي ناصر الدين محمد بن البارزي، كاتب السر الشريف، نزل له عن فرسه وتعانقا، لما يعلم من تمكنه عند أبيه، ثم عاد الجميع في خدمته إلى منزلة العكرشة والسلطان على فرسه، فنزل الأمراء القادمون صحبة الصارمي، ثم نزل المقام الصارمي أيضا عن فرسه، وقبل الأرض ثم قام ومشى حتى قبل الركاب الشريف، فبكى السلطان لفرحته به، وبكى الناس لبكائه، فكانت ساعة عظيمة، ثم سارا بموكبيهما إلى خانقاه سرياقوس، وباتا بها ليلة الخميس تاسع عشرينه، وركب السلطان من الليل ورمى الطير بالبركة واصطاد، فقدم الخبر في الوقت بقدوم الأمير تنبك ميق العلائي نائب
الشام، فوافى ضحى، وركب أيضا في الموكب، فدخل السلطان إلى القاهرة من باب النصر، وقد زينت للمقام الصارمي وهو بتشريف عظيم، وخلفه الأسرى الذين أخذوا من قلعة نكدة في الأغلال، وهم نحو المائتين نفر، فكان يوما مشهودا، ونزل المقام الصارمي إلى داره، واستمر حاله أولا أشهرا، ثم توعك ولزم الفراش إلى خامس عشرين جمادى الأولى من سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة تحول في اليوم المذكور من الخروبية ببير الجيزة إلى الحجازية ببير بولاق، فنزل له والده وزاره بالحجازية، فأقام الصارمي إبراهيم بالحجازية إلى ثالث عشر جمادى الآخرة، فعادوا به إلى القاهرة وهو محمول على الأكتاف لعجزه عن الركوب في المحفة، فمات ليلة الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.
وكان ملكا شابا حسنا، شجاعا مقداما، كريما ساكنا، وعنده أدب وحشمة ملوكية، خليقا للسلطنة، وكان يميل إلى الخير والعدل والعفة عن أموال الرعية، إلا أنه كان مسرفا على نفسه، سامحه الله ومات وسنة نيف على عشرين سنة، وأمه أم ولد، ماتت قبل سلطنة والده، رحمه الله تعالى، وعفا عنه.