الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ثُبُوتِ الإِِْعْسَارِ بِالْبَيِّنَةِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِالتَّطْلِيقِ بِشُرُوطِهِ الْمُفَصَّلَةِ فِي أَبْوَابِهَا (1) وَيُنْظَرُ (إِعْسَارٌ، نَفَقَةٌ، مَهْرٌ) .
الرُّجُوعُ فِي التَّصْدِيقِ:
11 -
تَقَدَّمَ أَنَّ التَّصْدِيقَ مُلْزِمٌ لِمَنْ صَدَّقَ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الْعِبَادِ وَحُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي لَا تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، كَالزَّكَاةِ، فَمَنْ صَدَّقَ الْمُدَّعِيَ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ مِنْ حَقٍّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ مَتَى تَوَافَرَتْ شُرُوطُ التَّصْدِيقِ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِنَسَبٍ، وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْمُقِرُّ عَنْ إِقْرَارِهِ لَا يُقْبَل مِنْهُ الرُّجُوعُ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ فَإِِنَّهُ إِِذَا ثَبَتَ الْحَدُّ بِالإِِْقْرَارِ فَقَطْ، فَإِِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُقِرِّ الرُّجُوعُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الرُّجُوعُ قَبْل الْحَدِّ أَمْ بَعْدَهُ، وَسَقَطَ الْحَدُّ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَّضَ لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ، فَلَوْلَا أَنَّهُ يُفِيدُ لَمَا عَرَّضَ لَهُ بِهِ.
وَعَلَّل الْفُقَهَاءُ عَدَمَ جَوَازِ الرُّجُوعِ فِي التَّصْدِيقِ بِحُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ وَحُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي لَا تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ: بِأَنَّ رُجُوعَهُ نَقْضٌ لِمَا صَدَرَ مِنْهُ وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، فَإِِذَا قَال: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ، لَا بَل لِعَمْرٍو، أَوِ ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى مَيِّتٍ
(1) الشرح الكبير 2 / 299، 519، وقليوبي مع عميرة 4 / 83، والمغني 7 / 573، والدر وابن عابدين 2 / 656.
شَيْئًا مُعَيَّنًا مِنْ تَرِكَتِهِ فَصَدَّقَهُ ابْنُهُ، ثُمَّ ادَّعَاهُ عَمْرٌو فَصَدَّقَهُ، حُكِمَ بِهِ لِزَيْدٍ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ غَرَامَتُهُ لِعَمْرٍو، وَهَذَا ظَاهِرُ أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.
وَفِي الْقَوْل الآْخَرِ: لَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو شَيْئًا، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمَا عَلَيْهِ الإِِْقْرَارُ بِهِ وَإِِنَّمَا مَنَعَهُ الْحُكْمُ مِنْ قَبُولِهِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ. (1)
(1) المغني 5 / 164 ط الرياض، ونهاية المحتاج 7 / 43، والشرح الكبير 4 / 318، والبدائع 7 / 61.