الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْوَاعُ التَّطَوُّعِ:
2 -
مِنَ التَّطَوُّعِ مَا يَكُونُ لَهُ نَظِيرٌ مِنَ الْعِبَادَاتِ، مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ وَجِهَادٍ، وَهَذَا هُوَ الأَْصْل، وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ حِينَ يُذْكَرُ لَفْظُ التَّطَوُّعِ.
وَالتَّطَوُّعُ فِي الْعِبَادَاتِ يَخْتَلِفُ فِي جِنْسِهِ بِاعْتِبَارَاتٍ، فَهُوَ يَخْتَلِفُ مِنْ حَيْثُ الرُّتْبَةُ، إِذْ مِنْهُ مَا هُوَ مُؤَكَّدٌ كَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ أَقَل رُتْبَةً كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ أَقَل كَالنَّوَافِل الْمُطْلَقَةِ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا.
وَمِنْ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ: صِيَامُ يَوْمَيْ عَاشُورَاءَ وَعَرَفَةَ، فَهُمَا أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الصِّيَامِ فِي غَيْرِهِمَا، وَالاِعْتِكَافُ فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَل مِنْهُ فِي غَيْرِهَا. كَمَا أَنَّ التَّطَوُّعَ فِي الْعِبَادَاتِ يَخْتَلِفُ فِي جِنْسِهِ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الإِِْطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ، فَمِنْهُ مَا هُوَ مُقَيَّدٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ التَّقْيِيدُ بِوَقْتٍ أَوْ بِسَبَبٍ، كَالضُّحَى وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفُرُوضِ. وَمِنْهُ مَا هُوَ مُطْلَقٌ كَالنَّفْل الْمُطْلَقِ بِاللَّيْل أَوْ بِالنَّهَارِ.
وَيَخْتَلِفُ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ كَالرَّوَاتِبِ مِنَ الْفُرُوضِ، إِذْ هِيَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَشْرٌ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً: اثْنَتَانِ قَبْل الصُّبْحِ، وَاثْنَتَانِ قَبْل الظُّهْرِ (وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَرْبَعٌ) وَاثْنَتَانِ بَعْدَهُ، وَاثْنَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَاثْنَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَالتَّطَوُّعُ فِي النَّهَارِ وَاللَّيْل مَثْنَى مَثْنَى عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الأَْفْضَل أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ. وَمِثْل ذَلِكَ تَطَوُّعُ اللَّيْل عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِلصَّاحِبَيْنِ، وَبِهَذَا يُفْتَى (1) .
وَفِي كُل مَا سَبَقَ تَفْصِيلٌ كَثِيرٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ، وَنَفْلٌ) وَفِيمَا لَهُ أَبْوَابٌ مِنْ ذَلِكَ مِثْل: عِيدٌ - كُسُوفٌ - اسْتِسْقَاءٌ. . . إِلَخْ.
وَمِنَ التَّطَوُّعِ مَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ كَطَلَبِ عِلْمٍ غَيْرِ مَفْرُوضٍ (2) .
وَكَذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ وَالْمَعْرُوفِ، كَالتَّطَوُّعِ بِالإِِْنْفَاقِ عَلَى قَرِيبٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ مُحْتَاجٍ، أَوْ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ، أَوْ إِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ، أَوِ الْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ، أَوِ الإِِْرْفَاقِ الْمَعْرُوفِ بِجَعْل الْغَيْرِ يَحْصُل عَلَى مَنَافِعِ الْعَقَارِ، أَوْ إِسْقَاطِ الْحُقُوقِ. . . وَهَكَذَا.
وَمِنْهُ مَا يُعْرَفُ بِعُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ، كَالْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ وَالإِِْعَارَةِ وَالْهِبَةِ، إِذْ إِنَّهَا قُرُبَاتٌ شُرِعَتْ لِلتَّعَاوُنِ بَيْنَ النَّاسِ.
3 -
وَمِنَ التَّطَوُّعِ مَا هُوَ عَيْنِيٌّ مَطْلُوبٌ نَدْبًا مِنْ كُل فَرْدٍ، كَالتَّطَوُّعِ بِالْعِبَادَاتِ غَيْرِ الْمَفْرُوضَةِ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ. . . وَمِنْهُ مَا هُوَ عَلَى الْكِفَايَةِ كَالأَْذَانِ وَغَيْرِهِ. قَال النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: ابْتِدَاءُ السَّلَامِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِِنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ جَمَاعَةً كَفَى عَنْهُمْ
(1) البدائع 1 / 284 - 294، 295، والهداية 1 / 66، 67، ومراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي / 215، وجواهر الإكليل 1 / 73 - 76، والحطاب 1 / 415، ونهاية المحتاج 2 / 102 وما بعدها، وكشاف القناع 1 / 411 وما بعدها.
(2)
شرح منتهى الإرادات 1 / 253.