الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَكِيرٍ مِنْهُمْ. وَقَال نَحْوَهُ ابْنُ فُورَكٍ (1) .
عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مَنِ اشْتَرَطَ غَيْرَ ذَلِكَ لِلْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، كَاشْتِرَاطِ الْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ رَاوِي الْحَدِيثِ مَشْهُورًا بِالطَّلَبِ (أَيْ طَلَبِ الْحَدِيثِ وَتَتَبُّعِ رِوَايَاتِهِ) وَعَنْ مَالِكٍ نَحْوُهُ، وَكَاشْتِرَاطِ أَبِي حَنِيفَةَ فِقْهَ الرَّاوِي، وَكَاشْتِرَاطِ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ الْعِلْمَ بِمَعَانِي الْحَدِيثِ، حَيْثُ يُرْوَى بِالْمَعْنَى، قَال السُّيُوطِيُّ: وَهُوَ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، لَكِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الضَّبْطِ، وَكَاشْتِرَاطِ الْبُخَارِيِّ ثُبُوتَ السَّمَاعِ لِكُل رَاوٍ مِنْ شَيْخِهِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِإِِمْكَانِ اللِّقَاءِ وَالْمُعَاصَرَةِ (2) .
أَثَرُ عَمَل الْعَالِمِ وَفُتْيَاهُ فِي التَّصْحِيحِ:
9 -
قَال النَّوَوِيُّ وَالسُّيُوطِيُّ: عَمَل الْعَالِمِ وَفُتْيَاهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثٍ رَوَاهُ لَيْسَ حُكْمًا مِنْهُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ وَلَا بِتَعْدِيل رُوَاتِهِ، لإِِِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ احْتِيَاطًا، أَوْ لِدَلِيلٍ آخَرَ وَافَقَ ذَلِكَ الْخَبَرَ. وَصَحَّحَ الآْمِدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ أَنَّهُ حُكْمٌ بِذَلِكَ.
وَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَسَالِكِ الاِحْتِيَاطِ (أَيْ لَمْ تَكُنِ الْفُتْيَا بِمُقْتَضَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ، بَل لِلاِحْتِيَاطِ) . وَفَرَّقَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَيْنَ أَنْ يَعْمَل بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ.
(1) تدريب الراوي ص 22 - 25.
(2)
تدريب الراوي ص 26.
كَمَا أَنَّ مُخَالَفَةَ الْعَالِمِ لِلْحَدِيثِ لَا تُعْتَبَرُ قَدْحًا مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ وَلَا فِي رُوَاتِهِ، لإِِِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَانِعٍ مِنْ مُعَارِضٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَقَدْ رَوَى الإِِْمَامُ مَالِكٌ حَدِيثَ الْخِيَارِ، وَلَمْ يَعْمَل بِهِ لِعَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ بِخِلَافِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَدْحًا فِي نَافِعٍ رَاوِيهِ.
وَمِمَّا لَا يَدُل عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَيْضًا - كَمَا ذَكَرَ أَهْل الأُْصُول - مُوَافَقَةُ الإِِْجْمَاعِ لَهُ عَلَى الأَْصَحِّ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَدُ غَيْرَهُ. وَقِيل: يَدُل عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ. (1)
تَصْحِيحُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ:
10 -
يَرَى الشَّيْخُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ التَّصْحِيحُ فِي هَذِهِ الأَْعْصَارِ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يُصَحِّحَ، بَل يَقْتَصِرُ فِي الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ السَّابِقُونَ، كَمَا يَرَى عَدَمَ اعْتِبَارِ الْحَدِيثِ صَحِيحًا بِمُجَرَّدِ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ فِي مُصَنَّفَاتِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ الْمَشْهُورَةِ، فَأَغْلَبُ الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ عِنْدَهُمْ لِمَا أَهْمَلُوهُ لِشِدَّةِ فَحْصِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ. (2)
وَقَدْ خَالَفَ الإِِْمَامُ النَّوَوِيُّ ابْنَ الصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ، فَقَال: وَالأَْظْهَرُ عِنْدِي جَوَازُهُ لِمَنْ تَمَكَّنَ وَقَوِيَتْ مَعْرِفَتُهُ.
(1) تدريب الراوي ص 209.
(2)
تدريب الراوي ص 51 - 53، 79، وعلوم الحديث ص 13.